كيف تنمّي فريق المبيعات بسرعة؟

6 دقائق
تنمية مهارات فريق المبيعات

ملخص: تواجه الشركات الناشئة وغيرها من المؤسسات سريعة النمو تحدياً مشتركاً يتمثل في إقبال الموظفين على الانضمام إلى المؤسسة في أيامها الأولى بدافع الشغف والحماس المتقد لتحقيق رسالتها. لكن مع نمو حجم الفريق يضعف الارتباط بالرؤية الأساسية للمؤسسة بسبب عدم معرفة تنمية مهارات فريق المبيعات تحديداً، ويعجز مندوبو المبيعات الجدد في كثير من الأحيان عن تحقيق نجاح يضاهي نجاح زملائهم الذين التحقوا بالعمل منذ البداية. ولضمان شعور فريقك الجديد بالشغف بدرجة لا تقل عن فريقك الأصلي، يجب على القادة اتباع الأساليب الثلاثة التالية: 1) تعميم أسلوب رواية القصص في الشركة، حتى ينقل كل عضو في فريق المبيعات رسالتك إلى العملاء خلال حديثه معهم، 2) ترسيخ فكرة طرح الأسئلة الاستكشافية العميقة خلال عملية المبيعات، وتعليم مندوبي المبيعات الجدد طرح أسئلة استراتيجية لفهم أهداف العملاء، 3) الاستثمار في تمكين المبيعات بتبادل الخبرات بين العناصر البشرية، حتى تزود الفريق بالقدرات اللازمة لكسب الأعمال، بما في ذلك العروض التقديمية وبيانات السوق والأدوات التكنولوجية ودراسات الحالة جيدة التنظيم.

 

عندما كان الرئيس التنفيذي للإيرادات، ستيف جونسون، يعمل على زيادة فريق المبيعات في شركة “هوتسويت” (Hootsuite)، واجه تحدياً كبيراً، إذ كان بحاجة إلى التوسُّع في المبيعات، وكان بحاجة إلى تنفيذ هذه الخطوة على وجه السرعة.

أدرك جونسون بصفته قائداً متمرساً في إدارة عدد من الشركات الناشئة أن النمو السريع للمبيعات يستلزم توافر أنظمة وعمليات وبُنى تحتية جديدة. أدرك أيضاً أنه بحاجة إلى نشر الشعور بالشغف والإيمان اللذين حفزا مكاسب “هوتسويت” في بداياتها المبكرة. وإذا أراد أعضاء الفريق الجدد تحقيق نجاح مماثل، فمن المهم أن يتحلوا بالقدر نفسه من الشغف الذي اعترى الفريق الأصلي.

ومن النادر أن تجد شركة تخلو من هذا التحدي الذي يتمثل في إقبال الموظفين على الانضمام إلى المؤسسة في أيامها الأولى بدافع الشغف والحماس المتقد لتحقيق رسالتها. وعادة ما ترتبط فرق المبيعات الشابة بعلاقة عاطفية قوية مع المؤسس (أو المؤسسين) والمُنتَج والتأثير الذي يأملون تحقيقه في السوق. فبحكم قربهم من المؤسسين، وبفضل الصياغة الواضحة لمشكلة السوق التي تحاول الشركة حلها، تنشأ قصة ملهمة توحِّد الفريق الأول. لكن مع نمو حجم الفريق يضعف الارتباط بالرؤية الأساسية للمؤسسة، ويعجز مندوبو المبيعات الجدد في كثير من الأحيان عن تحقيق نجاح يضاهي نجاح زملائهم الذين التحقوا بالشركة إبان تأسيسها.

ويمكن تحاشي هذه المشكلة. ولكم رأيت بنفسي بحكم عملي مع الشركات سريعة النمو أن القادة الذين يتعمدون غرس رسالة شركتهم وإحساسهم بالهدف الأسمى في بنيان ثقافتهم المؤسسية يستطيعون رفع معدلات المبيعات بصورة أسرع من غيرهم.

وكان جونسون سبّاقاً في ثلاثة أشياء: 1) ترسيخ الإيمان بالهدف الأسمى لشركة “هوتسويت” على أوسع نطاق ممكن، 2) إضفاء الطابع المؤسسي على العمليات لمساعدة أعضاء الفريق الجدد على فهم الأثر الإيجابي الذي يمكن أن تحققه حلولهم للعملاء، 3) توفير جرعة كبيرة من التدريب على المبيعات. وقد أتى هذا العمل ثماره: فقد نمى فريقه من 27 شخصاً في كندا إلى أكثر من 1,000 موظف حول العالم حققوا زيادة في الإيرادات التراكمية قُدّرت بأكثر من 56,000% خلال مدة لا تتجاوز العامين. وبعد 24 شهراً من النمو السريع، أعلنت الشركة عن واحدة من أكبر الزيادات في إيرادات البرمجيات في تاريخ كندا (بقيمة 165 مليون دولار) تليها 60 مليون دولار أخرى بعد 11 شهراً. واصل جونسون زيادة أعداد الأعضاء المنضمين إلى فرق العمل في شركتي “فيديارد” (Vidyard) و”إنتليكس” (Intelex)، ويشغل الآن منصب رئيس العمليات في شركة “بيركشاير غراي” (Berkshire Gray) التي تعد أكبر شركة روبوتات في العالم.

يقول جونسون: “عندما تكون شركتك صغيرة وتنمو بمعدلات سريعة، فسوف تتعرض لضغوط هائلة، لأنك ستعتقد حينها أنك لا تملك رفاهية الالتفات إلى المفاهيم التي قد تبدو بعيدة الصلة عن الجوانب الفنية البحتة، مثل الثقافة المؤسسية والمعتقدات الفكرية، ولكنك لن تتمكن من التوسع بشكل أسرع إلا إذا استطعت إرساء بنية تحتية عاطفية قوية”.

كيفية تنمية مهارات فريق المبيعات

وسواء كنت تحاول التوسع في المبيعات استعداداً لطرح أسهم شركتك في البورصة أو استرداد الإيرادات التي ضاعت عليك بسبب الجائحة، أو كنت تريد انتهاز فرص جديدة، فعليك أن تعمل جاهداً لمساعدة فريق مبيعاتك على فهم الهدف الأسمى لمؤسستك والدور الذي يؤدونه في سبيل تحقيق هذا الهدف عن طريق العملاء، وبذلك ستضع حجر الأساس لزيادة الإيرادات. وإليك 3 أفكار يمكنك غرسها في مؤسستك لضمان إحساس فريقك الجديد بالشغف بدرجة تضاهي فريقك الأصلي:

1. تعميم أسلوب رواية القصص في الشركة

قال ريد هوفمان، مؤسس موقع “لينكد إن”، مؤخراً على مدونته الصوتية (بودكاست) المسماة “ماسترز أوف سكيل” (Masters of Scale): “تقوم الشركات الكبرى على قصص رائعة”. ويرجع السر في ذلك إلى أن فرق المبيعات التي تم تعيينها في بواكير عمل الشركة لديها رؤى واضحة لتأثير المُنتَج على العملاء، وبالتالي فإن أفرادها على دراية تامة بأسباب وجود المنتج والشركة، ويحملون هذا الشغف بين جوانحهم خلال محادثاتهم مع العملاء.

ومع نمو فريق المبيعات، يمكنك ضمان الحفاظ على قوة هذا الارتباط العاطفي من خلال نسج القصص باستمرار حول قدرة معروضاتك على تحسين حياة العملاء، وذلك خلال عملية إعداد الموظفين الجدد وعن طريق جعلها جزءاً لا يتجزأ من الاجتماعات الدورية. فعلى سبيل المثال: عندما عملنا مع ستيف جونسون لتنمية فريق المبيعات بشركة “هوتسويت”، حرصنا على تدريب مدراء المبيعات لاستهلال الاجتماعات الأسبوعية بقصة حول منتجاتهم وكيف أحدثت فارقاً في حياة عملاء الشركة. يتيح هذا للموظفين الجدد تعميق فهمهم لتأثير المُنتَج، ويعزز ارتباطهم بالرؤية التأسيسية للشركة. وهذا يجعلهم أكثر فاعلية وقدرة على الإقناع في محادثاتهم مع العملاء.

2. ترسيخ فكرة طرح الأسئلة الاستكشافية العميقة خلال عملية المبيعات

يتعرض فريق المبيعات سريع النمو والمتحمس لمنتجاته لخطر استخدام ما يُسمَّى بنموذج البيع من خلال “الإعلان والانتظار”، وفيه ينشر البائعون المتحمسون أكبر كمّ ممكن من الدعاية والإعلان، ثم ينتظرون على أمل أن يحقق بعضها النتيجة المأمولة ويجذب عميلاً مرتقباً.

وعلى الرغم من توافر حسن النوايا، فإن طرح الحلول بحماس متقد، مع جمع القليل من المعلومات عن احتياجات العملاء الحقيقية، أو عدم جمع أي معلومات على الإطلاق، لن يسفر على الأرجح عن إبرام صفقات كبيرة، بل سيعرض سمعة المؤسسة للخطر على المدى البعيد.

ويمكنك تجنب هذا المزلق عن طريق محاولة اكتشاف الاحتياجات الحقيقية للعميل خلال عملية المبيعات نفسها. احرص على تعليم مندوبي المبيعات (والمدراء) الجدد كيفية طرح الأسئلة الاستراتيجية لفهم أهداف العميل على نحو أدق. على سبيل المثال، يجب أن يفهم فريق المبيعات بيئة سوق عملائك والتحديات الأكثر إلحاحاً التي يواجهونها، ومعنى النجاح بالنسبة لهم. يمكنك طرح أسئلة على العميل، مثل: “كيف يؤثر هذا الجانب من المؤسسة (المجال الذي يمكن أن يساعدك فيه الحل) على استراتيجيتك العامة؟” أو “ما تأثير هذه التحسينات على أهدافك بعيدة المدى؟”، وبذلك سيتمكن فريق المبيعات من فهم الأثر المضاعف المحتمل لعروضهم. فطرح أسئلة ثاقبة حول الأهداف العامة للعملاء (مقارنة بالاكتفاء بذكر مزايا الحل الذي تقدمه) سيعطي دفعة قوية لفرق المبيعات الشابة.

وعندما يطرح مندوبو المبيعات أسئلة وجيهة على عميل مرتقب، فإنهم بذلك يحسنون قدرتهم على فهم حالة العمل بسرعة لأنهم سيتعرفون على حالة السوق من منظور العميل. كما أن هذا يساعدهم أيضاً على بناء علاقات أقوى مع العملاء قبل طرح الصفقات الكبرى على الطاولة.

وهكذا يؤدي ترسيخ فكرة طرح الأسئلة الاستكشافية العميقة (قبل تقديم العروض) إلى إرسال رسالة جماعية إلى فريق المبيعات والسوق، مفادها: نريد أن نعرف ما يدور في أذهان عملائنا.

3. الاستثمار في تمكين المبيعات بتبادل الخبرات بين العناصر البشرية

عندما تنمو الشركة بسرعة، يتعرض مدراء المبيعات لضغوط هائلة تحثهم على تحقيق مستهدفات ضخمة. وقد يؤدي هذا (عن غير قصد) إلى إعاقة تدريبات المبيعات القائمة على المهارات. فغالباً ما يتم إغراء مدير المبيعات الذي يحق له الحصول على نسبة من الصفقة بالرد على مكالمات المبيعات بنفسه بدلاً من توفير التدريب لمندوبي المبيعات على مهارات البيع من خلف الكواليس. وفي حين أن هذا قد يسفر عن إبرام الصفقة في الوقت الحالي، فإنه يعيق عملية التدريب التطويري. كما أنه يعرض المؤسسة لخطر التحول إلى المعاملات اللحظية، لأن البائعين لا يتعلمون بأنفسهم كيفية تقديم عروض مقنعة تتناول الحل الذي تطرحه الشركة.

لذا يُنصَح بالتخلي عن الاعتماد حصرياً على مدراء المبيعات (الذين قد يكونون عديمي الخبرة أو غارقين في محاولات تحقيق المستهدفات)، واللجوء بدلاً من ذلك إلى التوسع بشكل أسرع من خلال تمكين المبيعات بطريقة تركز على العنصر البشري. تجدر الإشارة هنا إلى أن مفهوم تمكين المبيعات قد تمت صياغته في عالم الشركات الناشئة، ويركز في العادة على تزويد فريق المبيعات بالقدرات اللازمة لكسب الأعمال، بما في ذلك الموارد المطلوبة، مثل العروض التقديمية وبيانات السوق والأدوات التكنولوجية ودراسات الحالة جيدة التنظيم. لكن الشركات سريعة النمو تتوسع في تطبيق مفهوم التمكين من خلال إضافة وظيفة تقديم تدريبات مكثفة على المبيعات.

يؤدي هذا إلى تخفيف (بعض) الضغوط عن مدراء المبيعات من خلال تزويد المندوبين بالدعم من شخص لا يخضع للضغوط نفسها لإبرام الصفقات. فعندما يعمل طرف ثالث داعم (أي المدرِّب) مع البائعين لتطوير مهاراتهم في مجالات، مثل: استهلال مكالمات المبيعات بالإشارة إلى مشكلات العميل وتعميق المحادثات الاستكشافية ومشاركة قصة الشركة بطريقة مقنعة، فإن هذا يُظهر لفريق المبيعات أن كيفية إتمام الصفقة لا تقل أهمية عن إتمامها.

ومن هنا فإن برنامج التدريب بتبادل الخبرات بين العناصر البشرية قد يؤدي إلى تسريع شغف الفريق بالعملاء ومنحهم المهارات اللازمة للبرهنة على هذا الشغف بصدق خلال عملية البيع.

أما إذا انصب الاهتمام على زيادة الإيرادات وتنمية مهارات فريق المبيعات، فسيكون من المغري أن يتوجّه التركيز إلى المهمات الملموسة، مثل الأنظمة والعمليات. بيد أن الشركات التي تحقق إيرادات مستدامة هي تلك التي تعتني أيضاً بالجوانب العاطفية. استخدم هذه الأساليب الثلاثة لضمان عدم تأثير نموك سلباً على الخلطة السرية التي كانت السبب في نجاح مؤسستك في المقام الأول.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .