تعرف على فوائد التصرف بلطف في العمل

5 دقائق
فوائد التصرف بلطف في العمل

ملخص: تستفيد المؤسسات من التشجيع بصورة نشطة على التصرف بلطف. وفي أماكن العمل التي يصبح فيها التصرف بلطف هو القاعدة، يمكن أن تتضاعف الآثار غير المباشرة بسرعة. تُظهر البحوث أنه عندما يتلقى الأشخاص تصرفاً لطيفاً، فإنهم يردونه ليس فقط للشخص نفسه بل أيضاً لشخص آخر في الغالب. وهذا يؤدي إلى غرس ثقافة الكرم في المؤسسة. يوضح المؤلفون المزيد من فوائد التصرف بلطف في العمل مدعومة ببحوث، ويشاركون بحوثهم حول كيف أن تقديم المجاملات يزيد من الشعور بالسعادة، ويقدمون نصائح عملية للمدراء الذين يرغبون في التشجيع على التصرف بلطف في فِرقهم.

يريد الجميع أن يكونوا سعداء. ولكن كيف يمكننا تحقيق هذا الهدف الذي أحياناً ما يكون بعيد المنال؟ كان هذا سؤالاً صعباً حتى قبل الجائحة العالمية، ولكن مجرد التفكير فيه قد يبدو بلا جدوى في الوقت الحاضر. يحاول الآباء والأمهات تحقيق التوازن بين متطلبات العمل عن بُعد والتعليم عبر الإنترنت، ويحاول الأشخاص الذين يعيشون بمفردهم الحفاظ على تركيزهم في ظل عزلتهم. وعندما يتم قياس الحياة من خلال الاجتماعات المتتالية عبر برنامج “زووم”، فإن حتى القدرة على فعل أبسط الأعمال المنزلية قد تبدو نجاحاً.

أدى تحول مكان العمل إلى اجتماعات مجدولة عبر الإنترنت إلى مصدر آخر للحرمان بسبب غياب اللقاءات التي كانت تحدث بالصدفة في أروقة الشركة. فبالنسبة إلى العديد من الأشخاص، كان سماع أحد الزملاء يقول “شكراً جزيلاً” في الردهة أو سماع أحد المدراء يقول لك “أحسنت” بعد عرض تقديمي، من أهم الأمور التي تميز الحياة المكتبية. أما الآن، فتبدو هذه الأمور وكأنها تقاليد كانت تُتبع في الماضي. فبدون الأحاديث الجانبية في أروقة الشركة وتناول الغداء معاً وقضاء الاستراحات في شرب القهوة مع الزملاء، لن نحظى بفرص التواصل الاجتماعي نفسها التي كنا نتمتع بها من قبل. فمن دون هذه الأمور، قد يكون من الصعب إيجاد المتعة في عملنا. إذاً، ماذا يمكننا فعله حيال ذلك؟

لدينا اقتراح متواضع: التصرف بلطف. ركزت معظم النصائح الإدارية في العام الماضي على كيفية الحفاظ على الإنتاجية في أثناء الجائحة، ومع ذلك تم إغفال قوة التصرف بلطف إلى حد كبير. فالتصرف بلطف من خلال تقديم المجاملات والإعراب عن التقدير له القدرة على إحداث تغيير في عملنا عن بُعد.

الفوائد المترتبة على التصرف بلطف

الالتزام بأن تكون لطيفاً يمكن أن يعود بالعديد من الفوائد المهمة. أولاً، وربما هي الفائدة الأكثر وضوحاً، أن التصرف بلطف سيكون مفيداً للغاية لزملائنا. وجدت شركة “غالوب” (Gallup) من خلال استطلاعات الرأي التي تجريها للموظفين الأميركيين عاماً بعد عام أن تقدير الموظفين في العمل يساعد على الحد من إصابتهم بالاحتراق الوظيفي وتغيبهم عن العمل، كما أنه يحسن مستوى رفاههم. وأظهرت بحوث استمرت لعقود أن تلقي المديح والكلمات التي تعبر عن التقدير والثناء يمكن أن يساعد الأفراد على الشعور بمزيد من الرضا، كما أنه يزيد من تقديرهم لذاتهم ويحسن تقييماتهم الذاتية ويثير مشاعر إيجابية. وهذه النتائج الإيجابية للإطراء والمجاملات بديهية؛ إذ إن الثناء يتواءم مع نظرتنا الإيجابية الطبيعية لأنفسنا، ما يؤكد على قيمتنا الذاتية.

ثانياً، يساعد التصرف بلطف على الشعور بأن للحياة معنى أكبر. على سبيل المثال، أظهر بحث أن إنفاق المال على الآخرين والتطوع بوقتنا يحسن مستوى رفاهنا ويشعرنا بالسعادة وبأن لحياتنا معنى. فالتصرف بلطف يجعلنا نشعر أن لحياتنا معنى لأنه ينطوي على الاستثمار في شيء أكبر من أنفسنا. فهو يحدد الكيفية التي ينظر بها الآخرون إلينا، ما يحسن سمعتنا ونظرتنا إلى أنفسنا. فنحن نستخلص استنتاجات حول هويتنا من خلال مراقبة سلوكياتنا،وتصرفاتنا اللطيفة تجعلنا نؤمن بأن لدينا ما يلزم لنكون أشخاصاً جيدين. في أثناء العمل عن بُعد، الذي يكون فيه من الصعب الحصول على لحظات من البهجة، قد تكون هذه الفائدة ذات أهمية خاصة لأنها يمكن أن تؤدي إلى الشعور بالرضا الوظيفي على المدى الطويل.

ثالثاً، كما اكتشفنا من خلال مجموعة جديدة من الدراسات، فإن تقديم المجاملات يجعلنا أكثر سعادة من تلقيها. قسمنا المشاركين إلى شركاء وطلبنا منهم الكتابة عن أنفسهم ثم التحدث عن أنفسهم مع شركائهم. وبعد ذلك، طلبنا من أحدهم أن يثني بصدق على شيء يحبه أو يحترمه في المشارك الآخر بعد الاستماع إليه. وقد وجدنا أن تقديم المجاملات دائماً ما يجعل الأشخاص أكثر سعادة من تلقيها. والمدهش أن الأشخاص لم يكونوا على دراية بما سيشعرون به من متعة جراء تصرفهم بلطف.

لماذا يؤدي تقديم المجاملات إلى زيادة شعورنا بالسعادة إلى هذه الدرجة؟ للترابط الاجتماعي دور في ذلك؛ فهو مكون رئيسي للرفاهة افتقدناه بشدة خلال الجائحة. اكتشفنا من خلال دراساتنا أن تقديم المجاملات أنشأ ترابطاً اجتماعياً أقوى من تلقيها لأن تقديمها شجع الأشخاص على التركيز على الشخص الآخر. من المؤكد أن تلقي مجاملة أمر رائع، ولكن تقديم مجاملة مدروسة وصادقة يتطلب منا التفكير في شخص آخر؛ في حالته النفسية وسلوكه وشخصيته وأفكاره ومشاعره. فغالباً ما يكون التفكير في الآخرين شرطاً أساسياً للشعور بأنك مرتبط بهم. وبهذه الطريقة، يمكن أن تصبح المجاملات بمثابة “صمغ اجتماعي” يعزز الترابط والإيجابية في العلاقات ويجعلنا أكثر سعادة.

ومع ذلك، غالباً ما يتردد الأشخاص في تقديم المجاملات. ولكن لماذا؟ أظهر بحث أجرته مؤخراً إيريكا بوثبي وفانيسا بونس أن فكرة الاقتراب من شخص ما وقول شيء لطيف يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالقلق الاجتماعي وعدم الارتياح. ولهذا السبب نفترض أن الأشخاص سيشعرون بعدم الارتياح وسيتضايقون عند تلقيهم مجاملة، في حين أن العكس هو الصحيح.

بالإضافة إلى هذه الحواجز النفسية، أضاف العمل عن بُعد المزيد من الحواجز الهيكلية التي تحول دون التصرف بلطف وتقديم المجاملات والإعراب عن التقدير بشكل عشوائي. قبل الجائحة غالباً ما كانت المؤسسات تعرب عن تقديرها للموظفين من خلال البرامج الرسمية، في حين أن اللقاءات التي تحدث بالصدفة في أروقة الشركة يمكن بسهولة من خلالها تقديم الشكر والثناء بشكل بسيط. على النقيض من ذلك، عادة ما تتبع الاجتماعات التي تُعقد في الوقت الحالي عبر برنامج “زووم” جداول أعمال صارمة لا تترك مجالاً للتطرق إلى أي موضوع آخر، فضلاً عن المجاملات.

تستفيد المؤسسات من التشجيع بصورة نشطة على التصرف بلطف. وفي أماكن العمل التي يصبح فيها التصرف بلطف هو القاعدة، يمكن أن تتضاعف الآثار غير المباشرة بسرعة. إذ تُظهر البحوث أنه عندما يتلقى الأشخاص تصرفاً لطيفاً، فإنهم يردونه ليس فقط للشخص نفسه بل أيضاً لشخص آخر في الغالب. وهذا يؤدي إلى غرس ثقافة الكرم في المؤسسة. وفي دراسة بارزة حللت أكثر من 3,500 وحدة عمل تضم أكثر من 50 ألف فرد، وجد الباحثون أن تقديم المجاملة والمساعدة والثناء كان مرتبطاً بالأهداف الأساسية للمؤسسات. وكانت المعدلات المرتفعة من هذه السلوكيات تنبئ بزيادة الإنتاجية والكفاءة وانخفاض معدلات دوران الموظفين. فعندما يتصرف القادة والموظفون بلطف مع بعضهم، فإنهم يسهلون غرس ثقافة التعاون والابتكار.

التشجيع على التصرف بلطف في العمل

كيف يمكن للقادة التشجيع على التصرف بلطف في أثناء العمل عن بُعد؟ أولاً، يمكنهم أن يكونوا أمثلة يُحتذى بها. من الطبيعي أن يتأثر الأشخاص بسلوكيات أعضاء الفريق ذوي المكانة العالية. فمن المرجح أن يحفز القادة أعضاء الفريق على تقليد تصرفاتهم وسلوكياتهم ووضع قواعد للتصرف بلطف في الفِرق، من خلال مجاملة موظفيهم والثناء عليهم.

ثانياً، يمكن للقادة تخصيص وقت خلال الاجتماعات المنعقدة عبر برنامج “زووم” من أجل إجراء “جولة من تبادل التصرفات اللطيفة” يمكن فيها لأعضاء الفريق تبادل الإشادة بأعمالهم. وهذا لا يستغرق الكثير من الوقت، حتى بضع دقائق في الأسبوع ستكفي. لكن هذه الدقائق القليلة يمكن أن ترفع المعنويات وتعزز الترابط الاجتماعي، خاصة عند قرب الانتهاء من مشاريع استغرقت شهوراً عبر برنامج “زووم”.

ثالثاً، فكّر في منح مكافآت فورية صغيرة. استخدمت شركات مثل “جوجل” نُظم “مكافآت الأقران” لتشجيع الموظفين على إرسال مبالغ صغيرة من المال (من صندوق في المؤسسة) لبعضهم بعضاً لإبداء تقديرهم لعمل زملائهم الفعال بشكل خاص. حتى بضعة دولارات يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي؛ فقد أظهر بحث أن الأشخاص يقدرون التصرفات اللطيفة البسيطة بقدر التصرفات الكبيرة. وقد يكون لبطاقة هدايا أو هدية صغيرة يتم إرسالها عبر البريد التأثير نفسه أيضاً. إذ إن مجرد شعور الشخص بالتقدير يمكن أن يحقق الفوائد النفسية للتصرف بلطف دون تكبُّد المؤسسة مبالغ كبيرة.

يمكن لقوة التصرف بلطف أن تخفف من الآثار السيئة الناجمة عن عالمنا الاجتماعي الذي يصبح عبر الإنترنت على نحو متزايد. فالتصرف بلطف يُعد مهارة قيادية أساسية يمكن أن تنتقل عبر الأشخاص، ما يغير ثقافة مكان العمل على طول الطريق.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .