الشركات تحوّل الطائرات المسيّرة إلى ميزة تنافسية

4 دقائق
الطائرات المسيرة والميزة التنافسية للشركات
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio
⁦⁩⁦⁩إن الطائرات المسيرة التجارية، المتسلحة بمجموعة من المستشعرات، على وشك أن تصبح مصدراً جديداً للمعلومات الرقمية. إذ كان متوقعاً أن ترتفع قيمة سوق الطائرات المسيرة دون طيار عالمياً إلى ما يقرب من 7 مليارات دولار أميركي بحلول العام الجاري 2020، مدفوعة بتصريح تنظيمي، وانخفاض تكاليف المكونات باستمرار، والأكثر أهمية، الابتكار المستمر الذي يربط قدرات الطائرات المسيرة بالتحليلات المحوسبة للبيانات الضخمة. فماذا عن الطائرات المسيّرة والميزة التنافسية للشركات؟

استخدامات الطائرات المسيّرة

يتمحور 60% من استخدام الطائرات المسيرة حالياً حول الاتصالات ووسائل الإعلام، مثل صناعة الأفلام، والتصوير الفوتوغرافي التجاري، ولا تزال الاستخدامات الجديدة ذات القيمة الأكبر تنتظر، حيث تتمتع الطائرات المسيرة بأفضلية كبيرة من حيث الدقة، وسهولة الاستخدام، والتكلفة مقارنةً بالحلول التقليدية، مثل الأقمار الصناعية وطائرات الهليكوبتر. ويمكن استخدام المستشعرات المثبتة على طائرات مسيرة في رصد مجموعة رائعة ومتنوعة من البيانات، ممهدة الطريق أمام ارتفاع مستوى رقمنة الإجراءات الصناعية.

يستفيد القادة بالفعل، في قطاعات كثيرة، من البيانات المستمدة من الطائرات المسيرة. ففي قطاع النفط، على سبيل المثال، أصبح ما كان يستغرق أسابيع من أعمال البحث ينجز بأيام معدودة فقط، وذلك بفضل التصوير الحراري باستخدام الطائرات المسيرة وتقنية “راصد” الغاز للتنقيب في منصات النفط وخطوط أنابيب النفط. تتعاون شركة “سكاي فيوتشرز” (Sky Futures)، وهي شركة تقدم خدمات الطائرات المسيرة كطرف ثالث، ومتخصصة في عمليات التنقيب هذه، مع شركات النفط، مثل “بريتيش بتروليوم” (بي بي) (BP) و”شِل” (Shell)، و”ستيت أويل” (Statoil)، و”كونوكو فيليبس” (Conoco Philips)، وقد جمعت 9.5 مليون دولار من رأس المال الاستثماري في عام 2015 فقط.

وفي قطاع النقل، تعقد شركة السكك الحديدية الأميركية “بي إن إس إف” (BNSF)، شراكة مع إدارة الطيران الاتحادية لاختبار الطائرات المسيرة لأغراض فحص السكك الحديدية والجسور عن بعد، ومراقبة جودة الهواء. تستخدم شبكة السكك الحديدية في المملكة المتحدة الطائرات المسيرة كجزء من مشروع “أوربيس” (ORBIS) لرقمنة شبكة السكك الحديدية في البلاد في شكل ثلاثي الأبعاد، لتتمكن من التخطيط لصيانة السكك الحديدة وتجديدها بكفاءة أفضل. كما استخدمت خطوط طيران “إيزي جيت” (Easyjet)، و”لوفتهانزا” (Lufthansa)، الطائرات المسيرة كأداة لفحص طائرات الركاب.

ويجري إقناع شركات القطاعات الأخرى أيضاً باستخدام البيانات المستمدة من الطائرات المسيرة بفضل فوائدها في محوري التكلفة والسلامة. تستخدم شركة التعدين العملاقة “ريو تينتو” (Rio Tinto)، طائرات مسيرة لفحص المعدات ومناجم التعدين في أستراليا الغربية. وردت تقارير تفيد أن شركة “كاتربيلر” (Caterpillar) للمعدات الثقيلة، تستكشف إمكانية استخدام الطائرات المسيرة لإدارة أسطول المركبات على أرض ميدان العمل، بينما تعتبر الطائرات المسيرة حجر الزاوية في خدمة “البناء الذكي” التي تقدمها شركة “كوماتسو” (Komatsu)، والتي يمكنها أتمتة عمل الجرافات والحفارات بالكامل. وتجري شركة “وول مارت” (Walmart)، إحدى أكبر شركات البيع بالتجزئة في العالم، اختبارات لمعرفة كيف يمكن أن تساعد الطائرات المسيرة في تحسين إدارة عملية جرد مخزونات المستودعات.

إن احتمالات تضاعف كميات البيانات المستمدة من الطائرات المسيرة يمكن أن يُلهم التعديلات في استراتيجيات جمع البيانات في القطاعات كافة، خاصةً إذا أدت هذه التغييرات إلى تحقيق وفورات في التكاليف، ورفع مستوى السلامة، وإدخال تحسينات على التحليلات المحوسبة. فمثلاً، من المقرر تحقيق وفورات في تكاليف تحليلات جرد المخزونات الاحتياطية، والتصوير الحراري لخطوط أنابيب النفط، وخطوط السكك الحديدية، والنمذجة ثلاثية الأبعاد المصممة لمطالبات التأمين، والتصوير غير المدمر للمباني بأشعة التيراهرتز. وقريباً، قد يكون من المفيد للعديد من الشركات التحقق مما إذا كانت البيانات المستمدة من الطائرات المسيرة يمكن أن تضفي قيمة، إما عن طريق إدخال تحسينات على العمليات الحالية، أو طرح مسارات جديدة للنمو.

الفوائد المحتملة من استخدام الطائرات المسيّرة

وإذا استطاعت الشركات تحديد الفوائد المحتملة، فيمكنها حينئذ التفكير فيما إذا كان عليها دمج برنامج الطائرات المسيرة وتطويره عبر وحدات عملها المتعددة أو فروع شركاتها، بغية تركيز أموال الاستثمار، وتمكين قطاع تحليلات البيانات. فضلاً عن ذلك، قد تحتاج المؤسسات التي تتخذ قراراً بضخ استثمارات في الطائرات المسيرة إلى تعديل هياكل البيانات لديها والإجراءات التابعة لها، وفهم أفضل للوائح التنظيمية المحلية. في حين أن بعض البيانات المستمدة من الطائرات المسيرة قد تلعب دوراً تكميلياً للمعلومات القائمة بالفعل، فإن بعضها الآخر سيدفعنا إلى هجر طرق جمع البيانات الأخرى التي عفا عليها الزمن. ونظراً لمحدودية سجل إنجازات الطائرات المسيرة حتى الآن، فإن تحديد الطريقة “الأمثل” لجمع البيانات سيتطلب تحليلاً دقيقاً للفوائد مقابل التكاليف، عن طريق إجراء برامج تجريبية، على سبيل المثال، قبل الشروع في عملية إعادة هيكلة وظيفية باهظة الثمن.

ستحتاج الشركات أيضاً إلى تحديد ما إذا كانت ستدير طائراتها الخاصة المسيرة أم ستستعين بطائرات من مصادر خارجية. إذ ستؤثر عوامل كثيرة على هذا الاختيار، مثل آفاق الاستثمار المتاحة، والحاجة إلى حماية البيانات، وسرعة التطوير المرجوة. قد تختار الشركة أن تُشغل الطائرات المسيرة بنفسها وتتولى تحليل البيانات داخلياً إذا كان القلق ينتابها حيال قضايا الملكية أو مشكلات الحماية، وكانت ترغب في تحقيق استثمار ضخم مقدماً، وتريد اتباع نهج “التعلم بالممارسة”. فمثلاً، تستخدم “الشركة الوطنية الفرنسية المُشغلة للسكك الحديدية” (SNCF)، برنامجاً داخلياً للطائرات المسيرة بهدف تعزيز السلامة، ورفع مستويات الصيانة من خلال تقنية شبكات المراقبة.

من ناحية أخرى، قد تكون الاستعانة بمصادر خارجية فكرة أكثر منطقية، فهي تمكن الشركات من مشاركة البيانات (بل قد تؤدي إلى حلول على مستوى القطاع)، أو إذا كانت الشركة ترغب وبسرعة في الحصول على برنامج بيانات قائم على الطائرات المسيرة وباستثمارات أقل. لقد بزغت شركات مؤهلة تجارياً تُقدم خدمات الطائرات المسيرة وتوفر بيانات مستمدة من مستشعرات متعددة في عدد من القطاعات بالفعل، وقد تبين أن عقد شراكات مع هذه الشركات خيار شائع، إذ تفضل الشركات إشراك متخصص متمرس بالفعل في التعقيدات التكنولوجية للطائرات المسيرة، وكذلك على دراية كاملة باللوائح التنظيمية التي تنطبق عليها. في بعض الحالات، تُثمر هذه الشراكات عن مشاريع تجارية جديدة: وقعّت شركة “لوفتهانزا” لخدمات الطيران، اتفاقاً في يناير/كانون الثاني من عام 2016 مع شركة “دي جيه آي” (DJI) لصناعة الطائرات المسيرة، لتطوير استخدامات الطائرات المسيرة التجارية المتخصصة، بدءاً بمشروع تجريبي لشركة تصنيع توربينات الرياح.

وأخيراً، سواء أكانت هذه المؤسسات تستعين بمصادر خارجية أو تطور فرقها الخاصة بالطائرات المسيرة داخلياً، فهي ستحتاج إلى تطوير قدراتها الداخلية بحيث تستوعب تحليلات البيانات الضخمة للاستفادة من هذه الثروة المعلوماتية الجديدة. وهذا سيقتضي توظيف أنواع علماء البيانات الموجودين عادةً في شركات التكنولوجيا الغنية بالبيانات. ومن المرجح أن يشتد الطلب على هؤلاء المتخصصين بسرعة بينما يُحوّل عدد متزايد من القطاعات أنظاره إلى كنز البيانات المستمدة من الطائرات المسيرة.

وفي نهاية الحديث عن الطائرات المسيّرة والميزة التنافسية للشركات، لا شك أنه بالنسبة للعديد من الشركات، سرعان ما تصبح الطائرات المسيرة مكوناً آخر يجب مراعاته عند تطوير استراتيجيات الرقمنة. ومن المؤكد أن قدرات جمع البيانات غير المسبوقة التي تتمتع بها الطائرات المسيرة، مدعومة بالخدمات السحابية وتقنيات البيانات الضخمة، ستُحدث تغييراً جذرياً في العوامل التنافسية لقطاع المعلومات.

⁦⁩⁦⁩إن الطائرات المسيرة التجارية، المتسلحة بمجموعة من المستشعرات، على وشك أن تصبح مصدراً جديداً للمعلومات الرقمية. إذ كان متوقعاً أن ترتفع قيمة سوق الطائرات المسيرة دون طيار عالمياً إلى ما يقرب من 7 مليارات دولار أميركي بحلول العام الجاري 2020، مدفوعة بتصريح تنظيمي، وانخفاض تكاليف المكونات باستمرار، والأكثر أهمية، الابتكار المستمر الذي يربط قدرات الطائرات

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .