كيف يمكن للحد من عدم المساواة بين الجنسين أن يعزّز الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة؟

4 دقائق
عدم المساواة بين الجنسين والناتج المحلي الإجمالي
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

من الجدير بالملاحظة أن عدم المساواة بين الجنسين لا تزال مرتفعة جداً في الولايات المتحدة، التي تمثّل أكبر اقتصاد في العالم. وفي حين يرى كثيرون أن المساواة بين الجنسين هي الأمر “الصائب” الذي يجب عمله، فمن الواضح حالياً أن المساواة تمثّل أيضاً الأمر “الذكي” الذي يجب القيام به من الناحية الاقتصادية. إذ وجد بحث جديد أجراه “مركز ماكنزي العالمي” (MGI) حول موضوع عدم المساواة بين الجنسين والناتج المحلي الإجمالي، أن كل ولاية ومدينة أميركية قد تضيف 5 في المائة على الأقل إلى الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2025 من خلال النهوض بالإمكانات الاقتصادية للمرأة. كما تستطيع نصف الولايات المتحدة الأميركية أن تضيف أكثر من 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وتستطيع المدن الخمسين الكبرى في الدولة أن تضيف ما بين 6 و13 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأميركي

لقد تبين لنا أنه يمكن إضافة حوالي 2.1 تريليون دولار أميركي إلى الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في عام 2025، إذا حققت كل ولاية المعدل الذي تحققه الولايات ذات التقدم الأسرع على مدى السنوات العشر الأخيرة في ثلاثة مجالات: مشاركة المرأة في قوة العمل، ومشاركة المرأة في الوظائف بدوام كامل، وتنوع القطاعات التي تعمل فيها المرأة. تشكل تلك الزيادة نسبة 10% أعلى مقارنة مع عدم اتخاذ أي إجراء لتضييق الفجوة بين الجنسين في الولايات المتحدة، ما يعني أنه يمكن إضافة اقتصاد بحجم ولاية تكساس إلى اقتصاد الولايات المتحدة خلال فترة تقل عن عقد من الزمن. ولا تناهز هذه الأرقام القيمة الاقتصادية للمساواة الحقيقية بين الرجال والنساء التي قد تدرّ على الاقتصاد الأميركي أرباحاً تصل إلى 4.3 تريليون دولار أميركي بحلول عام 2025.

تعتمد نسبة تناهز 40 في المائة من الإمكانات الاقتصادية التي قدّرها “مركز ماكنزي العالمي” على التحاق عدد أكبر من النساء بالقوة العاملة. وتنتج النسبة الباقية بالتساوي من تغيير التوازن في مزيج العمل بدوام كامل ودوام جزئي والقطاعات التي تعمل فيها النساء. حيث تشغل النساء وسطياً 42 في المائة من الوظائف بدوام كامل و64 في المائة من الوظائف بدوام جزئي في الولايات المتحدة. كما أن النساء العاملات أكثر عرضة للعمل في قطاعات ذات إنتاجية منخفضة مقارنة بالرجال من قبيل قطاعات الصحة، والخدمات الاجتماعية، والتعليم، وأقل عرضة بالمقارنة مع الرجال للتوظيف في قطاعات ذات إنتاجية أعلى مثل قطاع الصناعة والخدمات التجارية. قد يتطلب اغتنام فرصة الحصول على ناتج محلي إجمالي بقيمة 2.1 تريليون دولار أميركي إيجاد 6.4 ملايين وظيفة؛ ويمكن توفيرها بمعدل قدره 1.0 في المائة سنوياً في الفترة المؤدية إلى عام 2025 بالمقارنة مع 0.6 في المائة في السيناريو المعتاد في قطاع الأعمال. وفي تقديرنا، سيتطلب ذلك استثماراً إضافياً في رأس المال يبلغ حوالي 475 مليار دولار أميركي.

استخدمنا منظوراً شاملاً لتحليل انعدام المساواة بين الجنسين في الولايات المتحدة لأن الأدلة الواردة من جميع أنحاء العالم تبيّن أن المساواة بين الجنسين في العمل والمساواة بينهما في المجتمع أمران متلازمان ولا يمكن تحقيق أحدهما دون الآخر. لذا حللنا 10 مؤشرات تشمل كلا الجانبين، ووجدنا أن الولايات المتحدة تتمتع بانعدام مساواة مرتفع أو مرتفع للغاية (الذي حددناه على أنه بين 25 و50 في المائة بمعزل عن التكافؤ وبين 50 في المائة أو أكثر بمعزل عن التكافؤ على التوالي) على ستة مؤشرات: القيادة، والمناصب الإدارية، ووظائف تقديم الرعاية غير مدفوعة الأجر، والأمهات المعيلات، والتمثيل السياسي، والعنف ضد المرأة.

ولإعطاء فكرة عن التحديات الملحوظة التي تواجه الولايات المتحدة، هناك 66 امرأة فقط مقابل كل 100 رجل تشغل مناصب قيادية وإدارية في مجال الأعمال التجارية. وتضطلع النساء بضعف وظائف تقديم الرعاية غير مدفوعة الأجر التي يضطلع بها الرجال تقريباً. وتحدث حالة عنف ضد واحدة من كل امرأتين في الولايات المتحدة. كما تُعتبر الولايات المتحدة واحدة من الدول المتقدمة الأسوأ أداءً في العالم من حيث تمثيل المرأة في العمل السياسي. وتتولى امرأة معيلة تعيش في حالة فقر عائلة من كل أربع عائلات أميركية. وتشير إحدى الدراسات، إلى أن ارتفاع معدل الولادات في سن المراهقة قد كلّف الدولة حوالي 10 مليارات دولار أميركي في عام 2010. تحول هذه المشكلات جميعها دون تحقيق النساء لإمكاناتهن الاقتصادية.

كيفية تعزيز التنوع بين الجنسين

سيقتضي التغيير بذل جهود ملحوظة في القطاعين العام والخاص على حد سواء، لكن ثمّة خطوات واضحة وملموسة تستطيع الشركات والحكومات اتخاذها. إذ تستطيع الشركات تعزيز التنوع بين الجنسين في المؤسسات الخاصة بها في مجالات مثل التوظيف وتقييم الأداء، واتخاذ نهج شامل لزيادة تمثيل المرأة في المناصب الإدارية التي تتمتع بسياسات توظيف وإجازات مرنة، وشفافية في التوظيف والترقية وشبكات نسائية قوية. كما تستطيع الحكومات النظر في طرق تحسين رعاية الأطفال وتحويل إجازة الأمومة مدفوعة الأجر إلى واقع لمزيد من النساء، كما بوسعها إدخال برامج على مستوى الولايات لمعالجة مشكلات اجتماعية تخص المرأة مثل الحمل في سن المراهقة.

تعدّ إجازة الأمومة أحد المجالات التي بدأ التغيير الحقيقي يحدث فيها. وفي الأسبوع الماضي فقط، أصبحت نيويورك خامس ولاية أميركية تقرّ إجازة رعاية طفل مدفوعة الأجر لمدة 12 أسبوعاً للأمهات والآباء أو للموظفين الذي يرعون فرداً مريضاً من أفراد الأسرة. كما تتولى بعض الشركات دوراً قيادياً في هذا المجال أيضاً. ففي عام 2007، زادت شركة “جوجل” إجازة الأمومة مدفوعة الأجر من عام إلى عام ونصف العام (ودفعت مقابل إجازة أبوة تتراوح بين سبعة أسابيع و12 أسبوعاً) وحققت انخفاضاً في معدل مغادرة الأمهات الجدد للشركة بنسبة 50 في المائة.

لا تشكّل رعاية الأطفال والكبار في السن سوى 20 في المائة فقط من العمل غير مدفوع الأجر الذي يقع على عاتق النساء بشكل غير متكافئ؛ وتشكّل الأعمال المنزلية الروتينية الأخرى نسبة 80 في المائة الباقية. (ويصل هذا العمل غير مدفوع الأجر بكامله إلى حوالي 1.5 تريليون دولار أميركي سنوياً ولا يُدرج في الناتج المحلي الإجمالي). وسيتطلب تقاسم هذه المهام على نحو أكثر إنصافاً التغيير من قبل الأزواج والمؤسسات أيضاً.

وفي نهاية الحديث عن عدم المساواة بين الجنسين والناتج المحلي الإجمالي، إذا كنت بحاجة إلى حافز أكبر لتؤيد السياسات المتعلقة بالمواهب التي تخدم النساء بشكل أفضل أو لتأييد سياسات أكثر عدالة نحو إجازات رعاية الأطفال، أو لتغسل الأطباق إذا كنت رجلاً أو لتختاري عدم القيام بذلك إذا كنتِ امرأة، فكّر فحسب في ذلك المبلغ وقدره 2.1 تريليون دولار أميركي الذي يمكن إضافته للاقتصاد الأميركي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .