أفضل رائد أعمال هو صاحب الرسالة

3 دقائق
رائد الأعمال صاحب الرسالة

دوّى الخبر في عالم رأس المال المغامر (الجريء) عندما انتقل جون دوير (John Doerr)، الشريك الأسطورة في شركة "كلاينر بيركنز كوفيلد آند بايرز" (Kleiner Perkins Caufield & Byers)، ليتولى دوراً جديداً كرئيس أول للشركة، وسيصبح ما يطلق عليه هو "مدرب اللاعبين" ليدعم الجيل القادم من القادة في الشركة. فهل ينطبق عليه مفهوم "رائد الأعمال صاحب الرسالة"؟

تشتهر شركة "كلاينر بيركنز" بإجراء بعض من أفضل الاستثمارات على مستوى العالم، مثل رهاناتها المبكرة على شركة "كومباك" (Compaq) و"جنينتك" (Genentech) و"جوجل" (Google) و"أمازون" (Amazon). ويشتهر دوير نفسه بتوضيحه لأنواع الشركات والقادة الذين يُحب المراهنة عليهم وما يؤمن بضرورة توفره لديهم لخلق قيمة تدوم طويلاً في عصر سريع الحركة.

من هو رائد الأعمال من وجهة نظر جون دوير؟

يُعرّف دوير رائد الأعمال بأنه شخص "يصنع من أقل الأشياء ما يفوق توقعات الآخرين". وتشترك المشروعات الريادية الناجحة -مهما كان مجالها أو صناعتها- في عدد من الصفات المهمة: وجود مؤِسس أو فريق مؤِسس ممتاز، والتزام بالتميّز التقني، واهتمام شديد بتجربة العملاء ومنهج مقبول في الشؤون المالية، وصفة الاستعجال والتفاني في بناء علامة تجارية جديرة بالثقة.

إلا أن الصفة الأهم وفقاً لدوير، والشيء الذي يُميز رواد الأعمال المؤثرين بشدة عن هؤلاء الذين لا يُحدثون أثراً كبيراً، هو شيء لا يتعلق بما يفعلونه بقدر ما يتعلق بما يؤمنون به وكيف يتصرفون. يقول دوير إن النوع الذي يفضل العمل معه من مؤسسي الشركات هو صاحب الرسالة، في حين أنه يشعر برغبة أقل في العمل مع النوع الجشع. ويستدرك قائلاً: إن هناك مساحة لكليهما، لكن الفارق بين الجشع وصاحب الرسالة "هو الفارق الأهم في العالم".

فما هو الفرق بين الجشع وصاحب الرسالة؟ وفقاً لشرح دوير للحضور في "كلية ستانفورد للأعمال" (Stanford Business School)، فإن نوع رائد الأعمال الجشع "انتهازي". يتركز "كل تفكيره في العرض والصفقة"، ولديه استعداد للركض خلف نتائج قصيرة المدى؛ أما "صاحب الرسالة" فيتمتع "بالتفكير الاستراتيجي". يتركز تفكيره رائد الأعمال صاحب الرسالة على "الفكرة الكبرى" والشراكات الدائمة، ويدرك أن "مجال الابتكار يحتاج وقتاً طويلاً"، فهو ماراثون وليس مجرد وثبة. ورائد الأعمال الجشع لديه "رغبة في كسب المال"، بينما يتميز رائد الأعمال صاحب الرسالة بـ "الرغبة في تحقيق معنى هادف". وبينما يستبد التنافس برواد الأعمال الجشعين ويقلقون بشأن "البيانات المالية"، فإن أصحاب الرسالة يهتمون لأمر العملاء ويقلقون بشأن "بيانات القيم". ويُظهر رواد الأعمال الجشعون سلوك الأحقية النرجسي ويكشفون عن "أرستقراطية المؤسسين"، بينما يظهر رواد الأعمال أصحاب الرسالة سلوك التعاون والمشاركة والترحيب بالأفكار الجيدة أينما ظهرت. وعندما يهرع رواد الأعمال الجشعون وراء النجاح، يطمح رواد الأعمال أصحاب الرسالة إلى "النجاح والتأثير".

عندما أفكر في الشركات الكبرى التي درستها على مدار سنوات والمؤسسات التي تحقق أرباحاً كبيرة في جميع المجالات القوية وشديدة التنافسية، تساعدني تفرقة دوير بين رواد الأعمال أصحاب الرسالة والجشعين في فهم كيف تمكّنت هذه الشركات من تحقيق نتائج مُميزة رغم عمل الكثير منها في بيئات عادية للغاية. لا تحتاج إلى العمل في مجال متطور كي تبني شركة تعتمد على رؤى جون دوير الثاقبة.

تجارب الشركات الريادية

فعلى سبيل المثال، أحرزت شركة "دي بي آر كونستراكشن" (DPR Construction)، التي تمتلك أفكاراً مدروسة ورؤى عميقة، تقدماً كبيراً في صناعة يغلب عليها الاضطراب وبطء التغيير. كان مؤسسوها واضحين عند وضع هدف الشركة الذي لم يقتصر على النجاح فحسب، بل والتأثير أيضاً. تقول شركة "دي بي آر" في فكرتها الرئيسية: "نشأنا لنبني أشياءً عظيمة". (كم شركة تعرفها لديها فكرة رئيسية؟) "علينا أن نكون مختلفين عن جميع شركات الإنشاءات الأخرى ونتقدم عليها، لأننا نعمل لأجل فكرة".

أو انظر إلى شركة "إس أو إل كليننغ سيرفيس" (SOL Cleaning Service)، وهي واحدة من أكبر الشركات الريادية مكانةً في شمال أوروبا، وقد حولت مجالاً قذراً بمعنى الكلمة وعملت على تنظيف المكاتب والمستشفيات والمباني والشقق وما إلى ذلك، وجعلت منها أماكن ذكية ومبهجة. أنشأت المؤسِسة ليزا جورونين وزملاؤها، مؤسسة سريعة النمو من خلال إعادة التفكير في طبيعة العمل في مجال لا يفكر الكثيرون في العمل فيه، لكنه كأي عمل تجاري قادر على توفير جميع أنواع الفرص للنمو والابتكار والتوسع لو مُنح الأشخاص فرصة فيه. وهذا تتطلب توزيع سلطة صناعة القرار من مقر الشركة إلى ميدان العمل، ما سمح للفرق والفروع المحلية بوضع أهداف العمل الخاصة بهم ووضع خطة لتنفيذها، بل وتعيين موظفين مباشرين يتولون وضع الميزانية والتوظيف والتفاوض مع العملاء. لقد رفضت ليزا "أرستقراطية المؤسسِين" لصالح أفكار ومساهمات تأتي من الموظفين والمرؤوسين حتى الرؤساء.

فهل أنت رائد أعمال صاحب رسالة؟

هناك طريقة واحدة للإجابة عن هذا السؤال المهم، وهي التفكير في ثلاثة أسئلة أصغر أعتقد أنها توضح التفرقة التي ابتكرها "جون دوير":

هل لديك تعريف للنجاح يسمح لك بالعمل لأجل فكرة خاصة ويُلهم الآخرين للوقوف معك؟

هل لديك "عرض قيمة" يشرح ما تؤمن به إلى جانب "عرض قيمة" يوضح ما تقدمه؟

هل تعمل أنت وزملاؤك بنفس التميز الذي تتنافسون به؟ هل ينتج عن هذه الأفعال شيء بارز وهادف؟

إذا كان أحد كبار مستثمري رأس المال المغامر قرر أن يتولى دوراً جديداً في شركته، فربما حان الوقت كي تتبنى بعضاً من رؤاه الثاقبة في شركتك لكي يصبح لديك رائد الأعمال صاحب رسالة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي