أسئلة القراء: كيف يمكن زيادة اندماج العاملين والحفاظ على معنوياتهم في ظلّ أزمة كوفيد؟

5 دقائق
اندماج الموظفين خلال أزمة كوفيد
shutterstock.com/Costello77

سؤال من قارئ: أعمل في منصب مدير لدى شركة تصنيع معادن في إحدى الدول الآسيوية، وفي ظلّ أزمة "كوفيد-19" الحالية يعتبر العمل عن بعد طريقة آمنة أكثر للاستمرار بالعمل، لكنه غير ممكن بالنسبة للعمال الذين يعملون على الآلات، وهذا يتسبب بشرخ في قوتنا العاملة بسبب عدم إمكانية زيادة اندماج الموظفين خلال أزمة "كوفيد-19". يعمل بعض المدراء عن بعد الآن، لكن من الصعب عليهم التواصل مع العمال افتراضياً وأحد أسباب ذلك هو أن كثيراً من هؤلاء العمال غير متعلمين، وهم ليسوا معتادين على استخدام الاتصال عبر الفيديو لعقد اجتماعات العمل . أعلم أن علينا كمدراء الحضور إلى الشركة أكثر لكن ذلك يزيد مخاطر انتشار العدوى.

سؤالي هو:

كيف يمكننا زيادة اندماج العمال والحفاظ على معنوياتهم في هذه الأزمة؟

يجيب عن هذا السؤال كل من:

دان ماغّين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

إيثان بيرنستاين: أستاذ في "كلية هارفارد للأعمال".

إيثان بيرنستاين: شكراً على طرح هذا السؤال المهم. أول ما يتبادر إلى الذهن هو البحث الذي أجراه زميلي رايان بيويل منذ عدة أعوام، إذ فكر بما سيحدث إذا وضع جهاز كاميرا وشاشة عند كلّ من الطاهي في المطبخ والزبون الذي يطلب الطعام. وتوصل إلى أنه إذا توفرت شفافية ثنائية الاتجاه بحيث يمكن للزبون رؤية الطاهي وهو يعدّ الوجبة التي طلبها ويمكن للطاهي رؤية الزبون وهو ينتظر استلام طلبه، فستزداد إنتاجية الطرفين لأنهما شعرا باندماج أكبر في العملية وبأنهما يحظيان بتقدير أكبر. سيكون مثيراً للاهتمام بدرجة كبيرة أن نفكر بفعل ما فعله رايان في تجربته، أي أن نوفر شفافية ثنائية الاتجاه ونضع كاميرا تصور العامل وهو يعمل ونطالب الموظف الذي يعمل من منزله باستخدام كاميرا أيضاً كي يتمكن هو والعامل من رؤية بعضهما البعض.

أليسون بيرد: لكن لا تزال لدينا مشكلة قائمة بشأن هذا التواصل فيما يتعلق بضمان أن يتمكن المدراء من الاطمئنان على موظفيهم وضمان أن يشعر الموظفون بالأمان وبأنهم يحظون بالتقدير. ألا يتوفر حلّ بسيط؟ إذ يقول صاحب السؤال إن الاجتماع عبر اتصال الفيديو لا يجدي نفعاً، والحضور إلى المصنع ليس ممكناً، ماذا لو ذهب للتحدث إليهم خارج باب المصنع وهم يدخلون إليه صباحاً ويخرجون منه مساء؟ وبإمكانه تقديم أشياء بسيطة مثل بعض قطع الكعك المحلى أو أن يقول لهم عبارات لطيفة تعبيراً عن قربه منهم واهتمامه بهم ودعمه لهم. أجريت مقابلة مؤخراً مع الرئيس التنفيذي لشركة "غارديان لايف إنشورنس"، وقال إن موظفي شركته تبعثروا في المدينة بعد العاصفة ساندي، فوزعت الشركة المولدات على منازلهم وأثبتت أنها تهتم بهم حقاً حتى وإن كان بإمكان مدرائها العمل عن بعد من منازلهم بسهولة ولم يواجهوا أي صعوبة في ذلك، أرادت الشركة أن تعتني بجميع الموظفين أيضاً.

إيثان بيرنستاين: يمكن التعبير عن التقدير بطرق عديدة، ولكننا معتادون على أن يتم عبر التفاعلات الشخصية التي تجري وجهاً لوجه وبحضور الطرفين، لكن بإمكاننا التوصل إلى طرق أفضل للتعبير عن التقدير افتراضياً، بل يجب علينا ذلك. إلا أني أخشى من التعامل بالكعك والطعام بسبب خطورة انتقال العدوى. لكن من الممكن أن يتم التعبير عن التقدير بكثير من الطرق الافتراضية التي ستكون فعّالة تماماً كما لو كان وجهاً لوجه.

أليسون بيرد: يواجه صاحب السؤال مشكلة تتمثل في صعوبة استخدام عمّاله لتكنولوجيا التواصل الرقمية، ولهذا السبب يجب عليه أن يفكر بطرق مبتكرة أكثر، ومن الممكن تقديم الكعك المغلف مسبقاً.

إيثان بيرنستاين: تقديم أنواع من الطعام هي طريقة تقليدية متبعة في العالم منذ زمن طويل، لكن يجب أن نبتكر طرقاً جديدة بعيداً عن الطعام. يمكن للموظفين الذين يعملون في المكاتب وضع الأشياء التي ترمز إلى صلتهم بالآخرين وتذكرهم بها طوال الوقت على المكتب أو رفوف المكتبة، لم لا نفعل الأمر ذاته الآن ضمن البيئة التي حُرمنا فيها من التواصل المباشر مع الآخرين بأي طريقة كانت. واليوم استطعنا التوصل إلى طرق للتواصل مع الآخرين والحفاظ على روابطنا بهم على الرغم من عدم القدرة على التواصل المباشر معهم، وتتوفر طرق كثيرة جداً في أسلوب تواصلنا الحالي للإشارة إلى ترابطنا وهي تساعد في حلّ مشكلة المعنويات التي ذكرها صاحب السؤال.

دان ماغّين: في أحد الأفلام الذي كان يتحدث عن مجموعة مجندين يتعاقب عدد من القادة على قيادتهم، وكانوا يحكمون على كفاءة القائد من خلال خروجه معهم وحمله السلاح في مواجهة العدو. يبدو لي هذا الوضع مشابهاً لوضع المصنع الذي ذكره صاحب السؤال، فالعمال لا يشعرون بأمان تام فيه وذلك ليس بسبب سوء الاتصال عبر الفيديو أو لأنهم لا يعرفون طريقة استخدام برنامج "زووم"، بل أحد أسباب ذلك هو أن قادتهم لا يحضرون إلى المصنع ولا يواجهون المخاطر التي يواجهونها هم.

إيثان بيرنستاين: القائد لا يغادر سفينته حتى وهي تغرق. لكن ليس على القادة الحضور إلى المصنع وزيادة نسب خطورة نشر العدوى، وإنما بإمكانهم الالتقاء بالعمال خارج باب المصنع أو في مكان آمن آخر. التكنولوجيا الرقمية ليست الحلّ المناسب في هذا الوضع، ولا بد من أن نرى شرخاً بين الموظفين والقادة الذين يعملون عن بعد والعمال الذين يحضرون إلى المصنع لأننا لا نعرف جميع المعطيات، لكن ثمة حلولاً في المنتصف يمكنها مساعدة العمال على الشعور بأنهم جزء من الفريق. لم يذكر صاحب السؤال شيئاً عن طريقة تقسيم الفرق، لكن يمكن مثلاً توضيح أن الفريق يتألف من العمال الثلاثة الذين يعملون في وردية واحدة على خط إنتاج معين والموظفَين اللذين يعملان على دعمهم ومساعدتهم عن بعد، ويمكن السماح للعمال بإطلاق الاسم الذي يعجبهم على فريقهم واستعادة روح الفريق بطريقتهم. كنا نجيد فعل ذلك فيما مضى، والآن يتعين علينا الاهتمام به أكثر في هذه البيئة الجديدة.

أليسون بيرد: إننا نعتبر عدم امتلاك العمال خبرة في استخدام التكنولوجيا الرقمية أمراً مسلماً به، لكن ربما كانت هذه فرصة لتحسين مهارات مجموعة كاملة من العمال. قد نقول إنه ليس من الضروري فعل ذلك الآن لأن هؤلاء العمال مضطرون للحضور إلى المصنع ولن يكون بإمكانهم العمل عن بعد، لكن تواصلهم مع مدرائهم ضروري أيضاً، وإذا لم يكن بالإمكان أن يتم في المكتب أو خارجه، فلا بد أن يتم افتراضياً. لذا أقترح على صاحب السؤال أن يستثمر في تقديم أجهزة لوحية لعماله وإخضاعهم لدورات تدريبية مختصرة لتوضيح طريقة إجراء الاجتماعات عبر الإنترنت، وسيكون ذلك بمثابة أصل سيفيده في المضي بالمؤسسة قدماً، وسيقدّر العمال ذلك وسيصبح بإمكانهم التواصل مع مدرائهم وأسرهم أيضاً.

إيثان بيرنستاين: لدى صاحب السؤال فرصة أخرى لم تتوفر من قبل، وهي أن يتعرف العمال على مدرائهم عن قرب أكثر. إذا كان المدير يجري الاجتماع الافتراضي عبر الإنترنت من منزله، فهي فرصة نادرة للعمال كي يتعرفوا على البيئة التي يعيش فيها مديرهم، وأن يشعروا بأنهم جزء من عائلته لأنه من المحتمل أن يروا أفرادها يمرون خلفه. إذا فكرنا بجوانب هذه البيئة السلبية فقط ولم نفكر بالجوانب الإيجابية فسنفوّت فرصة للاستفادة منها بدرجة كبيرة على اعتبارها تجربة تعلّم للعمال الذين سيتعرفون على تكنولوجيا لم يكونوا مستعدين للتعرف عليها في ظروف أخرى، وللمدراء أيضاً إذ إنهم سيكتسبون خبرة في اتباع أسلوب قيادي شامل أكثر.

دان ماغّين: يدرك صاحب السؤال ضرورة أن يتوصل المدراء والعمال إلى طريقة للتواصل في هذه الأزمة التي يصعب فيها التقاء الجميع في مكان واحد. سيكون من الضروري أن يحضر القادة شخصياً بطريقة ما، حتى وإن وقفوا خارج باب المصنع وتحدثوا إلى العمال عند دخولهم إلى المصنع وخروجهم منه، يجب التوصل إلى طريقة لمنح العمال شعوراً بالتواصل مع المدراء والارتباط بهم. وفي نفس الوقت نرى أن صاحب السؤال تعجل في استبعاد التكنولوجيا من هذه الحلول، ونرى أن هذه الأزمة تشكل فرصة لتحسين مهارات قوته العاملة وتزويد عمال المؤسسة بالتكنولوجيا المناسبة، كما نرى أنه على الرغم من أن الاجتماع عبر اتصال الفيديو قد يبدو مبهماً بالنسبة للعمال ويحتاجون إلى بعض الوقت ليألفوه، فإنه سيولد لديهم إحساساً أقوى بالترابط مع مدرائهم. يجب إنشاء مزيج من الحضور الشخصي والحضور الافتراضي. ونرى أن صاحب السؤال سيتوصل إلى طرق محدودة وآمنة لحضور القادة شخصياً إلى المصنع، لكن سيتعين عليه بذل جهد إلى أن يعتاد العمال استخدام الأجهزة الإلكترونية الرقمية في التواصل، فهذه الأزمة مستمرة ويجب على الجميع التأقلم مع هذا الوضع من أجل معرفة كيفية زيادة اندماج الموظفين خلال أزمة "كوفيد-19".

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي