ملخص: كم مرة نظرت فيها إلى وظيفتك على أنها وسيلة لكي تصل إلى أفضل حالاتك الأخلاقية؟ نقترح عليك فعل ذلك من خلال إعادة تشكيل الوظيفة، حيث يمكنك بواسطة إعادة تصور وظيفتك وإعادة تعريفها وإعادة تصميمها على نحو فعال، أن تجعل مكان عملك بمثابة معمل لتنمية شخصيتك من الجانب الأخلاقي. على الرغم من أن جميع الأشخاص تقريباً يريدون أن يصبحوا أشخاصاً أفضل أخلاقياً، تشير دراسة حديثة إلى أن الكثيرين منا لا يعطون الأولوية للأخلاقيات عند تطوير ذاتهم. أول وأهم شيء، أعد تشكيل المعرفة لتغيير الطريقة التي تتعامل بها مع وظيفتك بشكل أساسي، مع الاعتراف بأن العمل هو وسيلة لتنمية الشخصية. ثانياً، أعد تشكيل المهام لتشكيل أنشطتك اليومية بطريقة تجنبك التحديات الأخلاقية وتمنحك فرصة لتكون شخصاً مؤثراً. وأخيراً، أعد تشكيل العلاقات لبناء شبكة قوية من الأصدقاء والزملاء والموجهين في العمل الذين يدعمون جهودك للارتقاء إلى مستوى قيمك.
كم مرة نظرت فيها إلى وظيفتك على أنها وسيلة للوصول إلى أفضل حالاتك الأخلاقية؟ نقترح عليك فعل ذلك من خلال إعادة تشكيل الوظيفة، حيث يمكنك بواسطة إعادة تصور وظيفتك وإعادة تعريفها وإعادة تصميمها على نحو فعال، أن تجعل مكان عملك بمثابة معمل لتنمية شخصيتك من الجانب الأخلاقي. تظهر أهمية ذلك على وجه الخصوص بالنظر إلى آلاف الساعات التي من المحتمل أن تقضيها في العمل، وكل شيء يبدأ بإعادة صياغة نهجك في العمل بوصفه فرصة لتصبح شخصاً أفضل في جميع جوانب حياتك.
على الرغم من أن جميع الأشخاص تقريباً يريدون أن يصبحوا أشخاصاً أفضل من الناحية الأخلاقية، تشير دراسة حديثة إلى أن الكثيرين منا لا يعطون الأولوية للأخلاقيات عند تطوير ذاتهم. عندما طُلب من 800 طالب جامعي ترتيب التغييرات التي يرغبون في إجرائها في شخصياتهم، تم إعطاء الأولوية للسمات غير الأخلاقية (مثل التواصل الاجتماعي والإنتاجية والخيال الإبداعي) على السمات الأخلاقية (مثل التعاطف والصدق والمبادئ الأخلاقية العامة). في حين أنه من الممكن أن تعكس هذه النتائج بشكل فريد القلق الاجتماعي أو الاهتمامات المهنية أو تركيز طلاب الجامعات على ذاتهم، فإننا نعتقد أن العديد من الأشخاص يتعاملون مع مبادئهم الأخلاقية بثقة زائدة ورضا عن الذات، ما يؤدي عن غير قصد إلى إعاقة تنمية شخصياتهم. وهذا هو السبب في أننا نحث الأشخاص على تنمية التواضع الأخلاقي، والتسليم بالحاجة إلى التركيز بشكل استباقي على أن يصبحوا أفضل أخلاقياً، لاسيما في العمل.
مكان العمل بوصفه معملاً لتنمية شخصيتك من الجانب الأخلاقي
بالنسبة إلى العديد من الأشخاص، توفر الخبرات المكتسبة في أثناء ممارسة العمل فرصاً كبيرة لزيادة قوة الاحتمال وتنمية مهارات ضبط النفس التي تُعد من الأمور الضرورية لتجنب انتهاج السلوكيات المغرية ولكنها غير أخلاقية مثل الكذب على العملاء أو دفع الرشاوى أو إضافة مبالغ بالغش إلى حسابات المصروفات أو التلاعب بسجلات الحسابات. ولكن الشخص حسن السلوك لا يتجنب فعل الأشياء السيئة فحسب، بل يسعى أيضاً إلى فعل الأشياء الجيدة. ويُعد مكان العمل بمثابة بيئة فريدة للتصرف بتعاطف ولطف (حتى عندما نشعر أننا لسنا ملزمين بالقيام بذلك مثلما يحدث مع عائلاتنا وأصدقائنا). قد ننمي قيماً في العمل تتعلق بالاجتهاد (الإنتاجية والعمل الجاد) أو الشجاعة (للتحدث بصراحة عندما يكون هناك شيء خاطئ) أو الإنصاف (فيما يتعلق بالطريقة التي نتعامل بها مع المرؤوسين والعملاء). باختصار، غالباً ما تخلق جوانب عملنا، التعاونية والاجتماعية وذات الصلة بالتسلسل الهرمي والموجهة نحو الأداء وحتى التي تدفعها الحوافز، بيئة مناسبة تماماً لاختبار شخصياتنا ومساعدتنا على صقل قيمنا. لكن الاستفادة الكاملة من هذا المعمل تتطلب بذل جهود متضافرة من جانبنا؛ أي أنها تتطلب قدراً من إعادة تشكيل الوظائف.
إعادة تشكيل الوظائف لتنمية الشخصية
كما ذكرت الباحثتان إيمي جشنيفسكي (جامعة ييل) وجين داتون (جامعة ميشيغان)، يمكن للأشخاصإعادة تشكيل وظائفهم من خلال تغيير طريقة تفكيرهم في عملهم أولاً (إعادة تشكيل المعرفة)، وثانياً تغيير نطاق ونوع المهام التي يشاركون فيها (إعادة تشكيل المهام)، وثالثاً تغيير طبيعة علاقاتهم وتفاعلاتهم مع الآخرين في العمل (إعادة تشكيل العلاقات). حتى الآن، درس معظم العلماء والممارسين عملية إعادة تشكيل الوظائف بوصفها وسيلة لجعل العمل أكثر جدوى وإرضاءً، وربما أيضاً لرفع مستوى الأداء الفردي. لكننا نقترح أنه يمكنك أيضاً إعادة تشكيل وظيفتك لتصبح شخصاً أفضل من الناحية الأخلاقية.
أول وأهم شيء، أعد تشكيل المعرفة لتغيير الطريقة التي تتعامل بها مع وظيفتك بشكل أساسي، مع الاعتراف بأن العمل هو وسيلة لتنمية الشخصية. وفي نهاية كل يوم، اسأل نفسك عما إذا أصبحت شخصاً أفضل مما كنت عليه عندما استيقظت هذا الصباح بسبب ما أسهمت به في العمل اليوم. وفي بداية اليوم التالي، اسأل نفسك عما يمكنك فعله لتصبح شخصاً أفضل بحلول نهاية ذلك اليوم. اسأل نفسك: مَن الذي يمكنني مساعدته أو دعمه؟ ما الذي يمكنني الإسهام به في العمل بحيث يُحدث فرقاً إيجابياً (لزملائي في العمل والعملاء ومؤسستي والمجتمع ككل)؟
ثانياً، أعد تشكيل المهام لتشكيل أنشطتك اليومية بطريقة تجنبك التحديات الأخلاقية وتمنحك فرصة لتكون شخصاً مؤثراً. أدرج ضمانات في روتينك لحماية نفسك من الإغراءات. وحدد المهام التي تشعر أنها تُحدث أكبر تأثير إيجابي وشارك في المزيد منها بوتيرة أكبر. اجعل اللطف وإنكار الذات أو أي غايات نبيلة أخرى متأصلة في المهام التي تفعلها. وتحلَّ بالشجاعة لبناء عادة التعبير عن رأيك بانتظام في فريقك أو مؤسستك (لاقتراح تحسينات مجدية أو للتنديد بالظلم أو التمييز).
ثالثاً، أعد تشكيل العلاقات لبناء شبكة قوية من الأصدقاء والزملاء والموجهين في العمل الذين يدعمون جهودك للارتقاء إلى مستوى قيمك. للمساعدة في "تجنب القيام بأفعال سيئة"، أرسل إشارات إلى زملائك ومشرفيك تدل على أنك ملتزم بانتهاج سلوكيات أخلاقية في العمل، وابحث عن موجه على استعداد لإرشادك في أثناء مواجهة التحديات الأخلاقية. وفيما يتعلق "بالسعي إلى فعل أشياء جيدة"، حاول التعامل مع كل تفاعل تجريه مع أشخاص آخرين بوصفه فرصة لبناء علاقات أو رفع المعنويات أو تقديم الدعم أو التشجيع. واقضِ المزيد من الوقت مع الأشخاص الذين يجعلونك تشعر أنك في أفضل حالاتك، وقلل من التفاعل مع هؤلاء الذين يثبطون معنوياتك (على الرغم من أن هؤلاء الأشخاص في بعض الأحيان هم ذاتهم الذين يحتاجون إلى لطفك وتعاطفك وخدماتك أكثر من غيرهم).
متى تكون إعادة تشكيل الوظائف غير كافية؟
لا تتواءم بعض الوظائف أو المؤسسات أو حتى القطاعات مع قيمك الأخلاقية الشخصية على نحو جيد. تتشكل شخصياتنا بفعل بيئتنا إلى حد كبير، وعلى الرغم من قوة إعادة تشكيل الوظائف، لا يزال السياق الذي نعمل فيه يعيق تطورنا الأخلاقي. لذلك، كن استباقياً بشأن العثور على الوظيفة المناسبة التي تتلاءم مع مبادئك الأخلاقية. وعند تقييم وظيفة ما، انتبه إلى رسالة المؤسسة، وتأكد من أنه يمكنك تبنّي قيمها. وافهم المعايير الثقافية للمؤسسة، لاسيما تلك المتعلقة بالأخلاقيات. وتحدث مع الموظفين الحاليين والسابقين واسألهم عن شكل تجاربهم اليومية في مناصبهم. واسألهم أيضاً عن التحديات الأخلاقية التي واجهوها، إن وجدت، وكيف ساعدتهم وظيفتهم أو مؤسستهم على النمو والتطور. ثم اسأل نفسك عما إذا كانت هذه هي أنواع الأشخاص الذين ترغب في العمل معهم، وما إذا كانوا يعكسون ما تصبو إلى الوصول إليه. باختصار، حاول العثور على وظيفة تتوافق مع قيمك الأخلاقية الشخصية وتسمح لك بإعادة تشكيل وظيفتك بطريقة تساعدك على تطوير شخصيتك من الناحية الأخلاقية.
سواء كنت تنظر إلى وظيفتك على أنها مجرد وسيلة للحصول على راتب أو خطوة إلى الأعلى في السلم الوظيفي أو حتى مهمة، فإننا نشجعك على التعامل مع وظيفتك باعتبارها أيضاً وسيلة لكي تصبح شخصاً أفضل، أو معملاً لتحسين شخصيتك. فالقيام بذلك لن يساعدك في أن تصبح مستقيماً أخلاقياً فحسب، ولكنه يمكن أن يساعد الآخرين أيضاً. تشير بحوث في مجال علم النفس حول السمو (المشاعر الأخلاقية التي نشعر بها عند مشاهدة التصرفات القويمة للآخرين والتي تجعلك ترغب في أن تصبح شخصاً أفضل) إلى أن الأخلاق يمكن أن تكون معدية. فإعادة تشكيل وظيفتك بطريقة تؤدي إلى انتهاج سلوكيات مثالية قد تسفر عن التقاط "عدوى أخلاقية" تفيد الآخرين في مؤسستك أيضاً. جهودك البسيطة في إعادة تشكيل وظيفتك يمكن أن يتردد صداها في مكان عملك بأكمله، مثل الحصاة الصغيرة التي تُلقى في بركة كبيرة محدثة موجات عديدة. حاول إعادة تشكيل وظيفتك لتجعل العالم مكاناً أفضل، بتحسين حياة واحدة في كل مرة بدءاً من حياتك.