لا تتفاعل مع شكاوى العملاء على “تويتر”

5 دقائق
الرد على شكاوى العملاء علانية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: ماذا تفعل إذا غرّد أحد العملاء على “تويتر” وكتب شيئاً سلبياً عن شركتك؟ لقد اتبعت شركات كثيرة استراتيجية التفاعل الاستباقي والعلني مع العملاء، وقد تبدو هذه فكرة جيدة بكل تأكيد. لكن على الرغم من مزايا إظهار اهتمام علامتك التجارية بعملائها، فإن الأبحاث الحديثة أثبتت أن الرد على شكاوى العملاء علانية قد يكون له تأثير سلبي كبير في واقع الأمر. فقد لاحظ الباحثون أن الشركات التي ردت علانية على التغريدات السلبية تراجعت أسعار أسهمها واهتزت الصورة الذهنية لعلامتها التجارية. ويرجع ذلك في الأساس إلى أن التفاعل مع هؤلاء العملاء غير الراضين يجذب مزيداً من الاهتمام لشكاواهم، ما يؤدي بدوره إلى تحويل صفحات العلامات التجارية على وسائل التواصل الاجتماعي إلى ساحة للسجالات السلبية التي تطغى على محتواها الأصلي (الأكثر إيجابية). ويرى مؤلفو هذه المقالة أن معالجة هذه المسألة تستوجب أن ترد الشركات على الشكاوى برسالة واحدة تحيل العملاء إلى قناة خاصة للتواصل، كما يجب عليها أيضاً أن تسعى للحد من ظهور هذه المحادثات من خلال تثبيت منشوراتها في أعلى منصاتها على وسائل التواصل الاجتماعي.

تزايدت على مدى السنوات العديدة الماضية ظاهرة باتت شائعة إلى حدٍّ كبير تتمثل في إقدام المستهلكين على مشاركة تجاربهم السلبية مع العلامات التجارية على وسائل التواصل الاجتماعي. فوفقاً لدراسة بعنوان “دراسة غضب المستهلكين الأميركيين لعام 2020” (2020 National Consumer Rage Study)، فإن عدد العملاء الذين يفضلون عرض شكاواهم عبر المنصات الرقمية بدلاً من الهاتف أو المقابلات الشخصية قد تضاعف ثلاث مرات في السنوات الثلاث الماضية، ويعتمد 48% من المستهلكين الأميركيين على وسائل التواصل الاجتماعي للتعرّف على تجارب الآخرين مع منتجات الشركة وخدماتها. يمثل هذا تحولاً كبيراً يقتضي التخلي عن الآليات التقليدية الأكثر خصوصية لعرض شكاوى العملاء، ما يخلق تحديات وفرصاً للعلامات التجارية التي تتطلع إلى التفاعل مع عملائها.

إشهار الشكاوى

وفي حين أن الفكر التقليدي في الكثير من الشركات يقتضي الاستجابة للشكاوى بسرعة وبشكل علني، فإن هذا النهج يتصف ببعض العيوب المحتملة والخطيرة في الوقت نفسه. فقد تُبرهن الردود العلنية على اهتمام المؤسسة بعملائها ومبادرتها بتلبية احتياجاتهم، ولكن هذه الاستجابات قد تلفت الانتباه أيضاً إلى تلك التجارب السلبية. وتتسبب الاستجابة لشكاوى العملاء على “تويتر” تحديداً في ظهور المنشور الأصلي لكل جمهور العلامة التجارية (أما إذا لم ترد العلامة التجارية، فلن يظهر المنشور إلا لمتابعي العميل فقط). كما قد يؤدي تزايد أعداد الشكاوى إلى تحويل صفحة الشركة إلى ساحة للشكوى والتذمر، ما قد يؤثر على ميول المستهلكين والمستثمرين تجاه العلامة التجارية (وهي ظاهرة نسميها ظاهرة إشهار الشكاوى).

فما أفضل طريقة يمكن أن تتعامل بها الشركات مع الشكاوى على وسائل التواصل الاجتماعي في ظل هذه الموازنات؟ لقد أجرينا تحليلاً موسعاً لأنشطة الشركات على “تويتر”، لاسيما الشركات المدرجة على مؤشر “إس آند بي 500” ولديها صفحات على “تويتر” من 2014 و2015 (بإجمالي 375 شركة)، ووجدنا أن الآثار السلبية لإشهار الشكاوى تفوق دائماً أي تأثير إيجابي منتظر من محاولات البرهنة على الاهتمام بالعملاء.

قسنا في دراستنا الأولى حجم تغريدات الشركة وتغريدات شكاوى العملاء وردود الشركة كل 3 أشهر، ثم قارنّا هذه الأرقام بالتغيرات في القيمة السوقية للشركة والجودة المتصورة (مقياس لسلوكيات المستهلكين تجاه العلامات التجارية استناداً إلى بيانات استطلاع الرأي الموسَّع). وحددنا بناءً على هذه البيانات نوعين من استراتيجيات وسائل التواصل الاجتماعي: الاستراتيجيات المفتوحة التي ترد فيها الشركات علانية على ما لا يقل عن 75% من الشكاوى، والاستراتيجيات المغلقة التي ترد فيها الشركات على 75% من الشكاوى على الأقل برسالة واحدة تحيل المشتكي إلى منتدى خاص.

وقد لاحظنا أنه كلما زادت ردود الشركة على الشكاوى، زادت احتمالات تراجع قيمتها السوقية وجودة علامتها التجارية المتصورة. ولاحظنا بالإضافة إلى ذلك أيضاً أنه عندما ترد الشركات على شكاوى العملاء على “تويتر” علانية، فإنها غالباً ما تطغى على تغريداتها الأخرى، ما يؤدي إلى انخفاض معدلات التفاعل مع تغريداتها غير المتعلقة بالشكاوى.

وعكفنا في دراستنا الثانية على بحث نشاط الشركات على وسائل التواصل الاجتماعي في أعقاب عمليات سحب المنتجات. هيأت لنا عمليات سحب المنتجات ظروفاً مناسبة وبيئة منضبطة تلائم اختباراتنا لأنها تتيح إمكانية توليد قدر كبير من ملاحظات العملاء السلبية غير المتوقعة، ما يسهل مقارنة الأثر الفوري لاستراتيجيات وسائل التواصل الاجتماعي باختلاف أشكالها. ومن خلال ضبط العوامل الأخرى، مثل جدية عملية سحب المنتجات والمركز المالي للشركة وتمييز العلامة التجارية، بحثنا مدى ارتباط هذه الاستراتيجيات المختلفة للاستجابة بالتغيرات قصيرة الأجل في أسعار أسهم الشركة أو التغيرات في حجم الشكاوى في المستقبل. ووجدنا أن الاستراتيجيات المغلقة ارتبطت بالثبات النسبي في أسعار الأسهم وقلة عدد الشكاوى المستقبلية، في حين أن الشركات التي اتبعت استراتيجيات مفتوحة قد تراجعت أسعار أسهمها بمعدلات أكبر وتعاملت مع عدد أكبر من شكاوى العملاء في الشهر التالي.

استراتيجية الاستجابة للشكاوى

من الواضح أن التفاعل علانية مع العملاء غير الراضين ليس الخطوة الصحيحة دائماً. ولا يتمثل البديل بطبيعة الحال في تجاهل الشكاوى، ولكننا ننصح بدلاً من ذلك بالسير على خطى أكثر الشركات نجاحاً في عينتنا التي ردّت على الشكاوى برسالة واحدة تدعو العميل إلى مواصلة المحادثة عبر قناة خاصة، أي أنها اتبعت استراتيجية الاستجابة المغلقة، على عكس الاستراتيجية المفتوحة التي تُغرق صفحة الشركة بسجالات مطولة مع كل صاحب شكوى.

تستخدم شركة “دلتا للطيران”، على سبيل المثال، استراتيجية الاستجابة المفتوحة التي ترد فيها باستمرار على شكاوى العملاء على “تويتر” برسائل علنية متعددة. وتلتزم العلامة التجارية بالتفاعل علانية مع العملاء لدرجة أنها أغلقت حسابها المخصص لخدمة العملاء على “تويتر” (@DeltaAssist)، وباتت ترد الآن على شكاوى خدمة العملاء مباشرة من حساب الشركة الأساسي (@Delta). وفي حين أن تركيز “دلتا” على تزويد العملاء بتجربة سلسة وشفافة أمر مثير للإعجاب، فإن تحليلنا يشير إلى أن هذه الاستراتيجية يمكن أن تزيد احتمالات تعرض الجمهور لتفاعلات العملاء السلبية بشكل كبير، وبالتالي فقد يكون لها تأثير سلبي كبير على سعر أسهم الشركة والصورة الذهنية لعلامتها التجارية.

تستخدم “ماكدونالدز” من ناحية أخرى استراتيجية الاستجابة المغلقة في أغلب الأحيان، حيث ترد الشركة علانية على أي تغريدة سلبية تضع وسم حسابها (@McDonalds) أو تتضمن كلمة “ماكدونالدز” (McDonald’s) مع رابط استقصاء، ما يؤدي إلى إنهاء السجال على “تويتر” ويسمح للشركة بالرد عبر قناة خاصة. ونتيجة لذلك فإن الشكاوى تعجز عن الهيمنة على حضور الشركة على “تويتر”.

وغنيٌّ عن البيان أن استراتيجية الاستجابة للشكاوى هي مجرد أداة واحدة من بين عدة أدوات يمكن لخبراء التسويق استعمالها عند محاولة الموازنة بين الانتباه إلى العملاء غير الراضين من ناحية والحيلولة دون إشهار الشكاوى بهذه الصورة المضرِّة من ناحية أخرى. فعلى سبيل المثال، يقدم الكثير من منصات وسائل التواصل الاجتماعي ميزات يمكن أن تقلل من ظهور الشكاوى، سواء كانت العلامة التجارية تتفاعل معها أم لا. إذ يمكن للشركات “تثبيت” المنشورات في الجزء العلوي من صفحتها على كلٍّ من “فيسبوك” و”تويتر”، ما يضمن إبراز عرض محتواها دائماً (بدلاً من إبراز الشكاوى والردود عليها).

علاوة على ذلك، فمن المهم دائماً مراعاة تباين السياقات في كلٍّ من منصات وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى استراتيجيات التفاعل مع العملاء المتبعة في كل شركة والتي تتواءم مع سياق الأعمال في كل علامة تجارية. ولكن نتائجنا تشير بشكل عام إلى أن أفضل الممارسات المقبولة لتقديم ردود علنية ومفصلة في الوقت المناسب قد يكون لها بعض الانعكاسات السلبية الخطيرة، خاصة على منصات وسائل التواصل الاجتماعي لأن خوارزميات المحتوى تعزز على الأرجح إبراز الشكاوى بشكل موسَّع إذا ردت عليها العلامات التجارية. يحب العملاء التعبير عن شكاواهم على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن التفاعل على هذه المنصات العامة يمكن أن يؤول إلى تضخيم هذه الأصوات أكثر مما يجب وتشجيع غيرهم من العملاء غير الراضين على ركوب الموجة، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تراجع قيمة العلامة التجارية في نظر كلٍّ من العملاء والمستثمرين.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .