نعتقد أن الولايات المتحدة الأميركية هي أكثر دول العالم التي يمكن للموظف فيها ممارسة الترويج الذاتي، وإن كان من الصعب إثبات ذلك بطريقة علمية بحتة. لكن هذا الأمر لا ينفي أن هناك تفاوتاً بين المدن والمناطق والقطاعات والصناعات ولاسيما بين فرد وآخر. إلا أنه وبصورة إجمالية، غالباً ما يشعر الموظفون المختصون في أميركا بارتياح كبير في الترويج لأنفسهم، وهذا السلوك يحظى بتشجيع كبير كعلامة على الكفاءة والثقة بالنفس.
وهذا الأمر لا يصح ببساطة في معظم الدول والثقافات الأخرى، سواء في شرق آسيا أو أميركا اللاتينية وفي معظم أنحاء أوروبا. حتى في المملكة المتحدة التي تنطق بذات اللغة، فقد أظهرت الأبحاث أن الترويج الذاتي النشط على الطريقة الأميركية هو نوع من المحرمات في تلك البلاد.
ويكمن التحدي في أن معظم المختصين الشباب يبذلون جهوداً حثيثة للعثور على عمل وارتقاء السلم الوظيفي في المؤسسة ضمن الولايات المتحدة. ومن أجل القيام بذلك، هم بحاجة إلى أن يتعلموا كيفية الترويج لأنفسهم.
وبالتالي، فإن السؤال المطروح هنا، هو: كيف يمكن للمختصين الشباب المولودين خارج أميركا تعلم كيفية التصرف خارج الأطر الشخصية والثقافية التي اعتادوا عليها من أجل الترويج لأنفسهم وإنجازاتهم؟
أولاً، من المهم أن تعيد تأطير وصياغة مفهومك لتسويق شخصيتك. فإذا كنت تعتقد بأن ذلك ضرب من التبجح والاحتيال، فإنك لن ترغب حتى في المحاولة، ما يعني أنك تخسر الكثير من المكاسب المهنية الناجمة عن اعتراف الآخرين بك وانتباههم لك. عوضاً عن ذلك، ركز على الصورة الكبرى – مثل إحداث فرق في شركتك ومساعدتها على التطور، وعلى الأغلب فإنك في هذه الحالة ستبذل جهوداً صادقة.
بعد ذلك، تأكد من فهمك للمستوى الفعلي للتسويق الذاتي الذي يعتبر مقبولاً ومعقولاً بحسب الحالة الخاصة التي تجد نفسك فيها. وبما أن العديد من المختصين غير الأميركيين يشعرون بصدمة كبيرة تجاه مستويات الترويج الذاتي الأميركية، فإنهم غالباً ما يُبالغون في تقدير حجم الجهد المبذول. وتكمن الخطورة في أنهم عندما ينخرطون في العملية ويحاولون القيام بذلك بأنفسهم، فإنهم يبالغون في تقدير التعويضات التي يجب أن يحصلوا عليها. والشيء الذي يفوتهم في هذه الحالة هو أن هناك مساحة لما هو مقبول ومناسب من تسويق الذات، حتى في الثقافة الأميركية، وأنهم عندما يخرجون من هذه المساحة، فإنه سيُنظر إليهم على أنهم مغرورون ومتبجحون.
ومن المهم أيضاً أن تعرف ما الذي يُعتبر مريحاً لك شخصياً فيما يخص هذه القواعد. على سبيل المثال، من المهم معرفة حجم الفجوة الموجودة بين الطريقة التي ستتصرف بها بصورة طبيعية ومريحة خلال وضع معين وبين الطريقة التي يجب أن تتصرف من أجل أن تكون فعالاً. وإذا وجدت أن هناك فجوة، (وهذه الفجوة واجهناها أيضاً مع غير الأميركيين الذين نعمل معهم)، فإنك ستكون بحاجة إلى تطوير استراتيجية لجسر هذه الهوة. وربما قد تكون بحاجة إلى تطوير مجموعة من القواعد الشخصية الأساسية التي ستتبعها في بعض الحالات. على سبيل المثال، إذا التقيت شخصاً في اجتماع للتعارف والتشبيك مع الآخرين، وسألك كيف تقضي وقتك، فمن الضروري أن تذكر انخراطك في جمعية الخريجين الجامعيين، وهذا أمر يدل على الفور أنك شخص احترافي نشيط وفعال، كما أن ذلك يسلط الضوء على ارتباطك بإحدى الجامعات أو الكليات الكبرى
أخيراً، حاول العثور على شخص يقدم لك الإرشاد والتوجيه بخصوص الثقافة المحلية ويكون على دراية بالطريقة التي تسير بها الدعاية الذاتية في الولايات المتحدة، وسيكون الوضع مثالياً لو أن هذا المرشد كان قادراً على التعاطف مع التحديات التي تواجهها كشخص غريب ضمن هذه الثقافة. فالمرشدون القادرون على فهم الاختلافات الثقافية يساوون وزنهم ذهباً.