طردت سارة، المديرة التنفيذية لشركة برمجيات، مؤخراً أحد الموظفين. وبلمح البصر بدأت الإشاعات تنتشر في المكتب حول من وكيف ولماذا حدث هذا الطرد مثل انتشار النار في الهشيم.
كانت جميع التكهنات حول سبب الطرد عارية عن الصحة. لكن فريقها بدأ يتأثر بالثرثرة مع انتشار إشاعة مفادها أن مزيداً من الموظفين سيطردون قريباً، وهو أيضاً خبر غير صحيح إطلاقاً.
كيف بلغت الإشاعات هذا الحد؟ ولماذا حدثت هذه الثرثرة أساساً؟ وما الذي يمكن عمله لإيقافها؟
يمكن اعتبار حتى 90% من المحادثات تبادلاً للإشاعات. هذا يعني أنه من شبه المؤكد أن تكون أنت نفسك مُطلِقاً للإشاعات أو معززاً أو مستمعاً لها كثيراً ودون أن يردعك شيء. ليست الهمسات في الكافتيريا أو الرواق المساهم الوحيد في المشكلة حيث يمكن تصنيف حوالي 15% من كل البريد الإلكتروني للعمل على أنه ثرثرة.
ليست كل الإشاعات مضرة بالمؤسسة، لكن تلك الأنواع التي تسمم العلاقات وتنال من السمعة وتلوث التعاون هي التي تحتاج منك اتخاذ إجراءات ضدها. حتى تنجح في حربك، من المهم أن تعود إلى الأساسيات وتفهم ماهية الإشاعات فعلاً: إنها محادثات عابرة أو غير مقيدة تحدث في غياب طرف ثالث، حول المعلومات أو الأحداث التي لا يمكن تأكيدها.
عدم اليقين إذاً يولد الإشاعات. فنحن عندما نكون غير متأكدين من شيء ما نميل لوضع فرضيات حوله. لماذا؟ لأن عدم اليقين يخلق فجوة في المعرفة يجب ملؤها بمعلومات حقيقية أو في الكثير من الأحيان، مُختلَقة. وعلى هذا الأساس يكون الترياق بالطبع هو التواصل العلني والصادق مع الموظفين. إليك هنا بعض الاستراتيجيات التي يمكنك تجربتها:
أعطهم المعلومات الموثوقة
يمكن أن يتحول تغيير كبير في الشركة -مثل إقالة مدير تنفيذي كبير أو إغلاق أحد مكاتب الشركة- إلى لغمٍ يفجّر التكهنات إذا لم يتم إخبار الموظفين عن هذا التغيير بصراحة. ولأن عدم اليقين يخلق فجوة في المعرفة، يجب الإسراع لملء هذه الفجوة بالحقائق قبل أن تتحول الشكوك إلى "حقائق". لذلك، كلما أسرعت في كشف المستور، مهما كان مؤلماً، قل احتمال تسلل الخوف إلى نفوس الأفراد.
على سبيل المثال، قبل السعي للاستحواذ على شركة أخرى، جمعت سلمى، المديرة التنفيذية لشركة متوسطة الحجم للمواد الغذائية المعلبة، فريقها وأفصحت عن مالية الشركة بتفصيل كبير. بعدها بعملية فصّلت عملية الاستحواذ مرفقة بجدول زمني محدد. في الأسابيع التالية، وبدل انتشار ثرثرة صاخبة معطلة للإنتاج عبر مستويات الشركة، وجدت سلمى أن فريقها أصبح أكثر تلاحماً، واحتشدوا معاً لنقل الشركة إلى بر الأمان في فترة من التحولات والتحديات.
احصل على الأخبار من الموظفين
سمر، رئيسة شؤون العمليات في شركة برمجيات عالمية، اتخذت قراراً بإنهاء خدمات كامل فريق المبيعات خلال سنة. كانت تدرك تماماً أن هذه الخطوة لا بد ستصيب الكثيرين في الشركة بالجنون. لتخفف من وطأة الأمر، دأبت سمر على توجيه مجموعة من الأسئلة بانتظام للاستفسار عن قبل وفي أثناء وبعد عملية التسريح. أرادت معرفة:
• كيف شعر الأفراد حيال قرارها؟
•هل هناك شيء يمكن أن تفعله مديرة العمليات بطريقة مختلفة لجعل الانتقال أكثر سلاسة؟
• كيف تعامَل فريق القيادة مع العواقب؟
• هل من أمور أراد الأفراد معرفتها عن الوضع ولم تتوفر لهم؟
بتوجيه هذه الأسئلة مبكراً وبانتظام، أرسلت سمر إلى موظفيها رسالة بأنها تقدِّر رأيهم وتشجعهم على المشاركة في العملية. بالنتيجة، سحقت فرص تطور الأمر إلى شعور سلبي قد يتفشى في أرجاء الشركة حتى في خضّم ذلك الوقت العصيب.
أبقِ عامل الثقة مثل الثوب الأبيض
يمكن للإشاعات تدمير تلاحم الفريق، تماماً مثل بقعة وحل على رداء أبيض. عندما تلطَّخ الثقة، يمكن للضغينة والعداوة والدسائس أن تحول ثقافة من التعاون إلى مستنقع من العجز. أن تحافظ على "البياض" يعني أن تكون متيقظاً للتشهير بالسمعة – وكلما زادت معرفتك بالشخص، قل احتمال أن تغتابه. لذا شجع موظفيك على التعرف على بعضهم البعض بصفتهم أشخاصاً، لا زملاء في العمل فحسب.
يمكنك تحفيز التواصل في مكان العمل من خلال:
• رعاية فعاليات الشركة ورحلاتها.
• كسر الجليد بين الموظفين بطريقة فعالة في بداية كل اجتماع.
• استضافة غداء مع موظف جديد كل أسبوع.
كن قدوة
ينظر الموظفون إلى مدرائهم على أنهم قدوة وسفراء لقيم الشركة. لكن الإصرار على العمل بناءً على الاحترام المتبادل والأخلاق العالية شيء، وإظهاره شيء آخر تماماً. يجب أن ترادف الأخلاقيات والتعاطف السلوك. إذا جعلت من الاستقامة نموذجاً في كل ما تفعله وما تقوله، فإن الموظفين سوف يفعلون الشيء نفسه على الأرجح. لذا أعلن باستمرار عن توقعاتك من خلال السياسات المكتوبة والتعاملات الشفهية والأفعال الهادفة.
أضف لهذا أنه يمكن منع الإشاعات من خلال التمسك بالحقائق- ما تأكد حدوثه أو فعله أو قوله- وبأن تكون واضحاً. إن أكثرَ أحدهم من الثرثرة في أذنك فأخبره أنك لا ترغب في الحديث، ثم استأذن وغادر إذا أصرّ على الكلام.
لطالما قوَّضت الإشاعات العلاقات منذ بداية الزمان. بإمكانك إضعاف تأثيرها من خلال منع تشكل فجوات في المعرفة، والدعوة إلى مشاركة الآراء، والتشجيع على علاقات تتجاوز اعتبارات الزمالة، وخلق قدوة في العمل على أساس الاحترام المتبادل.