متى تمنح مرشحاً غير مثالي فرصة شغل منصب شاغر؟

10 دقائق
عملية تقييم المرشحين
ميراج سي/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: من المهم أن تدرك عندما تبدأ عملية تقييم المرشحين لمنصب ما أنك لن تجد المرشح المثالي للوظيفة أبداً، فذلك الشخص غير موجود. من جهة أخرى، قد يتسبب تعيين شخص غير ملائم بإلحاق كثير من الخسائر بالمؤسسة؛ لذلك استخدم البيانات لتفهم المتطلبات الأساسية للمنصب. ثم قيّم بعد ذلك قدرة المرشح على التعلم وراقب مؤشرات أدائه، مثل حب الاستطلاع والثقة والدافعية. والتمس آراء الزملاء طوال عملية التقييم، وتواصل مع الجهات المرجعية لتقييم مستوى النضج العاطفي لدى المرشح. والأهم من ذلك، يجب ألا تساوم على العيوب الشخصية، مثل الكذب وسوء المعاملة.

قد نحصل بعد نشر الأوصاف الوظيفية ودعوات تقديم الطلبات في بعض الأحيان على الكثير من الملفات التعريفية لمرشحين لا يتصفون بالمثالية. كيف تقيّم شخصاً تعرف أنه ليس ملائماً تماماً للمنصب؟ وكيف يمكنك تصنيف السمات التي يتمتع بها إلى سمات محمودة وسمات مذمومة؟ وفي أي مرحلة يمكنك أن تتحلى بالثقة وتبدأ رحلة المجازفة؟

ما الذي يقوله الخبراء؟

من المهم الإدراك أولاً أنك لن تجد المرشح المثالي للمنصب الشاغر أبداً، “فالمرشح المثالي غير موجود”، بحسب ما أفاد كلاوديو فيرنانديز أراوز، كبير الاستشاريين في الشركة العالمية للبحوث التنفيذية “إيجون زيندر” (Egon Zehnder) ومؤلف كتاب “لا يتعلق الأمر بكيف وماذا ومَن” (It’s Not the How or the What but the Who). “وحتى لو كان المرشح المثالي موجوداً بالفعل، سيبقى قرار قبوله تلك الوظيفة مجهولاً. وفي ذلك الصدد، يتمتع كل مرشح تقيّمه بنقاط ضعف مختلفة عن نقاط ضعف الآخرين. وكما يقول جون سوليفان، الأستاذ الجامعي في الإدارة في جامعة “سان فرانسيسكو ستيت” ومؤلف كتاب “1,000 طريقة لتوظيف أفضل المواهب”، (1000 Ways to Recruit Top Talent): “لا يجب أن تصف المرشح بأنه غير كفؤ، بل كل ما في الأمر هو أن مؤهلاته لا تتوافق مع مواصفات مرشح أحلامك”. من جهة أخرى، ليس كل المرشحين الذين يفتقرون إلى الكمال متساوين، “وقد يُسفر الاختيار غير الموفق لمرشح ما عن إلحاق الكثير من الخسائر بالمؤسسة”. وإليكم بعض النصائح حول كيفية تحديد هوية المرشحين الذين يمكنك العمل معهم، حتى لو لم يستوفوا جميع المتطلبات.

استند إلى البيانات

عندما تضع إدارة الموارد البشرية الملف التعريفي للمرشح المثالي للمنصب الشاغر، تكون النتيجة غالباً “مزيجاً من سوبرمان وباتمان وسبايدر مان”، كما يقول فيرنانديز آروز. ونظراً لندرة الأبطال الخارقين في سوق العمل، يوصي سوليفان بأن تكون أكثر موضوعية وأن تستند إلى البيانات عند تحديد السمات التي ترغب في أن تجدها في المرشح. “راقب الموظفين العشرة الذين يؤدون تلك الوظيفة بالفعل. ثم اسأل نفسك: ما هي القواسم المشتركة بين الموظفين الثلاثة الذين حققوا أفضل أداء؟ وما هي الخصائص التي يشتركون فيها؟” وستقدم لك تلك الإجابات رؤية ثاقبة حول المتطلبات الأساسية للمنصب. ويقول سوليفان: “تلك هي الخصائص المطلوبة للنجاح في الوظيفة والتي يجب عليك تقييم المرشحين بناءً عليها”.

إذا كان المرشح يفتقر إلى أحد المؤهلات التي تراها ضرورية، فذلك مؤشر على احتمال فشله في أداء تلك المهمة. وينطوي الهدف من تلك الخطوة على مساعدتك في التمييز بين نقاط الضعف الفادحة وبين المفاهيم التي ابتدعتها إدارة الموارد البشرية. على سبيل المثال، يقول سوليفان إنه لا يجب أن ترفض تلقائياً “شخصاً ما عمل في أكثر من وظيفة، أو شخصاً كان خارج قوة العمل مدة عامين، أو شخصاً ليس لديه لقب وظيفي معين أو لا يمتلك أي شهادة، وتذكر أن أفضل مصممي الويب في العالم لا يمتلكون شهادة في تصميم المواقع الإلكترونية”.

قيّم قدرة المرشح على التعلم

وفقاً لفيرنانديز آروز، قد يكون التغلب على نقاط الضعف الفادحة تلك ممكناً. ويقول: “يميل مدراء التعيين إلى تقييم مستوى المعرفة والمهارات لدى المرشح، لكن لتلك الخطوة العديد من القيود، ذلك لأنه من السهل اكتساب المعرفة وتطوير المهارات؛ وبالتالي، إذا كان المرشح الواعد يفتقر إلى مهارة معينة، فلا يوجد داع لرفض طلبه. ويقول: “تريد شخصاً يمتلك القدرة على مواصلة النمو والتعلم. ويضيف سوليفان بأن الماضي هو خير من ينبئ عن الحاضر، وبما أن القدرة على تعلم بعض المهارات هو أمر ممكن، حاول تذكر ما إذا كان أي شخص آخر في المؤسسة قد تعلم تلك المهارة المحددة في العمل وأداها على نحو جيد. من المفيد أيضاً أن نطلب من المرشحين وصف الخطوات التي يتخذونها لتعلم شيء جديد. ويقول سوليفان: “حاول معرفة ما إذا كان لديهم شبكة معارف تساعدهم في التعلم”. من جهة أخرى، ستكون عدم القدرة على التعلم، أو الأسوأ من ذلك، عدم الاهتمام بالتعلم، نقطة ضعف فادحة قد يصعب معالجتها.

قيّم إمكانات المرشح

عندما تنطوي نقطة الضعف مثار الحديث عن امتلاك الموظف خبرة في مجال عمل مختلف، فيجب أن يركز تقييمك على ما إذا كان المرشح يمتلك “السمات المميزة ومؤشرات الأداء، كما يقول فيرنانديز آروز. وقد تشتمل تلك المؤشرات على سمات مثل حب الاستطلاع والاندماج والعزيمة والثقة والدافعية. ويوصي بإجراء مقابلات منظمة تسأل فيها كل مرشح نفس المجموعة من الأسئلة المحددة. و”يجب عليك بالطبع أن تطرح الأسئلة المناسبة وأن تتوصل إلى الاستنتاجات الصحيحة” لئلا يجري خداعك، “فحتى المريض النفسي قد يكون جذاباً للغاية في بعض الأحيان”، بحسب ما أضاف.

لنفترض على سبيل المثال أنك تحاول تقييم التوجه الاستراتيجي للمرشح، “يجب عليك حينها أن تقيّم المؤشرات السلوكية التي تدل على أن هذا المرشح يتمتع بحب الاستطلاع”. ويقترح فيرنانديز آروز أن تطرح أسئلة مثل: “حدثني عن موقف سعيت فيه إلى الحصول على ملاحظات بشكل استباقي. ماذا فعلت بعد أن حصلت على النتائج؟ وعلام انطوت العواقب؟” وستشير استجابة مرشحك إلى ما إذا كان تجاوز نقطة الضعف أمراً ممكناً.

التمس رأياً ثانياً (وثالثاً)

حذار مع ذلك أن تعتبر تلك الآراء حقيقة مطلقة، بل من الحكمة أن تتحرى عن صحة ما يخبرك به المرشح، حتى إن كانت لديه نقاط ضعف، كما يقول سوليفان. ويضيف: “لقد تغير العالم، ويعرف المرشحون اليوم بالفعل الأسئلة التي ستطرحها بفضل منصة “غلاس دور”، وهم يعرفون الإجابات حتى”. ويُعتبر ذلك التطور نعمة لجميع المتقدمين، لكنه يشكّل تحد بالنسبة لمدراء التعيين. وبالتالي، يجب عليك أن تلتزم الصرامة؛ ويوصي سوليفان حتى بتسجيل مقابلاتك الشخصية وإعادة مشاهدتها للتحقق من صحة انطباعاتك. ويضيف: “التمس آراء أخرى من مدراء خارجيين”. ويؤيد سوليفان أيضاً إجراء مقابلات الأقران، إذ سيتمكن الزملاء الذين سيعملون مع المرشح من تمييز مدى ضعف أدائه، “وأفضل من يصدر الأحكام في الواقع هم أولئك الذين يؤدون تلك المهمة بالفعل، فهم الذين يفهمون ماهية الوظيفة بشكل أفضل من المدراء، ويمكنهم التنبؤ باحتمالات النجاح”.

اعتمد أدوات تقييم متعددة

لا تُعتبر المقابلات الشخصية بحد ذاتها كافية لتقييم مرشح عادي، لاسيما إذا كان ذلك المرشح يمتلك نقاط ضعف. ويوصي سوليفان باعتماد ما يسمى “اختبارات السبورة البيضاء” لتحديد ما إذا كانت نقاط ضعفهم ستعيقهم عن أداء عملهم أم لا.

وتهدف تلك الاختبارات التي تحظى بشعبية في وادي السيليكون إلى تقييم مهارات المهندس في حل المشكلات، حيث يُعطى المرشحين مشكلة أو مهمة وسبورة بيضاء، ويجري منحهم وقتاً للتفكير والتوصل إلى حلول. ويقول سوليفان: ينطوي الهدف على “إعطاء المرشحين مشكلة حقيقية يجب عليهم حلها في يومهم الأول”. ويمكن تطبيق تلك الاختبارات في قطاعات وأقسام أخرى. وبشكل عام، ستعرف أنت بصفتك مدير التوظيف، “أن أجزاءً معينة من الحل غير قابلة للتفاوض”. على سبيل المثال، يضيف سوليفان أنه إذا طلبت من مندوبي المبيعات المرتقبين كتابة نهج العمل الذي يتبعونه لكنهم نسوا إدراج مهمة استطلاع آراء زبائنهم، فذلك إشارة على أنهم لن ينجحوا في العمل لديك.

قيّم مهارات الذكاء العاطفي

يقول سوليفان: يجب ألا ينطوي تقييمك على النظر فيما إذا كنت “ترغب في احتساء فنجان من القهوة مع مرشحك” أو ما إذا كان “شخصاً لطيفاً ونشيطاً”. في الواقع، تُعتبر تلك التقييمات “عيوباً” جلية مصدرها التحيز عملية التعيين. ومع ذلك، من المهم أن تقيّم مهارات مرشحك في التعامل مع الآخرين. وكما يقول فيرنانديز آروز: “يجري توظيف المرشحين بناءً على إنجازاتهم الأكاديمية وخبراتهم، ولكن يجري فصلهم من العمل أيضاً لنقص مستوى الذكاء العاطفي لديهم”.

يُبدي كل مرشح مرغوب فيه درجة معينة من الوعي الذاتي، ولكن هذه السمة مهمة بشكل خاص بالنسبة للمرشحين الذين لم يرقوا إلى مستوى التوقعات. ويضيف فيرنانديز آروز: يجب عليهم أن يكونوا على دراية بالأمور التي يجهلونها وأن يتمتعوا بمهارات جيدة في إدارة العلاقات وأن يمتلكوا الوعي الاجتماعي لتوطيد علاقاتهم مع زملائهم حتى يتمكنوا من تعلم ما يحتاجون إليه. كما يوصي بالتواصل مع الجهات المرجعية لمحاولة فهم المرشح بشكل أفضل، إذ سيساعدك التحدث مع المدراء والزملاء السابقين لمرشحك في التأكد مما إذا كان هذا الشخص يتمتع بمهارات التعامل مع الأشخاص أو بالقدرة على التكيف للنجاح في مؤسستك.

لا تساوم على الشخصية

وفقاً لفيرنانديز آروز، من المهم أن تقيّم أيضاً ما إذا كانت نقطة الضعف أو العيب في الشخصية مشكلة ذات صلة بالمنصب الشاغر. قد ترغب في بعض الوظائف تعيين مرشح يُبدي قدراً من التفاؤل، “وذلك ينطبق على وظائف المبيعات بشكل خاص”. ومع ذلك، إذا كان المنصب الذي تسعى إلى ملئه هو منصب مراقب، فسيكون التفاؤل حينئذ مشكلة. “بل سترغب في تلك الحالة تعيين شخص متشائم يقضي لياليه بلا نوم وهو يفكر” في احتمالات الفشل.

ومع ذلك، يوجد استثناء واحد لتلك القاعدة: ألا وهو عيوب الشخصية. “من حيث المبدأ، يجب ألا تساوم على ذلك، فإذا كان ذلك الشخص يكذب باستمرار، أو يسيء معاملة الآخرين، أو يمارس عادات عمل غير لائقة”، فليس من المرجح أن يتغير. ويضيف أن شبح تلك السلوكيات سيبقى يطاردك.

لا تستسلم لضغط توظيف مرشح يمتلك نقطة ضعف

تُعتبر مهمة اتخاذ قرار بشأن توظيف مرشح يفتقر إلى الخبرة ذات الصلة في قطاعك، أو يمتلك خبرة غير تقليدية، أو بعض نقاط الضعف الفادحة مهمة صعبة. ويقول فيرنانديز آروز: “نحن نعيش في عالم مجهول وغامض ومعقد؛ ولا تعرف ما ستبدو عليه الوظيفة التي تحاول ملأها في غضون بضع سنوات”، فضلاً عن كيفية تكيّف مرشحك مع تلك التغييرات. ويضيف أنه عندما يكون لديك قائمة من المرشحين الذين يمتلكون نقاط ضعف مختلفة، فإن أفضل ما يمكنك القيام به هو “تحديد هوية المرشح الذي تكون قدراته هي الأقرب إلى المستوى المطلوب للوظيفة والأكثر احتمالاً للنجاح في ذلك المنصب عند تلقيه النوع المناسب من الدعم”. لكن حذار أن تكون متهوراً أو سريعاً جداً في الاستسلام للضغط الذي يفرضه عليك مديرك لملء المنصب بسرعة، كما يقول سوليفان، بل يجب عليك أن تدرس مزايا ترك المنصب شاغراً مقارنة “بتعيين شخص غير كفؤ”، ولاسيما بالنسبة لمنصب مهم وينطوي على مخاطر عالية. ببساطة، لا توظف شخصاً “جيداً” لوظيفة تحظى بأولوية عالية. ويقول سوليفان: “الأمر مماثل لعملية إدارة المخاطر”.

المبادئ التي يجب عليك تذكرها

ما ينبغي لك فعله:

  • كن موضوعياً واستند إلى البيانات عند كتابة الوصف الوظيفي من خلال تحديد أهم 3 ميزات أو مهارات تبحث عنها؛ وتجاهل نقاط الضعف الظاهرية مثل تغيير الوظائف.
  • ركز على قدرة مقدم الطلب على النمو والتعلم؛ وتذكر أن المعرفة والمهارات هي أمور يمكن اكتسابها بسهولة.
  • التمس آراء الآخرين حول ما إذا كان من الممكن التغاضي عن نقطة ضعف المرشح، ويتمتع الأقران تحديداً بالقدرة على تحري تلك المعلومات.

ما ينبغي لك تجنبه:

  • لا تتجاهل عيوب الشخصية، فإذا كذب المرشح، أو أساء المعاملة أو كان يمارس عادات عمل غير لائقة، فمن غير المرجح أن يتغير طبعه.
  • لا تتجاهل أهمية الوعي الذاتي والذكاء العاطفي، فهما سمتان مهمتان بشكل خاص للمرشحين الذين لا تتطابق قدراتهم مع الوصف الوظيفي تماماً.
  • لا تستسلم لضغط توظيف شخص “جيد” لمنصب مهم، فتكلفة تعيين الشخص الخطأ باهظة جداً.

نصائح من واقع الممارسات العملية

دراسة حالة رقم 1: حدد السمات التي تريدها حقاً في المرشح وقيّم مدى اهتمامه بالتعلم

يقول بيتر ميلر، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبتينوز” (Optinose)، وهي شركة متخصصة في إعداد المستحضرات الدوائية، إن المرشحين غير الملائمين هم القاعدة وليسوا الاستثناء، ويضيف: “جميعنا نبرع في أداء مهام معينة ونفشل في غيرها. وبالتالي، لن يطرق المرشح المثالي بابك ولو حتى بعد سنوات من التطوير، ولن تحظى أبداً بموظف مثالي ومتميز”.

شارك بيتر في وقت سابق من حياته المهنية في تأسيس مؤسسة “تيك كير هيلث” (Take Care Health) وهي شركة تدير عيادات ومراكز الرعاية الصحية في أماكن العمل، وكان بحاجة إلى تعيين رئيس تنفيذي للممرضين لإدارة مؤسسة التمريض. وقبل أن يقوم هو وشريكه في العمل، هال روزنبلوث، بمراجعة قائمة المرشحين، اتفقا على مجموعة من السمات غير القابلة للتفاوض حول هوية المرشح الناجح.

“وقلنا: ما هي المهمة الصعبة التي نحاول تعيين شخص لها؟ وأدركنا أننا بحاجة إلى شخص يمكنه إلهام الممرضين الممارسين الآخرين في الفريق وتحفيزهم وشخص قادر على صب جلّ تركيزه على المرضى”.

يقول بيتر إن الإعلان الوظيفي حظي بكثير من الاهتمام، ويتذكر قائلاً: “تلقينا الكثير من الطلبات من رؤساء مؤسسات التمريض ومن ممرضين وممرضات كانوا يديرون أقساماً كبيرة في المستشفيات”.

لكنه انجذب بدلاً من ذلك إلى سيرة ذاتية غير تقليدية قدّمتها نور الرشيد. كانت نور رائدة سابقة في القوات الجوية، وكانت ممرضة في عيادة عائلية. ويقول: “كانت تتمتّع بخبرة في القيادة، ولكن ليس في بيئة التمريض، ولم يكن لديها أي خبرة في عالم الأعمال”.

وعلى الرغم من نقاط الضعف تلك، منحها بيتر وهال فرصة إجراء المقابلة الشخصية. “وضعتُ الوصف الوظيفي أمامها، وقلت: “ما هي المسؤوليات التي ستبرعين فيها والمهام التي ستواجهين صعوبة في أدائها”.

ناقشت نور خبرتها الطبية وقدراتها على رعاية المرضى. وكانت منفتحة وصادقة أيضاً بشأن عيوبها وافتقارها إلى الفطنة التجارية. ويقول بيتر: “تحدثت نور عن الخطوات التي ستتخذها لتتعلم وتنمي مهاراتها والأسلوب الذي ستتبعه لطلب المساعدة. وكان من الواضح أنها تتمتع بحب الاستطلاع والشغف والقيادة ولديها قابلية للتعلم”.

ويقول بيتر إن مساعدته في ذلك الوقت، سميرة الحيّان، التي تشغل اليوم منصب الرئيسة التنفيذية للمسؤولين الإداريين في شركة “أوبتينوز”، قدمت أيضاً رأياً إيجابياً حول نور. ويقول: “قد يخدعك المرشحون أحياناً لمحاولة الحصول على الوظيفة، لكنني أهتم دائماً بمعرفة كيفية تفاعلهم مع سميرة ومعرفة انطباعاتها عنهم. ولا أوظف أي شخص ما لم تعطه سميرة ختم الموافقة”.

حصلت نور على الوظيفة وكانت “نجمة في القطاع”، كما يقول بيتر.

دراسة حالة رقم 2: قيّم المهارات الاجتماعية بطرق متعددة وابحث عن علامات الوعي الذاتي

قبل بضع سنوات، كان فيل جونز، الرئيس التنفيذي لشركة برمجيات صغيرة بحاجة إلى تعيين رئيس للمبيعات. كان يعلم أن العثور على المرشح المثالي سيكون مستحيلاً من الناحية العملية. ويقول فيل: “يوجد فئتان كبيرتان من قادة المبيعات، “فئة يكون اهتمام قادتها منصباً على العمليات ويحبون التعامل مع البيانات. وفئة يتّصف قادتها بالطموح ويبرعون في حث الموظفين على العمل. ونادراً ما يمكنك أن تجد شخصاً يتمتع بكل تلك السمات”.

حدّد فيل مرشحاً قوياً، ألا وهو “أحمد”، الذي يندرج ضمن الفئة الأولى. واستناداً إلى سجل إنجازات أحمد القوي ونقاط قوته التي أفصح عنها في المقابلات الأولية، كان فيل واثقاً من أنه سيكون قادراً على تحسين كفاءة عمليات المبيعات. ومع ذلك، كان يفتقر إلى مهارات التعامل مع الأشخاص. لم يكن فيل متأكداً من قدرة أحمد على إثارة حماس الموظفين وتشجيع أعضاء فريق المبيعات على بذل قصارى جهدهم.

ولتحديد ما إذا كانت نقطة ضعف أحمد فادحة، سأله فيل وفريقه التنفيذي عدة أسئلة في مقابلة منظمة ومصممة لتقييم معدل ذكائه العاطفي. “سألناه عن أمور مثل: “حدثني عن وقت كنت تدير فيه موظفاً متميز الأداء لكنه كان يسبب ضغطاً على الفريق”، و”أخبرني عن وقت اضطررت فيه إلى إجراء محادثة صعبة مع موظف فشل في الوصول إلى هدف المبيعات المنشود”. أردتُ أن أفهم كيفية تعامله مع مواقف معينة، وعن النهج الذي اتبعه لحل تلك المشكلات”.

أجاب أحمد عن الأسئلة بشكل جيد، لذلك، طلب منه فيل الخضوع لتقييم شامل للشخصية. وأظهرت النتائج أنه يمتلك وعياً ذاتياً عالياً. “أدركت أنه يمتلك القدرة على أن يكون مديراً جيداً قادراً على التواصل بشكل جيد مع العملاء”.

تحدث فيل أيضاً بإسهاب مع الجهات المرجعية لأحمد، وكان أحد أكثر التعليقات إقناعاً التي تلقيتها هو: يجب أن يعمل أحمد في الميدان [مع أعضاء الفريق المبتدئين]، لأن الإرشاد والتوجيه الذي يقدمه لا يقدران بثمن”.

وبحلول نهاية مرحلة عملية التقييم للمرشح لهذه الوظيفة، يقول فيل إنه قرر أن يجازف ويوظف أحمد.

وعلى الرغم من ذلك، لم يكن أحمد قادراً على تكوين علاقات قوية مع مرؤوسيه المباشرين. “كنت آمل أنه إذا قدمنا له الدعم والجهد المناسبين للتأكد من ارتباطه بالفريق، فسيكون ملائماً للمنصب تماماً”.

وصدق حدس فيل الأولي أن أحمد كان يهتم بالبيانات أكثر من اهتمامه بتوطيد علاقته مع الموظفين. ولم تدم مدة تولي أحمد الوظيفة في الشركة طويلاً. “لقد قدّم الكثير من الإنجازات الرائعة بالفعل، وكانت معظم جهوده تدور حول تطوير العمليات. لكن [أداءه بشكل عام] لم يرق إلى المستوى المطلوب”.

*جرى تغيير جميع الأسماء والمعلومات المتعلقة بالهوية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .