ما المقصود حقاً بتحول الشركات؟

3 دقائق
معنى تحول الشركات
تصميم الصورة: جينيفير مارافيلاز لصالح هارفارد بيزنس ريفيو

تعتبر كلمة التحول شعار المرحلة في الشركات لأسباب وجيهة. وتشير إحدى الدراسات إلى أن 75% من شركات مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" ستتحول على مدار الـ 15 عاماً القادمة. وتفيد دراسة أخرى أن شركة من أصل 3 ستختفي من القائمة في السنوات الخمس القادمة. وتُظهر دراسة ثالثة أن "معدل مغادرة" قادة الصناعة لمناصبهم تضاعف في ظرف جيل واحد. هذا يعني أن البرامج تغزو العالم. بينما تقاوم الشركات وحيدة القرن بلا هوادة. ويعترف المسؤولون التنفيذيون في الشركات الكبرى إنهم في حاجة إلى التصدي لهذه المسألة. فما هو معنى تحول الشركات بشكل دقيق؟

ماذا بعد؟ ما هي جوانب تحول الشركات؟

عندما ينطق المسؤولون التنفيذيون بكلمة تحوّل فماذا يقصدون بذلك حقاً؟ تخلط هذه الكلمة غالباً بين 3 أصناف مختلفة من الجهود التي تبذلها الشركات.

يعتبر النوع الأول تشغيلياً ويعني حفاظ الشركة على جوهر عملها لكن مع إنجازه بشكل أفضل وأسرع وأقل كلفة

وتدخل في هذا النوع عدة شركات "رقمية" -تستعمل تقنيات حديثة لحل مشكلات قديمة. قد يكون التغيير التشغيلي الكبير حاداً ويحدث تأثيراً حقيقياً في الشركات، لكنه لا يتوافق مع التعاريف المعجمية للتحول مثل التعريف الذي يعتبر التحول "هو التغيير الملحوظ في الشكل أو الطبيعة أو المظهر" أو "تغيير (شيء ما) كلياً وبطريقة مناسبة عادة". من المؤكد أن الكلفة في هذا النوع ستصبح أقل، وأن رضا الزبون قد يرتفع، لكن جوهر الشركة لن يتغير بشكل ملموس. فممارسة لعبة قديمة بطريقة أفضل أمر غير كاف في عالم سريع التغير.

ويركز النوع التالي من جهود الشركات على استعمال النموذج التشغيلي

ويتطلب هذا التحول، الذي يسمى أيضاً التحول الأساسي، مواصلة نشاط الشركة لكن بطريقة مختلفة تماماً. وتعتبر "نتفليكس" مثالاً ممتازاً لهذا النوع من الجهود. لقد انتقلت "نتفليكس" خلال السنوات الخمس الأخيرة من إرسال أشرطة "دي في دي" عبر البريد إلى البث التدفّقي لمحتوى الفيديو عبر شبكة الإنترنت. كما أنها تحولت أيضاً من الاكتفاء بتوزيع المحتوى الذي ينتجه الآخرون إلى الاستثمار بكثافة في إبداع محتواها الخاص، موظفة معرفتها الجوهرية بما يفضله الزبائن لزيادة احتمالات استقطاب جمهور لمشاهدة هذا المحتوى. ويواصل الزبائن الإقبال على "نتفليكس" للتسلية واكتشاف محتوى جديد، لكن الطريقة الأساسية التي تستجيب بها "نتفليكس" لهذا الإقبال تغيرت تماماً.

أما النوع الأخير من التحول الذي يعتبر واعداً وأكثر خطورة، فهو التحول الاستراتيجي

إنه التحول بكل ما في الكلمة من معنى لأنه يتطلب تغيير جوهر الشركة. وهناك أمثلة عديدة على هذا التحول الجذري والمربح. فقد انتقلت "آبل" من صناعة الحواسيب إلى الأدوات الإلكترونية، وتحولت "جوجل" من مجال الإعلانات إلى تصنيع السيارة ذاتية القيادة، وانتقلت "أمازون" من تجارة التجزئة إلى الحوسبة، وتحولت "وولغرينز" (Walgreens) من تجارة الأدوية بالتجزئة إلى علاج الأمراض المزمنة، وهكذا. وينعش التحول الاستراتيجي نمو الشركة إذا تم تنفيذه بنجاح. أما التنفيذ السيئ فإنه يدفع رافضي التحول إلى انتقاده والدفاع عن بقاء الشركة على حالها.

ما الذي يقصده القادة بعبارة "تحول الشركات"؟

إن تحديد ما يقصده القادة بكلمة التحول أمر مهم، لأن هذه الأصناف المختلفة من الجهود تحتاج إلى القياس والإدارة بطرق متنوعة جداً. إذ يجب أن يغير نموذج التحول التشغيلي المعايير التي توظفها الشركة في تتبع الأداء. بالنسبة لنتفليكس على سبيل المثال، يتطلب نموذج العمل المعتمد على أشرطة "دي في دي" إدارة استغلال المستودعات وتكاليف التوزيع. بينما يتطلب نموذج البث التدفّقي إدارة وقت تشغيل الموقع وتكاليف نطاقه الترددي.

وإذا واصلت الشركة استخدام المعايير ذاتها قبل وبعد بذلها لما يسمى جهود "التحول" فإنها في الحقيقة لم تتحول بصفة ملموسة. إن التحول الاستراتيجي يغير المجموعة التنافسية للشركة. ففي نشاطها الرئيسي المتمثل في الإعلانات تتنافس "جوجل" مع جهات أخرى فاعلة في صناعة المحتوى والتكنولوجيا، كما أن سيارتها ذاتية القيادة ستتنافس مع سيارات مصنعين أمثال "جنرال موتورز" و"بي إم دابليو" (BMW). كما تنافست "آبل" تاريخياً مع "مايكروسوفت" و"آي بي إم" و"ديل"، وقادتها منتجاتها "آيباد" (iPOD) و"آيفون" (iPHONE) إلى التنافس مع شركات أخرى مثل "سوني" و"نوكيا" و"موتورولا" (Motorola) وغيرها.

ليست هذه الجهود كلها متساوية التأثير. فالتركيز على أفضل الجهود التشغيلية الراهنة لا يعدو أن يكون مجاراة لأفضل منفذي نماذج الماضي. إنها وصفة للبقاء على المدى القصير لا للاستدامة على المدى الطويل. ويجب على القادة التفكير بدلاً من ذلك في كيفية دمج النموذج التشغيلي والتحول الاستراتيجي معاً لتنفيذ ما تسميه شركة الاستشارات "إنوسايت" (Innosight) التحول المزدوج. إذ يتعزز التحول الأول اليوم من خلال إعادة ابتكار نموذج التشغيل الأساسي، بينما يخلق التحول من النوع الثاني الأعمال الأساسية التي يحتاجها المستقبل.

كما يجب على الجهود أن تكون متصلة ومنسقة من خلال رابط للقدرات تم إنشاؤه بعناية. فهذه هي الطريقة التي يمكن من خلالها أن يرتقي القادة إلى مستوى التحدي الوجودي المتمثل في إحداث تغيير مزعزِع من أجل التحكم في مستقبلهم بدلاً من التعرض للزعزعة هم أنفسهم عند عدم معرفتهم معنى تحول الشركات بشكل دقيق.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي