أسئلة القراء: كيف أعالج تعاسة عدد صغير من الموظفين ضمن فريق كبير؟

5 دقائق
علاج تعاسة الموظفين
shutterstock.com/FamVeld

سؤال من قارئ: أنا أشرف على هيئة حكومية تضم أقل من 100 موظف. ولا أعلم كيفية علاج تعاسة الموظفين. إذ أصبحت مديراً منذ عامين، وشهدت منذ بداية عملي نسب تحسن كبيرة في نتائج استطلاعات الرأي لوجهات نظر الموظفين. ومعظم أفراد فريقي يقدّرون الاتجاه الذي نسير فيه. وكي أبقى على اطلاع على آراء الفريق، أسست آلية لتقديم الآراء والمقترحات عن طريق استقصاء يضم 5 أسئلة نجريه مرة كل شهرين، وأشارك نتائجه في اجتماع عام عبر الهاتف. عموماً، أحصل من الاستقصاءات على نتائج إيجابية جداً، لكن يبدو أن لدي موظفاً أو اثنين يكرهان كل شيء في العمل وكل ما نفعله بصورة عامة، والرواتب أيضاً. وملاحظاتهما سلبية وساخرة للغاية، وهي لاذعة ويشعر القادة الكبار في بعض الأحيان أنها تمسهم شخصياً. لا يقول هذان الموظفان أي شيء إيجابي فيما يخص رسالة العمل أو رؤيته أو ثقافته وما إلى ذلك. يبدو أنهما غاضبان من العالم ويحاولان العثور على طريقة لإعلان تعاستهما على الملأ. أهتم بشأن الموظفين، ويؤلمني أن يكون أحد أفراد فريقي كارهاً للحياة بهذه الدرجة. أشعر بالأسف لحال أسرتيهما وأصدقائهما وأنا قلق جداً بشأن الضرر الذي يسببانه للمؤسسة.

سؤالي هو:

كيف أساعد هذين الموظفين الصامتين غير القادرين على الشعور بالمتعة؟ هل يجب عليّ أساساً أن أنشغل بهما وحدهما عن الفريق بأكمله؟

يجيب عن هذا السؤال كل من:

دان ماغّين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

بيرني بانكس (Bernie Banks): أستاذ في كلية كيلوغ للأعمال بـ"جامعة نورث ويسترن".

بيرني بانكس: أول سؤال أطرحه هنا هو: هل يلبي هذان الموظفان الصامتان متطلبات العمل؟ هل يؤديان المهمات ويلتزمان بالمعايير؟ فهذا هو واجبهما الأول والأهم. ومن واجب صاحب السؤال بوصفه قائدهما أن يتعامل معهما على هذا الأساس، وإذا كانا لا يلبيان المعايير ولا يؤديان المهمات، فيجب عليه تقييم ما يجب فعله كي يتمكنا من أداء واجباتهما بفاعلية، وإذا كان يعتقد أنه لا يملك الموارد اللازمة لدفعهما للقيام بما هو مطلوب منهما فيجب عليه التفكير بنقلهما.

أليسون بيرد: أجل، وأنا لدي بعض التساؤلات عن هذا الأمر أيضاً. فليس من الواضح في السؤال ما إذا كان السلوك السيء يصدر عن هذين الموظفين بصورة سرية، أي في الاستقصاءات فقط، وعندئذ ستبقى هويتاهما مخفية، أم أن سلوكهما هذا علني وبالتالي فهو يؤثر في معنويات الفريق. أوافقك الرأي يا بيرني في أنه إذا كان هذان الموظفان يعانيان من مشكلة في الأداء، وإذا كانت هناك مشكلة عدوى عاطفية من نوع ما، فيجب على صاحب السؤال معالجة هذه المشكلة على الفور.

دان ماغّين: من الصعب معرفة ذلك. إذا كانت المسألة متعلقة بموظفين اثنين من قرابة 100 موظف في المؤسسة، وهما يلبيان معايير الأداء في عملهما، فلا مشكلة. ومن الصعب معرفة إذا كانا سينقلان العدوى إلى بقية الموظفين وينشران سلبيتهما في المؤسسة بأكملها.

أليسون بيرد: إذاً كيف سيتمكن من معرفة نسبة الخطورة في انتشار العدوى من هذين الموظفين؟

بيرني بانكس: حسبما رأيته من خلال خبرتي، من النادر أن يبقى الموظف الحانق بشدة صامتاً. إذا كان لديك موظفاً يشعر باستياء شديد فلا بد أن يعبر عنه أمام الآخرين.

أليسون بيرد: هل يحمّل صاحب السؤال مسؤولية معالجة مشكلة استياء الموظفين بما أنهما عبرا عنها في الاستقصاء؟

بيرني بانكس: بالتأكيد. طالما أنه طلب آراء الموظفين فمن واجبه أن يعالج مشكلاتهم. يجب على صاحب السؤال أن يحدد المشكلة التي يعاني منها هذان الموظفان بالتحديد، كي يتمكن من التوصل إلى ما يمكنه فعله لأجلهما. لكن يبدأ الأمر كله بنوع المحادثة التي يجريها مع هذين الموظفين بعيداً عن هذه الدراسات الاستقصائية.

أليسون بيرد: هل يبدأ حل مشكلة هذين الموظفين بإجراء محادثة معهما؟

بيرني بانكس: يجب أن تكون هذه المحادثة مرتكزة على السلوك، أي ألا يقول لهما: "أشعر أنكما غاضبان"، بل أن يقول: "رأيتك مؤخراً تصرخ في وجه فلان وفلان"، أو "رأيتك تعبر عن استيائك الشديد من الأمر الفلاني، هل يمكنك مساعدتي على فهم سبب شعورك هذا وكيف يمكننا معالجة المشكلة؟" فالسلوك قابل للمراقبة والقياس والتغيير، لكن الشعور ليس كذلك غالباً. 

أليسون بيرد: وإذا حصل صاحب السؤال على آراء الموظفين الغاضبين عن طريق استطلاع الآراء من دون معرفة اسميهما، ولم يكن واثقاً من هويتهما، كيف سيتمكن من تمييزهما والبدء بمعالجة المشكلة؟

بيرني بانكس: لا يمكن تمييز أحد، بل يجب أن يدفعهما للتفاعل كما يفعل مع الجميع، لا أن ينتقي بعض الموظفين ويشجعهم على التفاعل. لذا يتعلق الأمر بالأسلوب الذي يتبعه القائد لحث الموظفين على التفاعل بصورة روتينية والتزامه به. ربما كان عن طريق الاجتماعات الشهرية أو الفصلية، يجب أن يحثهم على التفاعل والتحدث عما يحدث وما يودون تحقيقه أيضاً، وما يشعرون به والعقبات التي يواجهونها، والخطط التي يتبعونها من أجل تحقيق النجاح. سيحصل على المعلومات المهمة إذا اتبع هذا الأسلوب بصورة روتينية، أما إذا اتبعه بصورة عارضة فلن يحصل على المعلومات التي يحتاج إليها في الوقت المناسب.

دان ماغّين: يقول صاحب السؤال في رسالته إنه قلق بشأن أسرتي هذين الموظفين وأصدقائهما، ويعتقد أنهما يكرهان الحياة. هل يتجاوز صاحب السؤال حدود مسؤولياته؟ وهل يعطي هذه المشكلة حجماً أكبر من حجمها الحقيقي؟

أليسون بيرد: أرى أنّ صاحب السؤال يستنبط أموراً أكثر مما ينبغي من استطلاعات آراء موظفيه، فليس بالضرورة أن يكون الموظف المستاء من وظيفته ومن المؤسسة التي يعمل فيها كارهاً للحياة بأسرها. لذا يجب على صاحب السؤال التحري أكثر عن سبب استياء الموظفين من وظيفتهما ومن المؤسسة والتوصل إلى المشكلة التي يعانيان منها، هل هذه المشكلة تتعلق بالمؤسسة، أم بأسلوبه في القيادة؟ وأنت محق يا دان، يجب عليه ترك المشكلات الشخصية جانباً، سواء كان قادراً على المساعدة في حلها أم لا، والتركيز فقط على العمل.

بيرني بانكس: الحدّ الفاصل بين المشكلات الشخصية ومشكلات العمل دقيق. لكني أرى أنه ليس من واجب القائد أن يعرض مساعدته على كل موظف يعاني من مشكلة ما في تحقيق أهدافه المهنية أو الشخصية. بل يمكنه إرشاد الموظفين إلى الموارد التي توفرها المؤسسة، إن وجدت، للمساعدة في حل المشكلات الشخصية.

أليسون بيرد: بيرني، هل سيختلف حل المشكلة إذا كان صاحب السؤال يعمل في القطاع الخاص، وليس في هيئة حكومية؟

بيرني بانكس: لا، لن يختلف. لأن الأمر يتعلق بالأسلوب الذي يختاره القائد للتعامل مع الاستياء الذي عبر الموظف عنه هذا الأمر متعلق بالقيادة، ويقع في أي مكان ولا يقتصر على المؤسسات الحكومية أو الخاصة.

دان ماغّين: نقترح على صاحب السؤال أن يطرح بعض الأسئلة الأساسية. أولاً، هل يعرف تحديداً من هما هذان الموظفان المستاءان؟ إذا لم يكن واثقاً من هويتهما فسيكون من الصعب عليه التصرف في هذه المشكلة. أما إذا كان يعرف هويتيهما، فهل يقدمان أداء جيداً في العمل؟ هذا سؤال مفصلي هنا. عليه معرفة المزيد من المعلومات، ويجب أن يعرف ما يشتكيان منه تحديداً، وسبب ما يظهرانه من استياء. ونرى أن عليه التفاعل مع موظفيه أكثر والاستماع إليهم أكثر، ويجب ألا تحل هذه الاستقصاءات محل المحادثات الدورية والمستمرة مع جميع موظفيه. ندرك أنه مسؤول عن فريق كبير، لكن عليه أن يسأل أفراده، واحداً تلو الآخر، عن شعوره بالتعاسة في العمل كي يتمكن من معرفة السبب الرئيسي وراء هذا الشعور. وفيما يخص اهتمام صاحب السؤال بتأثير تعاسة الموظفين أو اكتئابهم في العمل على حياتهم الشخصية وأسرهم، فنحن نرى أنه على الرغم من ضرورة اهتمام القائد بهذه الأمور إلى حدّ ما، إلا أن تركيزه يجب أن يكون على ما يحدث في العمل فقط. يجب أن يتعامل مع الآراء التي يحصل عليها عن طريق الاستقصاءات على أنها أعراض، ويجب أن يتعمق في البحث أكثر ومحاولة التوصل إلى تشخيص كامل للمشكلة ووضع خطة لمعالجتها. يجب أن يفهم طبيعة المشكلة جيداً، ثم يحاول معالجتها من أجل معرفة كيفية علاج تعاسة الموظفين.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي