أسئلة القراء: لا أستطيع تقبل البنية التنظيمية الجديدة في العمل الذي أحبه… هل أبقى أم أغادر؟

5 دقائق
تقبل البنية التنظيمية الجديدة
shutterstock.com/Stockbakery

سؤال من قارئ: أعمل مهندس برمجيات في شركة ناشئة صغيرة، وأنا أعمل فيها منذ إنشائها وقبل أن يكون لديها منتج، وكنت حاضراً عندما بدأت تجني أرباحاً وضاعفت أعداد زبائنها وموظفيها. كما أني أتقاضى أجراً جيداً نسبياً وأتمتع بشغف تجاه الشركة، لكنني أعاني من مشكلة تقبل البنية التنظيمية الجديدة. لقد بدأت الشركة العمل وفق بنية تنظيمية أفقية أتاحت تدفقاً حراً للأفكار وتنفيذاً على قدر عال من الفاعلية. لكن على مدى العام الماضي، بدأت البنية التنظيمية بالتحول إلى بنية هرمية أكثر، وأصبحت صناعة القرار مركزية. أعتقد أن البنية التنظيمية الأفقية أفضل لنا، لذا لم أحاول الانتقال للعمل في المستوى الإداري. لكن بدأت أدرك أني لم أعد أؤثر كثيراً في قرارات الشركة كما كنت في السابق، حتى أني تلقيت أمراً بعدم الانخراط سوى في أعمالي اليومية في البرمجة. هذا يثير غضبي للغاية، فأنا أعلم أن لدي الكثير لأقدمه، ولدي خبرة كبيرة ومعارف مهمة. تحدثت عن هذا الأمر إلى مديري المباشر وإلى مؤسسي الشركة، لكني لم أستفد شيئاً، فهم لم يتمكنوا من منحي أي فرصة للتقدم أو للتطوير المهني.

سؤالي هو:

ماذا أفعل؟ فأنا لا أود أن أضطر للبحث عن وظيفة أخرى، لكني لا أرى خياراً آخر.

يجيب عن هذا السؤال كل من:

دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

ريتشارد شيردان (Richard Sheridan): مهندس برمجيات والرئيس التنفيذي لشركة "مينلو إنوفيشنز" (Menlo Innovations)، ومؤلف كتاب "شركة السعادة: كيف بنينا مكان عمل يحبه الموظفون؟" (Joy, Inc.: How We Built a Workplace People Love).

ريتشارد شيردان: يصف صاحب السؤال ما مررت به في المراحل الأولى من مسيرتي المهنية عندما لم أكن أعلم من هم أصحاب العلاقة في الأمر. النصيحة العامة المناسبة لهذا الوضع هي أن يتطوع صاحب السؤال في نشاطات ضمن شركته بعيدة عن عمله في البرمجة. مثلاً، إذا كان مندوب مبيعات بحاجة إلى موظف تقني ليرافقه في إحدى مكالمات المبيعات، فليتطوع لهذا العمل، وليرَ ما إذا كانت القيادة ستمنحه هذا النوع من الفرص، وليحاول رؤية الأمور من زاوية جديدة. ما توصلت إليه من خلال مسيرتي المهنية هو أن الزاوية التي ينظر منها المهندس تصبح معزولة عن بقية الأعمال، وخصوصاً عندما يكبر الفريق ويصبح العمل في المؤسسة متخصصاً أكثر.

دان ماغين: لدينا مؤلفات كثيرة تشير إلى مرور الشركات الناشئة في مراحل النمو الشاقة هذه، وهي تؤثر في بعض الأحيان سلباً على المعنويات والثقافة. هل سيكون من المفيد لصاحب السؤال أن يسأل زملاءه في فرق المبيعات مثلاً وفريق التمويل عما إذا كانوا يمرون بما يمر به هو؟ فربما كان ما يعاني منه يشمل المؤسسة بأكملها.

ريتشارد شيردان: إنها فكرة سديدة، تقوم على مفهوم بسيط وهو التعاطف مع الآخرين في الفريق. فليحاول رؤية المشكلات التي تواجهها الشركة من زوايا مختلفة.

أليسون بيرد: من الصعب أن يتمكن صاحب السؤال من إقناع الإدارة أن إضافة طبقات من البيروقراطية تتسبب بخسارة أشياء أخرى في الشركة. أود أن يقدم للمدير أو الإدارة جميع مقالات رانجاي غولاتي التي نشرتها مجلة هارفارد بزنس ريفيو، فهو يدرس الشركات الناشئة وطرق زيادة التنظيم من دون خنق الشركة وطرق المحافظة على روحه الشركة. هل هناك أي نصيحة حول الطرق التي تمكّن الموظفين والمهندسين في المستويات الأدنى، مثل صاحب السؤال، من التأثير في الإدارة وتشجيعها على تقبل آرائهم أكثر والاستماع إلى أصواتهم ومنحهم خيارات أكثر فيما يفعلونه؟

ريتشارد شيردان: لا شك في أن الشركات الناشئة تمر بمرحلة نمو كي تنتقل من مرحلة إلى أخرى، لا يمكن لأحد البقاء في الماضي، سواء كان في القيادة أو ضمن الفرق. لا شك في أن صاحب السؤال مهندس يتمتع بخبرة هائلة ومعرفة تقنية كبيرة، وقد تكون مفيدة جداً في الاجتماعات. لكن إذا بدا أنه في كل اجتماع يتوق إلى ما كان عليه في الماضي، ويتمنى باستمرار لو أن الأمور بقيت كما كانت، فلن يتمكن من تحقيق أي تغيير في القيادة. يجب عليه أن يتحدث إلى القادة بلغتهم، وأن يفهم التحديات التي يواجهونها ويحرص على ألا يحاول إثبات صحة أفكاره كل مرة. في الحقيقة، أفضل طريقة للتأثير هي بطرح أفكارك على الآخرين.

دان ماغين: لاحظت في هذا السؤال تلميح صاحبه إلى ندمه على عدم محاولة الحصول على منصب إداري، فهو لم يدرك أنه سيفقد تأثيره مع تطور التراتبية الهرمية وأنه سيبقى في مرتبة أدنى. هل هذا يعني أن عليه التفكير بالتقدم لدور إداري إذا سنحت له الفرصة؟

ريتشارد شيردان: في المراحل الأولى من حياتي المهنية، كان التقدم لمنصب إداري قراراً كبيراً لأني كنت أستمتع بعمل الهندسة. وتمكنت من الاستمرار بعملي في الهندسة على الرغم من أني كنت أرى أني مقبل على فرص الارتقاء على السلم الوظيفي وسأصل إلى مناصب مهنية لا محالة، لكني كنت أود الاستمرار في عملي التقني. يمكن أن يعود ذلك بفوائد كبيرة، فقد اضطررت للاستمرار بالتعلم، والأمر الذي فهمته بعد ذلك، وأود من صاحب السؤال فهمه أيضاً هو أن عليه القيام بعمل آخر إلى جانب العمل التقني الذي يقوم به حالياً يتمثل في التوصل إلى طريقة ليصبح قائداً إدارياً. وأقترح عليه الاطلاع على المقالات والكتب والدورات التعليمية حول القيادة والإدارة، وأن يبدأ بقراءة مجموعة كتب تختلف عن الكتب التقنية التي ينغمس فيها كل ليلة.

أليسون بيرد: يبدو أن على صاحب السؤال اتخاذ قرار بالفعل، فمن الواضح أنه يرغب بالحصول على سلطة أكبر وممارسة دور أكبر في صناعة القرار، هل عليه إقناع الإدارة بالعودة قليلاً إلى ما كانت عليه الأمور فيما سبق؟ وإذا أدرك أنه يفضل العمل ضمن مؤسسة ذات بنية تنظيمية أفقية، هل يجب عليه الانتقال إلى شركة ناشئة أخرى تعمل وفق هذا التنظيم؟ هل يرغب بالانتقال إلى الأدوار الإدارية في شركته الحالية؟ وهل فاتته الفرصة للقيام بذلك؟

ريتشارد شيردان: لا أعتقد أن الفرصة تفوت في أمور كهذه، لكن قد تكون الفرصة فاتته في الشركة التي يعمل فيها حالياً فقط. يجب عليه إدراك أن المدراء الحاليين الذين يثيرون استياءه لن يبقوا إلى الأبد، وفي بعض الأحيان يجب الانتظار إلى أن تجرى تغييرات في الإدارة تؤدي إلى تحسن الأمور، فمن الممكن أن ينتقل أحد المدراء إلى منصب آخر فتسنح فرصة لهذا المهندس أو غيره للتقدم للمنصب الشاغر والعمل على نحو أفضل، وقد يأتي مدير جديد يساعد صاحب السؤال على التقدم.

دان ماغين: آخر ما ذكره صاحب السؤال في سؤاله هو أنه لا يود أن يضطر للبحث عن وظيفة أخرى، لكنه لا يرى خياراً آخر. لكن، بناء على حوارنا هذا، يبدو أن لديه خيارات أخرى ومن الضروري أن ينظر من زاوية أوسع، أليس كذلك؟

ريتشارد شيردان: المهم هو موقفه ومعنوياته في هذه اللحظة، وإذا كان يرى أن عليه المغادرة وكان عمله الحالي مجزياً والشركة ناجحة، فأنا أنصحه بمحاولة النمو في عمله الحالي. قد يؤدي ذلك إلى زيادة استيائه وخروجه من الشركة في نهاية المطاف، لكن استمراره في عمله الحالي سيعلمه الكثير. بإمكانه قراءة كتب كثيرة والتحدث إلى بعض الأشخاص والحصول على بعض النصح، وربما تمكن من الحصول على التوجيه والإرشاد من شخص يحترمه خارج الشركة، ثم محاولة تطبيق المهارات الجديدة التي تعلمها. ربما أدى ذلك إلى نتائج جيدة، فالتجارب السلبية تعلمنا الكثير بكل تأكيد.

دان ماغين: إذاً، إن مغادرة الشركة أو البحث عن وظيفة أخرى ليس الخيار الوحيد المتاح لصاحب السؤال. أولاً، يجب أن يدرك أن ما يمر به طبيعي جداً. فمع نمو الشركة الناشئة يصبح تنظيمها هرمياً أكثر وغالباً ما تعاني من بعض آلام النمو، وطبيعة عمله كمهندس يزيد من هذه الآلام. وفيما يخص طريقة معالجة هذه المشكلة، يمكن لصاحب السؤال التطوع في أنشطة تمنحه رؤية أوسع ضمن الشركة، لاسيما الأنشطة المتعلقة بالتواصل مع الزبائن. يجب أن يحاول فهم التحديات والمشكلات التي يواجهها القادة والتحدث بلغة تظهر تعاطفه معهم. وفي الاجتماعات، يجب عليه تجنب الاستمرار بالتحدث عن الماضي وعن افتقاده للبنية التنظيمية الأفقية في الشركة، وبدلاً عن ذلك، يجب أن تكون مشاركاته في الاجتماعات مفيدة وبناءة وأن تكون نظرته مستقبلية. في مرحلة ما قد يضطر للتفكير فيما إذا كان راغباً بالانتقال إلى دور إداري، وعندها يجب أن يقرأ كثيراً وربما أن يشارك في دورات تعليمية. لكن يجب عليه أيضاً أن يفكر في كيفية تقبل البنية التنظيمية الجديدة ومدى رغبته بالاستمرار في العمل كمهندس طوال مسيرته المهنية، وإمكانية تحقيق ذلك في هذه الشركة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي