ما هو تأثير الفراشة؟
تأثير الفراشة (Butterfly Effect): يُشار إليه في بعض الأحيان بـ "نظرية الفوضى" (Chaos Theory) التي تصف المجال العلمي الذي يدرس الفوضى بالاعتماد على العلاقات الرياضية، ويبحث عن مختلف الروابط الخفية وراء مختلف الأحداث، وينفي وجود "الصدفة" إطلاقاً؛ أما مصطلح "تأثير الفراشة"، فهو تعبير مجازي عن الأثر الذي ينتج عن أيّ فعل في الكون حتى ولو كان متناهي الصغر، مثل رفرفة جناح الفراشة التي يمكن أن تؤدي إلى نشوء إعصار. بالطبع، حدث واحد مثل فراشة ترفرف بجناحيها لا يمكن أن يسبب إعصاراً على نحو مباشر، وإنما يمكن أن تكون الأحداث الصغيرة بمثابة محفزات لخلق ظروف ملائمة لأحداث أكبر على المدى البعيد.
نشأة المصطلح
ابتُكر المصطلح من طرف عالم الرياضيات والأرصاد الجوية "إدوارد لورينتز" عام 1963، عندما كان يعمل على التنبؤ بالأحوال الجوية بالاعتماد على إدخال البيانات في أجهزة خاصة طوّرها بنفسه، ولاحظ أن أيّ اختلاف طفيف في عدد الأرقام التي تأتي بعد الفاصلة يؤدي إلى نتائج مختلفة اختلافاً واضحاً.
عبّر الفيلسوف الألماني "فيشته" عام 1800 ضمنياً عن تأثير الفراشة بقوله "لا يمكنك إزالة حبة رمل واحدة من مكانها دون تغيير شيء ما في جميع أجزاء الكل الذي لا يُقاس".
في مجال الأعمال، وفّرت "أميركان إيرلاينز" (American Airlines) عام 1987 مبلغاً قدره 40 ألف دولار أميركي من خلال حذف حبة زيتون واحدة من كل طبق مُقدَم في رحلات الدرجة الأولى.
أمثلة على تأثير الفراشة
هناك العديد من الأمثلة التي غيّرت العالم وفقاً لتأثير الفراشة، نذكر من أهمها:
- خطأ ارتبكه بيروقراطي ألماني أثناء قراءته بياناً صحفياً متعلقاً بتصاريح السفر، أدى إلى سقوط جدار برلين: كان من المفترض الإعلان عن أمر السماح بالسفر الجديد خارج ألمانيا الشرقية الذي يدخل حيّز التنفيذ في غضون أيام قليلة من الإعلان، إلا أن عدم اطلاع المسؤول عن التصريح على البيان قبل البث المباشر تسبب في أنه أعلن عن دخول البيان حيز التنفيذ مباشرة. أدى ذلك إلى احتشاد الآلاف من الألمان الشرقيين عند الجدار ونقاط التفتيش الحدودية، واستشاطوا غضباً نتيجة منعهم من المرور، ولتجنب وقوع حالة شغب، سمح أحد الحراس لبعض الأشخاص بالمرور، وأدى هذا إلى سلسلة من ردود الفعل، انتهت بانهيار جدار برلين.
- رسالة مرفوضة تسببت في حرب فيتنام: في عام 1919، تلقى السياسي الأميركي "وودرو ويلسون" (Woodrow Wilson) رسالة من شاب يدعى "هو تشي مينه" (Ho Chi Minh) وهو سياسي وثوري فيتنامي شغل منصب رئيس الوزراء السابق يطلب فيها مقابلته لمناقشة استقلال فيتنام عن فرنسا. في ذلك الوقت، كان هذا الشاب منفتحاً تماماً ومستعداً للتحدث، لكن ويلسون تجاهل الرسالة الأمر الذي أغضب الشاب الذي ذهب لدراسة الماركسية، وأصبح شيوعاً قوياً. في وقت لاحق، حصلت فيتنام على استقلالها عن فرنسا، لكن الدولة انقسمت إلى شمال شيوعي وجنوب غير شيوعي، مع قيادة "هو تشي مينه" الشمال في الستينيات، ومهاجمته للجنوب، ما دفع إلى تدخل الولايات المتحدة الأميركية. شيء لم يكن ليحدث لو قرأ ويلسون رسالة "هو تشي مينه".
اقرأ أيضاً: