تقرير خاص

إعادة التفكير في القدرة على التحمل: 10 أولويات للحكومات

6 دقائق
أولويات الحكومات في ظل أزمة كورونا
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ترزح الحكومات بسبب الجائحة تحت وطأة ضغوط متزايدة لاتخاذ إجراءات سريعة وعلى نطاق واسع. ويمكنها من خلال إعادة تصور كيفية أداء عملها بناء مجتمعات وتطوير خدمات عامة أكثر قدرة على التحمل للتصدي للوضع الطبيعي القادم.

لقد زادت أزمة “كوفيد-19” من الضغط على الحكومات لتقديم الخدمات للمواطنين بشكل سريع وعلى نطاق واسع لم نشهد له مثيل في الأوقات التي كنا ننعم فيها بالأمان. نسلّط الضوء في هذه المقالة على أولويات الحكومات في ظل أزمة كورونا والتي تمكّن الحكومات من بناء مجتمعات أكثر قدرة على التحمل، وتعزز قدرة الحكومات على التحمل، وتنشط القدرات الأساسية للقطاع العام. ونناقش أفضل الممارسات المتطورة ونقترح العديد من “الممارسات التالية” التحويلية التي يمكن للقادة تبنّيها لإعادة تصور دور الحكومة على المدى الطويل.

بناء مجتمعات أكثر قدرة على التحمل

يوجد 4 منهجيات تساعد الحكومات في تكوين مجتمعات أكثر قدرة على التحمل بناء على تجربتنا:

1- إحكام تنفيذ تدابير السيطرة على الفيروس وإعادة تصور نظام الرعاية الصحية

لقد أثّرت جائحة “كوفيد-19” على جميع أصحاب المصلحة في بيئة عمل نظام الرعاية الصحية. وهناك أمثلة كثيرة على الاستجابات الفاعلة في تلك الأزمة، مثل استخدام التقنيات الرقمية لدعم احتواء العدوى، وتسريع توريد معدات الحماية الشخصية، ودعم قدرة نظام الرعاية الصحية على تلبية الزيادة في الطلب، وتوجيه مسار التعافي. ويمكن للحكومات إطلاق الإمكانات في قطاع الخدمات الرقمية والرعاية الصحية عن بُعد لجعل تلك الخدمات الخيار الأول للمرضى وتسهيل الوصول إليها على نطاق عالمي.

2- إطلاق العنان لثورة تعليمية

اضطرت الحكومات إلى إعادة التفكير في أنظمة التعليم والتعلم للتصدي لآثار إغلاق المدارس والجامعات وارتفاع معدلات البطالة. وتشمل أفضل الممارسات اعتماد نماذج التعلم الهجين، وتطوير وحدات التعلم القائم على المهارات، وتمويل دورات التعلم المستمر، وتأسيس مراكز الموارد الافتراضية. وقد تشمل “الممارسة التالية” تسهيل وصول الطلاب إلى أفضل المعلمين في العالم من أي مكان، والتركيز على التمارين التي تساهم في دعم ممارسات التعليم الشامل خلال وقت التعلم الشخصي. ويمكن للحكومات وأصحاب العمل أيضاً توفير بيئة عمل تدعم عملية صقل المهارات بشكل فاعل وتنطوي على تعزيز بيئات عمل فعالة تعيد تشكيل المهارات وتمنح المؤهلات الصغيرة التي تدعم أنشطة التعلم مدى الحياة.

3- تطوير سلاسل تجارة وإمدادات أكثر قدرة على التحمل

تمثّلت استجابة البلدان للزعزعة الناجمة عن جائحة “كوفيد-19” والتي طالت التجارة وسلاسل الإمدادات العالمية في حماية إمداداتها. وقد يتعيّن على الشركات تبني العديد من الممارسات التالية على المدى الطويل لجعل سلاسل الإمدادات أكثر قدرة على التحمل، على سبيل المثال: تقليل عدد السلع الترفيهية في سلاسل الإمدادات وزيادة عدد الموردين والاستعانة بسلاسل الإمدادات المحلية ومنحها الطابع الإقليمي. وتضطلع الحكومات بدور مهم في الواقع في مساعدة الشركات لزيادة قدرتها على التحمل، إضافة إلى دورها في تأمين المعدات الصحية والإمدادات الغذائية الأساسية. وفي الوقت نفسه، يجب على الحكومات دراسة الآثار المترتبة على سياسات العمل عن بُعد في الاقتصاد القائم على المعرفة، فمع نمو صادرات الخدمات التي تتطلب مهارات عالية ستزداد قدرة تنقل تلك المهارات وتحررها من أماكن أصحاب العمل أو العملاء.

4- اتخاذ تدابير تحفيز فاعلة ونشرها

شهدت أزمة “كوفيد-19” لجوء الحكومات إلى تنفيذ استجابات اقتصادية غير مسبوقة، ليصل مجموع ما خصصته لتلك الاستجابات إلى أكثر من 16 تريليون دولار حتى نهاية شهر سبتمبر/أيلول 2020. كما استخدمت الحكومات آليات تنفيذ سريعة ومبتكرة لدعم رفاهة الأسر ومساعدة الشركات في تجاوز الأزمة. وتشمل الممارسات التالية المحتملة للحكومات تخصيص الحوافز للمجالات التي تحقق الأهداف الأوسع لمجتمع أكثر قدرة على التحمل، مثل التوسع في تبني الطاقة الخضراء، وتحقيق كفاءة استخدام الطاقة، وتسريع عمليات الرقمنة الحكومية، وتقديم حوافز للشركات تمكّنها من تبني تقنيات جديدة، وتشكيل قوة العمل المستقبلية لزيادة القدرة على التحمل في ظل زيادة تبني أنظمة الأتمتة.

بناء حكومات أكثر قدرة على التحمل

يوجد 3 فرص رئيسة قادرة على جعل العمليات الحكومية أكثر قدرة على التحمل:

5- تطوير حكومة أقل احتكاكاً بالمواطنين

لقد أسفرت جائحة “كوفيد-19” عن جعل التحول الرقمي أولوية، إذ تزايدت أهمية القنوات الرقمية لتقديم الخدمات وتزايد تفضيل المواطنين والزبائن لها. وتشمل أمثلة أفضل الممارسات أتمتة العمليات اليومية لجمع البيانات من المشغلين الرئيسيين بهدف مراقبة عملية صناعة القرار فيما يخص المواد الغذائية المهمة المعرضة للخطر عن كثب ودعم تلك القرارات، بالإضافة إلى استخدام “الرقمنة السريعة”، بمعنى التطوير السريع لمنصات الأتمتة على شبكة الإنترنت من أجل التعامل مع الارتفاع الكبير في الطلب على المساعدات الحكومية، مثل طلبات الحصول على المنح. وحتى تتمكن الحكومات من تنفيذ مبادرات التغيير التي تدعمها التكنولوجيا والتي تلبي احتياجات المواطنين بشكل أسرع وبتكلفة أقل من النهج الحالي الذي يُنفّذ بشكل يدوي، لا بدّ أن تبذل الحكومات جهداً في فهم رحلة الزبون من البداية إلى النهاية في مجال الحصول على الخدمات. وقد يشمل ذلك نقاط التواصل مع الزبائن في كل من القطاعين العام والخاص. ويمكن للحكومات أيضاً تمكين إجراء المعاملات من دون احتكاك مع المواطنين خارج نطاق الخدمات العامة وذلك من خلال تسهيل اعتماد عناصر التمكين الرقمي الشاملة المستخدمة في عدة قطاعات، مثل الهويات الرقمية.

6- إدارة الميزانيات السيادية من خلال تبني عقلية المستثمر

قد يصل العجز الحكومي العالمي إلى حوالي 9-11 تريليون دولار في عام 2020، وإلى حوالي 30 تريليون دولار بحلول عام 2023. وعلى الرغم من تطبيق العديد من البلدان ممارسات تقليدية في إصدار سندات الديون وتحسين الإيرادات ومراقبة عمليات الإنفاق لمواجهة التحدي الفوري، لا يزال من الممكن تحسين تلك الإجراءات على نحو أكبر. ويمكن للحكومات على المدى المتوسط، أي من سنة إلى 3 سنوات، تحويل الأصول إلى نقد في ميزانياتها، وهي استراتيجية تمثّل فرصة كبيرة وغير مستغلة لتنمية إيرادات إضافية وتقليل العجز، حيث تبلغ قيمة الأصول العامة في جميع أنحاء العالم أكثر من 200% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ويمكن لتلك الأصول تحقيق إيرادات تتراوح بين 2 إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً.

7- مأسسة أفضل ممارسات الاستجابة للأزمة للتحضير للأزمة المقبلة

لقد دفعت أزمة “كوفيد-19” العديد من البلدان إلى تحديد عناصر الاستجابة المحلية الفاعلة للجائحة وتطوير تدابير جديدة للاستجابة. وأنشأت العديد من الحكومات مراكز لإدارة الأزمات أتاحت لها تنسيق مسارات عمل متعددة ضمن الهياكل الحالية للاستجابة للأزمات في الحكومة والمجتمع بهدف زيادة فاعلية الاستجابة ومرونتها. وتتمثل إحدى أفضل الممارسات المهمة في إدارة الأزمات في إنشاء وحدة أزمات هدفها التخطيط للمستقبل تضم فريقاً متعدد التخصصات لا ينشغل بإدارة الأزمات اليومية، بل يخطط للمستقبل ويأخذ في الاعتبار محاكاة سيناريوهات مختلفة. وتتطلب الممارسات التالية أن تعمل الإدارة العليا في الحكومة بالتعاون مع فريق القدرة على التحمل على التخطيط للمستقبل وضخ استثمارات لتعزيز القدرة على التحمل والاستعداد لمواجهة الأزمات المحتملة في المستقبل.

تنشيط القدرات الأساسية للقطاع العام

يوجد 3 فرص رئيسة لتنشيط القدرات الأساسية للقطاع العام وتطوير طريقة عملها:

8- اتخاذ قرارات أسرع وأفضل باستخدام البيانات والتحليلات المحوسبة

اتخذت الحكومات إجراءات سريعة واستثنائية لإنقاذ الأرواح وسبل عيش الأفراد في ظل أزمة “كوفيد-19”. وسارعت العديد من البلدان إلى نشر لوحات متابعة إلكترونية للبيانات يجري تحديثها بشكل مستمر وتعرض البيانات بشكل مرئي لمشاركة الإحصاءات مع المواطنين بسهولة ومنحهم قدراً أكبر من الشفافية لإدراك الجهود التي تقوم بها الحكومة وتدابير الاستجابة التي تتخذها. وقامت العديد من المؤسسات بجمع فرق متعددة التخصصات لتطوير حلول قائمة على التحليلات لاتخاذ استجابات أسرع في المواقف المتغيرة وتجاه المخاطر والقضايا الناشئة. وقد تشمل الممارسات التالية الاستخدام المتقدم للبيانات والتحليلات المحوسبة، مثل التنبؤ الآني بالمستقبل القريب والحاضر والماضي القريب وتقديم التوقعات، باستخدام مؤشرات يجري تقييمها بشكل متكرر بهدف المساعدة في إقرار السياسات ودعم اتخاذ القرار.

9- استنباط طرق أكثر ذكاءً وإنتاجية تدعم عمل الموظفين الحكوميين

لقد تطلبت أزمة “كوفيد-19” من الموظفين الحكوميين الارتجال والتكيف مع وضع سريع التغيير. وأسفرت سلسلة من “التجارب الطبيعية” القسرية عن إعادة تنظيم الأفكار حول ماهية المهام الضرورية والمهام الممكنة. وأعادت الحكومات توزيع الموظفين استجابة للطلب المتغير على الخدمات. وبالنظر للمستقبل، قد تعزز الأتمتة إنتاجية الخدمة العامة وتنقل أعداداً كبيرة من الموظفين الحكوميين من الوظائف المكتبية إلى مناصب أكثر أهمية وقيمة قائمة على التعامل مع المواطنين، وذلك شرط أن تركز الحكومات على تجربة المواطن وأن تُدير التغيير بشكل فاعل، بما في ذلك تطوير القدرات المطلوبة لإجراء التغييرات اللازمة.

10- تعزيز أشكال جديدة من الشراكة مع القطاع الخاص

يمكن للحكومات المساعدة في إعداد قوة العمل لمستقبل يركز على التكنولوجيا وتحسين القدرة التنافسية والقدرة على التحمل على المدى الطويل للقطاعات الرئيسة من خلال الشراكة مع القطاع الخاص والمؤسسات متعددة الجنسيات لتطوير تدابير تحفيز جيدة التنظيم وتنفيذها. لقد اقتصرت أفضل ممارسات الشراكة بين الحكومات والقطاع الخاص بدرجة كبيرة على تلبية الطلبات العامة المسندة إلى شركات القطاع الخاص، إضافة إلى بعض نماذج إقامة الشراكات ودعم عمليات الابتكار الاستباقية لإنتاج المستلزمات الطبية والأدوية المهمة، وتوسيع نطاق توزيع المنح المالية التي تهدف إلى الحماية الاجتماعية للأسر. ولكن يمكن للقطاع العام أن يعمل على نقل شراكاته مع القطاع الخاص إلى المستوى التالي لتعزيز عملية تقديم الخدمات من خلال توضيح دوره ومراعاة أهدافه على المدى الطويل، شرط إدراك وجود نقاط التقاء طبيعية بين دور الحكومات ودور الأهداف المجتمعية الأوسع للشركات.

يمكن لهذه المنهجيات العشر إنارة الطريق لتحقيق أولويات الحكومات في ظل أزمة كورونا، وذلك لبناء مجتمعات أكثر قدرة على التحمل، وتعزز قدرة الحكومات على المواجهة، وتنشيط القدرات الأساسية للقطاع العام وتحقيق الشراكة مع القطاع الخاص، وتطوير خدمات أكثر قدرة على التحمل للتصدي لما هو قادم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .