7 طرق لمساعدة مسؤولي الموارد البشرية في بناء ثقافة مؤسسية أكثر إنصافاً وتستند إلى البيانات

6 دقائق
طرق اتخاذ القرارات المنصفة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: لدى أقسام الموارد البشرية فرصة لاستخدام البيانات أكثر من أي وقت مضى. إذ يمكن أن تؤدي البيانات إلى اتخاذ قرارات أكثر إنصافاً من خلال الحد من التفسيرات الذاتية (وربما المتحيزة) للقرارات التي يتخذها البشر. ولكن يمكن للبيانات أيضاً أن تعكس تحيزات بشرية ضارة وأن تخفي الأخطاء غير المتعمدة التي يرتكبها الأشخاص الذين ينتجون البيانات ويجمعونها ويستخدمونها. يمكن للقادة المساعدة في ضمان نشر ثقافة قوامها اتخاذ القرارات المتعلقة بالموارد البشرية بطريقة أكثر إنصافاً استناداً إلى البيانات من خلال اتباع الطرق التالية: 1) وضع تعريفات للإنصاف على مستوى المؤسسة، و2) تعزيز الإنصاف من خلال تقديم مبررات تجارية قوية، و3) الاستفادة من التكنولوجيا وتقبُّل قيودها، و4) إجراء عمليات تحقق من الإنصاف، و5) البحث عن السبب الأساسي للمشكلات، و6) جعل التعاون بين الأفراد متنوعي الأفكار والخبرات ضرورة حتمية، و7) الحفاظ على بقاء العنصر البشري عند اتخاذ القرارات المتعلقة بالموارد البشرية.

 

تُعد بيانات الأشخاص والتحليلات المحوسبة من أهم المهارات اللازمة للعاملين في مجال الموارد البشرية وأكثرها طلباً، كما أنها مصنفة كأحد أهم توجهات رأس المال البشري في المؤسسات اليوم. إذ تفحص الشركات البيانات لاتخاذ قرارات مستنيرة وللإجابة عن أسئلة من قبيل: مَن سيغادر الشركة ومتى؟ كيف نقارن قدراتنا بقدرات المنافسين؟ ما هي المهارات والمواهب التي نحتاج إليها؟ يقدم هذا النوع من البيانات رؤى ثاقبة ويمكن أن يساعد صناع القرار من خلال الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها الكثير.

ولكن هذه الزيادة في استخدام البيانات تترافق مع أسئلة حول قدرة العمليات القائمة على البيانات على إدخال التحيزات أو ترسيخها وتأثيرها الأوسع نطاقاً على الإنصاف في مكان العمل.

اتخاذ القرارات

لدينا نحن البشر ما يقرب من 200 نوع من التحيزات المعرفية التي تؤثر على اتخاذنا للقرارات. ونلاحظ هذه الأنواع عندما ننتبه إلى الآخرين الذين يميلون إلى الحصول فقط على المعلومات التي تؤكد ما يؤمنون به بالفعل (الانحياز التأكيدي) أو عندما نسمع شخصاً ما يقول إنه “كان يعرف منذ البداية أن هذا الحدث سيقع” بعد وقوع حدث ما (انحياز الإدراك المتأخر).

ولكن ليست جميع التحيزات سيئة. إذ يساعدنا الكثير منها في اتخاذ القرارات بسرعة أكبر، ما يمكن أن يوفر الوقت والطاقة الذهنية في عالم يتصف بالمواعيد النهائية القصيرة والكثير للغاية من المعلومات. المشكلة هي أن بياناتنا يمكن في بعض الأحيان أن تعكس تحيزات بشرية ضارة وأن تخفي الأخطاء غير المتعمدة التي يرتكبها الأشخاص الذين ينتجون البيانات ويجمعونها ويستخدمونها. وتثار مسألة الإنصاف عندما تؤثر البيانات المتحيزة على القرارات وتُدخل الأخطاء في بيانات الموارد البشرية والعمليات والتقنيات.

ولكن الوضع ليس سوداوياً بالكامل. إذ ليس من الضروري أن تكون البيانات بمثابة إسفنجة تمتص التحيزات البشرية. وقد تؤدي البيانات أيضاً إلى اتخاذ قرارات أكثر إنصافاً من خلال الحد من التفسيرات الذاتية (وربما المتحيزة) للقرارات التي يتخذها البشر. قد تكون التقنيات القائمة على التحليلات المحوسبة قادرة على تحديد التحيزات البشرية الضمنية وإزالتها. ولكن هل يمكن للبيانات والتقنيات القضاء على التحيزات البشرية؟ ليس كلياً. ولكن من الممكن استخدامها لتقليل التحيزات وزيادة الإنصاف.

طرق اتخاذ القرارات بطريقة أكثر إنصافاً ومستندة إلى البيانات

فيما يلي 7 طرق يمكن للقادة من خلالها مساعدة شركاتهم على ضمان نشر ثقافة قوامها اتخاذ القرارات المتعلقة بالموارد البشرية بطريقة أكثر إنصافاً استناداً إلى البيانات:

1. ضع تعريفات للإنصاف على مستوى المؤسسة

على الأرجح لن تتمكن أبداً من وضع مقياس موحد أو تعريف عالمي للإنصاف بحيث ينطبق على جميع الحالات، بل في الواقع هناك أكثر من 45 تعريفاً “للإنصاف” مدرجاً في مسرد جوجل الخاص بمطوري البرمجيات (Google Developers Glossary). لذا ابدأ بتحديد جوانب الإنصاف ذات الأولوية القصوى لمؤسستك. ثم ضع العديد من التعريفات المناسبة بناء على المقاييس والمعايير التي تصلح في مختلف حالات وظروف الاستخدام.

على سبيل المثال، إذا كان الشمول يمثل أولوية قصوى، يمكن أن تبدأ بتحديد معناه وشكله في مؤسستك. ثم حدد الطرق التي ستقيس بها مدى تحقُّق الشمول أو غيابه لكي تتمكن من تتبع التقدم المحرز وتقييمه. وقد يكون هذا هو الوقت المناسب لتطلب من زملائك في قسم التحليلات المحوسبة مساعدتك في تقينات القياس وتفسير النتائج.

2. عزز الإنصاف من خلال تقديم مبررات تجارية قوية

وضّح لماذا يُعد الإنصاف ضرورياً لتحقيق النتائج المالية المنشودة. واعرض أفكارك مستخدماً مصطلحات الأعمال التجارية واكسب دعم أصحاب المصلحة الموثوقين المعروفين باتخاذ قرارات العمل بالاستناد إلى أدلة. على سبيل المثال، ضع حدوداً واضحة بين الإنصاف والتنوع. ثم شارك ما كشفت عنه دراسة حديثة أجرتها شركة “ماكنزي” (McKinsey) وشملت 15 دولة وأكثر من 1,000 شركة، إذ وجدت أن المصنفين في الربع الأعلى على أساس النوع الاجتماعي والعِرق والتنوع الثقافي تفوقوا في الأداء على المصنفين في الربع الأدنى بنسبة 25 إلى 36%. فلا شيء يضاهي المقاييس القوية لدعم قضيتك.

3. استفد من التكنولوجيا وتقبّل قيودها

يمكن أن تكون التكنولوجيا أداة قوية لتحديد التحيزات في عمليات الأشخاص وتصحيحها. ولكنها قد لا تتمكن أبداً من ضمان أن تكون جميع القرارات المستندة إلى البيانات منصفة وأن تتم معالجة جميع التحيزات. وعلى الرغم من ذلك لا تدع افتقارها إلى الكمال يمنعك من الاستفادة منها. تظهر تقنيات جديدة يومياً تعزز الإنصاف في اتخاذ القرارات المتعلقة بالموارد البشرية بالاستناد إلى البيانات. لذلك اطلع دائماً على آخر المستجدات ذات الصلة بتطوير المنتجات الجديدة وأنشئ حافظة متطورة باستمرار تضم البرمجيات والأدوات والإجراءات التي تركز على تعزيز الإنصاف.

4. أجرِ عمليات تحقق من الإنصاف

عمليات التحقق من الإنصاف هي طرق موضوعية ومنهجية تحلل السياسات والممارسات والإجراءات ذات الصلة ببيانات الأشخاص في المؤسسة. وأهداف عمليات التحقق مختلفة: إذ يمكن أن يتمثل أحد الأهداف في البحث عن المشكلات المحتملة التي قد تجعل المؤسسة عرضة للوقوع تحت طائلة القانون. وقد يتمثل هدف آخر في تحديد طرق لتحسين الممارسات المتعلقة بالإنصاف.

يمكن إجراء عمليات التحقق من الإنصاف من خلال الأدوات البرمجية أو بمساعدة خبير خارجي أو من خلال إجراء مراجعة داخلية. والأهم من ذلك أن يتم إنجازها بصفة منتظمة على يد شخص يفهم تعريفات الإنصاف الخاصة بمؤسستك، وأن يتم اتخاذ إجراءات بشأن أي مشكلات أو فرص.

5. ابحث عن السبب الأساسي لمشكلتك

عندما تكتشف مشكلة ما، ابحث عن الافتراضات أو العمليات الأساسية التي ينبغي تغييرها. فغالباً ما تكون التحيزات لا شعورية، وعادة ما يكون عدم الإنصاف عَرَضاً لأكثر من قرار واحد. وهذا هو ما يجعل من الصعب اكتشاف السبب الأساسي للمشكلة.

يمكنك استخدام طريقة يحبها الأطفال الصغار حول العالم: اسأل عن “السبب” على الأقل 5 مرات. فيما يلي مثال على كيفية تطبيق هذه الطريقة في سياق الأعمال. المشكلة: تبلغ نسبة التنوع في مؤسستنا 45%، ولكن فقط 5% من المسؤولين التنفيذيين يتوافقون مع تعريفنا للتنوع. لماذا؟ لأننا نعيّن معظم المسؤولين التنفيذيين من خارج الشركة. لماذا؟ لأن مواهبنا داخل الشركة لا تمتلك الخبرة القيادية الكافية بقطاعنا. لماذا؟ لأنها لم تحصل على ما يكفي من فرص تطوير القدرات القيادية المتسقة مع الأهداف النهائية لأعمالنا. لماذا؟ لأننا لا نملك الموارد اللازمة لتوفير فرص لتطوير القدرات القيادية ذات الصلة بالقطاع. لماذا؟ لأننا لم نمنح ذلك الأولوية عند وضع الأهداف والميزانيات، وهنا ستكتشف السبب الأساسي للمشكلة. ربما لم تكن المشكلة في الـ 5% من المسؤولين التنفيذيين المتوافقين مع تعريف التنوع، وربما كان هذا مجرد عَرَض.

عادة ما يكون هناك العديد من الأسباب الأساسية، ولن يؤدي تحديد الأسباب المحتملة ببساطة إلى حل المشكلة. فلا يزال هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات. ولذلك لن ترى أي تغيير ما لم تحدد المشكلات الأساسية وتعالجها.

6. اجعل التعاون بين الأفراد متنوعي الأفكار والخبرات أمراً حتمياً

تتصف المجموعة المتنوعة بأنها أكثر قدرة على تحديد المشكلات المتعلقة بالتحيزات غير المنصفة وحلها في النُظم. لذا تأكد من إشراك الأفراد ذوي الأفكار والخبرات المتنوعة في كل مرحلة من العملية لتقليل احتمالية تسلُّل التحيزات غير المتعمدة بشكل غير ملحوظ.

اطلب مدخلات من جميع أقسام المؤسسة من خلال الجمع بين خبراء من أقسام متعددة مثل الموارد البشرية والبيانات والتكنولوجيا والقسم القانوني لتحديد الفرص وتعزيزها من أجل بناء نُظم بيانات جديدة متعلقة بالأشخاص أو تحسين النُظم الحالية. وتعاون مع مزودي الخدمات أو الخبراء في البيانات داخل المؤسسة لتطوير وتحسين الممارسات التشغيلية والمعايير الأخلاقية التي تجعل استخدام نُظم البيانات المتعلقة بالأشخاص أكثر إنصافاً.

7. حافظ على بقاء العنصر البشري عند اتخاذ القرارات المتعلقة بالموارد البشرية

في كثير من الحالات لا يوجد ولا ينبغي أن يكون هناك بديل عن الحكم البشري في اتخاذ القرارات المتعلقة بالموارد البشرية. إذ إن تحقيق الإنصاف في عملية التوظيف وتقييم الموظفين وعمليات صنع القرار الأخرى المتعلقة بالموارد البشرية يتطلب مشاركة البشر.

لنأخذ على سبيل المثال عملية إجراء المقابلات الشخصية: من الممكن بشكل كبير في هذه الأيام إزالة العنصر البشري والسماح للبيانات المستمدة من المقابلات التي أُجريت عبر الفيديو باتخاذ القرارات. وفي دراسة أجراها “مركز بيو للأبحاث” (Pew Research Center)، عندما سُئل المشاركون عن رأيهم في هذا النهج، شعر 67% منهم أنه لن يكون مقبولاً. ومن بين الأسباب التي ذكروها: أنه سيكون معيباً أو متحيزاً وأنه “ينبغي تقييم البشر بواسطة بشر مثلهم”. وبالنسبة إلى هؤلاء الذين يرون أنه مقبول، على الرغم من ذلك، فإنهم لا يزالون يعتقدون أنه سيكون له عيوب وتحيزات وآثار مترتبة على عدم الإنصاف. وكان هناك أيضاً اعتراف بأنه لا ينبغي أن تُستخدم مجموعات البيانات فقط في العملية. لذلك بدلاً من السماح للبيانات بتولي زمام الأمور، استكشف كيف يمكن للبشر والبيانات العمل معاً على أفضل وجه. تجمع بعض الطرق الواعدة لصناعة القرارات المتعلقة بالموارد البشرية بين الآلات والبشر للحد من التحيزات. وتشمل هذه الفئة من الطرق “تضمين العنصر البشري” في عملية صنع القرار، وفيها تُستخدم البيانات لتقديم خيارات أو توصيات ويقوم البشر بعد ذلك بالتحقق منها أو الاختيار من بينها. ويمكن أن تساعد هذه الطرق في تذكيرنا بأن بيانات الموارد البشرية تمثل أشخاصاً حقيقيين لديهم حيوات حقيقية، وليس مجرد أرقام يجب تحليلها دون تفكير ودراسة.

أصبح الإنصاف جزءاً مهماً من نجاح الأعمال، ويتم تحقيقه من خلال التعامل بإنصاف مع الأشخاص وإحقاق الحق في العالم. توفر بيئتنا الجديدة القائمة على التحليلات المحوسبة فرصاً لتعريف الإنصاف في المؤسسات ووضع مبررات تجارية له والتعاون مع المجموعات داخل المؤسسة وخارجها لتحقيقه والحفاظ عليه. ويتمثل التحدي في إدراك الفرص واقتناصها عند ظهورها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .