طريقتك في رواية القصص يمكن أن تبني قدراتك القيادية أو تدمرها

5 دقائق
بناء القدرات القيادية بالاعتماد على رواية القصص
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: تعد رواية قصة مقنعة الطريقة التي تبني بها المصداقية لنفسك ولأفكارك. في هذه المقالة، يستند المؤلف إلى خبراته بوصفه متحدثاً وناشراً ومؤلفاً لتوضيح السمات الخمس لرواية القصص بفاعلية. إذ يقترح أن القصص القوية يجب أن تراعي الاحتياجات الخاصة للجمهور وأن يتم تحديد سياقها بوضوح مع إضفاء الطابع الإنساني عليها وأن تكون ذات توجه عملي ومتواضعة. وسواء كنت تحتاج إلى إقناع زميل في العمل أو مسؤول عن التوظيف أو جمهور مؤتمر بأكمله، فإن الالتزام بهذه المبادئ التوجيهية سيساعدك على تقديم أصعب الأفكار بكل اهتمام وتعاطف.

 

حاولت إحدى الشركات الكبرى من عملائي الإعلان بطريقة ملهمة عن الأهداف والنتائج الرئيسية باستخدام هذه العبارة: “هناك إطار جديد لوضع الأهداف”. وكما هو متوقع، لم تلق الكثير من الحماس؛ فقد اعترض المدراء والموظفون قائلين: “لماذا نحتاج إلى نظام جديد لوضع الأهداف؟ ماذا يعني هذا بالنسبة إلى تقييمي؟ هل ما زلت على المسار الصحيح الذي سيؤدي إلى حصولي على هذه الترقية؟”.

لم تكن المشكلة في المقترح نفسه، ولكن ما كان يفتقر إليه هو السرد القصصي من جانب المسؤولين التنفيذيين. إذ إن رواية قصة مقنعة هي الطريقة التي تبني بها المصداقية لنفسك ولأفكارك، وتلهم بها الجمهور وتقود المؤسسة. فسواء كنت تحتاج إلى إقناع زميل أو فريق أو مسؤول تنفيذي أو مسؤول عن التوظيف أو جمهور مؤتمر بأكمله، فإن رواية القصص المؤثرة هو أمر في غاية الأهمية.

سمات القصص ذات التأثير بالآخرين

بوصفي متحدثاً وناشراً ومؤلفاً لأربعة كتب وعشرات المقالات، وجدت أن أكثر قصصي تأثيراً تشترك جميعها في السمات الخمس التالية:

1. مراعاة الاحتياجات الخاصة للجمهور

قد يبدو أمراً بسيطاً ولكن إذا كنت ترغب في معرفة ما يهتم جمهورك المستهدف به وما يثير قلقه وما يحفزه، فغالباً ما يكون إجراء مجموعة سريعة وغير رسمية من المحادثات هو الطريقة الأكثر فاعلية لاكتشاف ذلك. يمكنك أن تُدرج في سردك القصصي كلمات تعبر عن المخاوف أو الشواغل المحددة لدى جمهورك، مع تجنُّب الكلمات التي ستبدو مبتذلة وسطحية.

وهذا هو الخطأ الأول الذي ارتكبته الشركة المذكورة أعلاه عند الإعلان عن الأهداف والنتائج الرئيسية؛ فقد افترضت أن الرسالة نفسها ستؤثر في جميع الموظفين البالغ عددهم 10 آلاف موظف. ولكن هذا الجمهور يشتمل على المدراء والمساهمين الفرديين والموظفين المخضرمين والموظفين الجدد والأشخاص الذين كانوا على دراية بالفعل بإطار الأهداف والنتائج الرئيسية وأشخاص آخرين لم يسمعوا عنه من قبل. كما أن الجمهور كان قلقاً بوجه خاص لأن هذا الإعلان يمكن أن يؤثر على الطريقة التي يتم بها تقييم هذه الفئات المختلفة وترقيتها. وبذلك فإن النهج الأفضل يتمثل في صياغة مجموعة متنوعة من الإعلانات المختلفة حول الأهداف والنتائج الرئيسية التي تتناول الأسئلة والشواغل المحددة لدى كل مجموعة فرعية داخل المؤسسة.

2. تحديد سياق القصة

كانت هناك مشكلة رئيسية أخرى تتمثل في أن الإعلانات المختلفة التي تم إطلاقها حول الأهداف والنتائج الرئيسية فشلت في تحديد السبب في أن الوقت الحالي هو الوقت المناسب لإجراء هذا التغيير. بالنسبة إلى العديد من الموظفين، بدا الأمر وكأنه مجرد مبادرة إدارية عشوائية أخرى من القمة إلى القاعدة. ولذلك لو أن قصة الإعلان أوضحت كيف أنه يتلاءم مع الرؤية الأوسع نطاقاً للشركة وخلفيتها واستراتيجيتها المستقبلية، لكانت ساعدت الأشخاص على فهم سبب إجراء هذه التغييرات وأهميتها. على سبيل المثال، كان بإمكانهم تقديم بيان على غرار الأسطر التالية:

جذورنا ممتدة في قطاع الصناعات التحويلية، وقد تم تصميم أُطر وضع الأهداف التي كنا نستخدمها لتكون فعالة في هذا القطاع. ونظراً إلى أننا نتحول الآن إلى شركة رقمية تدعمها البرمجيات، فإن تلك الأُطر لم تعد مقبولة. وقد استثمرنا في مجموعة متنوعة من المشاريع على مدار السنوات الخمس الماضية لتنمية قدراتنا الرقمية، وهذه الطرق الجديدة في العمل تتطلب طرقاً جديدة في وضع الأهداف وتحديدها.

3. إضفاء الطابع الإنساني على القصة

يمكن أن تساعد النوادر والحكايات الشخصية على تلطيف الأجواء وتوضيح وجهة نظرك بطريقة أكثر فاعلية، ما يجعل جمهورك أقل تشككاً في أفكارك وأكثر استعداداً لتقبُّلها. على سبيل المثال، غالباً ما أتحدث مع عملائي من القادة عن الستة أشهر التي قضيتها في السفر مع فرقة سيرك. وفي حين أن ذلك قد يبدو غير مرتبط تماماً بسياق العمل، إلا أن القصص حول قضاء وقتي في تجربة لعبة المدفع البشري وتحليقي في الهواء كقذيفة بشرية تضحكهم دائماً، والأهم من ذلك، تجربتي في التعامل مع موقف غريب وجديد وبناء علاقات جديدة وتعلُّم ثقافة جديدة والفشل في بعض الأحيان والاندماج بنجاح في عالم جديد بالكامل، جميعها أمور غالباً ما تكون وثيقة الصلة بتجارب عملائي.

وبالمثل، يمكن للمسؤولين التنفيذيين المكلفين بالإعلان عن الأهداف والنتائج الرئيسية البدء برواية قصة شخصية:

كما يعلم بعضكم، أستمتع بالقفز بالمظلات. يقولون أنك تنسى كل شيء عندما تقفز من الطائرة، ولكن في عطلة نهاية الأسبوع الماضية عندما وقفت على باب الطائرة على ارتفاع 3,650 متراً تقريباً، تبادر إلى ذهني أنني أمتلك هدفاً واضحاً، وهو: الحفاظ على وجود توازن بين العمل والحياة الشخصية، ما يذكرني دائماً بأهمية كل منهما. وهل تعلمون ماذا كانت نتائجي الرئيسية؟ تمثلت إحداها في الهبوط من جميع قفزاتي دون إصابات خطيرة. وكما ترون، أنا بصحة جيدة حتى الآن! هذا النوع من الوضوح بشأن أهدافنا هو ما أتمنى تحقيقه لشركتنا مع هذا الإطار الجديد للأهداف والنتائج الرئيسية.

4. جَعل القصة ذات توجه عملي

التحديد يقلل الشعور بالقلق. فإذا أعطيت لجمهورك نصائح عملية وتوجيهات واضحة، فأنت بذلك تُمكّنهم من اتخاذ الفحص النافي للجهالة وسيعتبرون أن قصتك هي قصتهم الشخصية.

في البداية، أعلن عميلي عن الأهداف والنتائج الرئيسية بعبارات تبدو مبهرة ولكن تَبين في النهاية أنها مبتذلة وبلا فائدة: “إنها ستغير طريقة عملنا، وستعيد تعريف شكل النجاح في الشركة، وستجعلنا أقرب إلى العميل”. جميع هذه الأمور صحيحة، ولكنها لم تقدم شيئاً يمكن أن يساعد الأشخاص فعلياً في فهم ما تعنيه هذه التغييرات بالنسبة إليهم في أعمالهم يوماً بعد يوم عندما يبدؤون في وضع أهدافهم الجديدة والعمل على تحقيقها.

وبدلاً من ذلك، قد يتمثل النهج الأكثر فاعلية في التركيز تحديداً على التغييرات التي سيحتاجون إلى إجرائها:

بدلاً من الاعتماد على خارطة طريق تضم مبادرات محددة وتواريخ لإطلاق الميزات، سنحدد مواعيد لإجراء لقاءات مراجعة ربع سنوية لتقييم التقدم الذي أحرزناه فيما يتعلق بالمقاييس ذات الصلة بالعملاء مثل الاحتفاظ بهم ومتوسط قيمة الطلب وتكلفة اكتسابهم. وهذا يعني أن المسؤولين التنفيذيين ومدراء الإدارة الوسطى لن يضعوا خطط العمل لفِرق المنتجات بعد الآن، وبدلاً من ذلك ستصبح الفِرق مسؤولة عن وضع خططها حول أفضل الطرق لتحقيق هذه الأهداف. علاوة على ذلك، سنقدم دورات تدريبية وتدريباً إرشادياً طويل الأجل لدعم الفِرق في أثناء قيامها بهذا التحول. إذا كنت مهتماً، ما عليك إلا التواصل مع مديرك وسيساعدك على البدء.

5. التحلي بالتواضع

من الطبيعي أن تفزع من فكرة الكشف عن أخطائك أمام زملائك أو جمهور مؤتمر ما أو المسؤول عن التوظيف. ولكن التحلي بالتواضع يُظهر القدرة على النمو والتعلم. كما أنه يبني الثقة في قصتك على وجه التحديد لأنه يدل على أنك لا تدّعي معرفة جميع الإجابات، وأنك على استعداد للتعلم وتعديل المسار حسب الحاجة. من واقع خبرتي، لا شيء يمكن أن يخلق رابطاً قوياً بينك وبين جمهورك أكثر من الاعتراف بأنك تستفيد من تجارب الآخرين ونجاحاتهم وأنك لن تستطيع أن تفعل ما هو صائب طوال الوقت.

في حالة الإعلان عن الأهداف والنتائج الرئيسية، يمكن التحلي بالتواضع كما هو موضح فيما يلي:

ربما يتذكر الكثيرون منكم آخر مرة حاولنا فيها تحديث نظامنا لوضع الأهداف. كنت رئيس العمليات في ذلك الوقت، وأحد المحركات الرئيسية لهذا التغيير. ويتذكر الكثيرون منكم أيضاً إلى أي مدى فشلت هذه المبادرة. وقد كانت هذه غلطتي؛ فقد دفعت هذا التغيير بسرعة كبيرة دون فهم واضح للكيفية التي ينبغي بها دعم المؤسسة خلال هذا التحول. وقد تعلمت الكثير من هذه التجربة، وسأنتظر منكم على الدوام تقديم دعمكم واقتراحاتكم القيمة لضمان نجاح الإعلان عن الأهداف والنتائج الرئيسية.

يمكن أن تؤدي رواية القصص إلى إنجاح أي مبادرة أو إفشالها. إذ يمكن لراوي القصة السيئ تشويه حتى أفضل الأفكار، بينما يمكن لراوي القصة الجيد تقديم فكرة صعبة الفهم لجمهوره بكل اهتمام وتعاطف. ستحتاج رواية القصص الجيدة إلى تدريب وممارسة، ولكن عندما يتم تقديمها بشكل صحيح يمكن أن يكون لها تأثير كبير على فريقك ومؤسستك ومسيرتك المهنية بأكملها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .