سؤال من قارئة: أقود فريقاً مؤلفاً من 15 فرداً يتمتعون بخلفيات متنوعة من النواحي المهنية والفنية والشخصية. إحدى النساء هي خبيرة تقنية مقيمة تتمتع بخبرة عميقة. سمعت من زملائها أنها تكتنز المعلومات وتستاء إذا طلب أحد منها مشاركة ما تعرفه. لديها بعض المشاكل في أسلوب التواصل، ولا تجيد إدارة الوقت، فهي تحضر إلى الاجتماعات متأخرة دوماً، أو تفوتها أو تطلب تأجيلها. وغالباً ما تفشل في متابعة العمل. لا أحب أن أبالغ في التعميم، لكنها قادمة من الهند، وثقافة الشركات هناك قائمة على التسلسل الهرمي، ولا أعلم كيف أغير العقلية الصعبة لهذه المديرة، وربما كانت هذه المشكلات نابعة من أنها مديرة في المستوى المتوسط في حين أن بقية أفراد الفريق أدنى منها مرتبة، وليس هناك سوى نظيرين لها ومديرين أعلى منها في الرتبة. حاولت التحدث إليها بشأن كل هذه الأمور، لكنها تغير اتجاه الحديث وتوجهه نحو مشكلات أخرى في الفريق. وعندما أسألها عن سير الأمور في مجالات أعلم أنها تواجه فيها نزاعات شخصية، تجيب بأن كل شيء على ما يرام. جربت طرقاً مختلفة لتقديم التقييمات والآراء في أوقات مختلفة وفي مجالات مختلفة، لكنها تدافع عن نفسها غالباً وترفضها، وتقول إنها تتعرض لافتراءات مجحفة. أجريت محادثات من نفس النوع مع أفراد آخرين من الفريق وكانوا متقبلين لهذه المحادثات وتجاوبوا معي، لذا لا أعتقد أن المشكلة تكمن في أسلوبي أو رسالتي التي أوصلها.
سؤالي هو:
كيف أجري هذه المحادثات معها بطريقة أكثر فاعلية؟ وكيف سأنجح في تغيير العقلية الصعبة لهذه المديرة؟
يجيب عن هذا السؤال كل من:
دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.
آدريان غوستيك (Adrian Gostick): مدرب تنفيذي ومؤلف مشارك لكتاب "القيادة بامتنان: ثماني ممارسات قيادية لنتائج أعمال استثنائية" (Leading with Gratitude: Eight Leadership Practices for Extraordinary Business Results).
آدريان غوستيك: أقوم بالكثير من أعمال التدريب التنفيذي، وتحدثت بالأمس هاتفياً مع شاب كان يقول على مدى 45 دقيقة أن كل شيء يسير على ما يرام وأنه محبوب بين موظفيه. ومع ذلك، أوكلت مؤسسته إليّ مسؤولية تدريبه. لم تظهر أي مشكلة إلى أن اقترحت عليه أخيراً أن يجري تقييماً لأدائه بطريقة 360 درجة مع موظفيه. عندئذ، قال: "أعتقد أنهم سيقولون إني دائم الرفض نوعاً ما. فأنا أعمل هنا منذ زمن طويل وأعلم ما سينجح وما لن ينجح. وقد يقولون إني لا أرغب بالاستماع إلى جميع أفكارهم، وأقول لهم على الفور أنها لن تنجح". وفجأة، بدأنا بالتحدث صراحة، وأخذنا نناقش نظرة الموظفين إليه. أعتقد أن شيئاً من هذا يحدث فيما يخص صاحبة السؤال. أعتقد أن الموظفة التي لديها ليست موظفة صاحبة ثقافة سامة، وإنما موظفة صعبة ومرهقة فحسب، وأعتقد أنها ستستفيد من التدريب وإجراء تقييم لأدائها بطريقة 360 درجة كي ترى كيف ينظر الآخرون إليها.
أليسون بيرد: عندما قرأت هذا السؤال في البداية كنت أشعر بأني أبغض من يكتنزون المعلومات، لكني رجعت إلى دراسة مثيرة للاهتمام كنا قد نشرناها في السابق، ودفعتني للتعاطف مع الأشخاص الذين يملكون كثيراً من المعارف في المؤسسات. قد يكون اكتناز المعلومات بسبب خوف الشخص من خسارة ميزته التنافسية، ولكن غالباً ما يؤدي تعرضه لضغط الوقت، وشعوره بأن الآخرين جميعهم يعتمدون عليه ويطلبون منه أشياء كثيرة إلى امتناعه عن الاستجابة وقول: "لا أستطيع، ليس لدي الوقت للقيام بذلك". حتى أنه في إحدى الدراسات، تبين أن البعض يتظاهرون بعدم امتلاك المعلومات. لذا، أرى أنه يجب على صاحبة السؤال التوصل إلى طريقة للتغلب على رد الفعل الطبيعي لدى تلك المرأة تجاه شعورها بالضغط جراء لجوء الجميع إليها، وعدم امتلاكها الوقت لمساعدتهم.
آدريان غوستيك: أعتقد أن هذا صحيح تماماً. يجب أن نبدأ أولاً بالتفكير بمدى انشغالها. فرد الفعل الأول عندما نسمع أن هذه المرأة تكتنز المعلومات هو الشعور بالبغض تجاهها، وقد عرفت فيما مضى شخصاً كان يفعل ذلك. لكن عند التفكير في الأمر أكثر ستدركين أنها لا تملك من الوقت ولو 30 ثانية لشرح أمر ما لأحد الموظفين، لأن الأمر سيمتد خمس دقائق بكل تأكيد. أعتقد أن بإمكان قادتها مساعدتها بعدة أمور، أحدها هو إحضار بديل وتدريبه على ما تقوم به.
دان ماغين: ماذا عن مشكلة اهتمامها الشديد بالتراتبية الهرمية وتعاملها مع الآخرين وفقها؟ هل يمكن أن تسبب هذه العقلية مشكلة بين المدير والمرؤوس؟ هل من طريقة لجعلها تتقبل التساوي بين جميع الموظفين بغض النظر عمن يشغل منصب المدير أو نائب الرئيس أو غيره؟
آدريان غوستيك: لاحظت بعض الأمور في هذا الخصوص. أولاً، قالت صاحبة السؤال: "لا أدري إن كانت هذه مشكلة أم لا، لكن هذه المديرة قادمة من الهند"، هذه ليست العقلية الشمولية التي نتبناها اليوم، وهي ليست العقلية التي يجب على صاحبة السؤال تبنيها لمعالجة هذه المشكلة. فلنقل إن هذه المديرة التي تتحدث عنها صاحبة السؤال تهتم برتبة من تتعامل معه بالفعل، هذه نقطة تستحق التوقف عندها، لا يمكن القبول بهذا الأمر، وإذا بنينا عليه النقاش فسيكون ذا قيمة. فعندئذ، يمكن أن تدور المناقشة حول ضرورة مساعدة الجميع واحترامهم مهما كان موقعهم من المؤسسة. لكن يجب أن تكون هذه قيمة نؤمن بها فعلاً في فريقنا، ويجب أن نرتقي إليها. يجب ألا تكون هذه القيمة مجرد كلام فقط، وإنما يجب أن أراها فعلياً في المدراء والموظفين أيضاً.
أليسون بيرد: كما قلنا من قبل، من الأفضل إجراء محادثة مباشرة مع هذه الموظفة. ويجب أن تجعل هذه المحادثة سهلة عليها. لذا أولاً، يجب أن توضح صاحبة السؤال أن هذا الأمر يهم المؤسسة فعلاً، وأنها ستحفزها للقيام به. ثانياً، يجب أن تبحث صاحبة السؤال عن أفضل طريقة للقيام بذلك، هل يجب تعيين متدرب يحمل عنها كل المهمات ثم يمررها إلى بقية المؤسسة؟ دوروثي ليونارد، هي أستاذة سابقة في كلية هارفارد للأعمال، وقد كتبت الكثير حول السلاسل المعرفية والتدريب وجلسات التحدي والاجتماعات في المخيمات، وهي كلها طرق مختلفة لاستخراج المعارف من رأس الشخص الذي يتمتع بالخبرات ونشرها في المؤسسة من دون تحميله عبئاً كبيراً. لذا أعتقد أن إجراء جلسة تبادل أفكار (عصف ذهني) معها قد يساعدها على تخفيف مقاومتها للتغيير والمواجهة والانتقاد.
آدريان غوستيك: ثمة أمر مهم في حديث صاحبة السؤال مع هذه المديرة، إلى جانب روح الفريق التي ستنشأ نتيجة هذا الاقتراح، وهو طرح سؤال عن طريقة التقدم. يجب أن تملك هذه المديرة التواضع اللازم لتقول: "يجب عليّ أن أتغير، وأنا عازمة على ذلك". من الجيد امتلاك الشجاعة للمتابعة ثم محاولة ذلك، لكن يجب الالتزام بهذا الأمر لأن صاحبة السؤالستجتمع بها مرة في الشهر على الأقل بوصفها مديرتها وستسألها عن أحوالها، وستخصص ما لا يقل عن ساعة لذلك، وستمنحه الوقت اللازم لأنه لا يقل أهمية عن بقية النتائج الأخرى المطلوبة من هذه المديرة والتي تساعدها على النمو والتطور وممارسة دورها كعضوة في الفريق يحتاج الجميع إليها.
دان ماغين: عندما تسمع أنها تتأخر على الاجتماعات ولا تحضر بعضها ولا تتابع الأعمال، وتبدو وكأنها تعاني من مشكلات في التنظيم وإدارة الوقت، هل تبدو لك هذه نقطة يمكن مهاجمتها منها؟
آدريان غوستيك: هذا سؤال مهم، فنحن نفترض أنها منهكة، وتحمل مسؤوليات أعمال كثيرة وهي مطالبة بالكثير. وأحد الأمور التي يتعين على صاحبة السؤال معرفتها أولاً هو ما إذا كانت هذه المديرة تحقق كل النتائج المطلوبة منها أيضاً. وواحدة من أبسط الطرق للقيام بذلك هي أن تطلب صاحبة السؤال إجراء اجتماع في صباح أول يوم من أسبوع العمل، لمراجعة ما على تلك المديرة من مهام أثناء هذا الأسبوع وتحديد أهدافها ونتائجها المطلوبة. ثم مقارنة نتائجها أسبوعاً تلو الآخر لمعرفة التقدم الذي تحرزه، وإن لم يكن هناك أي تقدم فلا بد أنها تعاني من مشكلة ما تمنعها من إنجاز العمل المطلوب منها، وبالتالي فهي تعاني من مشكلة فعلاً في إدارة الوقت أو في الأداء. ولكن إذا كانت تستعجل في أداء كثير من الأمور فلا بد أنها تعاني من مشكلة في ترتيب الأولويات، وقد تكون غير قادرة على تحديد المهمات الأهم، ويمكن لمديرتها (صاحبة السؤال) مساعدتها كثيراً في هذا الأمر، من خلال مساعدتها على فهم الأعمال التي يجب عليها إنجازها أولاً أثناء الأسبوع.
أليسون بيرد: لنفترض أن صاحبة السؤال ذهبت إلى تلك المرأة وتحدثت إليها وشجعتها على التغيير، لكن الأخيرة اتخذت موقفاً دفاعياً ورفضت الإقرار بوجود مشكلة أساساً، ما الخطوة التي يجب على صاحبة السؤال اتخاذها؟
آدريان غوستيك: الخطوة الأخيرة بعد أن تكون صاحبة السؤال قد حاولت كل ما قلناه بوصفها قائدة، هي التفكير بالعثور على شخص من خارج المؤسسة لمساعدة تلك المديرة، كمدرب مثلاً. قد لا يستغرق التدريب فترة طويلة، قد لا يحتاج أكثر من ثلاثة أشهر أو ستة، وليس بالضرورة أن يكون مكلفاً للغاية. لكن من الواضح أن هذه المديرة تتمتع بالقيمة، وإذا كانت كذلك فعلاً بالنسبة لقادة المؤسسة فمن الضروري أن يسعوا للعثور على مدرب خارجي يمكنه مساعدتها. ففي بعض الأحيان يمكن لنظرة من خارج المؤسسة التأثير فينا ومساعدتنا على إدراك أن الآخرين لا يرون صورتنا كما يجب.
دان ماغين: نرى مشكلتين، وواحدة منهما تُظهر بصورة جلية أن هذه المديرة تواجه صعوبة في إدارة وقتها، وربما كانت بحاجة إلى مزيد من الموارد أو الموظفين، وربما كانت بحاجة إلى المساعدة في ترتيب الأولويات أو إلى إجراء اجتماعات مراجعة أسبوعية. ونرى أن جزءاً من هذه المشكلة يتمثل في تأخرها على الاجتماعات وتفويتها وعدم إنجاز النتائج المطلوبة منها. أما المشكلة الأخرى والأكبر فهي تتعلق بالاحترام والقيم، فهي لا تتعامل مع زملائها بالقدر الكافي من الاحترام وتتصرف وكأنها أعلى منهم. لا نرى أن هذه المشكلة تتعلق بالثقافة، ونرى أنه من غير المناسب أن تتبنى صاحبة السؤال العقلية التي تفترض أن أصول تلك المديرة الهندية هي سبب هذه المشكلة. نود من صاحبة السؤال إجراء محادثة مباشرة مع تلك المديرة وإخبارها بالمشكلة، وربما إجراء تقييم أداء بطريقة 360 درجة لتوضيح البيانات والأدلة المتعلقة بهذه المشكلة، ومساعدتها على إدراك ضرورة أن تتغير. إذا لم تنجح أي من هذه الطرق، يمكن لصاحبة السؤال التفكير بالاستعانة بمدرب خارجي يساعدها في حل كلتا المشكلتين. ومن الممكن أن تظهر نتائج هذا التدريب في غضون ثلاثة أشهر أو ستة لا أكثر، وسترى بعدها كيف استطاعت تغيير عقلية المديرة الصعبة.