هل يختلف عمل المدراء حقاً عن عمل القادة؟

3 دقائق
الفرق بين عمل المدراء وعمل القادة

يحب رجال الأعمال ومنظّرو الأعمال التمييز بين الإدارة والقيادة. يقال أن "المدراء يؤدون الأعمال بطريقة صحيحة؛ أما القادة فيفعلون الأشياء الصحيحة من أجل العمل". ويُقال كذلك: "الإدارة هي الإدارة، أما القيادة فهي الابتكار".

يبدو أن الاعتقاد السائد عن الإدارة هو ما يتعين علينا فعله، في حين أن القيادة هي ما نريد تحقيقه.

هذا لغز يصفه الكثير منا، لكن هل هو حقيقي؟ من حيث الممارسة، هل للقيادة أدوار تختلف جوهرياً عن تلك المتعلقة بالإدارة؟ أم أن الأمر ببساطة هو أن كلاً منهما يتطلب منا التركيز على أشياء مختلفة؟ هل يختلف عمل المدراء حقاً عن عمل القادة؟

دراسة حول عمل المدراء والقادة

لقد أتيحت لي الفرصة مؤخراً للتفكير في هذا الموضوع من وجهات نظر متعددة، باعتبارها جزءاً من برنامج الماجستير في الأبعاد الإنسانية للمؤسسات بـ "جامعة تكساس" في أوستن. قادتني دراساتي وخبرتي التي امتدت 34 عاماً في المؤسسات متعددة الجنسيات إلى التساؤل عمّا إذا كان هناك بالفعل أي فرق بين القيادة والإدارة في بداية القرن الحادي والعشرين. وإذا كان ثمة فرق، فأين يكمن؟

درست ثمانية قادة من قطاع الأعمال والحكومة والقسم الرياضي الأول لـ "الرابطة الوطنية لرياضة الجامعات" (NCAA). يمتلك أولئك القادة 197 عاماً من الخبرة المهنية، أمضوا 139 منها في مناصب قيادية أو إدارية. استخدمت تقنية المقابلة الشخصية شبه الممنهجة التي ركزت بشكل مستقل على كل من القيادة والإدارة. بعد محادثاتنا، أجريت تحليلاً نصياً لتلك النصوص باستخدام إطار مرجعي لمفاهيم وسلوكيات وأنشطة القيادة والإدارة.

وصف جميع من قابلتهم القيادة بأنها مختلفة عن الإدارة عندما طرحت هذا السؤال مباشرة في نهاية المقابلة الشخصية. استجاب المشاركون بدرجات متفاوتة من التوكيد -من "ثمة اختلاف بين القيادة والإدارة" إلى "بالتأكيد"- لكنهم عبروا بوضوح عن فكرة أن القيادة والإدارة مفهومان منفصلان ومختلفان.

ومع ذلك، كشفت هذه المحادثات أيضاً عن تمييز أكثر دقة في فهم المشاركين للفرق الفعلي والأدائي بين القيادة والإدارة. أشارت ردودهم حول السلوكيات والأنشطة إلى وجود اختلاف في محور التركيز ضمن مجموعة من العناصر الأساسية المشتركة بين كل من القيادة والإدارة.

على سبيل المثال، غالباً ما ذكر الأشخاص الذين تمت مقابلتهم التأثيرات الإيجابية لشخصية القائد وسلوكياته على أتباعه. عند الحديث عن الإدارة، ركزوا على سلوكيات المدير فيما يتعلق بالأهداف النهائية للأداء الفعال وتحقيق النتائج بنجاح. بالإضافة إلى أن سلوكيات الإدارة تركز مباشرة على المدير من حيث: اكتساب الثقة والمحاسبة والتفاؤل والظهور والتقدير والمكافأة. بينما تركز سلوكيات القيادة على الموظفين: الثقة بالآخرين وإشراكهم وتحفيزهم وتشجيعهم.

الفرق بين الدور القيادي والإداري

موقف الآخرين تجاه عملية التفويض والتطوير تجعل هذا الفرق بين الدور القيادي والإداري أكثر وضوحاً. يستخدم "المدراء" التفويض وسيلة لزيادة الكفاءة، بينما تفويض "القادة" هو وسيلة لتمكين المرؤوسين. ذكر الأشخاص الذين قابلتهم أيضاً المزيد من السلوكيات التي تعهد بها القادة لتطوير موظفيهم - تحديداً 14 سلوكاً. بينما بدت خمسة فقط من هذه السلوكيات للمدراء، ما دفعني إلى استنتاج أن تطوير الموظف يعتبر أكثر أهمية في وظيفة "القائد". تركز هذه السلوكيات الخمسة على تطوير قدرات الموظفين وتماسك الفريق لتحقيق أهداف العمل. في المقابل، فإن السلوكيات القيادية الأربعة عشر التي وصفها المشاركون تركز على تطوير كفاءة الموظفين لصالح الفريق.

حتى عند الحديث عن تحسين الذات، يبدو أن "المدراء" يركزون أكثر على أنفسهم وعلى النتائج، في حين أن "القادة" أكثر تركيزاً على الآخرين. على وجه التحديد، وصِف المدراء بأنهم يركزون على تحسين التعلم الذاتي (بمعنى، التعود على الصبر، والتأمل الذاتي، والتوقعات الواقعية)، في حين تم وصف القادة بأنهم تعلموا من آخرين (مثلاً، من خلال اكتساب ملاحظات الآخرين أو عبر وجود مرشدين مهنيين).

أوضحت لي هذه المحادثات أن للمدراء اهتمامات مختلفة عمّا يركز عليه القادة. ومع ذلك، فإن هذا الفرق يتلاشى كثيراً عندما ننظر إلى الأنشطة اليومية لهؤلاء المسؤولين. أغلب الأنشطة التي وصفها المشاركون كانت متشابهة جداً، بل ومتطابقة - مثل التفويض والتعلم والتحفيز وما إلى ذلك.

لذلك نتساءل، هل القيادة والإدارة مختلفتان من حيث الممارسة؟

أرى أنهما ليستا مختلفتين من حيث الأدوار التي يلعبها كل منها في المؤسسات. فبعض السلوكيات والأنشطة مشتركة في التوضيح الفعال لكل من القيادة والإدارة. الفرق الحاسم -وربما الاختلاف الوحيد- هو محور اهتمام الشخص الذي يلعب بالدور. ركز أكثر على الآخرين وستبرز مهاراتك القيادية، وزد تركيزك على النتائج لتبرهن على كفاءة أدائك الإداري، لكن ما تفعله تماماً قد لا يكون مختلفاً في كلتا الحالتين.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي