كيف تحافظ على سرية البحث عن عمل جديد؟

7 دقائق

تُعدّ مهمة البحث عن عمل أثناء قيامك بعملك الحالي مهمة مرهقة، خاصة في زمن وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تندر الخصوصية. وبالتأكيد أنت لا ترغب في إثارة مشاكل ضمن شركتك الحالية، ولكنك في الوقت نفسه تُريد إيجاد الفرصة العظيمة التالية. فهل عليك إخبار مديرك أنك تبحث عن عمل آخر؟ وكيف يمكنك التعامل مع موضوع الجهات المرجعية؟ وإذا حصلت على عرض، هل إخبار شركتك بمغادرة العمل قبل أسبوعين يُعد أمراً جيداً؟ بما أنّ أسلوب مغادرتك لعملك الحالي على القدر نفسه من أهمية أدائك في العمل التالي، فمن المهم أن تعرف الإجابة عن هذه الأسئلة.

ما يقوله الخبراء

ربما يكون سوق العمل كئيباً، ولكن لا يعني هذا أنك عالق في مكانك. فإذا سمعت إشاعات حول تسريح مثلاً أو تفوقت على عملك الحالي، لا بأس عندها أن تبحث عن عمل آخر. تقول بريسيلا كلامان، رئيسة شركة استراتيجية المهنة (Career Strategies, Inc)، وهي شركة مقرها بوسطن وتوفر التدريب المهني وخدمات الإدارة: "أنّ سوق العمل أكثر نشاطاً مما يتوقعه أغلب الناس. وبالنسبة لبعض الأشخاص، فإنّ سوق العمل سيء جداً، ولكنني أعلم الكثير ممن يتركون عملاً ويجدون آخر". ولكن بالتأكيد يُعتبر البحث عن عمل أثناء محاولة البقاء على رأس عملك أمراً صعباً جداً. ولكن إذا قمت به بإتقان، ستستطيع الانتقال من دون أن تفسد صلتك بالمكان مع تعزيز علاقاتك المهنية، بحسب ما يقوله كلاوديو فرنانديز آراوس، مستشار أقدم في شركة إيجون زيندر الدولية (Egon Zehnder International) ومؤلف كتاب "قرارات الناس العظام" (Great People Decisions). وكل ما عليك هو اتباع المبادئ التالية:

قم بواجباتك

يقول فرنانديز: "الخطوة الأولى لأي بحث عن عمل هي تحليل شامل للأمور التي تتقنها وتحب القيام بها". لذلك، افهم تماماً ما تبحث عنه في عملك القادم، ثم تحقق من واقعيته في سوق العمل. وهل يوجد عمل بالمواصفات التي تبحث عنها فعلاً؟ هل تمتلك المؤهلات المناسبة؟ ولمساعدتك على تقييم الأمور، استعن بمستشارين موثوقين كأصدقاء في مجالك نفسه أو أحد الاستشاريين بالبحث.

فكر في الخيارات الداخلية أولاً

بمجرد تحققك من رغبتك، ابدأ بحثك داخل الشركة التي تعمل بها. إذ يقول فرنانديز: "من تجربتي، لا يجتهد الناس في كثير من الأحيان بشكل كاف لإعادة تعريف آفاقهم الوظيفية والمهنية مع أصحاب أعمالهم الحاليّين، ولذلك يقررون البحث عن أماكن جديدة في وقت سابق لأوانه". ولكن ربما تكون هناك بعض الفرص الداخلية التي تُلبّي احتياجاتك مثل إعادة تشكيل وظيفتك أو الانتقال إلى فريق آخر أو العمل على مشروع مميز. أما إذا كانت الفرص محدودة أو أنك متأكد من رغبتك بتغيير الشركة، يمكنك حينها البحث خارجاً.

ابقِ الأمر سرياً إذا كان ضرورياً

من الأفضل للعديد من الناس أن يبقوا عملية بحثهم سرية، وذلك لعدة أسباب منها: أنّ علاقتك مع مديرك ربما لا تكون قوية أو ربما تكون قلقاً من مواجهة زملائك أو تخاف من احتمالية عدم إيجادك لوظيفة أُخرى فلا ترغب بإحراج نفسك. وفي مثل هذه الحالات، من الحكمة ألا يعلم أحد من الشركة التي تعمل بها عن الأمر. يقول كلامان: "إذا كنت تبحث عن عمل بشكل سري، عليك أن تكون دقيقاً حيال عدم التحدث عن هذه الأمور من خلال حساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي أو استخدام البريد الإلكتروني الخاص بعملك الحالي". ويقول فرنانديز: "من المشتت أن يعلم الجميع أنك تبحث عن شيء جديد".

تعامل مع شبكة علاقاتك بعناية

إذا كان لديك زميل تثق به، لا بأس بمشاركته الأخبار، إذ أنّ كشف أمر بحثك لشخص آخر يولد قوة ويساعدك على إنشاء جهات اتصال جديدة. يقول فرنانديز: "إذا كشفت الأمر لزميلك، سيمثّل هذا التزاماً بالبحث بشكل صحيح وفعلي عن فرصة جديدة. وربما يكون البحث عن طريقة شبكة الإنترنت مفيداً أيضاً (مفتاح البحث الناجح عن وظيفة)". كما يمكنك مشاركة عملية بحثك مع شخص غير مرتبط بالشركة التي تعمل بها بشرط أن تكون حذراً، إذ ليس عليك أن تقول: "مرحباً، أنا إيمي غالو، وأبحث عن عمل". وفي حال كنت تتحدث مع صاحب عمل محتمل، يمكنك أن تقول شيئاً كهذا: "إنني أبلي بلاء حسناً في منصبي الحالي، وأفكر دائماً بالخطوات القادمة". ولا تتصرف بيأس. فيقول كلامان: "لا تقل أبداً أنك تكاد تموت حتى تخرج من هناك، فالناس لا يرغبون بأشخاص يكادون يموتون للخروج من مكان ما".

متى عليك إخبار مديرك؟

لا يرغب أي مدير معرفة عن طريق الصدفة أنّ أحد موظفيه يبحث عن عمل جديد. بالتالي عليك إخبار مديرك بمجرد استطعت إخباره. ولا شك أنّ هناك بعض المخاطر: فقد يصعّب عليك مثلاً إجراء مقابلة عمل أو لا يدعمك إذا تم الاتصال به كجهة مرجعية. وربما يعاملك بشكل مختلف إذا علم أنك تريد المغادرة. ولكن يذكر كل من كلامان وفرنانديز أنّ هناك بعض الإيجابيات أيضاً لإجراء نقاش صريح مع مديرك. أولاً، ربما يساعدك في تحديد الفرص داخل المؤسسة أو خارجها. ثانياً، يسهّل إخبارك له عملية البحث التي تقوم بها. يقول فرنانديز: "يسهّل عليك المدير الجيد البحث عن الفرصة الجديدة المناسبة ويرشدك إلى بعض الفرص المميزة". ثالثاً، تصرفك بهذه الطريقة، يُظهر حسن نواياك، إذ أنّ مديرك سيقدّر صراحتك وإتاحتك الفرصة للتخطيط المسبق لمغادرتك. ومع ذلك، إذا كنت تعلم أنّ ردة فعل مديرك ستكون سلبية ومن غير المحتمل أن يكون داعماً لك، من الأفضل لك الانتظار إلى أن تحصل على عرض لتخبره به.

قم بإجراء مقابلات العمل أثناء الوقت الخاص بك

يرغب معظم أصحاب العمل عادة بإجراء مقابلات العمل أثناء ساعات العمل الاعتيادية. ولكن عليك ألا تتسلل من عملك بحجة اجتماعات وهمية أو التظاهر بأنك مريض. إذ عليك أن تجعل موعد المقابلة يتناسب مع جدولك الزمني دون أن تغشّ صاحب عملك الحالي. وإذا كان مديرك يتابع كل تحركاتك، اطلب إجازة أو وقتاً شخصياً. وإذا كان مديرك شاكّاً بأمر ما، اشرح له أنّ لديك مسألة شخصية عليك الاعتناء بها.

قدّم الجهات المرجعية الصحيحة

إذا كان مديرك لا يعلم أنك تبحث عن عمل، بالتالي لا يمكنك استخدامه كجهة مرجعية. في مثل هذه الحالات يمكنك تقديم جهات مرجعية من عملك السابق أو تقديم اسم زميل موثوق في شركتك الحالية ممن يعلمون بأمر البحث ويمكنهم التحدث عن أدائك. وإذا أصرّ مدير التوظيف على جهة مرجعية من أحد مدرائك المباشرين، وضح له أنه يمكنك تقديم تلك الجهة عند تلقّيك لعرض من شركته. يقول كلامان: "ستشترط العديد من المؤسسات وجود جهات مرجعية جيدة من أجل تقديم العرض، وهذا يعني أنّ عليك مواجهة مديرك بأقصى سرعة بعد أن تلقيت الأخبار الجيدة. ليس هذا وحسب، بل عليك إقناعه بتقديم توصية إيجابية على الرغم من احتمال انزعاجه لرحيلك".

لا تقبل العرض المقابل

يلجأ بعض أصحاب العمل إلى تقديم عرض مقابل عند إعلانك عن مغادرتك. لكن يحذّر فرنانديز من التفكير بمثل هذه العروض ويقول: "من خلال تجربتي، عادة ما تكون هذه العروض غامضة وتتضمن المزيد من المال والمزيد من المسؤوليات". ويقول: "أنه في العديد من الحالات وعندما يقبل الناس بهذه العروض، ينتهي بهم الأمر بالمغادرة أو حتى الطرد بعد ذلك بوقت قصير". وبمجرد أن وافقت على عرض من شركة ما، فإنّ التراجع عن قبوله لصالح عرض مقابل من صاحب عملك الحالي لا يُعدّ تصرفاً مشكوكاً به وحسب، بل يُعدّ قراراً مهنياً ضعيفاً أيضاً".

اترك أثراً جيداً

يشير كلامان إلى أنّ اتفاقية الإشعار بالمغادرة لا تزال أسبوعين، لكن بعض الناس، وخصوصاً أولئك الذين يشغلون مناصب متقدمة أو أولئك من هم في منتصف مشروع ضخم، سيكون عليهم زيادة المدة عن أسبوعين. ويقدّم فرنانديز هذه النصيحة العامة: "المقياس هو مقدار الأهمية، فإذا لم يكن لديك ارتباط مهم، يمكنك المغادرة سريعاً. أما إذا كان لديك ارتباط مهم أو لديك مسؤولية كبيرة، سيحترمك صاحب العمل الجديد كثيراً إذا لم تغادر عملك بين ليلة وضحاها". ستكون مدة شهر كافية بمجرد اتخاذ القرار.

بغض النظر عن مدى سوء الأوضاع، لا تخرج دون أن تخبر أحداً. إذ أنّ ترك الانطباع السيء يكون خطراً على وظائفك المستقبلية. يقول كلامان: "لا ترغب في أن تغادر وظيفة ما، لأن هذا التصرف سيبقى معك إلى الأبد".

المبادئ التي عليك تذكرها

افعل:

  • البحث في الفرَص الداخلية قبل أي مكان آخر.
  • الاعتناء باختيار الأشخاص الذين تخبرهم أنك تبحث عن عمل.
  • إشعارك بالمغادرة قبل أسبوعين كحدّ أدنى وأكثر من أسبوعين إذا كنت بمنصب متقدم أو مرتبط بمشروع مهم.

لا تفعل:

  • إخبار مديرك أنك تبحث عن عمل آخر إلا إذا كنت على علاقة جيدة به.
  • ابتكار مواعيد وهمية من أجل الذهاب إلى مقابلات عمل كطلب إجازة أو وقتاً شخصياً بدلاً من ذلك.
  • التفكير في العروض المقابلة، إذ أنها عادة ما تكون وعوداً غير مؤكدة.

دراسة حالة رقم 1: انتظر إلى أن تحصل على عرض

عندما سُرّحت مها من عملها في شركة صيدلانية حيوية ضمن ولاية كونيتيكت، سرعان ما وجدت منصباً آخر في ولاية ماساتشوستس، لكن المشكلة أنّ زوجها وابنتها كانا بحاجة إلى البقاء في كونيتيكت. وعلى الرغم من إدراكها أنه لم يكن حلاً مثالياً، إلا أنها فكرت في السفر إلى العمل ذهاباً وإياباً. وفعلت هذا لمدة عام فعلاً. ثم أعلن صاحب العمل الجديد أنّ الشركة ستكون في مرحلة إعادة هيكلة، فافترض الجميع أنهم سيقومون بحركة تسريح للموظفين.

لذلك بدأت مها بالبحث عن عمل آخر. ولم تُخبر مديرها، الذي كانت علاقتها معه ضعيفة بهذا الأمر، ولكنها أخبرت سراً زملاءها في المجموعة عن الأمر. وتقول: "كان الكثير من المجموعة  يبحثون عن فرص جديدة، إذ لم يكونوا مسرورين بما يحصل". وطلبت إجازة لعدة أيام لإجراء مقابلات العمل.

طوال هذا الوقت، كانت تتحدث مع رامي، مديرها السابق في شركة كونيتيكت، وهو يعمل الآن ضمن شركة صيدلانية كبيرة في نيويورك (ليس بعيداً جداً عن مكان إقامة زوج مها وابنتها)، وأراد أن تعود للعمل معه ثانية. على مدى عدة أشهر، أجرت المقابلة في تلك الشركة مواصلة بحثها. وفي النهاية، عرض عليها روبرت وظيفة، ولم تُخبر مديرها إلى أن أصبح العرض في متناول يدها. وعندما قدّمت لمديرها إشعاراً بالمغادرة قبل أسبوعين، دعاها مديرها على الغداء وسألها عمّا إذا صدر منه أي تصرف جعلها ترغب بالمغادرة. "فكرتُ مليّاً في قول شيء ولكن اكتشفت أنك لن تعلمي أبداً من سيكون مديرك القادم". قلت له: "لا، مجرد أنّ هذا الوضع أفضل بالنسبة لي ولعائلتي".

دراسة حالة رقم 2: ابحث داخل الشركة، وحاول ترك الأثر الجيد

بعد أن بدأ عمله الجديد في شركة استشارات للقطاع العام، أدرك سامي أنّ هذا العمل لم يكن مناسباً له، حيث يقول: "كان بطيئاً جداً بالنسبة لي، وأنا أرغب بعمل ذي وتيرة أسرع". وبما أنه كان معجباً بالمؤسسة ومؤمناً بعملها، بحث عن طرق ليجعل عمله فيها أكثر مناسبة له، فقدّم على منصب أعلى من منصبه الحالي ولكنه لم يحصل عليه. ثم حاول المشاركة في مشروع مميز بإنتاج مواد التسويق ولكن الشركة كانت مترددة في النشر.

بدأ بالبحث عن فرص أخرى وهو محبط، ثم سرعان ما تم التواصل معه من قبل مسؤول توظيف في مدينة قريبة. وكان العمل المتوفر ترقية واضحة لسامي وفرصة للانضمام إلى شركة سريعة الوتيرة. بدأ بإجراء المقابلات، مستغلاً أوقات العمل المرنة للسفر إلى تلك الاجتماعات، مع إبقاء الأمر سرياً. يقول: "شعرت بالإحراج لمغادرتي بوقت مبكر جداً ولم أكن واثقاً تماماً من مديري". وعندما قُدّم له عرض العمل الجديد، ما زال غير متأكد 100% أنه يرغب بهذا العمل لذلك بحث عن معطيات من بعض العملاء الذين عملوا في المجال تساعده في اتخاذ القرار، وعندما نصحوه بقبول العرض، أخبر مديره بالأمر. وترك إشعاراً بالمغادرة لأسبوعين ولكن عرض أن يبقى لفترة أطول إذا دعت الحاجة إلى ذلك. ويقول: "لم يكن دوري كبيراً فيما يتعلق بحلّ مشاكل الشركة". وبهدف أن يجعل عملية الانتقال سلسة بالنسبة للشركة ولعملائه، عمل على إنهاء مشاريعه وحتى أنه سرّع وتيرة أحد المشاريع حتى يتمكن من إنهائه قبل رحيله. وأثمر التزامه بترك أثر جيد فعلاً: وعندما تم تأجيل تاريخ بدء عمله الجديد، طلب منه صاحب عمله السابق العودة للعمل كعامل مستقل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي