يواجه الباحثون عن عمل ورواد الأعمال والمسؤولون التنفيذيون الذين يسعون إلى التقدم في حياتهم المهنية حالة غير مسبوقة من القلق. حيث يجب عليهم الاستعداد لما هو غير متوقع وتحويله إلى نتائج إيجابية من خلال رؤية الأمور والربط بينها منطقياً. باختصار، هم بحاجة إلى تعزيز القدرة على اكتشاف أشياء مهمة بالصدفة لكي يصنعوا الحظ الجيد في المهن: أي الحظ الموفق غير المتوقع الناتج عن اتخاذ القرارات الاستباقية في أوقات غير مخطط لها، ما يؤدي إلى تحقيق نتائج إيجابية.
كيف يمكن صناعة هذا "الحظ الذكي" في المهن؟
من خلال استخدام كلمات جاذبة للانتباه وخلق الفرص؛ حيث يمكن لهاتين الممارستين مساعدتنا في تنمية قدرتنا على اكتشاف الأشياء المهمة بالصدفة في أي وقت. وفيما يلي كيفية استخدامهما.
استخدام كلمات جاذبة للانتباه
استخدام الكلمات الجاذبة للانتباه بهدف اكتشاف أشياء مهمة بالصدفة يساعد في إثارة اهتمام الأشخاص بك ويعينك أيضاً على معرفة ما ستجد أنه مثير للاهتمام حولهم. تبدأ العملية عندما تستخدم نقاط الحوار البارزة أو المثيرة للانتباه، سواء في الحوارات التي تحدث في الحديقة أو عبر برنامج "زووم".
على سبيل المثال، عندما يلتقي أولي باريت، وهو رائد أعمال مقيم في لندن، بأشخاص جدد، فإنه يستخدم العديد من الكلمات الجاذبة للانتباه أثناء حواره لإبراز أوجه التداخل مع الشخص الآخر. فإذا سئل "ما عملك؟"، يقول شيئاً من قبيل "أحب ربط الأشخاص ببعضهم وكنت أضطلع بدور نشط في قطاع التعليم وبدأت مؤخراً التفكير في الفلسفة، ولكن ما أستمتع به حقاً هو العزف على البيانو".
هذا الرد يتضمن 4 محاور جاذبة للانتباه: شغف (ربط الأشخاص ببعضهم)، ومهنة (العمل في قطاع التعليم)، واهتمام (الفلسفة)، وهواية (العزف على البيانو). ولكن إذا رد عليه بـ "أعمل في قطاع التعليم" فقط، فإن احتمالية أن يربط الآخرون بين ما قلته منطقياً ستكون ضئيلة للغاية.
ولكن باستخدام الكثير من الكلمات والعبارات الجاذبة للانتباه، فإن باريت يزيد من فرص رد المستمع بشيء من قبيل: "يا لها من صدفة! لقد فكرت في إنشاء شركة تتمحور حول ربط الأشخاص ببعضهم. لنتحدث حول هذا الأمر!". فالكلمات الجاذبة للانتباه تتيح للآخرين إيجاد وفهم الأشياء التي تتصل بحياتهم أو ما يبحثون عنه، ما يزيد من احتمالية اكتشاف أشياء مهمة بالصدفة. ويكون استخدام هذه الكلمات أكثر سهولة عندما "يكون ما نقوله منطقياً وواضحاً"؛ وذلك بأن نذكر ما نشعر بالشغف حياله، وما يمكننا المساهمة فيه ويتصل بالشخص الآخر.
يمكننا أيضاً إعطاء الفرصة إلى الآخرين لاستخدام كلمات جاذبة للانتباه. إحدى هذه الطرق هي أن تطرح الأسئلة بطريقة مختلفة وتكون منفتحاً على الإجابات غير المتوقعة. تخيل أنك في مؤتمر (افتراضي) وتلتقي بشخص جديد. قد تتصرف دون تفكير وتطرح عليه هذا السؤال المثير للتوتر "إذاً، ما عملك؟".
ولكن قول ذلك قد يضع الشخص في موقف محرج. لذا، بدلاً من ذلك، يمكنك طرح أسئلة أوسع نطاقاً لفتح الحوار، مثل "ما الذي تهتم به في الوقت الحالي؟" أو "بماذا تفكر حالياً؟". مثل هذه التلميحات قد تؤدي إلى تحقيق نتائج رائعة بالصدفة من خلال السماح للشخص الآخر باستخدام كلمات تجذب الانتباه أثناء رده.
لا يقتصر استخدام الكلمات الجاذبة للانتباه على المحادثات الخاصة. حيث يمكنك استخدامها في الفعاليات أيضاً، حتى إذا لم تكن المتحدث، على سبيل المثال، من خلال الوقوف أثناء فقرة الأسئلة والأجوبة وقول شيء من قبيل: "شكراً على عرضك التقديمي الملهم. بوصفي شخصاً مرّ (بكذا) أو يطمح في فعل (كذا)، فقد تأثرت بما قلته حول (كذا). بماذا تنصح أشخاصاً مثلي؟". فهذا يمنح الجمهور كله رؤى ثاقبة حول كيفية ارتباط حياتك الشخصية والمهنية بحيواتهم، ومن واقع خبرتي، من بين مجموعة من بضع مئات من الأشخاص، سيستجيب الكثيرون عادةً لهذه الكلمات الجاذبة للانتباه من خلال البحث عن الشخص الذي قالها، وسيقولون له أشياء من قبيل: "يا لها من صدفة! فقد مررت أيضاً بـ (كذا) مؤخراً...".
خلق الفرص
من خلال التكنولوجيا والتصميم المكاني، من الممكن أن تخلق كماً هائلاً من الفرص المحتملة عبر التواصل مع مجموعات من الأشخاص، وهو ما يطلق عليه ماتان غريفل، رائد الأعمال والأستاذ غير المتفرغ المساعد في "جامعة كولومبيا" "خلق فرص لاكتشاف أشياء مهمة بالصدفة".
إحدى هذه الطرق هي كتابة رسائل بريد إلكتروني تخمينية للأشخاص الذين تكن لهم الاحترام والتقدير. أعرف مسؤولين تنفيذيين يفعلون ذلك، وستندهش من عدد المرات التي يرد فيها متلقوا هذه الرسائل غير الملتمسة، لأنهم يرون أن هناك بعض الاهتمامات المشتركة غير المتوقعة أو الأسباب التي تدعوهم إلى التفاعل.
على سبيل المثال، قد يرغب مسؤول تنفيذي في توسيع نطاق عمله في المجال الذي أشارت إليه رسالة البريد الإلكتروني التخمينية. إن لم تتمكن من العثور على عنوان البريد الإلكتروني، فكر في إرسال تغريدات للشخص عبر موقع "تويتر" أو استخدام خدمة الرسائل الداخلية (InMail) في موقع "لينكد إن" (التي تتيح لك إرسال رسائل إلى أشخاص لا تعرفهم). في العديد من الميادين المهنية، يُعد الأكاديميون نقطة انطلاق جيدة للتواصل وبناء العلاقات.
وعادة ما تكون معلومات الاتصال بهم متاحة على الصفحة الرئيسية لجامعاتهم، كما أنهم يعرفون في الغالب شاغلي المناصب الرفيعة في قطاعاتهم، وهم أيضاً منفتحون نسبياً على التعارف. حتى مع جميع المعلومات الأساسية التي يمكننا الحصول عليها ببعض النقرات فقط، لا يمكننا معرفة كل شيء عن الشخص. لذلك، فإنك تخلق فرصاً جديدة للتعارف والتواصل عندما تستخدم هذه الطريقة. وهي استراتيجية قليلة المخاطر لتوسيع نطاق شبكة علاقاتك وتهيئة الظروف لاكتشاف أشياء مهمة وقيّمة بالصدفة. وحتى لو لم ينتج عن ذلك أي شيء فوراً، فقد جذبت انتباه الشخص (على افتراض أنه يقرأ رسائل البريد الإلكتروني التي يتلقاها!).
يمكنك خلق فرص لاكتشاف أشياء مهمة بالصدفة داخل المؤسسات أيضاً. إحدى الطرق التقليدية هي دعوة شخص ما يعمل في قسم آخر أو يشغل وظيفة مختلفة لاحتساء القهوة أو لإجراء مكالمة عبر الفيديو. قد يلجأ القادة إلى إقران الموظفين ببعضهم عشوائياً لبدء محادثات غير متوقعة، وفي وقتنا هذا لمساعدتهم في التغلب على العزلة الناتجة عن تطبيق الحظر الشامل. وقد أظهر بحثنا أن الشركات وحاضنات الأعمال طوروا عدداً لا يحصى من الطرق المماثلة، مثل إجراء تحليل ما بعد الحدث (من خلال تحفيز الأشخاص على مشاركة الأفكار التي لم تنجح ولكنها قد تنجح "بالصدفة" في سياقات أخرى)، واستخدام تصميمات مرنة للأماكن (على سبيل المثال، من خلال وضع صناديق البريد الخاصة بأشخاص مختلفين أو لا يعرفون بعضهم بجانب بعضها حتى يلتقي هؤلاء الأشخاص "بالصدفة")، بهدف زيادة فرص اكتشاف أشياء مهمة بالصدفة خاصة في الأوقات المشحونة بالقلق.
تحقيق النجاح من خلال اكتشاف أشياء مهمة بالصدفة
يقرّ معظم كبار المسؤولين التنفيذيين بأنهم لم يصلوا إلى مناصبهم لذكائهم وعملهم الجاد فحسب، ولكن لحظهم الموفق أيضاً. ولا يزال بإمكاننا جميعاً فعل ما هو أفضل من خلال خلق فرص غير متوقعة والربط بين الأمور منطقياً حتى يتمكن الأشخاص من مساعدتنا أو نتمكن من مساعدتهم.
ومن خلال تبني عقلية اكتشاف أشياء مهمة بالصدفة، قد يفتح كل تفاعل مساراً جديداً لإيجاد شريك الحياة أو لمقابلة مستثمر أو لكسب صديق أو لاكتشاف اهتمام جديد أو للحصول على وظيفة جديدة. فإذا اتبعت الطرق السابقة بدقة ستتمكن من صنع الحظ الجيد في مهنتك.