كيف تؤثر حالتك الذهنية على أدائك؟

2 دقائق

كريم، وهو أحد نواب الرئيس لشؤون المبيعات في شركة صناعية عالمية، يستيقظ متأخراً، ويعاني خلال الاستحمام وارتداء ملابسه، ومن ثم يدخل في نقاش صباحي مع ابنته المراهقة على مائدة الإفطار، وبعد ذلك يعلق وسط زحمة المرور الصباحية خلال توجهه إلى مكان عمله، ويدرك بأنه سيتأخر على اجتماعه الأول خلال النهار.

ريم، وهي مديرة تنفيذية في مجال التسويق، تستيقظ في السادسة صباحاً حيث تمارس التمارين الرياضية على الدراجة الهوائية المنزلية الثابتة، وتتمطط وتسترخي لبضع دقائق، ومن ثم تهيئ نفسها للخروج، وترتدي ملابسها، وتقدّم الطعام لولديها قبل أن تصطحبهم إلى موقف باص المدرسة، وبعد ذلك تستقل التكسي متوجهة إلى مكتبها.

فأي من هذين المديرين التنفيذيين سيشهد يوم عمل أكثر إنتاجية في مكتبه؟

هذا الأمر يتوقف على ما إذا كان كريم – الذي كان صباحه أصعب – قادراً على التحكم بحالته الذهنية؟

لقد عملنا لأكثر من 20 عاماً مع قادة في أكثر من 30 بلداً يعملون في قطاعات مختلفة لمساعدتهم على فهم كيف يمكن للحالة الذهنية (أي تجربتهم الحياتية لحظة بلحظة كما يولّدها تفكيرهم وكما تعبر عنها مشاعرهم) أن تؤثر على قيادتهم، ومساعدتهم في التحكم بحالاتهم الذهنية، بدلاً من أن تتحكم حالاتهم الذهنية بهم.

قبل عامين، أطلقت مؤسستنا مبادرة بحثية عالمية طويلة الأجل لجمع بيانات كمّية حول هذا الموضوع. وقد اخترنا 18 حالة ذهنية وأجرينا مسحاً شمل قادة من جميع أنحاء العالم سألناهم فيه عن كل حالة من هذه الحالات الذهنية، وكم مرة شعروا بها، ومدى تأثير كل حالة منها على فعاليتهم وأدائهم، وما الذي يفعلونه للتعامل مع هذه الحالة الذهنية. وحتى تاريخ اليوم، شمل مسحنا والمقابلات التي أجريناها أكثر من 740 قائداً.

إذاً، كيف ينتقل القادة من حالات ذهنية متراجعة إلى حالات ذهنية عالية ويحسّنون فعاليتهم وأداءهم؟ كيف بوسعهم مساعدة الأشخاص الآخرين في مؤسساتهم الذين يميلون عادة إلى امتلاك حالات ذهنية متراجعة ليحذوا حذوهم؟

لقد جمعنا الممارسات الفضلى المتّبعة ضمن الفئات الأربع التالية:

-الأفكار والمشاعر: اعترفوا بمشاعركم لتقللوا من حدتها. اسمحوا لأفكاركم بأن تكون عابرة. حاولوا تخيّل صور إيجابية لتوليد مشاعر إيجابية في أذهانكم. حاولوا إعادة تركيز اهتمامكم على محفزات أخرى. اكتبوا مذكراتكم لتنعموا بالوضوح. وحاولوا الانخراط في أحاديث ذات مغزى لتعززوا حالات التفاهم والتفاؤل.

-الحالة الجسدية: استعملوا تقنية التنفس العميق للتقليل من حجم التوتر. حاولوا ممارسة التمطط الجسدي لترخوا عضلاتكم، وتحفزوا تدفق الدماء في بدنكم، وتحسّنوا وظائفكم الفكرية. خذوا عدداً من الاستراحات لتصفية ذهنكم، ولجعل الفص الجبهي في دماغكم يسترخي، وتزيدوا من درجة القناعة والرضا لديكم.

-البيئة الخارجية: عدّلوا درجة الإنارة وحاولوا إيقاف الضجيج لخلق حالة من الهدوء. استمعوا إلى الموسيقى لتحفزوا لديكم حالة من التأمل والتدبر. ابعدوا من حولكم كل الفوضى والأشياء التي تشتت الانتباه لتقليل درجة التوتر وتحسين التركيز. واذهبوا إلى الطبيعة لقضاء بعض الوقت هناك بغية تعديل نظرتكم إلى الأمور.

-الصحة والهناء: حاولوا تناول وجبة غذائية متوازنة، والتزموا بنظام للتمارين الرياضية، واحصلوا على قسط كافٍ من النوم للحفاظ على طاقتكم وتوازنكم.

إن كل الأفكار والنصائح الواردة في الفئة الأخيرة هي أمر يعتبر القيام به إلزامياً. أما من بقيّة الفئات، فإننا نوصي باختيار مجموعة الممارسات التي تناسبكم تماماً، ثم طبقوها معاً وبشكل متسق.

هذا بالضبط ما فعله كريم. فبعدما أدرك الحالة التي هو فيها، حاول السيطرة على القلق الذي كان ينتابه، وبدأ يتنفّس بعمق، وتخيل أنه دخل في محادثة إيجابية مع ابنته، وتقبّل فكرة أنه لن يكون قادراً على تغيير حركة المرور. ثم بدأ يستكشف كيف يمكنه التعامل مع موضوع تأخره وعبء العمل الملقى على كاهله. وقد حصل تحول في حالته الذهنية جعله يشعر بالصفاء الذهني لأول مرة في ذلك اليوم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي