5 أسئلة يجب أن يطرحها القادة الجدد في العمل الافتراضي على أنفسهم

7 دقائق
القادة الجدد
shutterstock.com/Vlada Tikhonova
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يمكننا القول إنه للمرة الأولى في عصر التكنولوجيا لم تعد الاجتماعات المخصصة التي تُعقد وجهاً لوجه خياراً بالنسبة إلى الكثير من الأشخاص. وعلى الرغم من أننا لا نتوقع أن تختفي هذه الاجتماعات إلى الأبد، فإن العمل أثناء أزمة “كوفيد-19” يمنحنا فرصة للتفكير في كيف يمكن لأفضل القادة الجدد النجاح في بيئات العمل الافتراضية.

ليس بجديد بالنسبة إلى الكثيرين أن يعملوا عن بُعد من المنزل ويتواصلوا من خلال الوسائط الرقمية، مثل تطبيق “سلاك” (Slack) و”زووم” و”ويبكس” (WebEx). فقد دعمت العديد من نماذج الأعمال العمل الافتراضي لسنوات باعتباره ضرورياً لتلبية احتياجات الموظفين والعملاء الموجودين في مواقع متعددة. ومع ذلك، في حين أن التكنولوجيا حسّنت قدرتنا على إنجاز العمل والتواصل عن بُعد، إلا أننا لم نضطر إلى تطوير مجموعة من أفضل الممارسات المتعلقة بقيادة الفرَق عن بُعد بالقدر الذي نشهده الآن بسبب هذه الأزمة.

هدفي هنا هو دعوة القادة الجدد إلى التفكير وتحديد ما الذي يحتاجون إلى القيام به بطريقة مختلفة ليس فقط للحفاظ على مهاراتهم ولكن أيضاً لتعزيزها في مكان العمل الافتراضي، وخاصة في هذا الوقت الذي تتطلع فيه فرقهم إليهم أكثر من أي وقت مضى بحثاً عن التوجيه.

أولاً، من المهم إدراك العوامل التي تجعل العمل معاً بشكل افتراضي يمثل تحدياً:

  • طبيعة العمل هذه غير مريحة بالنسبة إلى البعض. أشاهد أبنائي المراهقين كل يوم يضحكون ويتحدثون مع أصدقائهم عبر تطبيق “فيس تايم” (Facetime)، وكأنهم موجودون معهم في الغرفة ذاتها. ولكن بالنسبة إلى كثير من البالغين الذين لم يستخدموا التقنيات نفسها منذ الصغر، يمكن أن تكون طبيعة العمل هذه غير مريحة إلى حد ما. وهذا الافتقار إلى الشعور بالراحة يجعل من الصعب على البعض الانفتاح والاتصال والثقة والتواصل مع بعضهم البعض افتراضياً. فإذا كنت قائداً تعمل في وقتنا هذا في بيئة عمل افتراضية، ربما أنت تكافح الآن لإظهار مستوى المصداقية نفسه الذي اعتدت عليه ومنح فريقك الشعور بالأمان نفسه الذي كنت تمنحهم إياه أثناء العمل والتواصل وجهاً لوجه.
  • من الصعب إدارة أساليب التفاعل بين الأفراد. لأسباب فنية وأيضاً لأنه من الصعب على الأشخاص فهم ما يحدث أثناء تواصلهم معاً عبر الفيديو، فإن المشاعر ونبرة الصوت ووتيرة التحدث وتعبيرات الوجه المناسبة التي نعتمد عليها عند التواصل الفعال وجهاً لوجه من الصعب إبدائها وتلقيها افتراضياً، خاصة في اللقاءات الجماعية.
  • يمكن بسهولة أن تفقد انتباه الآخرين. من الصعب بما يكفي الحفاظ على تركيز الأفراد في الاجتماعات التي تُعقد وجهاً لوجه، إلا أن الاجتماعات الافتراضية غالباً ما تكون زاخرة بالمشتتات الجديدة التي لا يمكنك التحكم بها إلا بقدر ضئيل.
  • ينبغي لك اكتساب مهارات جديدة. سواء كان الأمر يتعلق بإدارة التقنيات أو امتلاك مهارات تيسير قوية أو إعادة النظر في جداول الأعمال، يختلف العمل الافتراضي عن العمل وجهاً لوجه. وإدراك ذلك يقطع نصف المشوار.

أسئلة يجب أن يطرحها القادة الجدد

في ضوء هذه العوامل التي تُعد بمثابة خلفية لك، اسأل نفسك الأسئلة الخمسة التالية لتتأكد أنك أفضل قائد يمكن أن يحظى به فريقك أثناء قيادتك له من المنزل.

هل أتواصل بطريقة استراتيجية بما فيه الكفاية؟ 

يمارس القادة الجدد الأقوياء الاتصال الاستراتيجي في كل تفاعل، سواء كان اجتماعاً لمدة يوم كامل أو لمدة ساعة أو مكالمة مبيعات أو لقاء مراجعة بشكل فردي أو حتى عبر رسائل البريد الإلكتروني. إلا أن التواصل بشكل افتراضي يتطلب قدراً أكبر من التخطيط الاستراتيجي لأنك لا يمكن أن تعتمد بقدر كبير على التواصل البشري أو على حضورك القوي لتتصرف في هذا الموقف. لذلك قبل أي نقاش، خذ وقتاً للتفكير في هدفك وجمهورك وسياق النقاش. ثم دوّن أهدافك واضبط جدول أعمالك وحدد كم من الوقت ترغب في قضائه لتحقيق كل هدف.

من المفيد أن تجعل أهدافك واسعة النطاق أكثر من المعتاد. على سبيل المثال، ما الذي ترغب في أن يشعر به الشخص (أو الأشخاص) بعد حديثك؟ تحدَّ نفسك لرفع نسبة المشاركة والاندماج لتعويض نقص التفاعل وجهاً لوجه. وهذا يعني طرح المزيد من الأسئلة أثناء تفاعلاتك وتفقُّد أعضاء فريقك ليتأكدوا أنك تقف إلى جانبهم وتخصص لهم وقتاً إضافياً لذلك أثناء العروض التقديمية أو اجتماعات الفريق.

هل جددت خطط التواصل ذات الصلة بفريقي المباشر وبالمؤسسة بشكل عام؟

تحويل العمليات لتصبح افتراضية يعني أنه قد حان الوقت لمراجعة، وربما أيضاً لتجديد، بروتوكولات التواصل مع المرؤوسين المباشرين والموظفين وأعضاء مجلس الإدارة وأي أفراد آخرين تعمل معهم بصفة منتظمة. على سبيل المثال، يجب أن تفكر كيف ستدير لقاءات المراجعة الأسبوعية مع أعضاء فريقك. هل ستجري هذه اللقاءات عبر الهاتف أم عبر تطبيق “سلاك” أم ستحدد موعداً لمكالمة عبر الفيديو؟ في حين أن أفضل الممارسات توصي بالتواصل عبر مكالمات الفيديو، إلا أنك قد تحتاج إلى تعديل نهجك بناء على تفضيلات كل موظف. والأمر نفسه ينطبق على الاجتماعات التي تُعقد مع العملاء وأصحاب المصلحة الآخرين.

يمكن أن يساعدك إعداد جدول في “ملف وورد” أو باستخدام جداول بيانات جوجل (Google Sheet) في وضع خطة شاملة لمختلف أنواع الاجتماعات. أدرج في الجدول 4 أعمدة على الأقل، بما في ذلك عمود لكل عنصر من العناصر التالية:

  • وسيلة التواصل (الفيديو – الهاتف – تطبيق “سلاك”).
  • وتيرة الاجتماع (أسبوعي – شهري).
  • جدول أعمال الاجتماع (تعزيز روح الفريق – لقاءات مراجعة).
  • المشاركون في الاجتماع (المدراء – أعضاء مجلس الإدارة).

املأ جدولك بناءً على طريقة عملك قبل الانتقال إلى العمل الافتراضي، ثم جدد الخطة بأكملها لتكييفها مع وضعك الحالي.

عندما تبدأ “عملية التجديد”، تحدَّ أي شيء كنت تعتبره “من أفضل الممارسات”، بداية من حجم الاجتماعات حتى الوقت المخصص لها. اسأل نفسك: هل ينبغي لي استخدام مكالمات الفيديو في جميع الإعلانات أم يمكنني ببساطة كتابة تقرير حالة لإعلام الفريق بالمستجدات؟ هل أحتاج إلى جدولة المزيد من لقاءات المراجعة مع المرؤوسين المباشرين للتعويض عن عدم اللقاء معهم بشكل شخصي؟ هل الاجتماع الذي يستغرق ساعة في المكتب يجب أن يستمر لمدة ساعة كاملة أيضاً عند عقده عن بُعد؟ هل ينبغي أن يكون كل تواصل متبوعاً بموجز تفصيلي عبر البريد الإلكتروني لكي يكون الجميع على عِلم بالمستجدات؟

النظر في الخطة بأكملها سيتيح لك تحسينها.

كيف يمكنني إعادة ترتيب الأدوار والمسؤوليات لمساعدة الموظفين على النجاح؟

يحقق البعض النجاح أثناء العمل عن بُعد، بينما قد ينقص الحماس لدى الآخرين أو قد يواجهون تحديات أخرى غير متوقعة. وفي حين أنه قد يكون من الصعب في البداية معرفة الموظفين الذين يعانون، إلا أنك باعتبارك قائداً مهمتك هي تفقُّد أعضاء الفريق بصورة منتظمة لمعرفة مدى تأقلمهم مع الوضع الجديد. أثناء الاجتماعات التي تعقدها مع كل موظف، اسأله: “كيف تسير أمورك؟ ما هي التحديات التي تواجهها؟ ما الذي تحتاج إليه في رأيك لكي تكون ناجحاً؟ كيف يمكنني أنا، أو الفريق، مساعدتك؟”.

من خلال هذه النقاشات، أعد تقييم نقاط القوة والضعف لدى كل موظف. قد تجد أنك بحاجة إلى نقل بعض المسؤوليات أو الاستثمار في تدريب هؤلاء الذين لا يشعرون بالراحة بدرجة كبيرة. على سبيل المثال، قد يكون أحد أعضاء فريقك بارعاً في إدارة الاجتماعات وجهاً لوجه، ولكنه يفتقر إلى المهارات التقنية أو مهارات التيسير اللازمة لإدارة الاجتماعات عن بُعد. أو قد تجد أن أحد أعضاء فريقك يشارك بفاعلية في الاجتماعات التي تُعقد وجهاً لوجه ولكنه لا يشارك بالقدر نفسه من الفاعلية والنشاط في الاجتماعات الافتراضية.

ولأن التغيير، كتغيير الأدوار والاضطلاع بمهام جديدة، يمكن أن يسبب بعض الحساسيات، من المهم صياغة أي اقتراحات تقدمها على أنها فرص للنمو. من خلال تحديد نقاط القوة والضعف لدى كل من مرؤوسيك المباشرين ووضعهم في المكان الذي يمكنهم تحقيق النجاح فيه وتقديم التوجيه والإرشاد عندما يواجهون صعوبة في التغلب على التحديات، فأنت بذلك لن تساعد أعضاء فريقك على أن يصبحوا أكثر إنتاجية فحسب ولكنك أيضاً ستساعدهم على التطور والنمو. وفي هذه المحادثات احرص أيضاً على سؤالهم عن آرائهم وأفكارهم فيما يتعلق بكيفية تحسين أداء الفريق. وتذكّر أن الاحترام والمصداقية والاهتمام من الأمور الأساسية لتكون قائداً قوياً وناجحاً.

هل أركز على الصورة الأشمل وأتواصل مع فريقي بشأنها؟

عندما تعمل عن بُعد من السهل أن تركز على الجوانب التكتيكية فقط وأن تظل ملتصقاً بحاسوبك ترد على رسائل البريد الإلكتروني واحدة تلو الأخرى بطريقة عاجلة وغير منظمة. ومع قائمة المهام الظاهرة أمامك وعدم وجود زملاء من حولك ليشدوا من أزرك، قد تجد أنك تمُر بأوقات عصيبة. ولكن الموظفين يعتمدون على القادة الجدد للحصول على التوجيه، خاصة في الأوقات العصيبة. وهذا يعني أنه بغض النظر عن عدد المهام الصغيرة المكدسة في جدول مواعيدك، يجب أن تكون قادراً على رفع رأسك والنظر بإمعان إلى الصورة الأشمل.

احرص على تخصيص الوقت لوضع استراتيجية العمل، بدلاً من قضاء الوقت في الاضطلاع بعمليات تسيير الأعمال. يمكنك أن تفعل ذلك بتخصيص جزء من الوقت في جدول مواعيدك الشخصية للتفكير في الاستراتيجية. وإذا كانت أفكارك واضحة، حدد موعداً مع فريقك لوضع الاستراتيجية ومناقشتها. واستغل هذا الوقت لإعادة النظر في الأسئلة الأساسية المتعلقة بالعمل والمؤسسة، مثل: “هل عرض القيمة واضح لعملائنا؟ هل هناك فرص متاحة لنا لتحسين نموذج عملنا؟ هل فريقنا متفاعل ومنتِج ومتحمس لأداء العمل على أفضل وجه؟”.

ضع في اعتبارك هذه الفكرة التي وردت في المقالة النموذجية “ما هي الاستراتيجية؟” (?What Is Strategy) لمايكل بورتر؛ حيث قال: “تُخلق مناصب [استراتيجية] جديدة نتيجة للتغيير… وتظهر احتياجات جديدة مع تطور المجتمعات”. من المرجح بدرجة كبيرة أن تتيح التغيرات والتحولات التي تشهدها أثناء أزمة “كوفيد-19” فرصاً لأعمالك ولمؤسستك ولك أيضاً بوصفك قائداً. وفي الوقت الذي يكون فيه من السهل التركيز فقط على الدفاع عما نملكه بالفعل، يُعد استكشاف الفرص الجديدة واقتناصها أمراً متروكاً للقادة.

ما الذي يمكنني فعله لتعزيز ثقافة شركتنا؟

أتفاجأ باستمرار القصص التي أسمعها حول الفرَق التي أصبحت أكثر قوة خلال هذه الفترة العصيبة. وقد حقق ذلك الكثير من القادة الجدد بالفعل، الذين أعمل معهم ويتسمون بأنهم الأكثر قدرة على الصمود والتكيف، من خلال إيجاد فرص لتوحيد فرقهم وإشراكهم وإلهامهم لخدمة هدف ما. ففي الوقت الحالي تحتاج الفرَق إلى الشعور بأنها مرتبطة ليس فقط برسالة الشركة ولكن أيضاً ببعضها البعض.

تتمثل إحدى الطرق التي يمكن بها تحقيق ذلك في تخصيص وقت بصفة منتظمة لأعضاء الفريق للمشاركة والاحتفاء بالإنجازات التي تم تحقيقها للعملاء أو لبعضنا البعض أو للعمل نفسه. وإذا تم ذلك بطريقة متقنة، يمكنك أيضاً ربط مشاركة “الجوانب الإيجابية” برؤية الشركة أو رسالتها أو قيمها، ما يؤكد مجدداً على أهمية المؤسسة وهدفها وكذلك على الدور الأساسي الذي يؤديه كل موظف لتحقيق هذا الهدف. وإذا كان وقت الاجتماع محدوداً، يمكن أيضاً استخدام صفحة على تطبيق “سلاك” أو إرسال رسالة سريعة عبر البريد الإلكتروني أو الاستعانة بأي وسيلة أخرى للتواصل غير اللفظي.

للتقريب بين أعضاء الفريق يمكنك أيضاً النظر في إيلاء الأولوية لبعض وسائل تعزيز روح الفريق التي كانت أقل أهمية في السابق. وقد بدأ الكثير من عملائنا في تنظيم ساعات اجتماعية افتراضية ومجموعات لممارسة التفكر ونواد لمشاركة مختلف أنواع الفنون وعروض موسيقية جماعية وتحديات متعلقة باللياقة البدنية. وفي حين أن تلك الخيارات قد لا تكون متاحة للجميع، إلا أنها مجرد مجموعة من النماذج التي وجدنا أنها تعزز التفاعل الإيجابي بين أعضاء الفريق، حيث يمكن لأي شيء بسيط، كبدء الاجتماع بأن تطلب من أعضاء الفريق مشاركة فيديو أو ميم منتشر عبر الإنترنت أو صورة تُشعرهم بالبهجة، أن يعزز روح الصداقة بين الأعضاء ويرسم الابتسامة على وجوههم.

هل هناك جانب مشرق في بيئة عملنا الحالية؟ يمكنني أن أقول: نعم. حيث إن مهارات القيادة التي تبنيها الآن ستظل في صالحك بعد انتهاء أزمة “كوفيد-19”. فلا أمل في العودة إلى الوضع الذي كنا عليه من قبل. وستتاح فرص جديدة لكل القادة الجدد بمختلف أنماطهم، وربما ستكون هناك قوة عاملة عن بُعد بشكل كامل على مستوى لم نشهده من قبل. وبفضل هذه الفترة التي لم تكن متوقعة، ستكون مستعداً لذلك بمهارات جديدة لمساعدتك في القيادة سواء من المنزل أو من المكتب على نحو أكثر فاعلية من ذي قبل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .