إعادة بناء العلامات التجارية ضرورة لإعادة ربط المؤسسات بالمجتمع

3 دقائق
العلامة التجارية للجمعيات المهنية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ماذا تعرف عن العلامة التجارية للجمعيات المهنية تحديداً؟ ربما تندهش عندما تعرف أن “جمعية المستهلكين للأجهزة الإلكترونية” (Consumer Electronics Association) تسمى الآن “جمعية المستهلكين للتكنولوجيا” (Consumer Technology Association). فقد أعلنت الجمعية، التي تنظم “معرض الإلكترونيات الاستهلاكية” (Consumer Electronics Show) الشهير، عن تغيير اسمها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهي خطوة لم تحظ سوى باهتمام ضئيل. فرغم أن جمعية المستهلكين للتكنولوجيا تنظم أكبر معرض تجاري في العالم، الذي جذب أكثر من 170 ألف شخصاً عام 2015، لم يثر اسمها الجديد إلا قليل من التعليقات.

ربما كان الأشخاص الذين يعملون في هذا المجال مشغولين للغاية بالتحضير لمعرض الإلكترونيات الاستهلاكية المنعقد هذا الأسبوع. أو ربما كان تغيير اسم العلامة التجارية يفتقر إلى قيمة إخبارية حقيقية، نظراً لأن الجمعية اختارت الإبقاء على اسم معرضها السنوي “معرض الإلكترونيات الاستهلاكية” كما هو، وهو معرض مميز للغاية ويتمتع بمكانة بارزة أكثر من الجمعية نفسها.

العلامة التجارية للجمعيات المهنية

على الأرجح يرجع الافتقار إلى وجود أي رد أفعال كبير إزاء تغيير اسم العلامة التجارية إلى أن التغيير يبدو ضئيلاً للغاية وأيضاً متأخراً للغاية. فمثل العديد من الجمعيات المهنية الأخرى والمؤسسات المتخصصة في المجال، التزمت جمعية المستهلكين للتكنولوجيا بالاتفاقيات المتعلقة بإعادة بناء العلامات التجارية للجمعيات، التي تنص على: تحديث الشروط، ولكن مع الإبقاء على الكلمات والاسم المختصر لتظل مشابهة إلى حد ما للاسم القديم. وهذا النهج القائم على التقليل من شأن العلامة التجارية في مقابل البقاء في الجانب الآمن اتبعته أيضاً “الجمعية الأميركية للتدريب والتطوير” (American Society of Training & Development) عندما غيرت اسمها إلى “جمعية تنمية المواهب” (Association for Talent Development) عام 2014.

إلا أن هذه الاستراتيجية تفوّت فرصة مهمة على الجمعيات التي يمر العديد منها بمشكلات.

وفقاً “للجمعية الأميركية لمدراء الجمعيات” (American Society of Association Executives)، ولا تتعجبوا من أن هناك جمعية للجمعيات، عضويات الجمعيات آخذة في التناقص على صعيد جميع المجالات. بالطبع ساهم الركود الاقتصادي في ذلك، ولكن خفض التكاليف ليس السبب الوحيد وراء هذا التناقص. فالشبكات الاجتماعية أصبحت الآن توفر طرقاً سهلة ومريحة لأهل كل مجال ليجدوا بعضهم البعض ويتعارفوا، كما أن انتشار المحتوى عبر الإنترنت أتاح الوصول إلى قدر هائل وغالباً ما يكون مجانياً من شتى أنواع المعلومات والرؤى والتدريبات، وهو ما كان متاحاً للمتخصصين فقط من خلال عضويات الجمعيات والمؤتمرات المتصلة بالمجال. إضافة إلى أن الجمعية الأميركية لمدراء الجمعيات كان عليها أن تخاطب العاملين المنتمين لجيل الألفية الذين يرون أن وسائل التعارف الرسمية والتقليدية غير مجدية، ويفضلون تكوين العلاقات بطرقهم الخاصة.

لذا يُستحسن أن تعيد الجمعيات التفكير في الأدوار التي تؤديها، وكذلك في أسمائها، وأن تضع في حسبانها كيف أن اختيار اسم جديد من شأنه أن يساعد على تعزيز غرض مختلف وتحقيق الأثر المرجو. فيمكنهم إطلاق العنان لكامل إمكانات عملية إعادة بناء العلامة التجارية واعتبارها حافزاً لتعديل وضع الجمعية نفسها. وبذلك قد تقدم الجمعيات رؤية جريئة لمستقبل قطاعاتها، وتجعل لنفسها دوراً أساسياً في رحلة الوصول إلى هذا المستقبل.

توفر العلامات التجارية التي تتعامل مع المستهلك وجهاً لوجه دروساً مفيدة في هذا السياق، على سبيل المثال، ربما ينبغي للجمعيات أن تعتبر نفسها بمثابة مجتمعات تنظم فاعليات على مدار العام لمناقشة القيم والأهداف المشتركة، مثلما فعلت “دوف” في حملتها حول الجمال الطبيعي، بدلاً من أن تعتبر نفسها شبه أندية تعقد اجتماعات سنوية. وقد أحدث تركيز دوف على القيم والمجتمع تغييراً في النقاشات حول المرأة والجمال في الإعلانات وفي الثقافة بشكل عام. لذا يجدر بالجمعيات، التي تعمل حالياً بوصفها مدافعاً عن قطاعاتها في الأوساط السياسية والتنظيمية في بعض الحالات، النظر في كيف يمكنها أن تؤدي دوراً مماثلاً مع المستهلكين وأن تقدم خطة ثقافية.

أو يمكن للجمعيات اتباع نهج مختلف؛ نهج مستقى من استراتيجية المنتج بدرجة أكبر من التسويق. فيمكن أن تركز الجمعيات على طرح عروض وخدمات ونُسخ جديدة لمواكبة التطور الحاصل في قطاعاتها ولأعضائها، مثلما فعلت “جوجل” منذ عام 1998. فتُعد “جوجل” مثالاً للمرونة والتطور في منتجاتها؛ تخيل فحسب كم كانت تجاربنا الرقمية ستختلف عما هي عليه اليوم إذا ظلت “جوجل” مقتصرة على دورها في البحث. كما أنها تستخدم علامات تجارية مختلفة كلما كان ذلك مناسباً مع اختيار أسماء جديدة لتلك العلامات مثل “جي ميل” (Gmail)، و”جوجل بلس” (Google+)، مع الاحتفاظ بالعلامات التجارية التي استحوذت عليها مثل “ويز” (Waze) و”نيست” (Nest). وبذلك يمكن للجمعيات اتخاذ موقف مماثل مبتكر وموسع.

أُدرك أن اغتنام تلك الفرص لن يكون سهلاً، فمعظم الجمعيات لديها مجموعات عديدة ومتنوعة من أصحاب المصلحة. فتضم جمعية المستهلكين للتكنولوجيا مثلاً فئات مختلفة من الأعضاء، تتراوح من رواد أعمال إلى منظمات تجارية، يعملون في مجالات مختلفة تتراوح ما بين مجال البرمجيات إلى الروبوتات إلى خدمات الرعاية الصحية.
من الصعب اعتماد رسالة واسم يروقان ويلقيان صدى لدى مثل هذه المجموعات المتنوعة والعديدة، وربما في بعض الأحيان يؤدي ذلك إلى تضارب في الأولويات؛ لذا يُعد الاسم العام والرسالة واسعة النطاق خياراً آمناً. أما الجمعيات التي تقاوم هذا التوجه فإنها تخاطر بإغضاب أعضائها؛ فمثلاً عندما حاولتْ “الرابطة الوطنية للمتحدثين” (National Speakers Association) إعادة بناء علامتها التجارية ليصبح اسمها “بلاتفورم” (PLATFORM)، انتقد عدد كبير للغاية من أعضائها هذا التغيير وفي النهاية عادت إلى اسمها القديم. رغم المخاطر الناتجة عن التغيير، لا يزال هناك مجال أمام الجمعيات لاختيار أسماء أكثر تأثيراً وإثارة للعواطف تعكس ما يمكنها تقديمه لأعضائها.

الفرصة متاحة أمام الجمعيات ليصبحوا بمثابة قادة وملهمين يجذبون الناس إليهم وينهضون بقطاعاتهم. واختيار أسماء جيدة ليس سوى البداية، وهذا ما تؤكده العلامة التجارية للجمعيات المهنية تحديداً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .