ساهمت التقلبات المتنامية والجو الضبابي للأعمال والتعقيد المتزايد والمعلومات الغامضة (وتعرف اختصاراً بـVUCA) في جعل بيئة الأعمال التي تعتمد على فِرق الإدارة الرشيقة أكثر أهمية من أي وقت مضى. فكيف يمكن تعزيز التعاون بين فرق الإدارة الرشيقة بشكل صحيح؟
في هذا السياق، تحتاج المؤسسات إلى أن تبحث باستمرار عن التطورات الجديدة الحاصلة في السوق والتهديدات التنافسية لعملها التجاري، والتعرف على الخبراء الأساسيين، والعمل ببراعة ورشاقة على تشكيل الفِرق وحلها لمعالجة المشاكل الناشئة بسرعة وفعالية. مع ذلك، غالباً ما تصطدم هذه الفرق متعددة الوظائف بالمحفزات المضللة، والهيكل الهرمي لاتخاذ القرارات، والقيود الثقافية، ما يؤدي إلى توقف تقدمها أو عدم اتخاذ أي تصرف واقعي على الإطلاق.
ولنأخذ أحد الأمثلة الواقعية عن الأمر، وهو حالة مؤسسة ضمن اتحادنا المؤسساتي تدعى كونكتيد كومنز (the Connected Commons)، التي اكتشفت تقنية سمعية بصرية ثورية ستؤدي ليس إلى اكتساب المؤسسة ميزة فارقة عن القنوات الحالية فحسب، بل ستتيح لها كذلك فتح أسواق جديدة كلياً. وبهذا الصدد، أعلن الرئيس التنفيذي هذا الاكتشاف على أنه نقطة تحول في نمو الشركة، وشكّل فرقة عمل متعددة الوظائف تضم أفضل 100 موظف هدفها إدخال هذه التقنية إلى القنوات التجارية الجديدة. لكن للأسف لم يحرز الفريق التقدم المتوقع له. وفي حالة هذه المؤسسة، وجدنا أنّ الموظفين كانوا يكافحون لإيجاد وقت لإنجاز العمل المطلوب. لكنهم كانوا في الغالب غير مدركين لمجال الخبرة أو قيم مختلف الوظائف في الفريق، وكانوا يدافعون بحماسة وصرامة عن حلولهم الخاصة التي اقترحوها. وهكذا فوجئ الفريق عدة مرات بطلبات الجهات الخارجية المهتمة بمنتجهم. نلاحظ في حالة هذه المؤسسة، أنه على الرغم من بروز المشروع، ومهمة الفريق الحاسمة، والتقنية الثورية التي بين يديه، إلا أنها فشلت في نهاية المطاف في تطبيق التعاون وفق نظام الإدارة الرشيقة. وبطبيعة الحال، ليست قصة هذه المؤسسة فريدة من نوعها.
وإذا أردنا أن نحلل أين يكمن الخلل هنا، سنجد أنّ جزءاً كبيراً من المشكلة يتمثل في أنّ العمل المنوط بالفريق يحدث من خلال التعاون في شبكة العلاقات التي غالباً ما لا تعكس أنظمة رفع التقارير الرسمية أو إجراءات العمل العادية. ونحن نعلم بشكل بديهي أنّ المستوى التعاوني الكثيف في العمل تم بصورة رائعة، وندرك أيضاً أنّ التعاون قيمة جوهرية بالنسبة لنظام الإدارة الرشيقة. مع ذلك لا تدير معظم المؤسسات الآن عمليات التعاون الداخلية بشكل مثمر، وتعتقد أنّ التقنية أو المخططات المؤسساتية العادية يمكنها أن تعوّض نظام الإدارة الرشيقة. لكن هذه الجهود غالباً ما تُمنى بالفشل لأنها تفتقر إلى الشبكات غير الرسمية؛ على سبيل المثال، الموظفين الذين لديهم اهتمام مشترك في تقنية الابتكار مثل الذكاء الاصطناعي، أو لديهم شغف بالاستدامة البيئية، والذين يستطيعون أن يصلوا بين بيئة المؤسسة الريادية والأنظمة التشغيلية من خلال توفير الأفكار الجديدة للأشخاص الذين لديهم الموارد والقدرة ليشرعوا في تجريبها وتنفيذها.
كيفية التعاون بين فرق الإدارة الرشيقة
سيتمحور بحثنا هنا حول نظام الإدارة الرشيقة ليس كفكرة مثالية مجردة، بل سيركز على الجانب الذي يعتبر فيه هذا المنهج مهماً وحاسماً، وهو الجانب التنفيذي في حالتنا هذه، حيث تعمل الفِرق على تصميم منتجات جديدة، ووضع مبادرات استراتيجية أو التعامل مع أفضل عملاء المؤسسة. وتعد جميع هذه النقاط التنفيذية نقاطاً أساسية للمؤسسات، مع ذلك تواجه هذه الجوانب كل أنواع العيوب والقصور إلا إن تمكنت الفِرق من العمل كشبكة. وفي إطار بحثنا، قمنا بتقييم هذه المجموعات الهامة استراتيجياً في طائفة واسعة من المؤسسات العالمية من خلال شبكة من الاستطلاعات، شارك فيها أكثر من 30,000 موظف. كما أجرينا أيضاً مئات المقابلات مع موظفي ومدراء هذه الشركات. وجدنا أنّ نظام الإدارة الرشيقة في مرحلة التنفيذ ينشأ عادة من خلال شبكات على مستوى المجموعة مثل فرق تطوير منتج جديد أو فرق متابعة قضية ما، تشكل من موظفين يتم جلبهم من مختلف مستويات المؤسسة، وهكذا تشكل شبكات جانبية عبر عمليات المؤسسة الأساسية، وتنظم فرق وورش عمل لدفع عجلة التغيير المؤسسي الحاسم أو الاستجابة إلى تهديد استراتيجي معين، وتكوّن أيضاً مجتمعات عمليّة تمكّن المؤسسة من التمتع بالمزايا الحقيقة للتوسع التجاري. وتوفر هذه الشبكات الجانبية وغيرها من الفرق والمجموعات الإدارة الرشيقة عندما يتم تنميتها عبر أربعة جوانب 1) إدارة مركز الشبكة، 2) إشراك الهامش، 3) وصل النقاط الأساسية المنفصلة، 4) الاستفادة من عابري حدود الشركات. وبهذا الصدد، تبين أنّ المدراء الذين يرعون شبكاتهم الداخلية بهذه الطريقة يحققون نتائج أفضل من النواحي المالية والاستراتيجية والاحتفاظ بالمواهب في مؤسساتهم. وإليك كيف تفعل ذلك:
إدارة مركز الشبكة
عندما تنظر لنظام الإدارة الرشيقة من خلال وجهة نظر الشبكة، يتضح لك جلياً أنّ التعاون لا يتوزع أبداً بشكل متساوٍ. بهذا الشأن، غالباً ما نرى أنّ ما نسبته 20 إلى 35% من عمليات التعاون القيّمة تأتي من 3 إلى 5% فقط من الموظفين. ومع أنّ ذلك لا يعتبر عيباً فيهم، إلا أنّ هؤلاء الأشخاص يصبحون بشكل متزايد معتمدين وميّالين إلى تخفيف سرعة استجابة المجموعة، على الرغم من بذل كل جهودهم في العمل. ونلاحظ كذلك أنهم غالباً ما يستنزفون أنفسهم في العمل ويغادرون الشركة، ما يتسبب في خلق فجوات في شبكة المؤسسة، تصبح في ما بعد عائقاً آخر أمام تطبيق نظام الإدارة الرشيقة. ينبغي على كبار المدراء إذاً أن ينظروا إلى النقاط التي يؤدي فيها العبء الزائد في مركز الشبكة إلى إعاقة التعاون الرشيق ومن ثم القيام بالآتي:
تشجيع الموظفين الذين يحملون العبء الكبير على إعادة توزيع العمل التعاوني بالتنسيق مع مدرائهم المباشرين. وقد بين البحث الرائد الذي أنجزه معهد إنتاجية الشركات (the Institute for Corporate Productivity) (المرجع PDF) أنّ الاعتراف بجهود الموظفين المنتجين وتوزيع الأعمال التعاونية بهذه الطريقة ممارسة نجدها في المؤسسات ذات الأداء العالي ثلاث مرات أكثر من تلك المؤسسات التي تعاني من أداء ضعيف.
اقرأ أيضاً: كيف أسست شركتي برنامج تدريب لتشكيل فرق عمل متنوعة الموظفين في قطاع التكنولوجيا؟
ولا بدّ كذلك من فهم كيف انتهى الأمر بهؤلاء الموظفين ليصبحوا في مركز الشبكة، فإن كان ذلك نتيجة مسؤوليات منصب رسمي أو تمتع الموظف بخصائص شخصية معينة، ينبغي على كبار المدراء حينئذ أن يتخذوا الإجراءات التصحيحية اللازمة لتخفيف العبء الزائد عن كاهلهم. على سبيل المثال، كشفت الدراسات أنّ التغييرات البسيطة في بعض السلوكيات يمكن أن تؤدي إلى زيادة كبيرة في وقت التعاون تصل إلى 18-24%. وتشمل هذه السلوكيات، على سبيل المثال لا الحصر: إدارة الاجتماعات بشكل أكثر كفاءة، وخلق مناخ فعّال لاستخدام البريد الإلكتروني، وحذف الأوقات في التقاويم للقيام بعمل أكثر تركيزاً، والتفاوض على متطلبات المنصب، وتجنب المحفزات التي تؤدي بنا جميعاً إلى الانخراط في مشاريع أو اجتماعات لا ينبغي علينا الانخراط فيها.
وبصفتك مديراً، عليك أيضاً أن تحدد التداخلات بين الفِرق المختلفة، حيث يساهم الموظفون الرئيسيون بالعمل، وذلك بغية فهم المخاطر المحتملة والتخطيط لمعالجتها. وبهذا الصدد، نلاحظ أنّ الموظف النجم عندما يعين في مركز العديد من المشاريع، يمكن للصدمة المفاجئة في فريق واحد أن تنشئ اهتزازات مقيتة تلقى صدى خارج الفريق ذاته. لذلك تأكد من أنّ مدراء الفريق لديهم خطة احتياطية للتعامل مع هذه الحالات الطارئة.
إشراك أعضاء الشبكة الهامشيين
يتطلب نظام الإدارة الرشيقة دمج مختلف الكفاءات ووجهات النظر معاً لفهم قضايا التقلبات والجو الضبابي للأعمال والتعقيد والمعلومات الغامضة (VUCA)، ومعرفة أنواع الخبراء الذين تحتاجهم المؤسسة لمعالجة هذه القضايا. لكننا غالباً ما نجد أنّ أولئك الذين يرون العالم بشكل مختلف أو كانوا جدداً عن المجموعة يقفون عند حواف الشبكة. وفي حين نجد أنّ المؤسسة تعتمد بشكل مبالغ فيه على أولئك الموجودين في المركز، نرى أولئك الذين عند الحواف غالباً ما لا يستفاد منهم بشكل جيد لتمكين التعاون الرشيق. ولضرب مثال على هذه الحالة، كشف بحثنا أنّ الوافد الجديد على الشركة يستغرق من ثلاثة إلى خمس سنوات ليحقق مستوى التواصل الذي يحققه موظف ذو أداء عالي. غير أنّ القليل من المؤسسات لديها فرصة أن توفر مثل هذه المدة؛ فقد كشف بحثنا أيضاً أنّ الموظف ذو الخبرة عندما يتم توظيفه ولا يدمج في مشاريع أساسية خلال العام الأول، هناك احتمال كبير أن يغادر المؤسسة قبل أن يقضي ثلاثة سنوات فيها. (وهي المدة اللازمة للاندماج الجيد في المؤسسة).
اقرأ أيضاً: فرق العمل التي يتشارك أفرادها قصصهم الشخصية هي أكثر فعالية
من هنا ندرك أنّ جعل الموظفين الآخرين يثقون بالموظفين الهامشيين أمر ضروري لجعلهم يتعاونون ضمن نظام الإدارة الرشيقة. وفي هذا السياق، لا داعي للتساؤل حول مدى كفاءتهم، إن كان لديك نظام توظيف صارم وعمليات ترقية مستندة إلى الجدارة والكفاءة؛ فالقضية هنا هي أن تدفع الموظفين الآخرين للثقة بنوايا الموظفين الجدد (الإجابة عن تساؤلات مثل هل سينسب له فضل لا يستحقه؟ أو هل ستغادر الشركة وتأخذ عملائي معها؟)، وذلك من خلال جعل بعض زملائهم في العمل يزكّونهم. وفي هذا الجانب، بمقدور الإدارة العليا أن تفعل ذلك من خلال الإجراءات التالية:
حاول إنشاء برنامج لاكتشاف "الجواهر الخفية" (مثلما هو الحال في الألعاب) لمساعدتك على إظهار الخبراء ذوي الإمكانات العالية الذين تم تجاهلهم، والذين لديهم القدرة على تخفيف أعباء الموظفين الموجودين في مركز الشبكة والمثقلين بالأعباء الزائدة. كوّن قدوة بهذا النموذج، على سبيل المثال، بتعيين الموظفين الجدد المثابرين والواعدين بالنجاح في مهامهم ضمن مناصب تشركهم في قيادة وتسيير مبادرات ذات مستوى عالي في المؤسسة.
ساعد الموظفين في الهامش على إنشاء "تأثير" لأعمالهم. بدل أن تقوم بدفع الخبرة إلى الآخرين عبر الشبكة، يحتاج هؤلاء الموظفون إلى أن يتم الاعتراف بهم كمصدر استراتيجي يمكن الاستفادة منهم في الفرص التي تتاح للمؤسسة. ويمكن القيام بذلك عن طريق تحديد القيمة المشتركة والربط بين كفاءات الهامش واحتياجات الشبكة في كافة نقاطها.
صِل بين الموظفين الجدد وشبكة المؤثرين في المؤسسة من خلال توظيفهم في فرق مشتركة أو إرشادهم. تساهم هذه الممارسة المؤسساتية البسيطة في مضاعفة مستوى اتصالية الموظفين الجدد ثلاثة أضعاف مقارنة بأولئك الذين لا يحظون بهذه الميزة.
حاول إنشاء بيئات شاملة وموثوقة لتسهيل التعاون عبر نظام الإدارة الرشيقة. تبرز ثقافة الخوف عندما لا يشعر الموظفون أنهم آمنون عند تقديمهم لأفكار جديدة، لا سيما أولئك الموجودين في هامش الشبكة، حيث يكونون أقل ثقة مما يقلص إمكانية مشاركتهم. وتخبرنا الإحصائيات أنّ المؤسسات ذات الأداء العالي تطبّق استراتيجية لخلق بيئة آمنة للاتصالات على مختلف مستويات المؤسسة 2.5 مرة أكثر من غيرها. (المرجع PDF).
وصل النقاط المميزة المنفصلة
وجدنا أنّ كل مؤسسة قمنا بدراستها تعاني من الانفصالية والتباعد من ناحية المهام ومجالات الخبرة والمواقع الجغرافية والمستوى والثقافات، وذلك على الصعيدين الوطني والمهني. تساهم مراقبة الشبكة في التعرف على النقاط المميزة التي في حال وصلها يمكن الاستفادة من منافع نظام الإدارة الرشيقة، وذلك بدل القيام بوصل كل النقاط المنفصلة غير الفعّالة. ويعني "وصل النقاط" في الغالب الربط بين الموظفين عبر وحدات المؤسسة أو مقراتها المختلفة في موقعها الجغرافي لكنها تنجز نفس العمل والمهام، وذلك للاستفادة من مميزات اتساع الشبكة المؤسساتية، أو لتحديد النقاط التي تضم زوايا نظر مختلفة وفي نفس الوقت يتيح دمجها للمؤسسة الانتفاع بمزايا الابتكار الرشيق. ويؤدي هذا التعاون متعدد الاختصاصات إلى إنتاج عوائد أعلى ومنافع أكبر لأنه يعالج مشاكل ذات قيمة أعلى. مع ذلك، لا يتطلب تحفيز الخبراء على المشاركة في فعاليات التعاون الرشيق التعرف على الخبرة الموجودة في النقاط المنفصلة الأخرى والاعتراف بها وحسب، لكن يتطلب أيضاً أن يكونوا راغبين في التنازل عن بعض صلاحياتهم ومنح بعض الاستقلالية لأولئك الموظفين أو الفِرق. وبهذا الصدد، يمكن لكبار المدراء أن يحفّزوا الخبراء باتخاذ الإجراءات التالية:
اقرأ أيضاً: لا فائدة لعمل الفريق إن كان أفراده متوافقين حول كافة المواضيع
وضع أهداف محددة ومنح المكافآت نظير التعاون الرشيق. بينت أبحاثنا أنّ المؤسسات عالية الأداء، من المحتمل أن تكافئ التعاون من 3 إلى 5 مرات (المرجع PDF) أكثر من المؤسسات ذات الأداء الضعيف، وهذا ما يحفّز الموظفين على التعاون أكثر ووصل النقاط المنفصلة في شبكة المؤسسة. وأظهرت دراستنا للشركات التي تستخدم "مراجعة النظراء" للتعرف بكفاءة على المتعاونين في نظام الإدارة الرشيقة ومكافأتهم، أنّ هذه العمليات ذات الاتجاه 'من أسفل-إلى أعلى' غالباً ما تكشف عن وجود أشخاص فائقي الأداء، والذين عادة ما تغفل عنهم مراجعات الأداء العادية.
استخدم البيانات والتحليلات لفهم أين توجد النقاط المنفصلة في شبكة مؤسستك، وذلك بغية تفعيل التعاون في نظام الإدارة الرشيقة. وجدنا في إحدى الدراسات التي أجريناها، أوجه قصور متعددة في قنوات الاتصال بين المقرات الرئيسية والفروع، وسجلنا مستوى تعاون ضعيف بين أقسام الهندسة والمبيعات في مختلف المؤسسات. أدى هذا التحليل إلى قيام بعض المؤسسات إلى عقد جلسات عصف ذهني لبناء قنوات التواصل وتحسين مستوى الاتصال في المؤسسة. وبهذا الصدد، لا يتمتع اتباع منهجية تستند للبيانات بالدقة وقلة التحيز أكثر من اعتماد وجهات نظر الأفراد فحسب، بل تتميز هذه المنهجية أيضاً بأنها تبرز وبشكل مقنع نقطة القوة الكميّة للتعاون في نظام الإدارة الرشيقة.
تعرّف على الخبراء المنتشرين في جميع أنحاء النقاط المنفصلة الرئيسية في المؤسسة من أجل تحضيرهم للتعاون وفق نظام الإدارة الرشيقة. حاول إنشاء "مجتمعات ممارسة" أو مبادرات مؤسساتية تطويرية من أجل مشاركة الخبرة أو الموارد بين موظفي مؤسستك. على سبيل المثال، تحثّ العديد من الشركات التجارية الخدمية خبرائها المهنيين الذين يخدمون العملاء في قطاعات مشابهة مثل التأمينات أو التقنية الحيوية على الالتقاء بشكل غير رسمي ومشاركة رؤاهم وصفقاتهم في قطاعهم. وبهذه الطريقة يصبح الموظفون المتصلين جيداً جسور تواصل (من وإلى) نقاط المؤسسة المنفصلة. وفي هذا السياق، قامت بعض الشركات بنجاح بتكليف الموظفين ذوي الأداء العالي بتتبع الخبرات المتطورة في الأقسام المجاورة لهم، حيث ينبغي على هذه العملية أن تكون ديناميكية مستمرة وليست مجرد قاعدة بيانات للمعرفة. بالتالي، على مدراء المؤسسات أن يعرفوا هؤلاء الموظفين من أجل تحديد الفرص الكامنة لاستخدام الخبرات والمعارف عبر نقاط المؤسسة المنفصلة. وفي هذا الجانب، يمكن لبرامج التبادل أو برامج التناوب في المؤسسة المساعدة في إنجاز المطلوب.
الاستفادة من عابري حدود الشركات
يزدهر 'نظام الإدارة الرشيقة" عندما يدرك الموظفون أنّ مؤسستهم جزء من كيان أكبر وأوسع، وأنها تبحث باستمرار عن تطورات السوق التي إما تشكل تهديداً أو تمثل فرصة للمؤسسة. والقيام بذلك يتطلب تحديد المعارف الديناميكية التي تمتلكها الهيئات الخارجية مثل المنافسين والعملاء والجهات الحكومية التنظيمية ومجتمعات الخبراء أو الجمعيات المهنية. وبهذا الصدد، نجد أنّ أولئك الأشخاص الذين يعبرون الحدود بين الأطراف الفاعلة الداخلية والخارجية بإمكانهم حقاً أن يحلوا المشاكل بطرق فريدة من نوعها، وذلك لأن لديهم ميزة الوصول إلى المعرفة والخبرة الموجودة في كلا الجهتين. كما يستطيعون أيضاً أن يسهلّوا عملية التعاون ضمن نظام الإدارة الرشيقة وذلك من خلال الدمج الفعّال لوجهات النظر المتباينة وخلق حلول متعددة الأوجه، لكنهم يحتاجون قبل ذلك إلى التمكين والتفعيل بشكل مناسب، وإدارتهم بشكل صحيح ومنحهم الموارد اللازمة للقيام بذلك. في هذه الناحية، يمكن لكبار المدراء تسهيل ذلك عن طريق القيام بما يلي:
التعرف على الموظفين العابرين لحدود الشركات من أجل معالجة المشاكل المزعجة في المؤسسة. يستطيع الأشخاص الذين يربطون المؤسسة ببيئاتهم الخارجية (مثلاً موظف يدير مُجتمع خبراء كبير خارج المؤسسة) اقتراح خطط وحلول يمكن تنفيذها عملياً، نظراً لأنهم يملكون وصولاً للطرق المعلوماتية المختصرة في الشبكة، ولأنهم يتمتعون بالموثوقية في السياق البيئي الأوسع لمجال خبرتهم.
تعزيز العلاقات وتشجيع تبادل المعلومات من خلال تنظيم المنتديات أو المناسبات الخاصة التي تجمع بين القادة الرئيسيين في مختلف مجالات القطاع. يساعد هذا المنهج على استقطاب المزيد من الأشخاص لمؤسستك، بحيث يكونون بمثابة جسور تواصل مع الجهات الخارجية، ويوفرون رؤى تجارية مميزة عن النقاط الحرجة ويشيرون إلى الفرص غير المستغلة والكامنة في القطاع الذي تعمل فيه المؤسسة.
تعزيز الاتصال مع الجهات الخارجية الرئيسية. كشفت الدراسات أنّ المؤسسات ذات الأداء العالي تتمتع باحتمالية أكبر 2.5 مرات لتشجيع التفاعل مع الجهات الخارجية، (المرجع PDF)، مثل العملاء والموردين والجهات التنظيمية الحكومية أو الجمعيات المهنية. وبهذا الصدد، لا بدّ على كبار المدراء أن يطلبوا من الموظفين الذين لديهم اتصالات جيدة داخل المؤسسة أن يعملوا على تعزيز التواصل الخارجي مع تلك الجهات، أو أن يقترحوا على أولئك الموظفين الذين لديهم اتصالات جيدة مع تلك الجهات الخارجية أن يرشدوا الموظفين الجدد في التعارف والتواصل مع تلك الجهات من أجل ضمان عبور ناجح للمعارف والخبرة بين الشركات.
إنّ إدارة هؤلاء الموظفين المتعاونين في إطار شبكة مؤسساتية بإمكانه مساعدة المؤسسات على التطبيق الناجح لنظام الإدارة الرشيقة وتعزيز التعاون بين فرق الإدارة الرشيقة تحديداً. ومع أنّ التعاون ضمن نظام الإدارة الرشيقة يتطلب عملية إعادة تقييم مستمرة للمشاكل المعقدة، إلا أنه من الممكن للشركات أن تجمع وتعيد جمع الخبرات الضرورية من مختلف نقاط المؤسسة في شبكة واحدة لمعالجة قضايا التقلبات وانعدام اليقين والتعقيد والغموض (VUCA)، هكذا يستطيع كبار المدراء، من خلال الرعاية المستمرة للتعاون في نظام الإدارة الرشيقة، أن يصلوا بشكل أكثر فعالية وكفاءة إلى الخبرة الضرورية العميقة للمتعاونين الرئيسيين في مؤسساتهم التي يديرونها.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن لنزاع فرق الإدارة أن يكون بناء؟