بحث: كيف يُحدِث أفضل مدراء المدارس تغييراً مستداماً؟

10 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يُعد إحداث تغيير في المدرسة مهمة طويلة وشاقة وغالباً ما تكون منفردة. إذ يرغب بعض الأشخاص في التغيير وآخرون لا يريدونه، والبعض الآخر غير مستعد صراحة للانتظار حتى تظهر النتائج. بصفتك مدير مدرسة ينطلق في هذه الرحلة، كيف يعرف مدراء المدارس ما يتعين عليهم فعله، ووقت القيام به، وإلى مَن يصغون، وكيف يتعاملون مع الانتقادات الموجهة إليهم طوال هذه المسيرة؟

وجدت دراستنا للإجراءات التي اتخذها 411 مديراً من مدراء المدارس في المملكة المتحدة وما ترتب عليها من آثار، أن 62 مديراً منهم فحسب تمكنوا بنجاح من إحداث تغيير مستدام في مدارسهم. وأسس هؤلاء المدراء الـ 62 مدارس واصلت التحسّن بعد فترة طويلة من مغادرتهم، في حين تمكن المدراء الآخرون من إنشاء مدارس بدت على ما يرام في أثناء وجودهم فيها، بيد أنها تراجعت فيما بعد. ونُطلق على هؤلاء المدراء “المصممين”، لأنهم يعيدون تصميم المدرسة بشكل منهجي ويُحدثون تغييراً في المجتمع الذي تخدمه.

وقد درسنا هؤلاء المدراء على مدى ثماني سنوات باستخدام 64 متغيراً استثمارياً و24 متغيراً يتعلق بالأداء، لتحديد ما قاموا به، ومتى قاموا به، والأثر الذي أحدثوه. وزرنا المدارس لنرى رأي العين الإجراءات التي اتبعوها والنتائج التي أسفرت عنها. وأجرينا مقابلات مع هؤلاء المدراء ومع فِرقهم لفهم التحديات التي واجهوها ومتى حدثت وكيف تغلبوا عليها.

ووجدنا أن هؤلاء المدراء “المصممين” أحدثوا في المدارس تغييراً مستداماً عن طريق التصدي لكيفية إدارتها وإشراك مجتمعها وتحسين جانبها التربوي. حيث اتخذوا تسع خطوات أساسية على مدار ثلاث سنوات وفق ترتيب معين. وتمثل كل خطوة ركيزة مختلفة في هرم الأداء المدرسي. بيد أن الأمر كان طريقاً مليئاً بالعقبات، مع تعرّض 90% منهم للإقالة في نهاية عامهم الثاني. وفيما يلي نبين ما فعلوه وكيف فعلوه.

هرم الأداء المدرسي

الركيزة رقم 1 – التصدي للمنظومة والبقاء مدة 5 سنوات على الأقل. إذ تتمثل الخطوة الأولى في وضع خطة مدتها 10 سنوات تبين بوضوح كيف ستحدث تغييراً في المدرسة والمجتمع الذي تخدمه. ويُظهر ذلك للجميع التزامك حيال المدرسة على المدى الطويل – شأنك شأن طلابك وأسرهم – واستعدادك لاتخاذ قرارات صعبة والتعامل مع النتائج المترتبة عليها. وكما قال أحد المدراء “المصممين”: “لا أحد سيوليك الثقة في البداية. فقد خذلهم الكثير من الأشخاص مرات عديدة. ولذا، انتقلتُ إلى المنطقة المحلية لإظهار أنني ملتزم حيال المدرسة والمجتمع وإنجاح هذا الأمر. ولم أكن لأقطع نصف الطريق مثل المدراء الآخرين الذين سبقوني”. ووجدنا في دراستنا أن الأمر استغرق خمس سنوات على الأقل لإشراك مجتمع المدرسة وتغيير ثقافتها وتحسين جانبها التربوي. إذ بقي أكثر مدراء المدارس نجاحاً طوال هذه الرحلة، واستمروا غالباً فترة أطول، مع زيادة الدرجات المحرزة في الاختبارات بنسبة هائلة تبلغ 45-50 نقطة مئوية في السنوات الثماني الأولى بعد توليهم الإدارة. وأسفر ذلك عن زيادة عدد الطلاب الذين يتخرجون بتقدير “جيد” في خمسة مقررات أو أكثر بمقدار ضعفين أو ثلاثة أضعاف، مما زاد من أرباح مدارسهم المتوقعة على مدى الحياة بمقدار 140,000 جنيه إسترليني.

الركيزة رقم 2 – علِّم الجميع: واطرد أقل من 3% من الطلاب. بعد إبداء التزامك حيال الرحلة، يلزمك الالتزام حيال المجتمع. إذ لا يمكنك طرد الأطفال فقط لتحسين الدرجات المحرزة في الاختبارات. ويلزمك أن تُظهر لأولياء الأمور والطلاب أنك ترغب في مساعدتهم. وأظهِر أنك تريد حل المشكلة وليس إعطاؤها لشخص آخر.

ولا يعني هذا أنّ بوسعك تجاهل السلوك السيئ وأن تكون لطيفاً مع الجميع وتتوقٌّع أن تنال إعجابهم. لكن يجب عليك طرد الطلاب بصفته الملاذ الأخير فحسب، عندما لا يجدي أي شيء آخر نفعاً. وقد بينّا في دراستنا أن مدراء المدارس الأكثر نجاحاً أوقفوا 10-15% من الطلاب عن الدراسة في السنوات الثلاث الأولى بعد وصولهم، بيد أنهم طردوا أقل من 3% من الطلاب. وكما أخبرنا أحد المدراء “المصممين” بقوله: “في حال بدأت طرد الأطفال بمجرد وصولك، فسيتساءل مجتمعك عما إذا كنت تحاول مساعدتهم أو التخلص منهم. وقد أنشأنا، بدلاً من طرد الطلاب ونقل المشكلة إلى شخص آخر، مسارات متعددة داخل مدرستنا، حتى نتمكن من التعامل مع السلوك وتحسينه بأنفسنا”.

الركيزة رقم 3: تدريس الأطفال فترة أطول: من سن 5 أعوام إلى 18 عاماً. كان تدريس الأطفال فترة أطول، من بين جميع التغييرات التي أجراها المدراء في دراستنا، هو التغيير الأكثر ثباتاً. واستغرق الأمر خمس سنوات لرؤية النتائج، بيد أن الدرجات المحرزة في الاختبارات قفزت بعدها فجأة بمقدار تسع نقاط مئوية، واستمرت في التحسن بمقدار خمس نقاط مئوية كل عام بعد ذلك.

ويعني تدريس الأطفال من سن صغيرة أن المدارس يمكنها غرس السلوكيات الصحيحة في وقت مبكر، وتعليم الأطفال على نحو متسق فترة أطول (مدة 13 عاماً بدلاً من 5 أعوام) وتوفير موارد ثمينة (حيث زادت الإيرادات بنسبة 30-40%). ومن شأن تدريس الأطفال الصغار حتى بلوغهم سن 18 عاماً إعطاؤهم هدفاً يطمحون إلى تحقيقه. وكما أوضح مدير “مصمم” آخر قائلاً: “كان إنشاء مستوى سادس واحداً من أفضل الأشياء التي قمنا بها، على الرغم من أنه لا يزال يكبّدنا أموالاً! ففي العام الماضي، التحق بالجامعة 51% من طلاب المستوى السادس بمدرستنا، مقارنة بـ 27% فحسب من الطلاب قبل أربع سنوات. ويبعث هذا برسالة ذات مغزى كبير إلى طلابنا الأصغر سناً، كما أننا نستخدم الطلاب الأكبر سناً في توجيههم في أثناء تقدمهم في المدرسة”. (في المملكة المتحدة، يعد “المستوى السادس” مرحلة أخيرة وأحياناً اختيارية في التعليم الثانوي يستعد فيها الطلاب لامتحانات القبول بالجامعة).

الركيزة رقم 4: تحدي المعلمين: تغيير 30-50% منهم. الآن حان الوقت للبدء في تغيير الطريقة التي تعمل بها المدرسة. ويعني هذا عادة تغيير المعلمين. أخبرنا أحد المدراء “المصممين” قائلاً: “يوجد عدد كبير للغاية من مدراء المدارس الذين يتجنبون قضية الاستغناء عن المعلمين ذوي الأداء الضعيف”. بيد أنه يجب عليك أن تسأل نفسك: هل أنا هنا لمساعدة الطلاب أم المعلمين؟ أعتقد أنك تخذل 30 طالباً في العام عبر حماية معلم غير كفء. وحالما تبدأ التفكير على هذا النحو، يصبح اتخاذ القرارات الصعبة أسهل”.

غيَّر المدراء الأكثر نجاحاً، في دراستنا، 30-50% من المعلمين في السنوات الثلاث الأولى، من خلال توضيح أهداف التدريس، وإعطاء العلامات، واستعراض الأداء بصورة آنية (مثل الحضور والسلوك ودرجات الاختبارات) على شاشات الفيديو في الممرات وغرف المعلمين، والتخلص من المعلمين ذوي الأداء الضعيف. وفي العادة، كان نصف هذا التغيير يأتي من تعيين معلمين جدد لزيادة الموارد، وربعُه يأتي من تقليل عدد المعلمين الاحتياطيين، ويأتي الربع الآخر من التخلص من المعلمين ذوي الأداء الضعيف. المدراء الذين غيّروا أقل من 30% من المعلمين لم يحدثوا أثراً يُذكر، في حين أن تغيير أكثر من 50% من المعلمين تسبب في قدْر كبير من الزعزعة. وكما أخبرنا مدير “مصمم” آخر قائلاً: “تحولت الثقافة في المدرسة فجأة عندما أصبح لدينا 30% من المعلمين الجدد، وهم أشخاص كانوا جادين في محاولة إحداث تغيير في المدرسة والمجتمع الذي تخدمه”.

الركيزة رقم 5: إشراك الطلاب: إبقاء 95% منهم في الفصل. وهو أمر في غاية البساطة حقاً. إذ لا يمكنك تعليم الأطفال ما لم يكونوا في الفصل، أو ما لم يكونوا مهتمين بالتعليم. بيد أن الأقوال أسهل من الأفعال. وكما أوضح أحد المدراء “المصممين” بقوله: “يرزح نصف طلابنا تحت وطأة الفقر، في المجتمعات التي خذلتهم مدارسها منذ عدة أجيال. وهذه هي نقطة انطلاقهم، لذا يمكنك معرفة السبب الكامن وراء عدم اكتراثهم. بيد أنه بعد عامين من العمل الشاق، بدأت الأمور تتغير فجأة. حيث بدؤوا يؤمنون بأنفسهم وأن بوسعنا مساعدتهم. وبدلاً من قولهم: “لا جدوى”، أو “لن أزعج نفسي”، فإنهم يقولون الآن: “لقد تفوقت في هذا الاختبار”، أو “سأكون طبيباً”.

وحدثت نقطة التحول في المدارس التي دَرَسناها عندما حضر 95% على الأقل من الطلاب جميع فصولهم الدراسية. وقد حقق أكثر المدراء نجاحاً هذا في السنوات الثلاث الأولى، عن طريق استقدام متحدثين من خارج المدرسة لإلهام الطلاب، ومطالبة الطلاب بتقييم المعلمين، بحيث كانوا يشعرون بأنهم جزء من العملية التعليمية، وجعْل الطلاب الأكبر سناً يوجهون الطلاب الصغار لكي يكون لديهم شخص يقتدون به.

الركيزة رقم 6: تحدي مجلس إدارة المدرسة: التعامل مع 30-60% من أعضائه. لا يهم ما يقوله أمناء المدرسة، فجميعهم يريدون تحسين الدرجات المحرزة في الاختبارات في أسرع وقت ممكن. (“الأمناء”، في نظام المملكة المتحدة، هم مجلس إدارة المدرسة). إذ سيمنحونك مهلة مدة عام، بيد أنهم يريدون بعد ذلك بعض الأدلة القاطعة على تحسّن المدرسة. وفي حال لم تتمكن من إنجاز هذا التحسّن، فستفقد في الغالب وظيفتك. بيد أن التدابير الأكثر فاعلية واستدامة تستغرق ثلاث سنوات لتُسفر عن نتائج. لذا، كيف يمكنك أن تُظهر أنك تسير على المسار الصحيح في وقت لا تزال فيه الدرجات المحرزة في الاختبارات كما هي؟

في دراستنا، كانت أفضل العلامات المبكرة على التحسن المستمر هي تعليم الطلاب من سن 5 أعوام إلى 18 عاماً، ووجود 95% من الطلاب في الفصل، وحضور 50% من أولياء الأمور اجتماعات أولياء الأمور، ووجود 70% من الموظفين بلا حالة تغيُّب عن العمل. وحقق القادة الذين أنجزوا كل هذا في السنوات الثلاث الأولى تحسّناً في الدرجات المحرزة في الاختبارات بنسبة 45-50% في السنوات الست التالية. بيد أن 90% منهم تعرّض للإقالة في نهاية العام الثاني، عندما لم تتحسن الدرجات المحرزة في الاختبارات بالسرعة المطلوبة. وقد تخطوا هذا التحدي من خلال نقل المناقشة بعيداً عن الدرجات المحرزة في اختبارات هذا العام إلى التقدم الذي أحرزه الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و13 عاماً.

ويمكن للمدراء “المصممين” أن يركزوا أيضاً على مقاييس أخرى، مثل زيادة عدد الطلاب الذين يحضرون الفصول الدراسية، وزيادة عدد أولياء الأمور الذين يحضرون اجتماعات أولياء الأمور، وانخفاض حالات تغيّب المعلمين عن العمل. وكما أخبرنا أحد المدراء “المصممين” قائلاً: “يوجد الكثير من مجالس الإدارات التي تستغني عن مدراء مدارسها ببساطة عند وجود مشكلة. ويجب عليها، بدلاً من ذلك، التأكد من وجود المدير بالقدر الذي يكفل له إحداث أثر ومساعدتها على اتخاذ القرارات الصحيحة طوال مسيرتها”. وكان وجود مجلس إدارة قوي وإيجابي ضرورياً لنجاح جميع المدارس في دراستنا، مع اعتراض 30-60% من أمناء المدارس بشأن القرارات الرئيسة التي يتخذها أفضل المدراء في سنواتهم الثلاث الأولى. وكانت القرارات السيئة تُتخذ إذا اعترض عليها أقل من 30% من الأمناء، ويفقد المدير السيطرة على المدرسة إذا اعترض أكثر من 60% من الأمناء على قراراته.

ومن المهم قضاء بعض الوقت في التعرف على أمناء مدرستك وبناء علاقات معهم وفهم احتياجاتهم، لكي يثقوا بك ويتفهموا سبب عدم تركيزك على الدرجات المحرزة في الاختبارات هذا العام. إذ إن مخاوفهم مشروعة ويلزمك التعامل معها. واستخدِم الاعتراضات التي يُبدونها للمساعدة في تحسين عملية اتخاذ القرارات، لتشرح، بشكل أفضل، سبب اتخاذك للقرارات، والأثر الذي تُحدثه.

الركيزة رقم 7: إشراك أولياء الأمور: الحرص على حضور 50% منهم اجتماعات أولياء الأمور. يلزمك أن تبدأ بإشراك أولياء أمور الطلاب من البداية، بيد أن ذلك يمكن أن يستغرق بعض الوقت حتى يحدث. وينطبق ذلك بصفة خاصة على المدارس الريفية أو الساحلية في المملكة المتحدة، حيث يكون الأشخاص أقل قدرة على التنقل، ويمكن أن يكون آباء الطلاب وأمهاتهم أو أجدادهم قد درسوا بالمدرسة نفسها في السابق. وكما أوضح أحد المدراء “المصممين” قائلاً: “كان لآباء الطلاب وأمهاتهم وأجدادهم آراء قوية للغاية بشأن المدرسة، بناءً على تجاربهم فيها في السابق. وقد استغرق الأمر وقتاً طويلاً لتغيير هذه الآراء. بيد أنه، في حال لم نغيّر آراءهم هذه، فسيذهب كل عملنا الدؤوب سُدى عندما يعود طلابنا إلى منازلهم”.

وكان الحضور في اجتماعات أولياء الأمور لا يتجاوز 10% من أولياء الأمور عند وصول العديد من المدراء أول مرة، بيد أن أكثر هؤلاء المدراء نجاحاً زادوا نسبة الحضور إلى أكثر من 50% بنهاية العام الثالث. وقد حققوا ذلك من خلال جعل اجتماعات أولياء الأمور مناسَبة اجتماعية تحفل بالطعام والمشروبات وعروض الطلاب وتقديم خدمات التعليم والدعم، مثل مهارات تقنية المعلومات والنصائح المهنية، وتقديم خدمات مماثلة في المنازل عبر برامج التوعية.

الركيزة رقم 8: إشراك المعلمين: 70% منهم بلا حالة تغيّب. يستغرق إشراك المعلمين أيضاً وقتاً. وأوضح أحد المدراء “المصممين” قائلاً: “تدخل، بصفتك مديراً، وسطاً مجهِداً للغاية، إذ أُبلِغ المعلمون للتو أنهم أخفقوا في أداء وظائفهم وأنك جئت من أجل تصنيفهم. حيث يلزمك إقناعهم أنك حضرتَ للمساعدة، وأن وظائفهم ستصبح أسهل وأكثر إرضاءً للذات في حال عملوا معك وليس ضدك. إذ كان لدينا، في العام الذي سبق توليّ إدارة المدرسة، 14 معلماً في إجازة مرضية طويلة الأجل، و20% فحسب من المعلمين بلا حالة تغيّب. وقد ارتفعت النسبة الآن إلى 90%، وهذا تحول كبير خلال ثلاث سنوات!”.

وفي دراستنا، كان لدى أنجح المدارس أكثر من 70% من المعلمين بلا حالة تغيّب عن العمل بنهاية العام الثالث. وقد حققت ذلك عن طريق تقليل عدد المعلمين الاحتياطيين، ومطالبة المعلمين بتقييم بعضهم بعضاً (من خلال الملاحظات غير الرسمية)، والتدريس التعاوني، وزيارة المدارس الأخرى (لمعرفة الكيفية التي نجحت بها)، وتبسيط العمليات لتقليل العبء الإداري والمعاملات الورقية.

الركيزة رقم 9: تحسين التدريس: 100% من المعلمين الأكفاء. بوسع جميع المدارس الاستغناء عن المعلمين. لكن السؤال الحقيقي هو: كيف السبيل إلى الاستعاضة عنهم؟ وقد أخبرنا أحد المدراء “المصممين” قائلاً: “لا يتقدم المعلمون الأكفاء للعمل في المدارس الفاشلة في المناطق المحرومة”. فهُم يريدون العمل في مدارس جيدة ذات طلاب منخرطين. لذا، اتصلنا بالمدارس الجيدة القريبة منّا، التي أعلنت عن وظائف مؤخراً، وكان عدد المتقدمين لها أكثر من الوظائف المتاحة لديها. وسألنا مدراءها عن الأشخاص الآخرين الذين كانوا سيوظفونهم لديهم لو كان بوسعهم ذلك. ومن ثم اتصلنا بهؤلاء المعلمين وطلبنا منهم الانضمام إلينا! وقد حصلنا على بعض من أفضل المعلمين لدينا بهذه الطريقة، وهُم المعلمون الذين لم يتقدموا للعمل معنا، بيد أنهم يحبون أن يكونوا جزءاً مما نفعله”. وكان بالمدارس الأكثر نجاحاً في دراستنا 100% من المعلمين الأكفاء بنهاية العام الثالث. وقد حققت ذلك من خلال توظيف معلمين أكفاء وزيادة الملاحظات التعليمية غير الرسمية (من خلال برامج التوجيه ضمن المقررات الدراسية وفي سائر هذه المقررات) وتبادل أفضل الممارسات داخل المدرسة وفيما بين المدارس. وكما قال مدير “مصمم” آخر: “يتنقل الكثير من المعلمين ذوي الأداء الضعيف ببساطة من مدرسة إلى أخرى. ويلزمنا تطويرهم، بدلاً من نقلهم ببساطة إلى شخص آخر”.

التطبيق العملي لبناء هرم الأداء المدرسي

اختر ست ركائز من أصل تسع ركائز: مبدأ 90/60. وجدنا أنه لم يكن من الممكن دائماً تطبيق جميع الركائز التسع الأساسية في السنوات الثلاث الأولى، مهما يكن الجهد الذي تبذله في محاولة تطبيقها. ففي بعض الأحيان، لا يدعمك مجلس الإدارة، ولن يتعاون أولياء الأمور معك، أو لا يمكنك العثور على المعلمين المناسبين. والأمر الجيد هو أنّ بحثنا يُظهر بوضوح وجود نقطة تحول في كل عملية تغيير عند وجود ست ركائز، وليس جميع الركائز التسع. حيث تساعد الركائز الثلاث الأخيرة في استدامة هذا التغيير، ولكن مع تناقص العائدات. وقد زاد القادة الذين طبقوا الركائز التسع في ثلاث سنوات الدرجات المحرزة في الاختبارات بنسبة 50 نقطة مئوية في السنوات الخمس التالية. بيد أن القادة الذين طبقوا ست ركائز فحسب زادوا الدرجات بنسبة 45 نقطة مئوية. وبمعنى آخر، زادت الدرجات المحرزة في الاختبارات بسبع نقاط مئوية لكل ركيزة من الركائز الست الأولى التي طُبقت، بيد أن الزيادة كانت بنسبة نقطة مئوية واحدة فقط للركائز الثلاث التالية.

لذا، اسأل نفسك: ما الركائز الست الأسهل أو الأكثر إلحاحاً التي يجب تطبيقها أولاً؟ وما الركائز التي يمكن تطبيقها في وقت لاحق؟ وفي حال لم تتمكن من إشراك أولياء الأمور، فعليك إشراك الطلاب. وفي حال لم تتمكن من إشراك الطلاب، فقم بتدريس الطلاب الذين يمكنك إشراكهم، بشكل أفضل وفترة أطول. واعثر على نمط الإجراءات المناسب لمدرستك. وانظر إلى هرم الأداء المدرسي بصفته قائمة وليس وصفة. واختر المكونات التي تحقق لك أفضل النتائج وامزج بينها وقارنها.

خذ وقتك. غالباً ما يتعرض مدراء المدارس لضغط هائل لإحداث تغيير سريع في المدرسة، بيد أن التغيير المستدام يستغرق وقتاً طويلاً. وفي دراستنا، لم تشهد المدارس التي تحسنت أكثر على المدى الطويل أوجه تحسن في الدرجات المحرزة في الاختبارات حتى السنة الثالثة، واستمرت في التحسن خلال السنة الخامسة وما بعدها. ويلزمك توضيح ذلك لمجلس إدارة مدرستك، لكيلا يستغني عنك خلال هذه المسيرة. إذ إنه لا يمكن تحقيق أوجه تحسن سريعة إلا بطرد الطلاب ذوي الأداء الضعيف أو اجتذاب طلاب أفضل من المدارس الأخرى، وهو حل لا يفيد المجتمع على المدى البعيد. حاول، بدلاً من ذلك، تطبيق ست ركائز من الركائز التسع في السنوات الثلاث الأولى. لكن، لا تقلق إذا استغرق الأمر وقتاً أطول، إذ إن التحسن لن يحدث بسرعة، بيد أنه سيحدث، وسيكون تحسناً مستداماً.

لا يوجد إجراء واحد أو مجموعة من الإجراءات أكثر أهمية من أي إجراء آخر. حيث بقي 80% من أفضل المدراء في مدارسهم أكثر من خمس سنوات، ولكن لم يبق جميعهم. وأفضل المدارس جميعها درَّس الأطفال من سن 5 أعوام إلى 18 عاماً، بيد أن 40% من المدارس ذات الأداء الضعيف فعلت ذلك أيضاً. طبّقْ أكبر عدد ممكن من الركائز، بدلاً من البحث عن حل سحري. وتذكّر أن عدد الركائز أكثر أهمية من نوعها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .