كيف تحث الموظفين على المشاركة الفاعلة في الاجتماعات الافتراضية؟

4 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يُمثل جذب انتباه الحضور في الاجتماعات المنعقدة داخل الغرفة ذاتها مهمة شاقة، فما بالك بجذب انتباههم وهم جلوس في بقاع شتى، لا شك أن الأمر سيكون أكثر صعوبة. وما يثير الانزعاج حقاً أن تناقش أمراً لتسع دقائق ثم تتوقف منتظراً إجابة من أحدهم وإذ به يجيبك بقوله: “أعتقد أنني لم أتابع ما تقول” بينما هو يقصد: “كنت أغسل شعر قطتي بالشامبو ولم أظن أنني قد أُسأل في موضوع الاجتماع”.

دعونا نصارح أنفسنا، لطالما كانت معظم الاجتماعات سيئة المردود بسبب ضعف روح تحمّل المسؤولية تجاه التفاعل أو غيابها تماماً، فعندما نجتمع في الغرفة نفسها، غالباً ما يكون التواصل بالعين، لذلك يشعر المشاركون بضرورة إظهار الاهتمام (حتى وإن كانوا يحدقون في هواتفهم)، أما في المواقف التي تعجز فيها عن جذب الانتباه بنظرة حادة، فيجب أن تتعلم ما كان يجب أن نتقنه منذ زمن طويل، ألا وهو تشجيع التفاعل الطوعي، أو بعبارة أخرى، يجب عليك خلق فرص منظمة تتيح أمام الحاضرين التفاعل بكل حواسهم.

ثمة أربعة أسباب رئيسية لعقد اجتماع: إما التأثير في الآخرين أو اتخاذ القرارات أو حل المشكلات أو تعزيز العلاقات. ونظراً لأنها جميعاً عمليات تستلزم التفاعل الإيجابي، فنادراً ما يقدم الحاضرون السلبيون إسهامات مفيدة، لذلك كان التفاعل الطوعي شرطاً مسبقاً لعقد اجتماعات فاعلة، سواء أكانت اجتماعات افتراضية أو غيرها.

أمضينا السنوات القليلة الماضية ندرس جلسات التدريب الافتراضية لفهم الدوافع وراء تسبب الاجتماعات الافتراضية في إصابة الحاضرين بالملل. وفي أثناء دراستنا، اكتشفنا خمس قواعد تؤدي إلى توقع نتائج أفضل في الاجتماع وأخضعناها للاختبار، ففي إحدى الدراسات التي أجريناها، عقدنا مقارنة بين 200 شخص في اجتماع مباشر وجهاً لوجه و200 شخص في اجتماع افتراضي ووجدنا أنه عند تطبيق هذه القواعد، فإن مستوى تفاعل 86% من الحاضرين يتزايد زيادة مطردة كما هو الحال في الاجتماعات المباشرة، وطبقنا هذه القواعد الآن على أكثر من 15,000 مشارك في الاجتماعات.

إليكم القواعد.

لنضرب مثالاً برامي، مدير بإدارة وسطى، على وشك أن يترأس عرضاً تقديمياً افتراضياً مدته 15 دقيقة بحضور 16 من نظرائه المنتشرين من شمال أميركا إلى جنوبها، بهدف إقناعهم بضرورة تحديد فرص المبيعات العالمية كل حسب محفظة عملائه الإقليميين والتعاون على انتهازها، ولتجنب سلبية المشاركة في الاجتماع وضمان تفاعل المجموعة، خطط لاستخدام 18 شريحة عرض، وفيما يلي القواعد التي على رامي اتباعها:

1. قاعدة الـ 60 ثانية.

أولاً، لا تطلب من المجموعة المشاركة في حل مشكلة ما لم يدركوا أبعادها. في أول 60 ثانية قم بما من شأنه أن يساعدهم على استشعارها. يمكنك مشاركتهم إحصائيات أو قصص أو مقارنات صادمة أو استفزازية لإضفاء الطابع الدرامي على المشكلة، فعلى سبيل المثال، ربما يُطلع رامي أقرانه على إحصائية توضح متوسط حجم الصفقات العالمية لأحد المنافسين حتى يثير إحساساً بالتخاذل بين أفراد المجموعة، ويمكنه أن يروي لهم قصة العميل المحبط الذي توقف عن الشراء لأن الفريق فشل في تقديم عروض أسعار وعمليات دعم شاملة على مستوى العالم، أو يمكنه أن يستخدم العاطفة ويقارنهم بالحيتان التي تصطاد فرائسها بفاعلية أكبر عندما تعمل معاً وتطوّق أسراب الأسماك ثم تتناوب على الوليمة، وبغض النظر عن الأسلوب الذي تتبعه، ليكن هدفك التأكد من أن المجموعات تفهم المشكلة (أو الفرصة) قبل محاولة حلها.

2. قاعدة تحمَّل المسؤولية.

يحدد الناس أدوارهم بصورة ضمنية عندما يدخلون إلى أي محيط اجتماعي، فعلى سبيل المثال، عندما تدخل السينما، فأنت تحدد دورك كمشاهد دون وعي منك لأنك هنا لتستمتع، وعندما تدخل صالة الألعاب الرياضية، فأنت تتقمص دور الرياضي لأنك هنا لتمارس الرياضة، وهذا أكبر ما يؤثر على التفاعل في الاجتماعات الافتراضية أي السماح لأعضاء الفريق بأداء دور المراقب دون وعي، إذ يسعد الكثيرون بتحديد دورهم بهذه الطريقة عند تلقي دعوة حضور الاجتماع، ولمواجهة هذا القرار الضمني، اخلق جواً من المسؤولية المشتركة في وقت مبكر من عرضك التقديمي، ولكن احذر أن تفعل ذلك بقول شيء على غرار: “حسناً، أريد أن تكون هذه محادثة وليس عرضاً تقديمياً، وأريدكم جميعاً أن تدلوا بدلوكم”. فهذا لا ينجح إلا قليلاً، بل اخلق فرصة لهم ليتحملوا المسؤولية الجادة، ويفضَّل القيام بذلك باستخدام القاعدة التالية.

3. قاعدة لا مكان للاختباء.

أثبتت الأبحاث أنه كلما زاد عدد الركاب الموجودين في قطار مترو الأنفاق تضاءلت فرص تقديم المساعدة للشخص الذي تبدو عليه مظاهر المعاناة من نوبة قلبية، ويطلق علماء النفس الاجتماعيون على هذه الظاهرة مسمى “توزيع المسؤولية”، فعندما تتوزع المسؤولية على الجميع لن يشعر أحد بتحمل المسؤولية، ولا بد أن تتجنب هذا الفخ في اجتماعاتك وذلك بتكليف الحضور بمهمات يمكنهم تنفيذها كنوع من التفاعل الإيجابي بحيث لا يجدون فرصة للاختباء، وقسّم الحضور إلى مجموعات مكوّنة من فردين أو ثلاثة أفراد (كحد أقصى)، ووفر لهم وسيلة للتواصل مع بعضهم البعض (كتقنية الفيديو كونفرنس أو قناة “سلاك” أو منصة للرسائل الإلكترونية أو للتواصل الصوتي)، وإذا كنت تستخدم منصة اجتماعات افتراضية تتيح تشكيل مجموعات فرعية، فاسمح باستخدامها، وامنحهم إطاراً زمنياً محدوداً للغاية لأداء مهمة محددة وموجزة. على سبيل المثال، بعد ثلاث دقائق من العرض، يمكن لرامي أن يقول شيئاً مثل: “توضح الشريحة التالية من سيكون شريكك، أريدكم أن تأخذوا دقيقتين في مجموعاتكم الفرعية لتحديد خسارة عانت منها الشركة كلها: عميل تعتقد أنه كان بإمكانك أن تعقد معه صفقة أكبر بكثير لو أننا تعاوننا معاً بصورة أفضل في الأشهر الاثني عشر الماضية”. يمكنه بعدئذ أن يطلب من الجميع كتابة إجاباتهم في لوحة الدردشة، أو الاتصال بشخص أو اثنين لمشاركة مثالهم عبر الهاتف.

4. قاعدة الحد الأدنى من شرائح العرض.

ما من شيء أسوأ من مباغتة المجتمعين بسيل من شرائح العرض المحشوة بالبيانات المرتبة في نقاط لا نهاية لها بطريقة تتسبب في تشتت أذهان المشاركين وتصيب عقولهم بالخدر، لذا يجب عليك مزج الحقائق بالقصص إن أردت تفاعل المشاركين، مهما كان مستوى ذكائهم أو عبقريتهم. ومن هنا فإننا نحث الجميع على استخدام أقل عدد ممكن من شرائح العرض التي يحتاجونها. بعبارة أخرى، حدد أقل كمية ممكنة من البيانات التي تحتاج إلى إطلاع المجموعة عليها والتفاعل معها، ولا تزد عنها شريحة واحدة. من بين الفوائد الثانوية لهذه القاعدة أنها تجبرك على التفاعل مع الحضور. الحقيقة أنك إذا أعددت الكثير من الشرائح، ستشعر أنه لا مفر أمامك من “عرضها كلها”، فإذا كان أمام رامي 18 دقيقة لإتمام مهمته، فإن 15 شريحة تعتبر عدداً أكبر من اللازم، وبالتالي يجب عليه عرض قضيته في شريحة أو شريحتين على الأكثر، ثم يستخدم شرائح إضافية لإنجاز المهمات الواردة في القواعد الثلاثة السابقة.

5. قاعدة الـ 5 دقائق.

اجتهد لئلا تمر أكثر من 5 دقائق دون طرح مشكلة أخرى وتطلب من المجموعة حلها، لأن المجتمعين يتابعون من أماكن متناثرة ومحاطون بالكثير من عوامل التشتيت المغرية، وإذا لم تحافظ على ترقبهم لمواصلة المشاركة الهادفة، فسوف يتقهقرون لمزاولة دور المراقب المخادع، وعندها سيتعين عليك أن تجتهد لاستعادة تركيزهم، لذا يجب أن يتيح رامي فرصتين أو ثلاث فرص للتفاعل الموجز والمحدد جيداً والهادف في عرضه التقديمي الذي يستغرق 15 دقيقة. يمكنه، على سبيل المثال، تلخيص عرضه التقديمي بقائمة من الخيارات من إعداد المجموعة، ثم إجراء اقتراع أو تصويت لتحديد رأي الفريق حول نقطة البداية.

في الحقيقة يفترض أن تكون هذه القواعد بديهية، أياً كان نوع الاجتماع الذي تعقده، ولكن ثمة مخاطر أكبر اليوم نظراً لوجود أعضاء الفريق بعيداً عن الأنظار وأذهانهم عرضة للشرود، وسيؤدي اتباع هذه القواعد الخمس إلى تغيير إنتاجية أي اجتماع افتراضي بصورة جذرية وفورية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .