هل هناك مشكلة مساءلة في فريقك؟

7 دقائق
مشكلة المساءلة في فريق العمل
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

“نحتاج إلى جعل الناس أكثر تحملاً للمسؤولية”، كم مرة قلت هذه العبارة العام الماضي عند الحديث عن مشكلة المساءلة في فريق العمل؟ عندما لا تسير الأمور على ما يرام، لانخفاض العائدات أو لأنك لم تحقق أهدافك أو لأن مسار المبيعات خاوي، من السهل أن تلجأ إلى قول هذه العبارة. ولكن عندما تقولها، ما يفهمه أعضاء فريقك منها فعلياً هو: “أنتم تخذلوني” أو “نحن بصدد الإخفاق”. وبدلاً من إثارة حماس فريقك، سينتهي بك الأمر مثبطاً من معنوياتهم.

في حين أنه في بعض الأوقات ربما كان يجب على فريقك بذل جهد أكثر تركيزاً بلا شك، إلا أنه من واقع خبرتي نادراً ما يكون “عدم تحمّل المسؤولية” متعمداً. ففي أغلب الأحوال يكون نتيجة لمشكلة أساسية، مثل عدم وضوح الأدوار والمسؤوليات أو محدودية الموارد أو ضعف الاستراتيجية أو وضع أهداف غير واقعية. لهذا السبب القادة الذين ينسبون التقصير إلى عدم تحمل المسؤولية غالباً ما ينتهي بهم الأمر بالوصول إلى طريق مسدود ويصبحون أكثر إحباطاً.

فضلاً عن ذلك، فإن التعبير لفظياً عن “عدم تحمل المسؤولية” أمام فريقك يمكن بسهولة أن يظهر وكأنه تهديد أو تعال على الطرف المتلقي. فهذه الطريقة لن تثمر عن شيء عندما تحاول تحفيز التغيير، والأهم من ذلك أنها لن تساعدك على معرفة أصل المشكلة.

اقرأ أيضاً: هل تعرف كيف يحب أن يعمل كل فرد في فريقك؟

حل مشكلة المساءلة في فريق العمل

عندما ترغب في تحفيز من حولك لتحقيق نتائج أفضل (وهو ما تطمح إليه حقاً، أليس كذلك؟)، فإن أفضل نهج يمكن أن تتبعه هو معالجة المسألة بعقلية القائد. الخطوات التالية ستوجهك فيما يتعلق بكيفية بدء الحوار وتحديد المشكلة الفعلية وتنفيذ خطة تساعدك على حلها.

راجع نفسك أولاً

عندما تؤرقك مشكلة في العمل، عادة ما يكون إلقاء اللوم على الآخرين هو أول ما تفعله. ولكن إذا كنت ترغب في خوض محادثة مثمرة مع شخص ما يبدو أنه “لا يستوعب المشكلة”، فكّر أولاً فيما إذا كنت تساهم في المشكلة (ولو حتى دون قصد). فبدلاً من أن تسأل “لماذا لا يؤدون دورهم؟”، اسأل “هل من شيء يمكنني فعله بطريقة مختلفة لتقديم المساعدة؟”.

في حين أنه ينبغي لك أن تتجنب الشعور بأنك مجبر على إكمال عمل شخص آخر، إلا أنه من المفيد أن تفكر فيما إذا كانت الثغرات في التواصل أو العمليات أو الجوانب الأخرى، تعرقل كليكما.

وقبل حتى أن تخوض الحوار مع الشخص الآخر، اسأل نفسك الأسئلة التالية:

  • هل كنت واضحاً بشأن توقعاتي؟
  • هل سألته ما الذي يمكنني فعله لتقديم المساعدة؟
  • هل خصصت وقتاً للعصف الذهني ومراجعة العمليات؟
  • هل وضعت خطة عمل مع هذا العضو من فريقي؟

يُعد الوعي الذاتي بمثابة قوة خارقة يمتلكها القائد، وطرح الأسئلة السابقة يمكن أن يساعدك على معرفة أي من الأنماط غير المفيدة تتبعها.

اقرأ أيضاً: ما الذي بوسعك فعله إذا خذلك فريقك؟

ثمة نصيحة أخرى يمكنك اتباعها لزيادة وعيك بذاتك وهي أن تنتبه لما يحدث في جسمك. فمثلاً، عندما تفكر في خوض هذا الحوار مع عضو في فريقك، هل تشعر بالتوتر؟ هل تجز على أسنانك أو تشعر بالقلق أو تمشي جيئة وذهاباً أو تهز قدميك أو تغير تعبيرات وجهك أو تتحدث أكثر من المعتاد أو تتوقف عن العمل؟ على سبيل المثال، إذا وجدت أنك معتاد على أن ترمق الناس بنظرات غاضبة، انظر ما إذا كان بإمكانك أن تتوقف عن ذلك وأن تحاول النظر إليهم بنظرات أكثر لطفاً. فالوعي بردود الفعل الجسمانية يمكن أن يساعد في التعرف على مشاعر الغضب أو الإحباط أو عدم الارتياح التي ربما تكون مخفية داخلك. كما أنه سيساعدك على أن تصبح أكثر إدراكاً للكيفية التي قد تؤثر بها لغة جسدك على الآخرين سلباً. لذا حاول الانتقال من التفكير بعقلية عدائية إلى التفكير بعقلية تركز على حب استطلاع الكيفية التي يمكنك بها تقديم المساعدة.

تهيئة بيئة آمنة للطرف الآخر

بعد أن راجعت نفسك وتشعر الآن أنك في حاجة إلى خوض الحوار من منطلق حب الاستطلاع، تذكر أن تنتبه لطريقة كلامك جيداً، سواء أثناء المبادرة بعقد اجتماع أو عبر رسائل البريد الإلكتروني. وأفضل ما يمكنك البدء به هو أن تسأل الشخص ما إذا كان بالإمكان تحديد موعد لمناقشة أحد تحديات العمل معه. فتحديد موعد يدل على التزامك بتخصيص جزء من وقتك للاستماع. علاوة على ذلك، عندما تذكر أن المناقشة متعلقة بأحد تحديات العمل، فإنك بذلك لا تشير بأصابع الاتهام إليه وتؤكد أنك تهتم بما يكفي بالتعاون بينكما.

بمجرد أن تحدد موعداً للحوار، ابدأ الحديث بطرح الأسئلة. على سبيل المثال، إذا كان هذا العضو في فريقك يفوت المواعيد النهائية باستمرار، يمكن أن تبدأ بقول: “لاحظتُ أنك تحتاج إلى المزيد من الوقت لإنجاز عملك في الآونة الأخيرة”. وقدّم أمثلة محددة، ثم اسأله: “ما الذي يمكننا فعله لمساعدتك على استعادة نشاطك؟”. وإذا فشل عضو آخر في تحقيق الأهداف ربع السنوية، يمكن أن تقول عبارات بسيطة مثل “ما تقييمك لسير عملك في هذا الربع من السنة؟” ولاحظ رد فعله الأولي.

تجنب الانتقال مباشرة إلى توجيه الملاحظات النقدية أو التحدث بلهجة انتقادية، كأن تقول: “لماذا فعلت…” أو “كان ينبغي لك أن…” أو “ما فعتله كان خطأ”. من المفيد أن تفترض حسن نية الطرف الآخر. فالهدف هنا هو الإنصات وأن تظل منفتحاً بصدق تجاه معرفة “رأيه” فيما حدث.

الإنصات وإيلاء الاهتمام وفهم احتياجات الطرف الآخر ودوافعه، جميعها أشياء من شأنها أن تساعد على أن تنحي جانباً أي افتراضات قد تكون وضعتها حول شخصيته. فقد تكتشف أنه ليس “كسولاً” أو “عديم الأهلية” أو “لا يمكن الاعتماد عليه”، ولكن قد تجد أن أهداف المؤسسة غير واضحة بالنسبة إليه وبالتالي فإنه لا يرتب أولويات المشاريع على نحو سليم. وقد تكتشف أيضاً أنه يحتاج إلى مزيد من الملاحظات ليؤدي أفضل ما لديه في العمل، أو أن هناك عقبات أخرى تقف في طريقه. على الرغم من أن لا شيء مما سبق يبرر بشكل كامل غياب المبادرة أو المتابعة، فإن فهم المشكلات الأساسية يمكن أن يعطيك فكرة واضحة حول كيفية المضي قدماً.

اقرأ أيضاً: لا تدع الإجهاد في موسم الأعياد ينعكس على فريقك

فعندما تكون مدركاً لما تحاول تحقيقه فقط، دون وضع تجارب الآخرين في الحسبان، من السهل أن تعتاد على التجريح وتوجيه اللوم. إذا كان عضو فريقك يشعر أن هناك مَن يستمع إليه حقاً، من المرجح أن يشعر بالأمان العاطفي وأن يتعاون معك على حل المشكلة. فسواء كنت قائداً أو تسعى إلى أن تكون زميلاً أفضل، فإن الاستماع إليهم مع افتراض حسن النية هو مهارة ستساعدك على تحقيق أهدافك.

تأكد من وضوح هدفك مع التوصل إلى اتفاق متبادل حول كيفية المضي قدماً

الآن وقد حددت المشكلات الأساسية، حان الوقت لتوضيح أن هدفك من خوض هذا الحوار هو معالجة المشكلة والاتفاق على مسار للمضي قدماً (مع أخذ أي معلومة جديدة قُدمَت لك للتو في الاعتبار). سواء كان هدفك هو مساعدة مرؤوسك المباشر على الوفاء بالمواعيد النهائية أو التعاون على نحو أكثر فاعلية مع أحد أعضاء فريقك على مشروع ما، من المهم أن تتأكد أن كليكما يفهم ما هي المشكلة وكيفية معالجتها وما هو شكل النجاح وما الذي ينبغي فعله ومَن الذي منوط بالفعل ومتى يجب إنجاز الأمور.

يمكنك أن تبدأ بتلخيص ما سمعته من الطرف الآخر حتى الآن لتتأكد أنك تفهم موقفه. وبمجرد أن يؤكد لك أنك “تفهم الأمر جيداً”، بيّن له أن ما شاركه معك أصبح مفهوماً بالنسبة إليك. يجدر الإشارة إلى أن “مفهوم” هنا لا تعني بالضرورة أنك توافق على ما قاله، ولكنها تعني فقط أنك فهمت وجهة نظره.

في الخطوة التالية عبّر مباشرة عن شعورك بالإحباط مما ترى أنه يمثل لك مشكلة. على سبيل المثال يمكن أن تقول: “أعلم أنك لا تفوت المواعيد النهائية عمداً، والآن أصبحت أتفهم جيداً حجم العمل الموكل إليك. ولكنك عندما تفوت المواعيد النهائية، أضطر إلى إتمام عملك غير المكتمل، ما يتسبب في تأخري عن إنجاز ما لدي من مشاريع. وهذا يشعرني بالإحباط وخيبة الأمر في أغلب الأحيان”.

كخطوة أخيرة، اسأله ما إذا كان منفتحاً على تجربة بعض الاستراتيجيات الجديدة لمعالجة المشكلة. النهج الذي تتبعه في هذه الخطوة الأخيرة يختلف اعتماداً على الشخص الذي تحاوره. فإذا كنت تتحدث مع مرؤوس مباشر، يمكن أن تقول: “أريد أن أضعك على طريق النجاح. فللتأكد من أننا متفقون على ذلك، هلا أعدت على مسامعي المشكلة كما فهمتها ثم يمكننا العمل معاً على وضع خطة للمضي قدماً؟”. أما إذا كنت تتحدث إلى زميل لك، قد يكون من الأفضل أن تقول: “بناء على حوارنا، دعنا نحاول الاتفاق على مجموعة من الأهداف المشتركة ثم نتبادل الأفكار حول كيفية وضع نهج لتحقيق تلك الأهداف”.

في جميع الأحوال، أظهر تعاطفك واسعَ إلى أن يكون هناك التزام متبادل حول الهدف المتفق عليه. وبعد ذلك يمكنكما تبادل الأفكار والاتفاق على اتخاذ بعض الخطوات الملموسة.

تعهّد بإعداد مَن تعمل معهم لتحقيق النجاح

عندما تبدأ في وضع خطتك، تعاون مع زميلك على وضع توقعات واقعية. فهذه هي الطريقة الوحيدة لضمان إعداد كليكما لتحقيق النجاح. سواء كنت تعمل مع زميل أو مرؤوس مباشر أو حتى شخص ما أعلى منك منصباً، قبل الاتفاق على الخطوات التالية، اسأله (واسأل نفسك أيضاً) هذا السؤال: هل يمكن تنفيذ ذلك بالنظر إلى المهام الأخرى الموكلة إلينا؟ إذا كانت الإجابة هي لا بالنسبة إلى كليكما، ارجع إلى مرحلة التخطيط الأولى.

على سبيل المثال، تخيل أن أحد أعضاء فريقك يبدو أنه شخص غير مسؤول لأنه فشل في تحقيق أهداف المبيعات ربع السنوية. وبعد مناقشة المشكلة معه، اكتشفت أن المشكلة الحقيقية هي أنه لا يثق في معلوماته حول المنتج. ولذلك قد يكون من غير المناسب دفعه إلى تقديم المزيد من العروض الترويجية. ولكن بدلاً من ذلك، يمكنك التفكير بعقلية تؤمن أن “النجاح يحقق المزيد من النجاح” وذلك بأن تركز على حصوله على ما يحتاج إليه ليتمكن من تقديم المنتج على نحو أفضل. وإذا كان الهدف هو إبرام 20 صفقة في الربع التالي من السنة، يمكنك خفض هذا العدد مؤقتاً وتوفير المزيد من التدريب لكي يصبح مستعداً على نحو أفضل للربع التالي من السنة ثم العودة مرة أخرى إلى الوفاء بالهدف السابق.

أياً كان الوضع، لا بد أن تكون حكيماً، حيث يمكنك تخفيض عدد الصفقات المطلوبة أو إعادة صياغة المهام أو تقديم الدعم أو تفويض المهام إلى الآخرين حسب الضرورة. قد تكون خطتك المنقحة أضيق نطاقاً مما توقعته في البداية، ولكن اعلم أن الخطوات الصغيرة غالباً ما تحقق نجاحاً كبيراً بمرور الوقت.

احرص على تتبع التقدم المحرز وقياسه بصورة منتظمة

ربما سمعت عن أهمية وجود دليل ورقي. وفي حين أننا لا نستخدم الكثير من الأوراق هذه الأيام، إلا أن وجود دليل ورقي في هذه الحالة أمر هام. لذا احرص على تدوين الخطة المتفق عليها للرجوع إليها في حال كانت هناك أي أسئلة حول ما كان مقرراً في الأصل. لا تضع الخطة دون تدوينها لتجنب نسيان المتفق عليه. وحدد أدوات التواصل التي ستستخدمها لتتبع التقدم المحرز وقياسه.

فيما يلي بعض الأدوات المفيدة في هذا الصدد:

  • تقارير كتابية حول الأدوار والمسؤوليات (لاستخدامها كمراجع).
  • بطاقات قياس الأداء (لقياس النتائج).
  • متابعة التقدم المحرز بصورة منتظمة (لتقديم تقييمات).
  • لوحات متابعة قياسية (لتتبع الأداء).
  • اجتماعات أسبوعية (للبقاء على اطلاع).
  • تقارير كتابية حول العملية (لتحديد ما هو ناجع، وما هو دون ذلك).
  • قوائم مرجعية (للتنظيم).
  • وضع خطط للمشروع (لتحديد الأهداف المستقبلية).

الوثائق السابقة ستساعدك على تحديد ما هو فعال وما هو غير ذلك خلال فترة زمنية محددة، وأيضاً على تصحيح المسار حسب الحاجة.

التوسل من أجل تحمُّل قدر أكبر من المسؤولية ليس الحل لمشكلتك، حيث يمكن لأي شخص أن يعبر عن شعوره بالإحباط من مشكلة ما، ولكن هؤلاء الذين يستغلون الوعي الذاتي والتعاطف لا يجدون حلولاً فعالة فحسب ولكن أيضاً يبنون فرقاً ناجحة وعلاقات بزملائهم تدوم مدى الحياة. فإذا أردت أن تكون قائداً بارعاً أو زميلاً جيداً يرغب الجميع في العمل معه، غيّر طريقتك في التفكير وطبّق هذه الخطوات الخمس، ما سيساعدك على تحقيق نتائج أفضل وإحداث تغييرات عميقة الأثر، كما أنك ستحد من شعورك بالإحباط عند حل مشكلة المساءلة في فريق العمل.

اقرأ أيضاً: هل تحرص على سماع أفضل أفكار فريقك؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .