أربع خطوات تساعدك على ترك العمل في مكان العمل وتجنب نقله إلى المنزل

5 دقائق

توجد لبعض الوظائف حدود واضحة بين توقيت "عملك" وتوقيت "توقفك عن العمل"، بينما تغشى الضبابية هذه الحدود في وظائف أخرى، أو ربما تتلاشى تماماً. وهو ما يجعل عملية تفادي تشتت الانتباه بسبب العمل، خصوصاً من الناحية الذهنية، تحدياً كبيراً.

وقد يؤدي ذلك إلى أن تجلس لتناول العشاء بينما ابنتك تقص عليك ما حدث في يومها، وبدلاً من أن تُصغي لها، تجد نفسك تتساءل هل وصلت رسالة البريد الإلكتروني التي أرسلها إليك مديرك أم لا. يعني ذلك مقايضة الوقت الذي كان بوسعك تخصيصه للنوم، أو لممارسة التمارين الرياضية، أو لتبادل الحديث مع زوجتك، بينما تنكب على حاسوبك المحمول. وقد يبدو الأمر أشبه بالحفاظ على التوازن بين عملك وحياتك، في الوقت الذي تجد فيه شؤونك المالية أو بيتك في حالة يرثى لها، لأنك لا تملك الوقت الكافي لسداد الفواتير أو التخطيط للتقاعد أو الترتيب للاعتزال.

وكما شاركتُ القراء في مقالتي عن الحدود، قد يتباين المُمكن وفقاً لطبيعة وظيفتك، ولثقافة مكان العمل، وأيضاً للزملاء. ولكن، في أغلب الحالات، تستطيع الحدّ من مدى تشتتك الناتج عن العمل في غير الأوقات المخصصة.

وبصفتي مدرِّبة إدارةالوقت، اكتشفتُ أنّ الخطوات الأربعة التالي ذكرها يمكن أن تكون ذات فائدة عظيمة. أشجعك عزيزي القارئ على أن تتحدى نفسك وتحاول تنفيذ هذه التغييرات تدريجياً، وتكتشف إلى أي مدى تستطيع أن تتخلص من ضغط العمل جسمانياً وذهنياً.

الخطوة الأولى: تحديد "ساعات العمل الإضافية"

إذا كنت تشغل وظيفة تقليدية محددة بساعات عمل من 9 صباحاً حتى 5 مساءً، فاعلم أن ساعات عملك محددة نيابةً عنك. ولكن، لو أنك تعمل في بيئة ذات ساعات عمل مرنة، فسوف تحتاج إلى التفكير في الوقت الذي تنشغل فيه بالعمل والوقت الذي تبتعد فيه عنه. في حال كان صاحب العمل يتوقع التزامك بعدد محدد من ساعات العمل كل أسبوع، فابدأ بدراسة كيفية التوفيق بين تلك الساعات والتزاماتك الشخصية المحددة، مثل اصطحاب أطفالك إلى المدرسة، أو ممارسة تدريب معين أو الاستمتاع بالانضمام لصف دراسي لتعلم رياضة محببة لنفسك. متى يتعين عليك البدء والتوقف لتخصص وقت العمل المناسب لك؟

من ناحية أخرى، لو لم يكن لدى شركتك وقت محدد يتعين عليك العمل فيه - كأن يكون عملك حراً، أو كأن ينحصر في بيئة عمل تركز على النتائج فقط - غير أنه يلتهم ساعات صحوك كلها تقريباً، فاسلك النهج المعاكس. فكِّر في عدد الساعات الذي تحتاج إليه لأنشطة مثل النوم والتمارين الرياضية والأسرة والأصدقاء والتنظيف والاضطلاع بالشؤون المالية، الخ. وبعد ذلك، حدد الوقت الذي تحتاج إلى تخصيصه كل يوم وكل أسبوع لاستيعاب هذه الأولويات الشخصية. هذه الطريقة تحدد الوقت الذي تود فيه أن تكون "خارج ساعات العمل".

الخطوة الثانية: التحلي بالصفاء الذهني

بعد ذلك، احرص على التحلي بالصفاء الذهني بشأن ما تحتاج إلى إنجازه، وتوقيت استكمالك له. ويشمل ذلك تخصيص مكان لتدوين العديد من المهام التي تحتاج إلى إنجازها، سواء كان ذلك داخل مفكرة أو تطبيق لإدارة المهام أو نظام لإدارة المشروعات أو في جدول مواعيدك. المهم ألا ترقد على سريرك ليلاً وتحاول أن تتذكر كل شيء على قائمة مهامك الذهنية.

ثم فور أن تتوفر لديك هذه القائمة، خطط لعملك. وقد يعني ذلك تخصيص وقت في جدول مواعيدك للعمل على تقرير ما مقدماً، وأيضاً تكريس وقت في جدول مواعيدك للإعداد لاجتماعات اليوم التالي، أو ببساطة التخطيط لساعات محددة تخصصها لإنجاز عملك، في مقابل حضور الاجتماعات أو الاستجابة لطلبات الآخرين. يحد هذا التخطيط من القلق بشأن نسيان أي شيء في خضم العمل أو تفويت موعد نهائي.

يتعلق الجزء الأخير من الارتقاء بصفائك الذهني بأن يكون لديك موجز لنهاية يوم العمل. خلال هذا الوقت، راجع قائمة مهامك اليومية وجدول مواعيدك للتأكد من أن ما يتعين عليك إنجازه حتماً - خصوصاً تلك المهام التي كان موعدها النهائي صعباً - تم الانتهاء منه على الوجه الأكمل. ويمكنك أن تُجري أيضاً مسحاً سريعاً لبريدك الإلكتروني، لضمان الرد على أي رسائل عاجلة قبل مغادرة المكتب. بالنسبة لبعض الناس، يُفضَّل إنجاز هذا كمهمة أخيرة في اليوم، مع تخصيص 15 إلى 30 دقيقة لها قبل الخروج من محل العمل. وبالنسبة لآخرين، من الأفضل أن يضعوا رسالة تنبيهية في جدول مواعيدهم لتذكيرهم قبل رحيلهم بساعة أو ساعتين. وهو ما يمنحهم متسعاً أكبر من الوقت للانتهاء من بنود أعمالهم.

الخطوة الثالثة: التواصل مع الزملاء

في بعض مواقف العمل، يمكنك وضع حدود معينة لساعات العمل الإضافية، كأن تقول إنك خارج الخدمة بعد السادسة مساءً. ولكن، في مواقف أخرى سوف تجد أن الحدود أكثر ضبابيةً بكثير.

بالنسبة لتلك المواقف التي يمكنك فيها وضع حد واضح بين العمل والبيت، فإنني أشجعك على إيصال تلك الفكرة مباشرةً إلى زملائك. على سبيل المثال، يجوز أن تقول "أغادر العمل عادةً في السادسة مساءً. وبالتالي، إذا اتصلتم بي بعد هذه الساعة، توقعوا أن يصلكم رد مني بعد التاسعة صباح يوم العمل التالي". أو في بعض الحالات، يمكن أن تُمهد تصرفاتك لتلك النغمة ببساطة. إذا لم يصلهم رد منك أبداً بين السادسة مساءً والتاسعة صباحاً، فسيحدد ذلك التوقعات بأنك لست متاحاً.

ولكن، بالنسبة لآخرين ممن يشغلون وظائف تتطلب المزيد من التواصل المستمر، قد تود أن ترسم بعض الخطوط الإرشادية للتحكم في الكيفية التي يستطيع بها الناس الوصول إليك، وبذلك تضع حداً للمقاطعات غير المرغوب فيها. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول "لا بأس من إرسال أسئلة عبر الرسائل النصية خلال اليوم، ولكن بعد السادسة مساءً، يرجى إرسال رسالة بالبريد الإلكتروني بدلاً من الرسائل النصية، ما لم يكن الموقف عاجلاً جداً". وبالمثل، لو كان لديك جدول مواعيد مرن للغاية، يُمكّنك من أن تنعم بفترات راحة مطولة خلال اليوم لمزاولة أنشطة كارتياد صالة الألعاب الرياضية أو اصطحاب أطفالك من المدرسة، فشجع الناس على التواصل معك بسبلٍ معينة ومفضلة لديك تحددها بنفسك. على سبيل المثال "هناك بعض الفترات خلال النهار ربما أكون فيها بعيداً عن حاسوبي، إذا احتجتم إلى ردٍ عاجل، فاتصلوا هاتفياً أو أرسلوا رسالة نصية". في هذه السيناريوهات، سوف تدرك أن الأعمال الأهم فقط هي التي سوف تشغلك عن التزاماتك الشخصية والأسرية عبر مكالمة أو رسالة نصية مُلحة، ويمكنك أن تصرف انتباهك إلى الأعمال غير العاجلة ما أن تتوفر لك فسحة من الوقت.

الخطوة الرابعة: إنجاز العمل في محل العمل

قد تبدو هذه العبارة جنونية، لكنني أحثك على أن تعطي نفسك الإذن بالعمل في محل العمل. ينظر كثيرون إلى "العمل الحقيقي" بوصفه شيئاً يخصصون له وقتاً بعد الخامسة أو السادسة مساءً، بعد أن يكون الآخرون جميعاً قد غادروا المكتب، أو بعد أن يخلد أطفالهم إلى النوم ليلاً. ولدى الناس هذه العقلية لأن هذا الوقت يمكن أن يبدو أشبه بالساعات القليلة الثمينة التي لا يعرج فيها أحد على مكتبك أو يطلب منك أي شيء على الفور. ولكن، إذا أردتَ أن تكف عن الشعور بالتشتيت بسبب العمل بعد ساعاته الرسمية، فأنت تحتاج إلى إنجاز عملك بالفعل خلال النهار.

سوف يساعدك استكمال الإجراءات الواردة تحت بند الصفاء الذهني على المضي قدماً في هذه العملية. صُن وقتك بحق. وخصص وقتاً للعمل على المشروع. وحدد وقتاً في جدول مواعيدك للرد على رسائل البريد الإلكتروني. لو تطلب استكمال مهمة ما الذهاب إلى مكان ما خلاف مكتبك لمزاولة العمل، فافعل ذلك. حدد مواعيد لاجتماعات مع نفسك وحافظ عليها لإنهاء المهام. من الصعب بشكل استثنائي - إن لم يكن مستحيلاً - ألا تتشتَّت بسبب العمل عندما تكون منهكاً لأنك لم تنجز عملك.

وإذا كان لا بد لك (أو إذا كنت تريد) إنجاز بعض الأعمال خارج إطار يومك التقليدي، فاحرص على أن تحدد له وقتاً بصرامة. على سبيل المثال، سأعمل من الثامنة حتى التاسعة مساءً الليلة، ثم أتوقف عن العمل. أو سأخصص ثلاث ساعات يوم السبت، من الواحدة حتى الرابعة مساءً، لكنني لن أفكر في العمل قبل هذا الوقت أو بعده. وتخصيص وقت والالتزام به أفضل بكثير من التفكير بشأن العمل طوال الليل أو طوال عطلة نهاية الأسبوع دون إنجاز أي شيء.

إننا كأفراد نحتاج إلى استراحة ذهنية لإخراج أفضل ما لدينا في العمل، وتخصيص وقت لأنفسنا - بعيداً عن التشتيت الناجم عن العمل - ليساعدنا على أن نصبح في أفضل حالاتنا. لا أستطيع أن أضمن لك أن الأفكار المتعلقة بالعمل لن تخطر على بالِك أبداً، ولكن بهذه الخطوات الأربعة، سوف تتمكن من تقليل الزمن الذي يُلهيك فيه العمل بعد ساعاته الرسمية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي