لا تنتظر أن يتطور الموظف إن كنت لا تؤمن أنه يمكن أن يتغير

3 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

هل عملت جاهداً لتطوير مهارة قيّمة، وأحرزت تطوراً ملحوظاً، لتكتشف لاحقاً أن من أخبروك بحاجتك إلى التطوير لم يلقوا لك بالاً؟ لربما أدى هذا إلى بحثك عن عمل جديد. هل تبوأت منصباً إدارياً وخاب ظنك بالأداء الضعيف لموظفيك، وخلصت إلى أنهم لا يستحقون المناصب التي يشغلونها، ومن ثم تخليت عن محاولة مساعدتهم على تطوير أنفسهم وقمت بالتنفيس عن إحباطاتك بشأنهم بينك وبين زملائك المدراء؟

هذه الآراء تنمّ عن عقلية ثابتة تعتقد بأن الناس عصيّة على التغيير. في السيناريو الأول، يُحكم على الموظف بأن إمكانياته منخفضة – ويؤدي هذا إلى إعماء القادة عن التطوير الذي أحرزه. في السيناريو الثاني، أدى اعتقاد المدير بعدم قدرة الموظف على التغيير بعدم اتباعه السلوكيات الإدارية التي تدعم تطوير إمكانياته. الخلاصة في كلتا الحالتين، هي عدم إتاحة الفرصة للموظفين للوصول إلى إمكاناتهم الكامنة.

توضح هذه الأمثلة ظاهرة تحقيق النبوءات الداخلية، حيث تحفز الاعتقادات سلوكيات تجعل من هذه الاعتقادات حقيقة واقعة. هذه الظاهرة موثقة جيداً في الدراسات الأكاديمية: حين يرى المعلمون إمكانيات معينة لدى طالب ما، فمن المرجح أن يعززوا الجهود التي يبذلونها لتعليم هذا الطالب، وبالتالي رفع فرص تحقيقه للنجاح في المجال الأكاديمي. وعلى النقيض من ذلك، إذا كان الطالب يمتلك إمكانيات منخفضة، فإنه يتلقى اهتماماً أقل من معلميه وتزداد فرص أن يكون أداؤه الأكاديمي ضعيف.

تثير هذه النبوءات المشاكل في السياق المهني كذلك، حيث تؤثر نظرة القادة إلى موظفيهم على معاملتهم معهم، والتي تنعكس بدورها على سلوكيات الموظف وأدائه. فقد درس الباحثون المدراء ذوي العقلية الثابتة (الذين يعتقدون بأن للموظفين صفات عصية على التغيير) ووجدوا بأنهم أقل عزماً لبذل الجهود لتطوير وتحسين أولئك الموظفين، فلا طائل من تضييع الوقت على قضية خاسرة عندما لا يمكنك الحصول على أفضل مما هو موجود. من جهة أخرى، وجد الباحثون أن المدراء الذين يؤمنون بقدرة الموظفين على التغيير ينهمكون في سلوكيات الإشراف والتدريب، مثل الملاحظات البناءة، والتحفيز لمجابهة تحديات جديدة، والتعبير عن ثقتهم في قدرات الموظف على التعلم والتطوير.

يجعل هذا الاعتقاد المدراء أكثر عزماً على تدريب الموظفين؛ وتوحي الأدلة بأن ذلك يجعلهم قادرين على إصدار أحكام أكثر دقة للتطورات أو الإخفاقات في الأداء. يعتبر القادة ذوو العقليات الثابتة أقل قدرة على ملاحظة التغيير خصوصاً لدى الأشخاص الذين أصدروا أحكامهم ضدهم (سلباً أو إيجاباً) في الماضي. يمكن لهذا السلوك تحييد أولئك الذين يتمتعون بدرجات عالية من الأداء وإضعاف الحافز الداخلي لديهم. يصبح الناس الملتزمون بالتعلم أكثر عرضة للانعزال أو المغادرة إذا كانت فرص التعلم نادرة أو إذا مرت جهودهم دون تقدير. من جهة أخرى، أظهرت البحوث بأنه عندما يُظهر القادة إيمانهم بقدرة الناس على التطور يصبح الموظفين أكثر تحفيزاً لتحسين أدائهم، وأكثر رضا بالوظيفة، وأقل عرضة لترك مكان العمل.

كيلا تعتقد بأن هذه المقالة موجهة لتوبيخ المدراء وإعفاء الموظفين من اللوم، دعني أخبرك بأن هذه العقلية الثابتة تعمل في الاتجاهين، فكما أن هناك مدراء لديهم عقلية ثابتة حول قدرة الناس على التغيير، هناك من يحمل نفس العقلية عند الموظفين، ويتصرفون بطرق تدعم تلك الاعتقادات. في إحدى الدراسات، كان طلاب الجامعات ذوو العقلية الثابتة أقل احتمالاً في الإقرار بجهود معلميهم لتطوير أدائهم خلال الفصل الدراسي من أولئك الذين يتمتعون بعقلية النمو. يُساعد تفشي العقليات الثابتة على شرح أسباب الإحباطات التي تصيب القادة من بُطء ملاحظة أو استجابة فرق العمل لديهم تجاه السلوكيات الجديدة التي طوروها في أثناء التدريب على القيادة.

ولحسن الحظ، أثبتت الدراسات أن تنمية عقلية النمو ممكنة من خلال الإشراف والتدريب، ووجد الباحثون بأن المدراء الذين أكملوا برامج التدريب على القيادة المصممة لتطوير الاعتقادات في قدرة الموظفين على التطوير، صاروا أكثر قدرة على تدريب الموظفين ضعيفي الأداء، وتقديم اقتراحات أكثر وذات جودة عالية للتطوير.

لتعزيز عقلية النمو في داخلك، جرِّب القيام ببعض من هذه التمارين التي أستخدمها في أعمال التدريب على القيادة الخاصة بي:

أذكر حالة واحدة على الأقل كنت قد عملت فيها بجد لإتقان شيء ما كان غاية في الصعوبة بدايةً، وحديد الاستراتيجيات التي ساعدتك على التعلم. (سيساعدك هذا على تقدير قدراتك الخاصة على النمو).
فكر بفترة شهدت فيها شخصاً ما يقوم بتطوير نفسه مع أنك كنت تعتقد بعدم قدرته على ذلك. حلل إجراءات التعلم التي قام بها، وقم بدعوته – إن أمكن – لشرحها لك. (سيساعدك هذا على تقدير قدرات الآخرين على النمو).
عند مواجهتك لتحدٍ معين في التعلم، استكشف الاستراتيجيات التي يمكنك استخدامها لتطوير قدراتك، وجربها، واحتفظ بسجل لأفضل الممارسات. سيساعدك هذا على التركيز على عملية التعلم وتطوير استراتيجيات مرنة للتعلم).

لتعزيز ذهنية النمو ضمن أعضاء فريقك، أشركهم في نفس التمارين والتجارب، وكن القدوة لهم عن طريق مشاركة استراتيجيات وتحديات التعلم الخاصة بك مع فريقك على أساس منتظم. ناقش إمكانيات التعلم مع فريقك – وكيفية تطويرها – واجعلها جزءاً من التخطيط والمراجعة في الاجتماعات. هذا التمرين مهم لأنه يركز على عملية، وليس مجرد نتائج التعلم، التي هي في صلب عقلية النمو. من خلال الاعتراف بالمدة الزمنية وكيف تغلبت أنت والآخرون على التحديات، ووضع أهداف التطوير، ومشاركة استراتيجيات التعلم يمكنك تحفيز قدرتك وقدرات فريقك على التعلم.

وأخيراً، كن مُدركاً للعقلية الخاصة بك، وعندما تجد نفسك في موقف يقول “هناك نوعان من الأشخاص في هذا العالم”، عليك أن تدرك أن هذه هي الصفة التقليدية للعقلية الثابتة. أعد تدريب دماغك للانتقال إلى ذهنية النمو عن طريق ترديد العبارة التالية: هناك أشخاص يؤمنون بقدرة الجميع على التعلم وآخرون لم يتوصلوا إلى هذه القناعة بعد”.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .