كيف يستخدم بائعو التجزئة شخصنة الأسعار لاختبار مدى استعدادك للدفع؟

4 دقائق
اختبار مدى استعدادك للدفع
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تعرف عل كيفية استخدام شخصنة الأسعار للتمكن من اختبار مدى استعدادك للدفع من خلال هذا المقال.

هل سبق لك أن بحثت عن رحلات جوية أو فنادق على تطبيق معين على هاتفك، ثم فتحت الكمبيوتر المحمول الخاص بك فوجدت أن أسعارها مختلفة؟

اختبار مدى استعدادك للدفع

هذا ما حدث معي بالضبط مؤخراً. كنت أستخدم تطبيق الآيفون “أوربيتز” (Orbitz) على هاتفي للبحث عن عروض شاملة لقضاء العطلة في مدينة نيويورك. عند الاستقرار على الإقامة في أحد الفنادق، فتحت الموقع الإلكتروني الخاص بـ “أوربيتز” على جهاز الكمبيوتر المحمول لحجز العرض الشامل. هذا غريب، هكذا قلت لنفسي مدركاً أن باقة العرض على الكمبيوتر المحمول، وهي نفسها الرحلات الجوية، والفندق، ونوع الغرفة التي اخترتها على هاتفي الجوال، كان سعرها أعلى بنسبة 6.5% من السعر الذي يظهر على تطبيق “أوربيتز” على الجوال، أي بفارق 117 دولاراً. كشف استعراض سريع أن أسعار باقات العطلات المماثلة غالباً ما تختلف بين التطبيق والموقع الإلكتروني الخاص بـ “أوربيتز”.

اقرأ أيضاً: عندما يرضى ويعترض العملاء على شخصنة الأسعار

ثم أجرينا تجربة لنفس باقة العرض على التطبيق، أنا وصديقتي التي كانت تجلس بجواري. ظهر لها سعر على تطبيق “أوربيتز” أعلى من السعر الظاهر على تطبيقي بنسبة 2.8%، أي بفارق 50 دولاراً. عرف تطبيق “أوربيتز”، بشكل مثير للدهشة، طبيعة صديقتي تماماً، وهو ما كنت قد اعتدت أن أعلّق لها عليه بأسى حول: دفعها أكثر من المستحق في كل شيء.

عندما شاركت هذه النتائج مع “إكسبيديا” (Expedia) (وهي الشركة الأم لأوربيتز)، شرحت المتحدثة باسم الشركة أن اختلافات التسعير التي وجدتها بين التطبيق والموقع الإلكتروني، يمكن أن ترجع إلى سماح الموردين بطرح أسعار مختلفة للعملاء عبر الهاتف الجوال وكذلك للأعضاء الداخلين بحساباتهم (دون رسوم اشتراك).

وفيما يخص مقارنات التطبيق بيني وبين صديقتي، أرجعت “أوربيتز” اختلافات الأسعار إلى تجارب “أ/ب” التي تستخدمها أو أي خلل آخر يحدث عند ضبط ملايين الأسعار التي تتغير عادة بسبب التسعير الديناميكي. كما ذكرت لي شركة “أوربيتز” أنها لا تطرح أسعاراً مختلفة على أساس نوع الجهاز أو المتصفح، أو عدد عمليات البحث أو نمطها.

باختصار، فإنه بناءً على بعض الخواص القليلة (مثل التطبيق، أو الموقع الإلكتروني، أو الدخول على التطبيق بصفة عضو مسجل أو غير مسجل)، فإن نمطاً مبدئياً من التسعير الشخصي يجري تطبيقه. ومن ثم هناك بعض الزبائن يحصلون على أسعار مختلفة عن غيرهم.

اقرأ أيضاً: فن رفع الأسعار دون إزعاج الزبائن

والسبب في محاولة متاجر التجزئة طرح سعر شخصي يرجع إلى منحنى الطلب المنحدر إلى أسفل، ذلك الذي سُلط الضوء عليه في أساسيات علم الاقتصاد. يوضح هذا المفهوم الأساسي أن بعض الزبائن على استعداد للدفع أكثر من غيرهم، وذلك لمعظم المنتجات. ولاستغلال ذلك، يستخدم مدراء التسعير أساليب تحاول استنباط ووضع السعر الدقيق الذي يكون كل زبون مستعداً لدفعه. يمكن استخراج الأرباح الهائلة من زبائن “قمة منحنى الطلب” الذين يقدّرون المنتج بصورة فائقة. وفي الوقت نفسه، إذا كان من الممكن عرض خصومات غير معلنة للزبائن الأقل استعداداً للدفع، فستُحقَّق مبيعات إضافية (ومن ثم أرباح). والنتيجة ستكون قاعدة زبائن أكثر ربحية يدفع فيها بعض المتسوقين أكثر من غيرهم.

ويمكن ملاحظة وجود التسعير الشخصي لدى معظم وكلاء السيارات. حيث يكون هدف البائعين هو تحديد مدى استعداد كل زبون للدفع مقابل إحدى السيارات من خلال التفاوض الفردي. فالأسعار يجري مواءمتها عبر ملاحظة سمات كل زبون ومراقبة تصرفاته. ما مستوى ملابس المتسوّقين، وما السيارة التي يقودونها حالياً، وكيف يجيبون عن الأسئلة التي تبدو عادية (أين تسكن؟ ماذا تعمل لتحقيق دخلك؟) كل ذلك يوفر القرائن المطلوبة. يلاحظ البائعون أيضاً تصرفات أخرى مثل نمط السيارات الأخرى التي ينظر إليها المتسوقون، وما سلوكهم في المفاوضات (مستسلمون أو عدوانيون). يؤدي تقييم سمات كل متسوق وتصرفاته إلى إنشاء ملف تسعير شخصي. فكِّر في الملف الشخصي على أنه اختبار كشف الكذب الذي يقترح أعلى مبلغ سيدفعه كل متسوق.

يمكن لمتاجر التجزئة على شبكة الإنترنت بالمثل إنشاء ملفات شخصية لمتسوقيها. مثلما يمكن أن توفر ملابس شخص ما قرائن للتسعير، كذلك يمكن للطريقة التي يدخل بها الزبون إلى متجر عبر الإنترنت أن توفر ذلك. هل يستخدم المتسوقون الكمبيوتر المحمول أو تطبيق الهاتف الجوال أو الكمبيوتر الشخصي أو شبكة الإنترنت على هواتفهم الذكية؟ ما نظام التشغيل الذي يستخدمونه؟ أين موقعهم؟ تعطي تصرفات الزبون أيضاً قرائن للتسعير: ما المنتجات الأخرى التي يتطلعون إليها؟ كم مرة زاروا فيها الموقع الإلكتروني؟ يمكن لمتاجر التجزئة على الإنترنت، مثلها مثل بائعي السيارات، تقييم سمات وتصرفات كل متسوق إلكترونياً لإنشاء ملف شخصي يولد سعراً شخصياً.

اقرأ أيضاً: كيف تؤثر شخصية الرئيس التنفيذي على سعر أسهم شركته؟

والسؤال الرئيس هنا هو ما إذا كان التسعير الشخصي على الإنترنت أو في المتجر، تسعيراً أخلاقياً. فقد تؤدي الجهود المبذولة لمواءمة الأسعار عن غير قصد إلى نتائج غير عادلة. وجدت دراسة لمؤسسة “برو بابليكا” (ProPublica)، أن استراتيجية “برينستون ريفيو” (Princeton Review) لفرض أسعار مختلفة على أساس الرمز البريدي للمناطق جعلت الآسيويين عرضة لدفع ضعف السعر الذي يدفعه الآخرون. وفي السياق نفسه، كشفت دراسة اقتصادية قديمة عن التفاوض حول السيارات، أن معدل الهامش الربحي ومن ثم الأسعار النهائية المقدمة للنساء ذوات البشرة السمراء كان ثلاثة أضعاف الأسعار المقدمة للرجال ذوي البشرة البيضاء.

أما مسألة أن يصبح التسعير الشخصي رائجاً بين متاجر التجزئة على الإنترنت، فهي أمر متروك للزبائن. هل يهنأ المتسوقون بمعرفة أن الأسعار المقدمة إليهم قد تكون أعلى من الأسعار المقدمة لغيرهم؟ هل سيستمتع المشترون بممارسة “المساومة بالوسائل الإلكترونية” لخداع البائعين؟ وإذا كانت متاجر التجزئة “تتفاوض” أولاً مع كل زبون من خلال وضع التسعير الشخصي على أساس ملفه الشخصي. فإن المتسوقين الأذكياء رداً على ذلك، سوف “يساومون” من خلال التحقق من الأسعار عبر الأجهزة المختلفة، ومسح ذاكرات التخزين المؤقتة، واستخدام تطبيق الهاتف الجوال، وإجراء عمليات بحث متعددة، وكذلك طلبهم من أصدقاء في مدن مختلفة معرفة السعر الذي سيقدم لهم، وما إلى ذلك. أم هل سينتابهم الضجر ويتجنبون متاجر التجزئة على الإنترنت التي تحدد الأسعار حسب الملف الشخصي؟ أعلنت “أمازون” رسمياً أن جميع زبائنها يجدون الأسعار نفسها، فهل تكون متاجر التجزئة الأخرى واضحة مثلها؟

مع اهتزاز مصير اختبار مدى استعدادك للدفع وتحديد الأسعار وفقاً للملفات الشخصية الإلكترونية، تتضح قضية واحدة: التسعير الشخصي تحيط به ظروف تحذيرية للمشتري الذي يتسوق باستخدام شبكة الإنترنت.

اقرأ أيضاً: كيف تخفض الخطوط الجوية متدنية التكلفة أسعار تذاكرها؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .