في اجتماع للمبيعات على مستوى الشركة، تقدمت كارول، نائبة رئيس قسم المبيعات، بخطوات واثقة حتى وصلت إلى المنصة، فتوقفت بضع ثوانٍ كي تنظر إلى الجمهور، ثم بدأت تروي لهم قصة عملها كمندوبة مبيعات ميدانية. بعد ذلك، انتقلت من حكايتها بلباقة إلى التقييم الإيجابي لتوقعات مبيعات الشركة لهذا العام، مدعّمةً خطابها بشرائح عرض ملونة تظهر نمواً كبيراً ومنتجات جديدة مثيرة قيد التنفيذ. وأثناء وصفها لهذه المنتجات مزجت كلماتها وتعبيراتها بالإيماءات المفعمة بالحيوية.
بعد أن تدرّبت كارول بعناية أمام عدد صغير من الزملاء الذين تثق فيهم، ممن أعجبوا برسالتها وطاقتها، استطاعت الآن إلقاء العروض بمزيد من الثقة: تسير بخطوات ثابتة نحو المنصة، تتفحص القاعة والمستمعين وتطالبهم بالالتزام بالأهداف طويلة الأمد للمبيعات، وهو الذي سيصل بكثير منهم إلى نهاية سباق التميز السنوي وربحه.
ومع ذلك، شعرت كارول أحياناً بأن ثمة خطأً ما، فالجمهور لا يُظهر الحماس المطلوب لبدء عام رائع. ثم انتابها الذعر بعد ذلك: ما الذي يحدث؟ هل هناك أي شيء يمكن فعله لإنقاذ الموقف؟
كلّنا نعرف كارول. (ربما يكون قد أصابك ما أصابها)، وكلّنا سمعنا خطابات مثل خطابها، وعرضاً تقديمياً يبدو المتحدث فيه وقد أدى واجبه على أكمل وجه، ولكن يبدو أن ثمة خطأً ما يحدث لا يمكننا تحديده.
ربما نصف أمثال هذه الخطابات بأنها "مفتعلة" أو "غير صادقة" أو "غير حقيقية" أو "منعزلة عن الواقع"، وربما لن نستطيع تحديد سبب عدم قدرة الأداء على الإقناع، فالمتحدث يبدو مفتقداً إلى المصداقية.
في الوضع الاقتصادي الحالي الذي يتسم بالصعوبة، وبخاصة في أعقاب بعض الفضائح التي ضمت عدداً من المدراء التنفيذيين، أصبح الموظفون والمساهمون أكثر تشككاً من أي وقت مضى. ذلك أن المصداقية بما فيها القدرة على التواصل الحقيقي مع الآخرين سمة مهمة من سمات القيادة. فعندما يتمتع القادة بالمصداقية يمكنهم حث زملائهم على بذل جهود استثنائية لصالح مؤسساتهم، وعندما لا يتمتعون بها يسود الاستخفاف ولا يبذل معظم الموظفين إلا الحد الأدنى الضروري المطلوب من مجهوداتهم.
خلال عملي لأكثر من 22 عاماً كمدرب على التواصل، رأيت مراراً مدى صعوبة أن تصادف مدراء ذوي مصداقية في الاتصالات العامة، حتى عندما يؤمنون برسالتهم ويتحمسون لها. لماذا يُعد هذا النوع من التواصل صعباً جداً؟ لماذا لا يستطيع المتحدثون الإخبار بالحقيقة فحسب؟
ما الذي يقوله العلم؟
تكمن الإجابة في البحوث الأخيرة حول طرق إدراك أدمغتنا للتواصل ومعالجته. أصبحنا الآن نعلم جميعاً قوة التواصل غير اللفظي وهو ما أسميه "المحادثة الثانية"، بحيث إذا كانت رسالتك المنطوقة لا تتطابق مع لغة جسدك فسيتجاوب الجمهور مع الرسالة غير اللفظية في كل مرة. ذلك أن الإيماءات تمتلك تأثيراً أكبر من تأثير الكلمات، ما يعني أنه لا يمكنك الاكتفاء بالتعبير اللفظي عن الحقيقة. وكثيراً ما تسمع أحدهم يقول قبل إلقاء خطابه: "لا أريد أن أظهر وكأنني تمرّنت كثيراً على خطابي ولذلك سأرتجله". ولكن لغة جسده لا تسعفه أثناء العرض التقديمي وتكون السبب في فقدان مصداقيته. كما سيبدو غير متزن. ومهما كانت كلمات رسالته، سيظهر كأنه لا يزال يتعلم أثناء مواجهته للموقف، ما يجعل من غير المرجح اكتساب الثقة في شخصيته كقائد.
ولذلك فإن الاستعداد مهم، ولكنّ الطريقة التقليدية المعتمدة على التدريب بعناية مثلما فعلت كارول لا تنجح أيضاً. ويعود ذلك إلى أن هذا النوع من التدريب يضم في العادة تدريباً محدداً على عناصر غير لفظية مثل "الحفاظ على التواصل البصري" و"بسط الذراعين" و"الخروج من خلف المنصة"، ما قد يودي في نهاية المطاف بالمتحدث إلى أن يبدو مفتعلاً. ويمكن للجمهور ملاحظة أن المتحدث يؤدي كآلة أثناء فعله لهذه الحركات.
لماذا تُعتبر لغة الجسد المدبرة هذه مفتقدة إلى المصداقية؟ تفسر البحوث التي تتناول وظائف الدماغ ذلك الأمر، إذ إننا نعلم أنه في عالم البشر الذي لا مثيل له، تبدأ المحادثة غير اللفظية أولاً، أي في اللحظة التي ينطلق فيها أحد المشاعر أو إحدى الغرائز في عمق الدماغ ولكن قبل أن يُعبّر عنها باللفظ. كما تؤكد البحوث على أن الإيماءات الطبيعية وغير المدروسة تمثل في الغالب مؤشرات على ما سيفكر فيه الناس ويقولونه فيما بعد.
الإيماءات الطبيعية وغير المدروسة تمثل في الغالب مؤشرات على ما سيفكر فيه الناس ويقولونه فيما بعد.
ربما تقول إن الكلمات هي التفسير الذي يلي الحقيقة حول ما فعلناه من إيماءات. فكّر في شيء بسيط كالعناق: يبدأ الدافع لاحتضان شخص ما قبل أن تتشكل لديك فكرة كاملة بأنك سعيد برؤيته، وقلّما تعبر عنها جهراً. أو فكّر في محادثة نموذجية: التأكيد على ما يقوله الآخرون أو معارضته أو التعليق عليه، كلّها أفكار تنشأ أولاً على شكل إيماءات، مثل الإيماء بالرأس بقوة، وهز رؤوسنا، وتحريك أعيننا، فهي جميعاً تعبّر عن ردود أفعالنا بطريقة فورية وأقوى مما تفعله الكلمات.
إذا كانت الإيماءة تسبق الفكرة الواعية والفكرة تسبق الكلمات - حتى لو كان ذلك لجزء صغير جداً من الثانية - فسيغيّر هذا طريقة تفكيرنا حول إعداد الخطاب. عندما يخضع المتحدثون للتدريب بالطريقة التقليدية ويتمرنون على إيماءات معينة متتالية، سينتهي بهم الأمر باستخدام تلك الإيماءات أثناء التعبير اللفظي المرتبط بها أو حتى بعد ذلك بقليل. وعلى الرغم من أن الجمهور لا يدرك هذا التسلسل غير الطبيعي فإنه سيدرك بواسطة قدرته الفطرية على قراءة لغة الجسد أن ثمة خطأ ما، أي أن المتحدث يفتقد إلى المصداقية.
"التمرّن" على المصداقية
إذا لم تؤدِّ العفوية الطارئة أو التمرين التقليدي إلى عملية تواصل مقنعة، فكيف يمكنك الاستعداد لعرض تقديمي مهم؟ يجب أن تستفيد من الدوافع الأساسية الكامنة وراء خطابك، تلك التي يجب أن تتضمن 4 أهداف قوية، يُعد كلّ منها أمراً يثري جميع العروض الناجحة تقريباً: أن تكون منفتحاً، وأن تكون متصلاً بجمهورك، وأن تكون شغوفاً بفكرتك، وأن تكون مستمعاً جيداً.
تمرّن على خطابك واضعاً هذه الأهداف في الاعتبار، وحاول ممارسة ذلك بـ 4 طرق، وخصّص طريقة تفكير محددة لكل هدف، واشعر بالهدف أكثر من التفكير فيه، وانسَ التمرن على إيماءات محددة. وإذا كنت قادراً على إدراك هذه المشاعر بإخلاص فإن لغة جسدك ستظهر من تلقاء نفسها بصورة طبيعية وفي الوقت المناسب. (قد تساعدك الطريقة المذكورة هنا أيضاً على تحسين جزء من رسالتك اللفظية وجعلها متوافقة مع رسالتك غير اللفظية). وعند إلقائك الخطاب استمرّ في التركيز على الأهداف الأربعة الأساسية.
لاحظ المفارقة هنا، فقد صُمّمت هذه الطريقة لتحقيق المصداقية عن طريق إتقان عملية مدبَّرة. ولكنّ المصداقية تنبع من الأهداف الأربعة التي ذكرتها، أو ما أسميه "المقاصد". فإذا استطعت تجسيد المقاصد الأربعة جسدياً وعاطفياً فستحقق المصداقية المنشودة والحقيقية التي تنشئ صلة قوية مع المستمعين.
ما ركيزة الخطاب ذي المصداقية؟
لا يُعد إنشاء صلة بينك وبين المستمعين أمراً سهلاً، ولذلك أقدم بعض النصائح للاستفادة من كل مقصد من المقاصد الأربعة.
مقصد الانفتاح مع الجمهور.
يُعد هذا المقصد هو أولى النصائح وأهمها التي يجب أن تركز عليها عند التمرّن على خطاب ما، وذلك لأنّه إذا صادف وكنت منغلقاً فسينظر إليك المستمعون على أنك في وضع دفاعي، وسيبدون كأنهم يمثلون تهديداً لك بطريقة أو بأخرى، ما يجعل فرص التواصل قليلة هنا.
كيف يمكنك أن تصبح أكثر انفتاحاً؟ حاول أن تتخيّل أنك تلقي عرضك التقديمي أمام شخص ترتاح له تماماً مثل زوجتك أو صديقك المقرب أو حتى طفلك، ومن ثم لاحظ كيف ستبدو تلك الصورة الذهنية ولا سيما كيف ستشعر حيالها. وهذه هي الحالة التي يجب أن تكون فيها إذا أردت أن تتسم علاقتك مع جمهورك بالمصداقية والوئام.
وإذا كان من الصعب عليك إنشاء هذه الصورة في ذهنك فجرّب الأمر واقعياً وابحث عن صديق صبور ثمّ اجهد نفسك لأن تكون منفتحاً معه. لاحظ كيف يبدو هذا المشهد وكيف تشعر حياله، ولا تبالغ في التفكير، فهذا يشبه إلى حد ما ممارسة التسديد بمضرب الغولف أو ضربة الإرسال في التنس. وعلى الرغم من أنك قد تدوّن ملاحظات صغيرة في ذهنك حول ما تفعله فلا يجب لهذه الملاحظات أن تعيقك عن إدراك الشعور الذي يمكنك محاكاته لاحقاً.
لا تبالغ في التفكير، فالعمل على أن تكون منفتحاً يشبه إلى حد ما ممارسة التسديد بمضرب الغولف أو ضربة الإرسال في التنس.
الانفتاح الفوري يُشعِر الكثيرين بالخطر. لقد سبق لي أن عملت مع مدير تنفيذي شغوف بعمله ولكنّه يعاني من عدم تجاوب جمهوره معه. أدرك ذلك المدير أنه قد تعلم في صباه إخفاء مشاعره حيال الأمور التي تعني له الكثير، ومن ثَم يجب علينا أن نتخذ بدلاً من هذه التجربة المكتسبة تجربة تعتمد على التحدث إلى صديق مقرّب نتحمس لرؤيته.
لنعد إلى كارول (التي تشكلّ قصتها مزيجاً من حالات عدد من العملاء). بينما كانت تحاول الشعور بمزيد من الانفتاح في عروضها التقديمية، كانت عندما تتحدث ووجهها يشرق بابتسامة عريضة وهي ترخي كتفيها، وذلك لأنها تعلم أنه دون قصد ستصبح جادّة إلى درجة تنعزل فيها عن جمهورها.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التغيير في السلوك غير اللفظي يمكن أن يؤثر في الرسالة المنطوقة. فقد رأيت الكثير من العملاء يتحدثون بمزيد من الراحة والمصداقية بعد أن كانت لديهم نية لزيادة الانفتاح في لغة الجسد دفعت بهم إلى التعبير عن أفكارهم بصراحة أكبر.
مقصد الاتصال بالجمهور.
بعدما تبدأ الشعور بالانفتاح، وبعدما تكون قد خزنت في ذاكرتك طريقة رؤيتك للأمر وشعورك به، أصبحت الآن مستعداً لإلقاء الخطاب مرة أخرى، مع التركيز على الجمهور في هذه المرة. فكّر في الرغبة والاحتياج للتفاعل مع مستمعيك، تخيَّل طفلاً صغيراً تعرفه جيداً لا يستجيب لك وأنت ترغب في جذب انتباهه بأي طريقة ممكنة. لن تضع استراتيجية لهذا الأمر، بل ستفعل ما تراه طبيعياً وملائماً، بحيث ستغير من نبرة حديثك أو سترفع صوتك أو تقترب أكثر من الطفل.
بالطبع أنت تريد أن تحافظ على انتباه جمهورك. إذن لا تدعهم يشردون بعيداً نحو أفكارهم بدلاً من متابعتك. يمكنك هنا أن تتخيل بدلاً من الطفل الصغير شخصاً بالغاً يسهل تشتيته، في حين أنك تتطلع بلهفة لأن تجعله يستمع إلى كلماتك بتركيز.
إذا كنت تراهن على الانفتاح لكي تبقى في تركيزك على خطابك، فإن ما يُبقي تركيز الجمهور على الخطاب أيضاً هو الاتصال. وبما أن كارول أصبحت الآن تمتلك مقصد الاتصال بمستمعيها فهذا يعني أنها تدرك أنها في الواقع ستنتظر لفترة طويلة جداً، أي حتى نهاية خطابها، قبل أن تتواصل معهم. ولذلك، بدأت عرضها التقديمي التالي بالتواصل مع المستمعين الذين ساهموا بشكل كبير في نجاح مبيعات الشركة لتنشئ بذلك اتصالاً يستمر على مدار خطابها.
مقصد أن تكون شغوفاً بفكرتك.
اسأل نفسك عما تشعر به حيال فكرتك، وما رهانك؟ ما النتائج التي تريد لعرضك التقديمي أن يتوصل إليها؟ هل أنت متحمس لمستقبل شركتك؟ هل تقلق من أن يبدو هذا المستقبل قاتماً؟ هل أنت مصمم على تحسينه؟
لا تركز على ما تريد قوله بل على السبب الذي دفعك لإلقاء خطابك وعلى ما تشعر به حيال ذلك. دع المشاعر الكامنة تظهر (فلن تحتاج إلى إجبارها على الظهور بعدما تكون قد حدّدتها) في كل كلمة تلقيها خلال هذه الجولة من التمرين. وبعد ذلك، ضَع نفسك أمام رهانٍ أكبر: تخيَّل أن أحد المستمعين يمتلك القوة لأن يسرق منك الأضواء إلا في حال تغلبت عليه باستخدام برهان مقنع.
سبق لي أن عملت مع شريكة رئيسة في شركة استشارية كانت تنوي التحدث مع زملائها حول الأمور التي تراها قيّمة في الشركة وإخبارهم بأنها تريد نقل المسؤولية إلى الجيل التالي نظراً لأنها مقبلة على التقاعد عن العمل. وعندما بدأت في الاستعداد لإلقاء خطاب حول هذا الأمر كان خطابها واضحاً تماماً ولكنه بدا كأنه تعليقات مملة على أهمية الالتزام والعمل الجاد. وبينما بدأت في حديثها في التركيز على العاطفة الكامنة وراء الخطاب، تذكرت كيف غرست فيها والدتها قيمة المثابرة مهما كانت العقبات. فقررت الحديث عن الاعتراف بفضل والدتها عليها، وهي الأم البالغة من العمر 92 عاماً، فروت للمستمعين كيف أن أمها هذه لم تترك فرصة للعذابات أو الصعوبات التي واجهتها تتغلب على لحظات الفرح التي كانت تغمرها طيلة مسيرتها المهنية. فكانت النتيجة أن مسّ خطابها قلوب المستمعين وحفر مكاناً في قلوبهم وأذهانهم مدفوعاً بشغفها بما كانت تتحدث عنه برغم تلك الدموع الغزيرة التي ذرفتها أثناء الخطاب.
بطريقة مماثلة إلى حد ما، بدأت كارول تفكر في الأمور التي تشعر بالشغف حيالها، مثل تصميمها على التغلب على منافس شرس، وكيف يمكن لذلك أن يثري عروضها التقديمية. أدركت أن هذا الشغف يزودها بالطاقة والحماس تجاه وظيفتها، فأضفت بعضاً من هذا الشغف في خطابها التالي ليتسم بمزيد من الإنسانية والجاذبية.
مقصد "الاستماع" إلى الجمهور.
ابدأ الآن في التفكير بما قد يشعر به المستمعون عندما تعتلي منصة العرض لكي تبدأ عرضك التقديمي. هل يشعرون بالحماس للمستقبل؟ هي يشعرون بالقلق من الأخبار السيئة عن المبيعات؟ هل يحدوهم الأمل في الاحتفاظ بوظائفهم بعد عملية الاندماج؟ عندما تتمرّن على مثل هذا الخطاب، تخيَّل أنك تراقب المستمعين عن قرب وترصد علامات تفاعلهم معك.
من المؤكد أن مقصدك لاكتشاف حالة الجمهور العاطفية أكثر أهمية خلال العرض التقديمي الأصلي. ولكن تذكّر أن المستمعين في العادة لن يتحدثوا إليك فعلاً بل سيرسلون رسائل غير لفظية، عليك أن تلتقطها بنفسك وأن تستجيب لها.
هذا الأمر ليس بالصعوبة التي يبدو عليها، إذ يمكنك كأحد أفراد الجنس البشري أن تقرأ لغة الجسد مثلما يفعل جمهورك إذا كان لديك النية لفعل ذلك. وقد يتعين عليك أثناء قراءة الرسائل التي يرسلها المستمعون بواسطة أجسادهم أن تختار وتيرة حديثك أو تحرص على تنويع أسلوبك أو حتى أن تغير أجزاء من خطابك أو تحذفها. وإذا كان هذا يقودك إلى إشراك الجمهور في حوار حقيقي - عن طريق طرح سؤال ارتجالي على سبيل المثال - فسيؤدي ذلك إلى نتائج أفضل كثيراً.
وإذا خُصّص وقت للأسئلة في نهاية العرض التقديمي، فاستمع إلى الجمهور بكل جوارحك لتكون حاضراً جسدياً ونفسياً بمثل الطريقة التي تحرص فيها على عدم تفويت أي كلمة عندما يخبرك أحدهم بأمر مهم. ستجد نفسك تميل بجسدك إلى الأمام أو تومئ برأسك دون التفكير في الأمر، وهي إيماءات ربما تبدو غير طبيعية إذا كنت تفعلها لمجرد أن أحدهم طلب منك ذلك خلال التمرين.
بالطبع، يتطلب الاستماع إلى جمهور ما والتجاوب معه في منتصف الحديث أن تكون قد عرضت فكرتك بحيث لم يعد هناك جديد. ولكن يمكنك أيضاً تدوين ما يقوله المستمعون من أجل استخدامه لاحقاً في تحسين العروض التقديمية المقبلة. ذلك أنني سبق لي العمل مع مديرة مبيعات كانت ناجحة إلى درجة أنها بدأت تجوب العالم لمشاركة أسرارها مع الآخرين. وكانت خلال استماعها إلى الجمهور والانتباه إلى أجسادهم وكلماتهم، قد بدأت تدرك أنهم لا يريدون الاستماع إلى خطابها فحسب، بل أرادوا أن يعطوها شيئاً من جانبهم. كما كانت الخطابات التي تلقيها هذه المديرة مصدر إلهام كبيراً للمستمعين فأرادوا أن يشكروها. ولذلك خصصنا في نهاية الخطاب حفلاً قصيراً ولكنه هادف، من أجل السماح للجمهور بالتفاعل بعضهم مع بعض وإخبار المتحدثة عن بعض الأمور الملهمة، مثلما سبق وفعلت هي خلال حديثها.
لنعد إلى كارول مرة أخرى، بسبب مقصدها بالتعرف على مشاعر مستمعيها، بدأت تدرك بعد عدة خطابات أنها كانت تفترض خطأً أن مندوبي المبيعات يشاطرونها في مشاعرها الملحة تجاه المنافس الأساسي. ولذلك قررت أن تخصص وقتاً أكبر في بداية العرض التقديمي التالي لشرح أهمية الأهداف الممتدة. فعندما يقترن تجاوبها مع الحالة الذهنية للمستمعين برغبتها في الانفتاح والتواصل والشغف مع المستمعين والاتصال بهم، فإنه يعزز من قدرتها المتنامية على الظهور كمتحدثة ذات مصداقية.