كيف تسيطر على انفعالاتك خلال محادثة صعبة؟

4 دقيقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

من الصعب السيطرة على انفعالاتك عندما تخوض محادثة متوترة، لأن الخلاف يُشعرك في نهاية الأمر بنوع من التهديد، أنت تخشى من أن تضطر للتنازل عن شيء ما، سواء كان ذلك وجهة نظرك أو الطريقة التي اعتدت بها على أداء عمل ما، أو فكرتك أنك مصيب في رأيك، أو ربما حتى قوتك، وبالتالي فإن جسدك يستعد للقتال عن طريق تحفيز الجهاز العصبي الودي. هذه استجابة طبيعية يبديها الجسم عندما يشعر بأي تهديد، إلا أن المشكلة تكمن في أن أجسامنا وعقولنا لا تُميز بشكل خاص بين التهديدات التي تنشأ من عدم اتباع وجهة نظرك في خطة المشروع، وتلك الناجمة على سبيل المثال، عن مطاردة حيوان مفترس لك في البرية. في الحالتين، يرتفع معدل ضربات القلب ومعدل التنفس، وتنقبض العضلات، وينصرف الدم في جسمك بعيداً عن أعضائك، وتشعر على الأرجح بعدم الارتياح.

لا يضعك أي من هذا كله في الإطار الذهني الصحيح لحل أي نزاع. إذا وجد جسمك نفسه بين خياري “قاتِلْ أو اهربْ” أو ما أسماه الصحافي العلمي دانيال غولمان “اختطاف اللوزة الدماغية” (amygdala hijack)، فقد تفقد التواصل مع القشرة الجبهية الأمامية من المخ، وهي الجزء المسؤول عن التفكير العقلاني في الدماغ. ولكن اتخاذ قرارات عقلانية هو بالتحديد ما تحتاج إليه عندما تخوض محادثة صعبة. أنت لا تفقد فقط القدرة على التفكير بوضوح، ولكن من المحتمل أن يلاحظ محاورك علامات الإجهاد عليك، فيصطبغ وجهك باللون الأحمر، وتخرج الكلمات متسارعة من فمك، وبسبب “الخلايا العصبية المرآتية” mirror neurons التي تجعلنا “نلتقط” عواطف شخص آخر أو نجاريها، من المرجح أن يبدأ زميلك بالشعور بالطريقة نفسها، وقبل أن تدرك ذلك، تخرج المحادثة عن مسارها وتشتد حدة النزاع.

لحسن الحظ، من الممكن قطع الطريق على رد الفعل الجسماني هذا والتحكم بعواطفك وتمهيد الطريق لإجراء مناقشة مثمرة. هناك أشياء كثيرة يمكنك فعلها للحفاظ على هدوئك أثناء المحادثة، أو تهدئة انفعالاتك إذا شعرت بتوتر.

تنفَس. ستساعدك بعض التقنيات الذهنية البسيطة كثيراً عندما تجد نفسك في موقف متوتر وليس هناك ما هو أبسط وأسهل من استخدام أنفاسك. هكذا إذاً، عندما تشعر أنك بدأت تشعر بالتوتر، جرِّب أن تركز على تنفسك، لاحظ ما تشعر به والهواء يدخل ويخرج من رئتيك، اشعر به يمر عبر فتحتي أنفك أو خلف حنجرتك، سوف يركِّز هذا انتباهك، ويبعدك عن الإشارات التي يرسلها جسدك عن الذعر الذي يكاد ينتابك. يقترح بعض خبراء اليقظة أن تحصي أنفاسك، إما أن تستنشق وتزفر 6 مرات، على سبيل المثال، أو مجرد أن تعدَ كل زفير حتى تصل إلى 10 ثم تعاود الكرة من جديد.

ركِّز على جسمك. الجلوس بلا حراك أثناء إجراء محادثة صعبة قد يشحن عواطفك بدلاً من تبديدها، يقول الخبراء إن الوقوف والتجول يساعد في تنشيط الجزء المسؤول عن التفكير في دماغك، إذا كنت جالساً مع محاورك حول طاولة، فقد تتردد في الوقوف فجأة، هذا مفهوم. بدلاً من ذلك، يمكن أن تقول: تعبت من الجلوس، أشعر بالحاجة إلى تحريك رجليَّ قليلاً. هل تمانع لو مشيت بضع خطوات؟ إذا لم يشعرك ذلك بالارتياح، يمكنك عمل بعض الحركات البسيطة مثل الضغط بإصبع على الآخر، أو ضغط قدميك بثبات على الأرض، وملاحظة ما تشعر به والأرض تحت قدميك، خبراء النباهة الذهنية يسمُّون هذا “الرسو“. فهذا يمكن أن ينجح في أي من الحالات المثيرة للتوتر. على سبيل المثال، ظللتُ لفترة طويلة أخاف من الطيران، لكنني وجدتُ أن العد أثناء لمس كل إصبع من أصابعي بإبهامي ساعد في إخراجي من حالة اجترار القلق.

حاول تكرار شعار أو لازمة. هذه نصيحة أسدتها لي إيمي جين سو، الشريكة الإدارية لشركة “بارافيس بارتنرز” (Paravis Partners)، والمشاركة في تأليف كتاب “سيطر على القاعة” (Own the Room). إنها توصي بصياغة عبارة يمكنك تكرارها لتذكيرك بالحفاظ على الهدوء، لقد وجد بعض عملائها أن تكرار “انتقل إلى وضع الحياد” كما هي الحال في السيارة، مفيد بشكل خاص. يمكنك أيضاً تجربة تكرار جملة “هذا لا يعنيني شخصياً”، أو “قريباً سينتهي الأمر ولن يطول”، أو “هذا يتعلق بالعمل”.

اعترف بمشاعرك وتعرف على طبيعتها. الطريقة الأخرى المفيدة التي تعلمتها من سوزان ديفيد، مؤلفة “الرشاقة العاطفية” (Emotional Agility). عن ذلك تقول، عندما تطغى عليك انفعالاتك، “يزدحم ذهنك بالاهتمام الذي توليه لأفكارك ومشاعرك فلا تعود هناك مساحة للتفكير فيها”. لكي تضع مسافة بينك وبين مشاعرك، سمِّها. “سمِّ الفكرة فكرة والعاطفة عاطفة”، تقول ديفيد. هكذا يتحول التفكير من “إنه مخطئ في ذلك وهذا يستفزني”، إلى “أنا أفكر أن زميلي في العمل مخطئ، وأنا أشعر بالغضب”. تسمية الأمور بأسمائها بهذه الطريقة يتيح لك رؤية أفكارك ومشاعرك كما هي “مصادر عابرة للبيانات التي قد تكون مفيدة أو لا تكون كذلك”. عندما تضع تلك المسافة بين هذه المشاعر وبينك، يصبح من الأسهل عليك أن تتخفف منها وألا تدفنها أو تتركها تنفجر.

خذ فترة من الراحة. أعرفُ، من خلال تجربتي، أنه نهج قلما يُستخدَم، كلما منحت نفسك مزيداً من الوقت لفهم عواطفك، قلَّت حدتها وكثافتها. لهذا عندما تحتدم الأمور، قد تحتاج إلى الاستئذان للحظة لجلب فنجان من القهوة أو كوب من الماء، أو الذهاب إلى الحمام، أو السير قليلاً حول المكتب. احرص على إعطاء عذر محايد لرغبتك في الوقوف وإيقاف المحادثة مؤقتاً، فآخر شيء تريده هو أن يلاحظ محاورك أن الأمور تسير على نحو سيئ للغاية، وأنك يائس جداً وتريد الهرب من الموقف. حاول أن تقول شيئاً مثل: عذراً لمقاطعتك، لكنني أود أن أجلب فنجان قهوة بسرعة قبل المتابعة، هل أحضر لك شيئاً معي؟

ضع في اعتبارك أنك ربما لست الوحيد المستاء هنا. ومن المرجح أن يشعر محاورك كذلك بالغضب أو الإحباط. رغم أنك قد ترغب في إسداء النصيحة سابقة الذكر له، لا يرغب أحد أن يقال له إنه بحاجة إلى أخذ نفس عميق أو استراحة قصيرة، لذلك قد تكون في موقف تحتاج فيه أن تسمح للطرف الآخر أن يأخذ نفساً. لا شك أن قول هذا أسهل بكثير من فعله، من الصعب ألا تصرخ عندما تتعرض للهجوم، لكن ذلك لن يفيد. تقترح جين بريت، أستاذة حل النزاعات والمفاوضات في “كلية كيلوغ للإدارة” (Kellogg School of Management)، أن تتخيل أن كلمات زميلك في العمل تقفز فوق كتفك ولا ترتطم بصدرك. لكن لا تتصرف وكأن الأمر لا يعنيك، من المهم أن تظهر أنك تجيد الإصغاء، إذا لم تؤجج انفعالاتُك مشاعرَ محاورك السلبية تجاهك، فالأرجح أن تفتر مشاعره وتهمد.

لنكن واقعيين، يمكن أن تكون النزاعات مع زملاء العمل صعبة، لكنك لن تحل المشكلات الأساسية أو تحتفظ بعلاقة إيجابية إذا واصلت المحادثة وانت منفعل تماماً. نأمل أن تساعدك هذه التكتيكات الخمسة على الانتقال من حالة الغضب والانزعاج إلى الهدوء والاسترخاء التام.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .