كيف تجعل فريقاً مؤلفاً من “النجوم” ينجح؟

4 دقائق
إدارة فريق من النجوم
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في أوائل سنوات عملي مستشاراً تنفيذياً للبحوث في الأرجنتين، طُلِب مني مراراً تعيين كبار المستثمرين المصرفيين. كان مصرفا “جيه بي مورغان” (J.P. Morgan) و”سيتي بانك” (Citibank) رائدَين في المنطقة وقتها، لكن عندما تواصلتُ مع معظم مصرفييّهم الأساسيين وأجريتُ مقابلات معهم، شهدتُ أمراً غريباً، في الوقت الذي وظّف المصرفَان أشخاصاً أكْفاء، كان أحدهما أكثر نجاحاً بدرجة كبيرة في السوق.

كيف تمكّن النجوم في تلك الشركة من النجاح سوياً، بينما بالكاد سطَع نجم أولئك في الشركة الأخرى بمفردهم؟

اقرأ أيضاً: كيف تجعل فريقاً من الخبراء يعملون معاً بصورة فعالة؟

احترت لسنوات بأمر ثغرات الأداء الضخمة التي شهدتُها غالباً بين الفِرق التي بدت، على الورق، وكأنها ستكون فاعلة بالقدر ذاته. ويمكنك رؤية هذا في الأعمال التجارية والرياضة والمساعي المبتكرة، بدءاً من الأفلام وصولاً إلى المجلات. فما الذي صنع الفارق؟ وما سر زيادة قيمة ديناميات الفريق وتعزيزها، بدلاً من الديناميكيات الفردية أو التنظيمية؟

6 كفاءات مهمة للفريق

حصلتُ على إجابات عن أسئلتي أواخر التسعينيات، عندما قادت إيلين يو (Elaine Yu)، زميلتي الرائعة في شركة “إيجون زيندر” (Egon Zehnder)، مشروعاً على نطاق المؤسسة يدعى “مراجعة فاعلية الفريق” أو (TER). يحلل نموذج الملكية هذا 6 كفاءات مهمة للفريق هي:

  • التوازن: مدى فهم الفريق لأهمية تنوع المهارات ومواطِن القوة ورغبته في الاستفادة منها.

  • الحيوية: مدى طموح الفريق، ومدى اتخاذه لزمام المبادرة ومحافظته على الزخم طويل الأمد بمستوى عالٍ.

  • الانسجام: مدى فهم أعضاء الفريق لهدفه الأشمل، وتركيز أفعالهم وأفعاله على تحقيق هذا الهدف.

  • المرونة: مدى قدرة الفريق على التماسك وقدرته على البقاء فاعلاً حتى في ظل تعرّضه لعدّة ضغوط شديدة داخلية أو خارجية.

  • الكفاءة: مدى فهم الفريق للحاجة إلى ترشيد الموارد والوقت، ومدى سعيه إلى تحقيق النتائج بكفاءة.

  • الانفتاح: مدى تقدير الفريق للتفاعل مع المؤسسة الأوسع نطاقاً والعالم الخارجي، وإقامته للروابط ليحقق ذلك.

يستند هذا إلى فرضية أساسية مفادها أن توظيف الأشخاص المناسبين –أي الأشخاص ذوي القيم الراسخة والإمكانات العظيمة والكفاءات العالية– وتطويرهم بصفتهم الفردية فحسب ليس كافياً. إذ ينبغي أن تساعدهم أيضاً على التعاون. وفي الحقيقة، استناداً إلى 50 عاماً من الخبرة والبحوث لشركتنا، نعتقد أن فاعلية الفريق قد تفسر 80% من حالات نجاح القادة.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع ضعف الأداء في فريق ورثته عن مدير سابق؟

لا تصدّق الخرافة الشائعة القائلة إن المجموعات المؤلفة من النجوم بالكامل لا تُجدي نفعاً، فهي مجدية بالطبع إذا نظّمتها وقُدتها على النحو الواجب. يوضّح كل من مايكل مانكينز وآلان بيرد وجيمس روت من شركة “باين آند كومباني” (Bain & Company) شتى أنواع الأمثلة الرائعة الواردة في مقال بعنوان “تشكيل الفِرق المميزة من صناع القرار النجوم” (Making Star Teams out of Star Players). بعض هذه الفِرق معنية بمشاريع كبيرة مثل مهندسي شركة “آبل” البالغ عددهم 600 مهندس، الذين نجحوا في تطوير نظام التشغيل الثوري “أو إس إكس” (OS X) خلال سنتين فحسب (بالمقارنة مع مهندسي شركة “مايكروسوفت” البالغ عددهم 10 آلاف مهندس، الذين استغرقوا 5 سنوات لتطوير نظام “ويندوز فيستا” (Windows Vista) الذي أصدرته الشركة وسحبته من الأسواق في نهاية المطاف). وبعضها الآخر عبارة عن فِرق مبدعة وصغيرة نسبياً، مثل الفريق الذي أعدّ بنجاح باهر فيلم الكرتون الرقمي المُبهر “توي ستوري” (Toy Story) الذي لم يتضمن أهم فناني شركة “بيكسار” (Pixar) وصناع رسومها المتحركة فحسب، بل المسؤولين التنفيذيين المخضرمين من شركة “ديزني” (Disney) أيضاً، وستيف جوبز بذاته. وثمة أمثلة رائعة في مجال الرياضة أيضاً، بما في ذلك طاقم صيانة سباقات ناسكار (NASCAR) المذهل والمؤلف من 6 أشخاص بقيادة كايل بوش.

كيفية إدارة فريق من النجوم

يمكنك تشكيل فريق مثالي، ويُفترض بك الاضطلاع بذلك. لكن تذكر أنه سيزدهر فقط عندما تجعله متوازناً ومنسجماً ومرناً ومفعماً بالحيوية ومنفتحاً وفاعلاً، وقد تؤدي نقطة ضعف كبيرة في أي من تلك الكفاءات الست إلى مشاكل كبيرة في الواقع. على سبيل المثال، تتحول الفِرق متدنية الكفاءة إلى محافل للنقاش لا تستطيع تحديد الأولويات أو صنع القرارات وتفوّت المهل الزمنية المحددة لها نتيجة لذلك، وكثيراً ما ترضخ الفِرق ذات التنوع المنخفض إلى التفكير الجماعي، وتتفق بسرعة مع بعضها بعضاً وتفشل في تقييم مسارات عمل غير مألوفة.

قيّم الفريق وفقاً لكل بعد من أبعاد مراجعة فاعلية الفريق باستخدام المقاييس النفسية والاستبيانات والمقابلات (وهي الأكثر كفاءة) والمقارنات المرجعية مع مقيّمين موضوعيين لفهم مواطن القوة والضعف لفريقك الحالي (وربما تُشكل فريقاً أفضل). هل لديك ما يكفي من التنوع في المهارات ومواطن القوة؟ هل ينسجم الجميع مع هدفك الأساسي؟ هل أنت مجهز كما يجب لتواجه الأوقات العصيبة الحتمية؟ ما مدى طموح فريقك؟ هل طورتَ مجموعة كبيرة من العلاقات الداخلية والخارجية؟ هل تُرشّد استخدام وقتك ومواردك؟

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع الشخص المتشائم في فريقك؟

مثلما لن يبلغ أي مسؤول تنفيذي الكمال أبداً، كذلك لن يستطيع أي فريق أن يتألق في أبعاد مراجعة فاعلية الفريق الستة جميعها. لكن يمكنك العمل على تحسين نتائجك، من خلال الحرص على استخلاص وجهات نظر الجميع والتشجيع على النقاش في الاجتماعات لتعزيز الانفتاح أو من خلال إرساء بروتوكولات تواصل وصنع قرار جديدة بهدف تحسين الكفاءة.

تذكر أن المواقف المختلفة تتطلب نماذج مختلفة من الفرق. على سبيل المثال، ينبغي أن تكون فِرق التغيير مُتمكنة جداً من جهة الكفاءة، بينما يتعين على الفِرق التي تعمل على التكامل بعد الاندماج أن تتفوق من حيث التوازن والانسجام. وتتمثل مهمتك في الحرص على قدرة الفريق على مواجهة تحديات محددة.

عندما زرتُ تلك الفِرق المؤلفة من المستثمرين المصرفيين مجدداً، أدركتُ أن الشركة الفائزة امتلكت فريقاً أكثر تنوعاً بكثير من ناحية المهارات والخلفيات (في الواقع، كان أحد الرواد لم يُكمل تعليمه الجامعي ولا يزال يحظى بتأييد صادق من زملائه الحاصلين على شهادات في الأعمال والتمويل). كان الأعضاء منسجمين مع بعضهم البعض بشكل مذهل، وملتزمين تماماً بالمؤسسة، مما جعل توظيف أي شخص من قبل شركة أخرى أمراً شبه مستحيل، حتى لو كان ذلك مقابل علاوة ضخمة في الأجر. لقد كانوا إيجابيين ومتفاعلين ومنفتحين للأفكار الجديدة، وقادرين على اجتياز المِحن بسهولة. وبفضل العمليات والبروتوكولات الراسخة، تمكنوا من التعاون بكفاءة وفاعلية.

لقد كانوا نجوماً ساطعة، جُمعَت مع بعضها في كوكبة جميلة.

مقتبس من “ليس المحكّ الأساسي حول نفسك متعلق بكيف أو ماذا بل بمن” (It’s Not the How or the What but the Who). صدر عن هارفارد بزنس ريفيو برس، 2014.

اقرأ أيضاً: فريقك ليس قادراً على قراءة أفكارك

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .