هل ضعف التواصل في الشركة دليل على وجود مشكلة مختلفة؟

3 دقائق
G397 ضعف التواصل بين الموظفين

هل يشتكي الموظفون من قلة التواصل في شركتك؟ بما أن اليد اليسرى لا تدري ما الذي تفعله اليمنى؟ أو لربما  أنت من يشتكي من قلة التواصل الحاصل. ومن المحتمل أيضاً، كما حصل مع العديد من الشركات، أنك أجريت استبياناً حول مشاركة الموظفين وظهر بنتيجته أن: "قلة التواصل" هي المشكلة السائدة. إليكم حل مشكلة ضعف التواصل بين الموظفين في العمل.

أود أن أشير إلى أن هذه المشكلة قد لا تكون كما تبدو للوهلة الأولى. لفهم السبب وراء ذلك، يجب علينا إدراك أن المشاعر تنبثق نتيجة لأنشطة النظام التحفيزي، أي المكان في العقل المرتبط بأهدافك والدوافع وراء تصرفاتك، وأن أجزاء كبيرة من ارتباطات النظام التحفيزي مغروسة عميقاً في عقلنا وهي غير متصلة بشكل واضح ومباشر بالقشرة الدماغية المسؤولة عن قدرتنا على توجيه تصرفاتنا. نتيجة لذلك، فإنه كثيراً ما يكون مصدر مشاعرنا غير واضح لنا.

بكلمات أخرى: لو سألت بعض الموظفين عن مشاعرهم إزاء مكان عملهم سيجيبونك فوراً، حيث يدرك الكثير من الأشخاص مشاعرهم بوضوح سواء كانت جيدة أو سيئة تجاه عملهم أو شركاتهم. عندما تسألهم ما الذي يدفعكم إلى تبني هذه المشاعر الجيدة أو السيئة، على الرغم من أن الأشخاص ينزعون عادة للبحث عن أسباب منطقية لتبرير مشاعرهم، فإن الحكم على أن هذه الأسباب هي فعلاً ما ولّد هذه المشاهر هو أمر يصعب التأكد منه.

مشكلة ضعف التواصل بين الموظفين

عندما تواجه الشركة صعوبة محددة، يميل الأشخاص في هذه المؤسسة للإشارة إلى هذه الصعوبة على أنها مصدر مشاعرهم السلبية. أما عندما لا يكون هناك مفاهيم جاهزة لإلقاء اللوم عليها، فيبحث الأشخاص عن أمور ليعتبرونها المسبب لمشاعرهم السلبية تلك. وهنا يأتي دور الإشارة إلى "التواصل".

عندما تحدث مشكلة ما في العمل، يشعر الأشخاص أنه لم يكن في جعبتهم المعلومات الكافية لاتخاذ القرار. قد تكون هذه المعلومات عن وضع الشركة سوقياً، حالة المشاريع في وحدات العمل الأخرى، أو جودة عملهم. وبالتالي، لأن الناس يشعرون بافتقداهم لمعلومات ضرورية، فهم يلومون قلة التواصل ويعتبرونها سبب المشكلة.

اقرأ أيضاً: لإنجاز المزيد من العمل… وجه تركيزك نحو البيئة والتوقعات والأمثلة

وعندما يتم التعامل مع المشكلة حرفياً على أنها مشكلة تواصل، يبحث المدراء عن آليات تواصل جديدة لضمان توفر المعلومات. فينشؤون مجموعات جديدة من البريد الإلكتروني، النشرات الإخبارية، الاجتماعات أو لوحات الإعلانات، مفترضين أن توفير مزيد من الوصول إلى المعلومات هو الحل.

قبل أن تقفز إلى وضع حلول لهذه المشكلة (وتحمل عبء الإجراءات الإضافية) أقترح عليك أن تتخيل هذه الشكاوى حول مشاكل التواصل وكأنها عصافير كناري ضمن منجم للفحم، تلك العصافير التي يتم وضعها في المناجم لتدل وفاتها على ارتفاع نسب غاز أول أكسيد الكربون، ما أود قوله هنا أن هذه الشكاوى هي علامات إنذار مبكر لخطر ما أو مشكلة ما، ولكنها ليست المشكلة بحد ذاتها.

ابدأ بالتفاعل والتشارك مع الأشخاص بشكل أكثر تحديداً وقرباً، ادفعهم للتفكير بأمور محددة حصلت بالخطأ. بدلاً من افتراض أن مسبب المشكلة هو قلة التواصل، قم بتحليل الحالة لمعرفة ما الأسباب التي دفعت الأشخاص لهذه المشاعر بأنهم لم يكونوا قادرين على التصرف بفعالية.

اقرأ أيضاً: لتطوير مهارات القيادة… تمرّن في بيئة منخفضة المخاطر

على سبيل المثال، عملت مؤخراً مع مجموعة اشتكت من مشاكل في عملية التواصل. كانت مؤسسة تنمو بسرعة، وكان هناك موظفون جدد التحقوا مؤخراً، ولكن توصيفهم الوظيفي لم يكن واضحاً أو محدداً. عندما كانت الشركة صغيرة، كان التحاق موظفين جدد بفريق العمل ومن دون توصيف وظيفي واضح ومحدد أمراً سهلاً، لأنه كان من السهل عليهم مراقبة ما يحصل في أرجاء الشركة وفهم آلية العمل. الآن وبعد أن أصبحت المؤسسة كبيرة، لم يعد هذا الحل ممكناً، وبات الموظفون الجدد يشعرون بأنهم غير قادرين على إنجاز مهامهم.

ولكن المشكلة لم تكن، كما تصورت المؤسسة للوهلة الأولى، أن الأشخاص لا يتواصلون، بل كانت المؤسسة تفتقر إلى هيكلية واضحة لما يمكن للموظفين عمله وما لا يمكن عمله، وكانت المشكلة الحقيقة هي أن عمليات إدارة الموارد البشرية تحتاج إلى تحديث وأن تكون أكثر وضوحاً حول مسؤوليات كل مركز وظيفي، وليس أن المؤسسة ككل كانت بحاجة إلى بذل جهد ووقت أكبر في عملية التواصل.

اقرأ أيضاً: ماذا لو تعارضت ممارسات الشركة مع الغرض من وجودها؟

ضعف التواصل هو كبش الفداء

أرى من خبرتي العملية أن ضعف التواصل هو كبش الفداء، والذي يميل الأشخاص لاعتباره سبب المشاكل بشكل شبه فوري، ولكنه وبتجربتي ليس الوحيد. ولذا فمن المهم إدراك محدودية قدرة الأشخاص على الإبلاغ عما يزعجهم حقاً، سواء كان ذلك من خلال محادثات فردية أو باستبيانات الرأي. عندما تسأل الأشخاص سؤالاً ما، فإنهم بطبيعة الحال يريدون أن يعطوا جواباً ما. ومع ذلك، فإن جودة الإجابة تتعلق بمدى وصول الأشخاص إلى المعلومات التي تشكل أساساً لهذا الجواب. كثيرون منا يحددون ما يزعجنا حقاً على نحو رديء جداً.

ختاماً، يُعتبر من المهم تذكر أن الشكاوى حول المواضيع العامة مثل ضعف التواصل بين الموظفين والتواصل عموماً هي أعراض وعلامات، ولكنها ليست تشخيصاً للمشكلة بحد ذاتها. لذا فمن الأهمية بمكان أن نتفحص هذه الشكاوى بعناية لنحدد ما الحل الذي قد يكون مناسباً.

اقرأ أيضاً: هل الشركة التي تعمل فيها تجعلك أفضل؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي