كيف تتعامل مع الأوضاع غير المألوفة؟

2 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

هل غيّرت مؤخراً وظيفتك أو منصبك وتساءلت: “ما الذي يحصل هنا؟” هل أُسندت إليك مهمة جديدة تعتبر غير مألوفة بالكامل لك؟ هل تعمل مع أشخاص ينحدرون من بيئات مختلفة وتشعر أنك لست متفاهماً معهم تماماً؟

إن التعامل مع الأوضاع غير المألوفة والأشخاص غير المألوفين هو أمر ينطوي على الكثير من التحديات، لأننا لا نكون قد امتلكنا بعد كل المعطيات. ولكن مع مرور الوقت، نقوم بتعديل أوضاعنا. لكن كيف يمكننا تحسين تعاملنا مع الأوضاع الجديدة وغير المألوفة منذ البداية؟

تُقدم البحوث التي أجراها العلماء على الدماغ، الكثير من المعلومات للإجابة عن هذا السؤال. لقد خُلقنا لنميز الأشخاص والأوضاع المألوفة منذ نعومة أظفارنا. على سبيل المثال، الأطفال “يعرفون” إذا كان أحد الوجوه ينتمي إلى عرقهم أو إلى عرق آخر منذ مرحلة مبكرة، لأن أدمغتهم مخلوقة لاكتشاف ذلك. وعلاوة على ما سبق، فإن دماغ الأم مخلوق للتجاوب بطريقة محددة للوضع المألوف لرضيعها مقارنة مع وضع رضيع آخر. كذلك الأمر، لا يحتاج أي شخص بالغ إلا إلى أجزاء من الثانية ليعرف ما إذا كان أحد الوجوه هو لشخص مألوف أم لا، كما أن الأبحاث الحديثة أظهرت بأننا نميّز الوجوه المألوفة بضعفي الكفاءة التي نميز بها الوجوه غير المألوفة.

وبالتالي، عندما يكون شخص ما أو شيء ما غير مألوف، فإن الدماغ يكون أقل تفاعلاً وتعاطفاً وينبغي عليه بذل مجهود إضافي. ومن الواضح أن هذه تعتبر ميزة عندما يتعلّق الأمر بحماية المرء لذاته، أو التجاوب بسرعة مع الأوضاع المألوفة، ولكن ما الذي بوسعنا فعله عندما يكون الناس من حولنا، أو الأوضاع التي نجد أنفسنا فيها دائمة التغير وتفتقر إلى الألفة؟

أولاً، بناء الثقة والتركيز بشكل محدد على الخطوات ذات الصلة يمكن أن يطغيا على حالة عدم الارتياح الناجمة عن عدم الألفة. كما أن إنشاء البنى والعمليات التي يمكن أن تعزز الثقة ستزيد من إمكانية الاندماج مع الحالة. فما هي بعض هذه الأمور غير المألوفة؟ يُعتبر التواصل الواضح، الذي يجري في الوقت المحدد، والإيفاء بالوعود والالتزامات التعاقدية طرقاً جيدة لخلق جو من الثقة عندما تكون الأمور غير مألوفة.

ثانياً، للتوتر دور في كيفية تعاملنا مع الأوضاع غير المألوفة أو الأشخاص غير المألوفين. إن التوتر يجعل الدماغ أقل “ألفة” تجاه ما هو جديد، فنحن نميل إلى الرغبة فيما اعتدنا عليه وبدرجة أكبر حتى عوضاً عن اضطرارنا إلى التعامل مع شيء جديد عندما نكون في حال من التوتر. فإذا دخلت لتوك في وضع غير مألوف أو وجدت أن الأمور تتغير طوال الوقت، فاعلم أن دماغك سيحاول استعمال المكابح ويفرمل التقدم ليعود أدراجه إلى الطرق القديمة التي يألفها. لذلك من الضروري عندما نجد أنفسنا في أوضاع غير مألوفة، بأن ندقق مع أنفسنا لنعمل عن عمد على التقليل من مستويات التوتر الموجودة لدينا.

أخيراً، قد يساعدك البحث عن السمات والخصائص المشتركة، وخاصة على المستوى الثقافي على مساعدتك في خوض غمار الأوضاع غير المألوفة. إذ وجدت دراسة بأن الفن، حتى وإن كان غير مألوف لدينا، يملك القدرة على تحريكنا، لأنه يفعّل الشبكات الدماغية المرتبطة بالذات. هذا يعني أن الفن يحفّز تجربة عاطفية وانفعالية تربطنا مع ذاتنا، على الرغم من أنه غير مألوف. وقد يكون ما يحركنا هو عناصر غير ملموسة من الفن الذي يقترن مع الجوانب المقابلة غير الملموسة من أنفسنا. هذا الأمر يطغى على هذا الفن الذي يعتبر خلافاً لغير المألوف ويجعلنا نشعر بأننا معروفون. لذلك عندما تجد نفسك في بيئة غير مألوفة ثقافياً، ابحث عن السمات والخصائص الذاتية المشتركة عوضاً عن الاختلافات فقط.

يمكن للأوضاع غير المألوفة أن تتسبب بنوع من “الازدحام” في أدمغتنا إذا لم نُقاربها بإحساس واعٍ حول كينونتنا. ويمكن أن يساعد إنشاء البنى التي تعزز الثقة، وتقلل من التوتر، وتخلق رابطاً عاطفياً مع الناس أو مع مشروع معين، الدماغ في السير باتجاه تحقيق أهدافنا.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .