إذا كنت تبحث عن محفزات فريق العمل وطرق لتحسن من خلالها تفاعل الموظفين مع العمل، فإنك ستجد الكثير من الكتب والمراجع التي تحتوي قوائم بذلك، وهي عادة تحمل عناوين من قبيل "14 نصيحة.." أو "7 خطوات...". غير أنّ معظم هذه المراجع تتضمن نصائح جيدة لكنها أساسية وبسيطة، مثل تقديم الإشراف الداعم للموظفين، والتشجيع على التواصل بالاتجاهين، والاعتراف بجهد الأشخاص عندما يؤدون عملاً رائعاً.
لكن تشير الإحصائيات إلى أنّ اتباع هذه النصائح، هو مثل متابعة الحميات الغذائية، أصعب مما يبدو الأمر ظاهرياً، حيث أنّ 70 في المئة من العمّال الأميركيين يقولون بأنهم لا يشعرون أنهم متفاعلين مع عملهم، وهو رقم لم يتغيّر كثيراً في السنوات القليلة الماضية. فإذا لم يلتزم أصحاب الشركات ومدراؤها، الذين يفتقرون بشدة إلى أي لحظة إضافية من وقتهم، التزاماً طبيعياً بكل هذه الوصفات السحرية، فهل من المرجح أن يبدؤوا بذلك الآن؟
محفزات فريق العمل
نحن لدينا طريقة تفكير مختلفة تجاه تحفيز الموظفين على التفاعل مع العمل، لأننا نملك تصوراً مختلفاً حول طبيعة هذا التحفيز والإشراك في العمل.
وتبدأ مقاربتنا بطرح السؤال التالي: من تعتقد أنه أكثر تفاعلاً مع العمل المزارع مالك الأرض أم الشخص الذي يعمل فيها بالأجرة؟ مقاول البناء أم الشخص الذي يطرق المسامير؟ مالك المتجر أم البائع الذي يجلس خلف طاولة البيع؟ طبعاً الإجابات عن هذه الأسئلة واضحة، لكنها تطرح اعتراضاً يساويه في الوضوح. فليس كل شخص يمكنه أن يكون مالكاً. وكما تبيّن دراسة أجراها المكتب الوطني للأبحاث الاقتصادية الأميركي، حتى الموظفين الذين يمتلكون حصة في الشركة التي يعملون فيها ليسوا بالضرورة أن يكونوا أكثر تفاعلاً وتحفيزاً من أقرانهم غير المساهمين في الشركة.
اقرأ أيضاً: كلمة سحرية واحدة من المدير تكفي لتحفيز الموظف
لكن الاعتراض يخفق في فهم جوهر الملكية. فالأمر لا يقتصر على أنّ المالكين هم من يجلس في سدة المسؤولية. بل جوهر الأمر هو أنهم هم اللاعبون. وهم الموجودون داخل اللعبة. هم من يعرفون القواعد. هم من يتصرفون، ويراقبون الأرقام ليروا ما إذا كانت إجراءاتهم على المسار الصحيح أم أنها خاطئة. فإذا ما ربحوا اللعبة، فإنهم يعلمون أنّ هناك مكاسب سوف يحققونها. ومعظم الناس يعتقدون أنّ تحفيز الموظفين أمر يقتصر على الفرد، أي بمعنى أنّ الموظف يشعر بالإنجاز من خلال المهمة التي بين يديه، لأنه يرغب في القيام بعمل جيد. ولكن بالنسبة لنا موضوع تحفيز الموظفين على التفاعل هو جزء من فريق ينافس لتحقيق الفوز.
ومن المدهش كم هو سهل تحقيق هذا النوع من التفاعل والتحفيز بين صفوف الموظفين، وذلك عندما تبث الحياة في الجوانب الاقتصادية للشركة من خلال عرض بعض الأرقام المالية الرئيسية على الموظفين. وهذه المقاربة تقوم على الشفافية في عرض السجلات: إذ يبدأ الناس بمراقبة هذه المؤشرات. ثم يجدون الطريقة المناسبة لدفعها في الاتجاه الصحيح.
على سبيل المثال، اختارت شركة عالمية لإدارة الرحلات والسفريات ثلاثة فروع لها في الولايات المتحدة، لإجراء تجربة تقوم على اتباع طريقة السجلات المفتوحة هذه بغية تحفيز الموظفين وزيادة تفاعلهم وتحسين أدائهم. وحدد فريق الشركة أحد الأرقام المالية الأساسية. وبعد ذلك بدأ مدراء الفروع بالاجتماع كل أسبوع لمراجعة هذه النتائج المالية، وطرح أفكار للتحسين وتوقع النتائج المستقبلية.
اقرأ أيضاً: كيف يمكنك حقاً تحفيز فريق مبيعاتك؟
في الماضي، كان مستشارو السفريات والرحلات العاملون على الخطوط الأمامية مع الزبائن يتصرفون إلى حد كبير بطريقة تشبه تصرفات الموظفين في كل الأماكن في العالم. وكانوا يؤدون عملهم بكل كفاءة، لكنهم لم يكونوا يهتمون بالتبعات المالية للتغيّر الذي يطرأ على مسار أي رحلة سفر أو أي سياسية تسعير جديدة ستطبق في فندق من الفنادق. أما الآن، وبعد أن باتوا منخرطين في عملية تحسين أرقام الفرع، بدؤوا يكتشفون الفرص التي يمكن لأي مالك أن يفكّر فيها.
على سبيل المثال، قام أحد الموظفين المسؤولين عن العلاقات مع الزبائن في مدينة سانت لويس الأميركية بالاتصال ببعض البائعين لاستعادة الأموال المفقودة نتيجة عدم حضور الزبائن إلى الفنادق، أو إلغاء تذاكر للسفر بالطائرة. وخلال الأشهر القليلة الأولى، تمكّن هذا المندوب من استعادة 189,093 دولار، وهو مبلغ مهم وفّرته الشركة.
اقرأ أيضاً: كيف يُستخدم الترغيب في البلدان الفقيرة لتحفيز الموظفين على ادخار المال؟
كل فرع من هذه الفروع الثلاثة المتعلقة بمحفزات فريق العمل والتي طبّقت العملية التجريبية ولّدت العديد من الأفكار، ومن ثم تم تبادلها مع الفرعين الباقيين. وفي نهاية فترة التجربة تلك، كانت أرباح هذه الفروع الثلاثة فاقت التوقعات بنسبة 10 في المئة، و17 في المئة، و20 في المئة على التوالي، ما أدى إلى زيادة في الأرباح تفوق 1.7 مليون دولار. وفي ذلك العام ذاته، لم يتمكن أي من الفروع الأخرى في الولايات المتحدة من تحقيق الأرقام المتوقعة.
اقرأ أيضاً: فن الخطابات التحفيزية