اجعل اللباقة معياراً ضمن فريقك

4 دقائق
اللباقة في العمل

جميعنا نريد أن نأتي إلى العمل، ونلقى معاملة لطيفة ومحترمة ممن حولنا، لكن يظهر بحثي حول اللباقة في العمل ولسوء الحظ، تفشي المعاملة الفظة في معظم الشركات، حيث وجدت أنّ 98 في المئة من العاملين الذين قمت بالاستطلاع حولهم، خلال العشرين عاماً الماضية، عايشوا سلوكاً وقحاً، وشهد 99 في المئة منهم بهذا الأمر. ويبدو أنّ الحال يتجه نحو الأسوأ. ففي عام 2011 قال نصف العاملين أنهم كانوا يتعرضون لمعاملة سيئة مرة واحدة أسبوعياً على الأقل، وكان العدد يقارب الربع في عام 1998. إذاً، كيف يمكن للمدير أن يتأكد من أنّ الأشخاص في فريقه أو قسمه يعاملون بعضهم البعض معاملة جيدة؟

كيفية تعزيز اللباقة في العمل

اعرض القيم وحدد التوقعات

يبدأ عرض القيم من خلال المقابلات، عندما يكون لديك الفرصة لطرح قيمك حول الآفاق المستقبلية أثناء عملية التوظيف. كن واضحاً بخصوص قيم شركتك، ثم شجع المرشحين على أن يقرروا بأنفسهم. هل يريدون حقاً العمل في شركة تحكمها هذه القيم بقوة كل يوم؟

اقرأ أيضاً: السخرية، وانتقاد الذات، ونكاتنا الخاصة: دليل إرشادي لاستخدام الفكاهة في بيئة العمل

إضافة إلى ذلك، من المهم أن يعزز الموظف هذه القيم، بمجرد أن ينضم لفريقك. مثلاً: قامت شركة ماريوت (Marriott) بتحديد ثلاث ركائز لصالح الموظفين: “جميعنا بحاجة للشعور بشكل جيد تجاه أنفسنا، وتجاه مكان العمل، وتجاه دور شركتنا في المجتمع”. لقد أدرك المدراء في ماريوت أنّ التصرفات اليومية الصغيرة تؤثر على تفاعل الموظفين مع الآخرين، وتلك اللباقة تنتشر عبر الشبكات. فقول صباح الخير عندما يدخل أحدهم المصعد عوضاً عن التحديق في الأرض بصمت، يمكن أن يحدث فرقاً إيجابياً. في غضون ذلك، تتوقع ماريوت، أن يساهم كل شخص في خلق مجتمع إيجابي في مكان العمل. هذه الرسالة تُعززها الشركة في الاجتماعات، والفعاليات، ومع العديد من الجوائز للمساهمة في الثقافة.

عرف اللباقة

عندما ترسخ بعض المبادئ، فأنت تريد لموظفيك اتباعها في الطريقة التي يعاملون بها الآخرين، وقد وجدت أنه من المفيد أن ينخرط الموظفون في حوارات مستمرة حول ما تعنيه اللباقة. فهذه النقاشات تجمع دعماً أكبر، وتخول الموظفين أن يحاسبوا بعضهم بعضاً في سبيل سلوك لبق.

في مدينة إيرفين في ولاية كاليفورنيا الأميركية، في مكتب “بريان كيف” للمحاماة، قدنا أنا والشريك الإداري ستيوارت برايس، تدريباً لتحديد المعايير الجماعية. وسألنا المشتركين: “من تريد أن تكون؟”، ثم سألناهم ما المعايير التي كانت لصالح شركتكم، فقاموا بتسمية المبادئ التي سيحاسبون بعضهم البعض من أجلها، وفي أكثر من ساعة فقط، اتفق الموظفون على عشرة معايير. وضمت الشركة هذه المعايير تحت مسمى “مدونة قواعد السلوك”، والتي تُعرض بشكل دائم في بهو الشركة. وفقاً لبرايس، هذه المدونة كانت مسؤولة بشكل مباشر عن جعل المؤسسة تحصل على الرقم واحد في تصنيف مقاطعة أورانج (Orange) لقائمة أفضل أماكن للعمل.

معايير “بريان كيف” العشرة للباقة:

1- نحن نحيي بعضنا ونعترف ببعضنا.

2- نحن نقول رجاء، وشكراً.

3- نحن نعامل بعضنا بمساواة، وباحترام تحت أي ظرف.

4- نحن نعترف بتأثير سلوكنا على الآخرين.

5- نحن نرحب بالتقييم من بعضنا البعض.

6- نحن يمكن التقرب منا.

7- نحن صريحون، وحساسون، وصادقون.

8- نحن نعترف بمساهمات الآخرين.

9- نحن نحترم التزام الآخرين بالوقت.

10- نحن نعالج المعاملة الفظة.

امنح موظفيك المهارات

ليس كافياً أن تحدد المعايير، بل يتوجب عليك أن تدرب الموظفين على فهمها، واحترامها. فعندما قمنا أنا وكريستين بيرسون بسؤال الناس في أحد الاستطلاعات عن سبب كونهم فظين، لام أكثر من 25 في المئة شركاتهم لأنها لم تقدم لهم المهارات الأساسية التي يحتاجونها، كالإصغاء، ومنح التقييم. فإذا لم يكن موظفوك يتصرفون بشكل جيد، وكنت قد تفهمت، وشرحت رسالة اللباقة في الشركة مراراً وتكراراً، أسأل نفسك: “هل جهزتهم للنجاح في هذا الأمر؟”، ولا تفترض أنّ الجميع يعلمون بشكل فطري كيفية التعامل بلباقة، فالعديد من الأشخاص لم يتعلموا المهارات الأساسية.

اقرأ أيضاً: العمل بنزاهة في بيئة فاسدة

لتُعلم الموظفين هذه المهارات، أنت بحاجة لمنحهم تدريبات واضحة تغطي ماهية اللباقة، وتصف حالات يتصرف فيها الموظفون بفظاظة، مقدماً خطوات للبقاء هادئين، كما توفر فرصاً للتدريب على التصرف بلباقة في أوضاع مشحونة عاطفياً.

وتوفر بعض الشركات الرائدة تدريباً رسمياً على اللباقة. فتقيم وكالة الأمن الوطني الأميركية حملة اللباقة السنوية التي تقوم فيها بترقية من يعامل كل شخص باحترام، وكرامة. كما تقوم جلسات مايكروسوفت الرائجة للاستجواب الدقيق بتعليم المشاركين أن يطرحوا أسئلة تتعلق بأفكارهم، وتطوير بعض الطرق للنقد البناء، والصحّي، وأن يتصرفوا بخفة عاطفية حتى في حالات التوتر.

طُلب من أطباء مزاجيين، في مشفى في لوس أنجلوس الأميركية، أن يحضروا ما سمته المشفى “مدرسة اللباقة” لتخفيف جرأتهم، وتقليل إمكانيات التعرض لدعاوى قضائية. تعلم “مدرسة اللباقة” الأطباء كيفية خلق جو من الراحة للأطباء المقيمين. كما تعلّم هذه المشفى موظفيها أن يتنبهوا لحالات الفظاظة التي لم يتم التبليغ عنها، كأن يرفض أعضاء الفريق العمل مع أطباء معينين، أو الشكاوى عن ممرضات يتعاملن بطريقة وقحة، أو مقيمين يتحاشون أساتذة معينين. كما أدرك مدراء المشفى أنّ الممرضات، والفريق، والمقيمين غالباً ما يفشلون بالتبليغ عن حالات التعامل الفظ بشكل رسمي، فيحتفظون بشكواهم لأنفسهم حتى تذهب الأمور لأبعد من ذلك، ويشعرون أنهم مضطرون لرفع دعوى قضائية. وبما أنّ الأطباء هم الوحيدون المعرضون للتعامل مع هؤلاء الأشخاص على نحو يومي (وقسم الموارد البشرية بعيد تماماً عن الوضع)، يحتاج الأطباء للبقاء متيقظين لإشارات التحذير حولهم في هذه المشفى، فهم مكلفون ويتمتعون بالسلطة اللازمة، ومطالبون بالتبليغ عن جميع الحوادث. وإذا تجاهلوا هذه المسؤولية، ولم يبلغوا عن حوادث التعامل الفظ في المشفى، يجعلهم ذلك مسؤولين بشكل شخصي عن النتائج.

درب الموظفين على اللباقة في العمل

عندما تدرب الموظفين، ركز على مساعدتهم على تعلم الإصغاء بشكل كامل، ومنح وتقبل التقييم، والعمل ضمن التغيّرات، والتعامل مع أشخاص مختلفين. وعلمهم أيضاً على التفاوض، وإدارة الضغوط، والحوارات الحاسمة، وعلى التركيز الكامل للذهن. لا تقم فقط بنقل المعلومات، فالمدرب الذي يعرض المفاهيم الأساسية والتوقعات عليه أيضاً أن يكون مستعداً لمحاسبة الموظفين. على سبيل المثال: يقيّم بعض مشغلي الامتياز في شركة تشيك فيل أيه (Chick-fil-A) أعضاء الفريق أسبوعياً باستخدام الأضواء الأخضر، والأصفر، والأحمر. وكانت الفكرة لضبط السلوك الفظ، وتقويمه بسرعة. أما في زنغرمانز (Zingerman’s)، وهي مجموعة أعمال تجارية خبيرة بالمأكولات، مقرها ميتشغن الأميركية، يعقد فريقها اجتماعات لمراجعة كيفية عملهم، وإجراء التعديلات اللازمة، ولعل واحداً من أهم المقاييس المتبعة هناك، هو الوقت الذي يقضونه في الترحيب بالزبائن بشكل مناسب.

اقرأ أيضاً: الامتياز المكتبي الأكثر أهمية: الضوء الطبيعي

إنّ أهم الأشياء الحاسمة في موضوع اللباقة في العمل والتي على المدير فعلها بكل تأكيد، أن يجسد السلوك الصحيح. فعليك أن تخلق جواً مريحاً، حتى عندما تضع توقعاتك، عرّف ما تعنيه اللباقة ضمن فريقك، وامنح الأشخاص التدريب، والتمرين، فلا يمكنك توقع أن يعامل الموظفون بعضهم بعضاً باحترام، إذا لم تفعل أنت ذلك بالمقام الأول.

اقرأ أيضاً: الإدارة السليمة تتنبأ بنجاح الشركة بشكل أفضل

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .