البراهين تؤكد أن المدير الكفؤ يحدث فارقاً ملموساً

6 دقائق
مدراء أكْفاء
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إن للإدارة الرشيدة أثرها الواضح في سير الشركات نحو التفوق والنجاح. فكيف يمكن توظيف مدراء أكْفاء؟

لا أعتقد أن قرّاء هذا المقال يعوزهم الدليل على ذلك، لكن ما يهمني الإشارة إليه هنا هو استكمال دراسة توثيقية عملية حول هذا الموضوع، استغرقت سنوات عدة وشكلت مَعلماً بارزاً في تاريخ الأبحاث الاقتصادية.

في الواقع، ذهبت ورقة بحثية جديدة إلى أبعد من ذلك عندما توصلت إلى نتيجة مفادها أن الفرق بين الشركات التي تدار بطريقة رشيدة وما سواها من الشركات يمكن أن يُعزى في جزء كبير منه إلى مدى قدرتها على توظيف مدراء أكْفاء.

توظيف المدراء الأكْفاء

وفي عام 2012، نشر نيكولاس بلوم، ورافاييلا سادون، وجون فان رينين، بحثهم العميق والرائع حول الإدارة على صفحات مجلة “هارفارد بزنس ريفيو”، حيث أظهر أحد استبياناتهم كيف أن إنتاجية الشركة وقدرتها على الاستمرار في العطاء كانتا مرتبطتين ارتباطاً وثيقاً بتطبيق المبادئ الإدارية، مثل وضع الأهداف وتنظيم الحوافز ومراقبة الأداء.

أما خلاصة دراستهم فلخصوها في الأسطر التالية:

لقد توصلنا إلى 3 استنتاجات:

الأول: هو أننا إذا ذهبنا إلى تقييم الأداء الإداري للشركات قياساً على المعايير التي وضعناها، فسنجد أن الكثير منها يدار بطريقة بالغة السوء. فالإدارة الرشيدة تضع أهدافاً تتحدى المستويات الراهنة في الإنتاجية وغيرها من معايير الكفاءة، وتربط علاوة الموظف وترقيته بتحقيقه لتلك الأهداف، ولا تتردد في القياس المستمر للنتائج المحرزة على مدار العام. ومع ذلك، فإن تطبيق هذه الممارسات يكاد يكون معدوماً في الكثير من المؤسسات.

الثاني: هناك ارتباط قوي بين مؤشراتنا للإدارة الرشيدة والأداء المتفوق وبين معايير إنتاجية الشركات، ومردود رأس المال البشري، وقدرة الشركة على البقاء والصمود في وجه المؤثرات المختلفة. وبحسب مقياس الأداء الإداري الذي صنعناه وجعلناه من 5 درجات، فإن صعود درجة واحدة يعادل انتقال تصنيف الشركة بين مثيلاتها من الثلث الأخير إلى الثلث الأول، وهو ما وجدناه مرتبطاً بزيادة في الإنتاجية بنسبة 23%.

اقرأ أيضاً: الثمن الذي يدفعه المدير العطوف

الثالث: هو الأثر الكبير للنهج الإداري المتبع في تشكيل الأداء القومي على مستوى الدولة. فقد أظهرت تحليلاتنا. على سبيل المثال، كيف يُعزى الاختلاف في الأساليب الإدارية بين الولايات المتحدة ودول القارة الأوروبية إلى ما يقارب الربع من فجوة الإنتاجية التي تم رصدها بينهما والتي بلغت 30% لصالح الولايات المتحدة.

نستنتج مما سبق كيف تسهم الإدارة الرشيدة في مسار الشركات، أما الدافع الذي يجعلها تسير في هذا الطريق فهو ما تناولته دراسة حديثة أجراها نيكولاس بلوم، وفان رينين، وستيفان بيندر، وستيفاني والتر، وديفيد كارد، حيث توصلوا إلى الدور البارز الذي يلعبه العامل البشري في هذا المضمار.

فقد عكف فريق الباحثين آنف الذكر على دراسة البيانات التي حصلوا عليها من استبيان شمل 361 مصنعاً متوسط الحجم في ألمانيا بين عامي 2004 و2009، وحاولوا ربط أداء الشركات بالبيانات التي تم تسجيلها حول العاملين فيها. ومع التسليم بالتركيبة المعقدة لكيفية حساب الباحثين لمعدل أداء العامل، فقد أجروا، من حيث المبدأ، عملية حسابية لتقدير مدى مساهمة مهارات العامل وقدراته في تحديد الأجور التي يكسبها، اعتماداً على التاريخ المهني لكل عامل مع مراعاة جودة الأجور التي تدفعها كل شركة مقارنة بنظيراتها في السوق.

“نحن ننظر إلى تأثير العامل أو الموظف باعتباره تعبيراً مباشراً عن قدراته وجودة أدائه، وهذا ما يخوله للمطالبة بأجر مرتفع أينما ذهب، بغض النظر عن السنة التي باشر فيها العمل”، بحسب فان رينين. إن المنطق الذي جرى اعتماده، هو أنك إذا كنت قادراً على تحصيل أجر عالٍ بشكل ملحوظ مقارنة بزملائك في كل شركة تذهب إليها، فمن الأرجح أن ذلك مرده إلى قدراتك ومهاراتك التي تتميز بها عن الآخرين.

اقرأ أيضاً: تحديات مديرة شابة ونجاحاتها

وقد وجد الباحثون ترابطاً بين الإدارة الرشيدة وارتفاع معدل “جودة” العاملين في المؤسسة. كما اطلعوا على “جودة” العاملين الواقعين ضمن الربع الأفضل في الشركات من ناحية الأجور التي يتقاضونها، حيث يعتبر الباحثون هذه الفئة من الموظفين وسيطاً مباشراً إلى الإدارة العليا في أي شركة. ومع ذلك، فإن الترابط بين وجود مدارء أكفاء كان أكثر وضوحاً وقوة مع الإدارة الرشيدة منه في حالة العاملين المؤهلين.

وهذا لا يقلل من شأن العاملين في شيء، بل إن غنى الشركة بالعاملين من أصحاب المواهب والكفاءات له دور لا يمكن إنكاره في نجاحها وريادتها. لكن حين يكون الحديث عن الإدارة الرشيدة بالتحديد، فلا شك أن توظيف أفضل الكفاءات في المواقع القيادية له الوقع الأكبر والأثر الأبعد على مسار الشركة ومستقبلها.

نستنتج مما سبق كيف تسهم الإدارة الرشيدة في مسار الشركات، أما الدافع الذي يجعلها تسير في هذا الطريق فهو ما تناولته دراسة حديثة قام بها نيكولاس بلوم وفان رينين وستيفان بيندر وستيفاني والتر وديفيد كارد، حيث توصلوا إلى الدور البارز الذي يلعبه العامل البشري في هذا المضمار.

فقد عكف فريق الباحثين آنف الذكر على دراسة البيانات التي حصلوا عليها من استبيان شمل 361 مصنعاً متوسط الحجم في ألمانيا بين عامي 2004 و2009، وحاولوا ربط أداء الشركات بالبيانات التي تم تسجيلها حول العاملين فيها. ومع التسليم بالتركيبة المعقدة لكيفية حساب الباحثين لمعدل أداء العامل، فقد أجروا، من حيث المبدأ، عملية حسابية لتقدير مدى مساهمة مهارات وقدرات العامل في تحديد الأجور التي يكسبها، اعتماداً على التاريخ المهني لكل عامل مع مراعاة جودة الأجور التي تدفعها كل شركة مقارنة بنظيراتها في السوق.

“نحن ننظر إلى تأثير العامل أو الموظف باعتباره تعبيراً مباشراً عن قدراته وجودة أدائه، وهذا ما يخوله للمطالبة بأجر مرتفع أينما ذهب، بغض النظر عن السنة التي باشر فيها العمل”، بحسب فان رينين. إن المنطق الذي جرى اعتماده هو أنك إذا كنت قادراً على تحصيل أجر عالٍ بشكل ملحوظ مقارنة بزملائك في كل شركة تذهب إليها، فمن الأرجح أن ذلك مرده إلى قدراتك ومهاراتك التي تتميز بها عن الآخرين.

اقرأ أيضاً: تحديات مديرة شابة ونجاحاتها

وقد وجد الباحثون ترابطاً بين الإدارة الرشيدة وارتفاع معدل “جودة” العاملين في المؤسسة. كما اطلعوا على “جودة” العاملين الواقعين ضمن الربع الأفضل في الشركات من ناحية الأجور التي يتقاضونها، حيث يعتبر الباحثون هذه الفئة من الموظفين وسيطاً مباشراً إلى الإدارة العليا في أي شركة. ومع ذلك، فإن الترابط بين وجود مدارء أكفاء كان أكثر وضوحاً وقوة مع الإدارة الرشيدة منه في حالة العاملين المؤهلين.

وهذا لا يقلل من شأن العاملين في شيء، بل إن غنى الشركة بالعاملين من أصحاب المواهب والكفاءات له دور لا يمكن إنكاره في نجاحها وريادتها. لكن حين يكون الحديث عن الإدارة الرشيدة بالتحديد، فلا شك أن توظيف أفضل الكفاءات في المواقع القيادية له الوقع الأكبر والأثر الأبعد على مسار الشركة ومستقبلها.

العاملون الأكفاء والمدراء المتميزون

إذا جمعنا بين العاملين الأكفاء والمدراء المتميزين، استطعنا تفسير 25 إلى 50% من الصلة بين الإدارة الرشيدة والإنتاجية، بحسب المقياس السالف الذكر الذي ابتكره الباحثون. (من بين العوامل والمتغيرات الأخرى في هذه الدراسة: حجم الشركة وعمر الشركة والمجال الذي تعمل فيه ونسبة الإناث العاملات في الشركة من مجموع الموظفين).

أعيد وأكرر ما قلته سابقاً بأنني لا أتوقع لهذا الطرح أن يكون جديداً على قراء مجلة “هارفارد بزنس ريفيو”، لكن قيمة هذا الدليل تكمن في أنه يدعم ويعزز مكانة الإدارة (والمدراء) في الأدبيات الاقتصادية ويربط ربطاً مباشراً بينها وبين عواقب الشركات والصناعات، وحتى الاقتصادات. على الرغم من عجز الورقة البحثية عن إثبات علاقة سببية بين المدراء الأكفاء والإدارة الرشيدة، لكن الظاهر لنا أن الأمر كذلك. “أعتقد أن الأمر صحيح في الاتجاهين”، يعقّب فان رينين حول تلك العلاقة السببية التي يدور البحث حولها، ويوضح أن الشركات التي تدار بشكل رشيد هي في موقع يمكنها من جذب مدراء أكفاء، وأن “معظم المديرين المتميزين يقودون شركاتهم غالباً يقودون شركاتهم نحو تبني أفضل الممارسات في مجال عملها”.

وجدير بالذكر أن الباحثين وجدوا خصائص أخرى تتميز فيها الشركات ذات الإدارة الرشيدة. على سبيل المثال، فيما يخص نوعية الموظفين التي يتمتع بها هذا النوع من الشركات، فإن المسألة لا تقتصر على توظيف الكفاءات الأفضل وإنما تتعدى ذلك إلى العمل بجد على التخلص من الموظفين الأقل كفاءة.

إضافة إلى ذلك، تدفع هذه الشركات أجوراً أعلى للعاملين فيها، بما يتجاوز ما يتقاضاه من يماثلهم في الخبرة والأقدمية عند غيرهم من الشركات، فضلاً عن شيوع العدل وانحسار التمايز غير المبرر بين الموظفين.

اقرأ أيضاً: أسئلة القراء: كيف أجري محادثة مع موظف يشتكي منه الآخرون؟

“تعتمد الشركات ذات الإدارة الرشيدة على الأرجح على منهجيات عادلة تربط بين ما يتقاضاه الموظفون على اختلاف مراتبهم، حيث يساعد ذلك على تعزيز روح الفريق بين الأفراد وبناء ثقافة يمكن التعبير عنها بمقولة (كلنا في مركب واحد)”، بحسب فان رينين، مع التنبيه على عدم بروز هذه النتيجة بروزاً إحصائياً راجحاً في الدراسة التي أجراها هو وفريقه. ويضرب رينين مثلاً على ذلك: “إذا شاهد الموظفون الذين يشغلون المراتب الدنيا والوسطى ارتفاع رواتب التنفيذيين بشكل غير معقول مع بقاء أجورهم على حالها، فمن المرجح أن يترك هذا الأمر أثراً سيئاً على نفسية الموظفين وأدائهم”.

وفي نهاية الحديث عن أهمية توظيف مدراء أكْفاء، يتضح مما سبق أن الشركات الأكثر نجاحاً تتمتع بإدارة رشيدة لأنها تحرص على توظيف مدراء أكفاء من جهة عدا عن لجوئها إلى مختلف السبل للتخلص ممن تثبت عدم أهليته وانخفاض كفاءته في العمل من جهة أخرى. ويترافق توظيف هذه الفئة المتميزة من المدراء مع أجور وعلاوات تضع في الحسبان ما يقدمونه من قيمة عالية لشركاتهم، لكن دون التخلي عن باقي الموظفين وتركهم خارج دائرة المكافأة والتقدير.

اقرأ أيضاً: أسئلة القراء: كيف أصبح زميلاً ومديراً مميزاً رغم فارق السن بيني وبين فريق العمل؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .