إليكم هذه القصة التي تتحدث عن أساليب مواجهة النزاعات التي تحصل باستمرار. لم يستغرق الأمر بيني وبين زوجي سوى ثلاثة لقاءات حتى انتهى بنا المطاف إلى الزواج. وبعد مرور ثلاثة أسابيع على حفل الزفاف، حصل الشجار الأول بيننا. ولأنني أتفادى النزاع بأي ثمن، حملت أغراضي وهممت بمغادرة المنزل. عندئذ تبعني زوجي وقال لي: "عودي أدراجك ودعينا نجلس لنتحدث قليلاً. يوجد أمران يجب أن نتعلم ممارستهما، الأول هو أن نتشاجر، والثاني هو أن نتصالح". ونحن نمارس هذين الأمرين منذ 44 عاماً.
حالها حال الزواج الجيد، ترتبط القيادة الفعالة بطريقة تعاملكم مع المصاعب. لكن التعامل مع النزاعات وحلّها يتطلبان قدراً هائلاً من القوة الذهنية والعاطفية، وهذا ما يدفع العديد منا إلى تحاشيهما. وعندما تواجهنا مشكلة معينة أو نزاع ما، نحاول الابتعاد عنها (كأن نترك الساحة، أو نعتمد على الآخرين لحل الموضوع)، أو نواجه الأمر (بهدوء باستعمال قوة موقفنا من أجل الرد على الحجج المقابلة)، أو نمدّ يدنا إلى الطرف الآخر (نتظاهر باللطف أو نستسلم). وهذا أمر طبيعي، فنحن غريزياً، نرغب بتحاشي خطر الخسارة أو الإحراج الاجتماعي، والتشبث بوجهات نظرنا، والمحافظة على العلاقات.
اقرأ أيضاً: حضر فريقك للبدء بالعمل وإنهاء النزاعات
لكن هذه الاستراتيجيات الثلاث لها أساس خاطئ. عندما تفشلون في الانخراط ضمن نزاع معين،فلن تتمكنوا من جمع ما تحتاجونه من معطيات لتتوصلوا إلى حل قابل للنجاح. وهذا يؤذي صورتكم القيادية. لنأخذ مثالاً على ذلك، حالة سارة، رئيسة قسم المعلوماتية في شركة تكنولوجيا عالمية، والتي كانت وظيفتها تطوير تكنولوجيا جديدة للتواصل ضمن مؤسستها، ولكن عوضاً عن تقبّل الآراء النقدية لأفكارها، لجأت إلى تجاهل هذه الآراء. وعندما كان الناس يتحدّونها، كانت تعمد ببساطة إلى إعادة التأكيد على آرائها، ومن ثم تبتسم، وتومئ برأسها، وتنتقل إلى موضوع آخر كما لو أن القضية حلّت، تاركة الجميع في حالة من الإحباط. وبدأ زملاؤها وأعضاء فريقها يرون فيها شخصاً يتحاشى الدخول في النزاعات، ولم تعد تحظى بثقتهم.
اقرأ أيضاً: دراسة حالة: عندما يكره اثنان من كبار قادة الفريق بعضهما بعضاً
أبرز أساليب مواجهة النزاعات
يعتبر السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يمكن لشخص مثل سارة أن يتعلم التعامل مع الاختلاف في الرأي عوضاً عن تجنبه؟ من خلال خبرتي في العمل على تدريب المدراء التنفيذيين (ومن تجربتي الشخصية أيضاً)، طورت مجموعة من التقنيات المرتكزة على الحوار لمساعدة الآخرين.
حاولوا توضيح النزاع من خلال ذكر موقف كل طرف
على سبيل المثال، يمكنكم القول: "يبدو أنك تشير إلى أننا نحتاج فعلاً إلى التركيز على تقييم إيراداتنا الإجمالية قبل أن نمضي في استراتيجية جديدة للمعلوماتية. هل هذا صحيح؟" أو "يبدو أننا ننظر إلى مستويين مختلفين من الخطر. أخبرني المزيد عمّا تعتقد أنت أنه مشكلة".
استشيروا صديقاً أو زميلاً حيادياً
مناقشة المشكلة مع شخص آخر سيجعلها تبدو أصغر. كما أن التفاعل الاجتماعي سيضعكم في حالة ذهنية تعتمد على قدر أكبر من التعاون والتواصل.
ومن أساليب مواجهة النزاعات أيضاً: حاولوا إعادة صياغة الحديث، وغيّروا تركيزه، وبدّلوا وجهته
انظروا إلى النزاع على أنه نقطة انطلاق للتوصل إلى أرضية مشتركة. قولوا شيئاً من قبيل: "دعنا نترك هذا الأمر جانباً لوهلة، ونفكر في طريقة أخرى لمقاربة هذه القضية".
اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع الخلافات بين أعضاء فريقك؟
تملك جميع الشركات التي أعمل معها قوائم بمجموعة من السلوكات التي يحتاج إليها قادتها للبقاء في القمة من أجل معرفة أساليب مواجهة النزاعات التي قد تحصل. ومن أهمها: الشجاعة والمرونة وسرعة الاستجابة في مواجهة التغيير. وما من شك في أن القدرة على إدارة النزاع هي جزء لا يتجزأ من هذه التقنيات الثلاث. لذلك، في المرة القادمة التي تواجهكم فيها أوضاع تتصلب فيها المواقف، وتبدو الاختلافات حتمية، لا تتجنّبوها، بل ادخلوا في حوار مع الشخص المعني وتصدوا للنزاع مباشرة.
اقرأ أيضاً: إدارة الاختلافات: التحدي الأبرز في الاستراتيجية العالمية