نعلم جميعاً ما هي المهام التي ينبغي أن يؤديها أعضاء مجلس الإدارة الجيدون، وهي تقديم المشورة الاستراتيجية، وحماية مصالح المساهمين، وتقليل المخاطر. لكن، وبسبب الشعور بعدم الارتياح أو القلق أو عدم الثقة، فإنّ أعضاء مجلس الإدارة يتجاوزون الرئيس التنفيذي في بعض الأحيان، ويدخلون في عمق عمل الشركة، بغرض الحصول على المعلومات/ أو للتأثير على أصحاب المصلحة، ما قد يضع كبار المسؤولين التنفيذيين في موقف صعب للغاية. خلال عملي لمدة 25 عاماً في مجال تقديم المشورة إلى المجالس والإدارة العليا، رأيت هذا النوع من التدخل عدة مرات، إليكم فيما يلي خمس استراتيجيات لتحصين شركتك من عواقبه.
فهم كيفية عمل مجلس الإدارة في المرحلة التي تنتمي إليها شركتك. قد تشعر أنّ أعضاء مجلس الإدارة ينخرطون في أعمال غير ملائمة لدورهم، ذلك بناء على تجربتك السابقة، إلا أنه من المفيد اتخاذ خطوة إلى الوراء وتقييم المرحلة التي تنتمي إليها شركتك في دورة حياتها، إذ إنّ أعضاء مجلس الإدارة الذين يتصرفون على نحو يخالف توقعك، لا يفعلون أي أمر خاطئ بالضرورة. على سبيل المثال، تخيل أنّ إحدى الشركات الناشئة في مرحلة عملها المبكرة تبحث عن أعضاء مجلس الإدارة للاستثمار ومساعدة الفريق على البدء، فإنّ المشاركة في هذه الحالة لا يُعتبر تدخلاً، بل ضرورة. بمجرد أن تبدأ الشركة في العمل، ينبغي على أعضاء مجلس الإدارة التنحي جانباً عن أداء دور الإدارة المباشرة، إذ تحتاج الشركات الكبرى من مجالس الإدارة في مرحلة النضوج إلى الوفاء بالتزاماتها القانونية وأداء مهام الرقابة والتوجيه الاستراتيجي، دون إصدار أوامر إلى المسؤولين التنفيذيين. لذا، إذا كان أعضاء مجلس الإدارة يمارسون الإدارة المباشرة بصورة مفرطة في هذه المرحلة، فقد يكون ذلك مدعاة للقلق.
تجنب المحادثات السرية مع أعضاء مجلس الإدارة. في البداية، قد تغريك دعوة أحد أعضاء مجلس الإدارة، واقتراح عقد اجتماع خاص دون الرجوع إلى الرئيس التنفيذي، وربما يكون هناك سبب مشروع لأن يطلب شخص ما الخصوصية. بيد أنه، باستثناء حالات نادرة، إذ يكون هنالك مخاوف جمة تجاه كبار القادة، فإنّ إخفاء سر عنهم هي فكرة سيئة للغاية، ومن المرجح أن يُكتشف الأمر فيما بعد. بالتالي، إذا طلب منك أحد أعضاء مجلس الإدارة إجراء محادثات سرية، فمن الأفضل تدارك الأمر مبكراً. فإجابته بشيء من قبيل "بالتأكيد، لكن دعنا نجتمع مع الرئيس التنفيذي لمناقشة ما لديك من أفكار" تُعتبر رسالة واضحة. أما إذا كانت هناك حاجة ملحة للخصوصية، فيمكن لعضو مجلس الإدارة توضيح السبب.
لا تكرر الاتهامات غير المدعّمة بالأدلة. قد تعتقد أنّ المحادثة مع أحد أعضاء مجلس الإدارة سوف تمر دون أن يعلم بها أحد غيركما، لكن هذه الأمور تأخذ مسارها للانتشار من تلقاء نفسها. قبل عدة سنوات، اجتمع معي أعضاء مجلس إدارة إحدى الشركات التي كنت أعمل معها بسبب أزمة في غضون 24 ساعة من فصل الرئيس التنفيذي، لأنّ أحد أعضاء المجلس كرّر الاتهام بأنّ الرئيس التنفيذي كان يسرق، مدفوعاً بمحادثة تخمينية مع مسؤول تنفيذي آخر. تبين أنّ تلك الشائعة كانت خاطئة، لكنها تسببت في حدوث أزمة. فإذا كانت لديك أي مخاوف، تأكد من وجود دليل واضح بين يديك قبل طرحها على مجلس الإدارة، خلافاً لذلك، يمكِن أن تُلحق الضرر بشركتك وبسمعتك على حد سواء.
إعادة توجيه المحادثة نحو القضايا الاستراتيجية. قد تجد نفسك في بعض الأحيان في موقف يستجوبك فيه أحد أعضاء مجلس الإدارة، بغض النظر عن مدى محاولتك تجنب هذا. وربما تجد نفسك ميالاً لأن تحاول الحد من مخاوفه عبر الغوص بالتفاصيل، لكن إلا أن هذا من شأنه أن يعزز ديناميكية غير منتجة، بدلاً من ذلك، تستطيع إعادة توجيه المحادثة بقول أحد هذه الأمور، أو أكثر
- "أولاً، دعنا نؤكد أهدافنا".
- "هل هناك أمر نفعله لا يتماشى مع خطتنا؟".
- "ما الذي يجب أن يسير في طريق مختلف؟".
- "ما هي مؤشرات التقدم الناجعة أكثر؟".
- "ما المعلومات التي تحتاجها ولا تتوفر لديك؟".
تُوجه هذه الأسئلة نحو ما ينبغي فعله، ونحو المعلومات التي يحتاجها مجلس الإدارة لأداء واجباته، كما أنها تحفز إجراء محادثة صادقة حول ما يمكن تحسينه. وإذا تعذرت معالجة مخاوف أعضاء مجلس الإدارة، فإنّ ذلك سوف يتضح بسرعة.
لا تدع أعضاء مجلس الإدارة يعزفون على وتر شفافيتك في العمل. أحد أكثر التصريحات إثارة للقلق، التي يمكن أن يقدمها أعضاء مجلس الإدارة لكبير المسؤولين التنفيذيين هي: "أنت لست شفافاً". إذا ما وجّه أحدهم هذا الاتهام إليك، يمكنك الرد على النحو التالي "قُل لي من فضلك ما الذي يقلقك، أنت تتهمني بإخفاء أمر، ما يضعني في موقف اضطر فيه إلى الدفاع عن نفسي. قد أكون مفيداً لك أكثر إذا أخبرتني ما الذي تحتاج إلى معرفته بالتحديد".
في حال جربت جميع الاستراتيجيات المذكورة أعلاه واستمر أعضاء مجلس الإدارة في التدخل، فربما تكون في وضع خطير. وعندما تكون سياسات المجلس بهذا السوء، من الأفضل وضع خطة للخروج من المأزق حتى لو لم تتضرر بعد. بيد أنه في الغالبية العظمى من الحالات، سيتيح لك اتباع هذه النصائح انتشال نفسك من تدخل مجلس الإدارة غير الملائم، حتى تتمكن من المضي قدماً في عملك.