كيف تدافع عن نقاط قوتك؟

3 دقائق
الدفاع عن نقاط القوة

كان حسام يغضب كثيراً من إضاعة الوقت على مشاريع غير مهمة. فهو قائد بارع تميز في كل عمل قاده، كما أن موظفيه مخلصون له وأصبحوا قادة أقوياء بسرعة بفضل توجيهه لهم. كان يجيد عمله بشكل استثنائي، لذلك، تُعتبر إضاعة الوقت بالنسبة له أمراً مزعجاً جداً.

لا يعتمد نجاح حسام على أنه صاحب كفاءة عالية، ليس تماماً. بل هو ناجح لأن هذا النجاح هو هدفه.

يبرع حسام بشكل غير عادي في إيجاد الفرص. إذ يلاحظ الفرص الفريدة التي تحقق لشركته ربحاً كبيراً أو تفوقاً استراتيجياً ويتابعها باستمرار.

إن قضاء وقت بعيداً عن موهبته يضرّ حسام من ناحيتين: الأولى تتعلق بما يفعله، فهو مجبر على قضاء وقت في أمر لا يجيده فعلاً. أما الناحية الثانية، فتتعلق بما لا يفعله، وهو البحث عن الفرصة الفريدة لتحقيق ربح كبير أو تفوق استراتيجي، حيث إن هذه الفرص قليلة ويمكن إضاعتها بسهولة. لذلك، يشعر بالامتنان لامتلاكه نظرة مميزة عندما يبحث عنها، ولكنه يخشى أن يفقد هذه الرؤية إذا تشتت انتباهه.

أعمل مع كثير من الرؤساء التنفيذيين بالإضافة إلى أفراد من فرق القيادة التابعة لهم. وبحسب خبرتي لا يُعتبر حسام حالة استثنائية، بل هو القاعدة. فمعظم القادة، بل معظم الناجحين، ينجحون بفضل مهارات قليلة جداً ولكنها غاية في الأهمية. ربما نجيد كثيراً من الأمور، لكننا نبرع حقاً في أمر أو اثنين فقط. واستلام منصب رئيس تنفيذي لا يغير ذلك.

لهذا السبب، حال حسام كحال الكثير منا، لديه حساسية مفرطة تكاد تتحول إلى حالة ذعر من الانشغال بأعمال خارج نطاق نقطة قوته. ويجب أن يكون لدينا جميعاً هذا الخوف وإلا سننجرف إلى الأداء الرديء غير المفيد لنا ولا لشركاتنا.

لديك مواهب تجعلك شخصاً استثنائياً، ولكن إذا تشتت انتباهك، حتى لو كان ذلك بأمر من مجلس المدراء، ستندمون جميعاً على ذلك.

إذاً، هل يمكنك تجنب التشتيت؟

اقرأ أيضاً: كيف تميز شخصيتك وتحدد نقاط قوتك من خلال الصدمة الإيجابية؟

تعرّف على ما يجعلك استثنائياً.

يتحدث كتابي "18 دقيقة" (18 Minutes) عن إدارةالوقت. ولكن يركز النصف الأول من الكتاب على إيجاد نقطة قوتك. لأن إدارة الوقت لا تتعلق في المقام الأول بحسن استثمار الدقائق، بل بحسن استثمارك لنفسك. وذلك يعني قضاء معظم وقتك فيما يقع ضمن نقطة قوتك الواقعة عند تقاطع الأمور التي تعرفها والتي لا تعرفها وأوجه اختلافاتك وشغفك معاً.

استطاع حسام تحقيق ذلك، إذ يعرف ما يميزه. وربما كنت أنت أيضاً تُدرك ما يميزك سواء اعترفت بذلك أمام الآخرين أم لا. ولكن الناس يميلون إلى التهرب من نقاط قوتهم لأنهم يعتبرون الإقرار بها غروراً كما يعتبرون الدفاع عن نقاط القوة وكشفها ضعفاً والتميز عن الآخرين خطراً والتركيز على شغفهم تساهلاً. إلا أن التهرب مما يميزك لن يساعدك أنت ولا من يعملون معك، بل عليك عوضاً عن ذلك تحديد نقطة قوتك بوضوح والعمل وفقها.

حاول حماية وقتك

يحرص حسام على قضاء غالبية وقته في استثمار مهاراته القليلة بصورة جيدة. للأسف قليلاً ما نرى من يفعل ذلك. خضع أكثر من 22 ألف شخص لاختبار التشتيت الذي أجريته عبر موقعي الخاص على الإنترنت، وكان 73% منهم يوافقون ويؤكدون أنهم لا يقضون وقتاً كافياً للعمل وفق نقاط قوتهم ولا يؤدون الأعمال التي يجيدونها ويستمتعون بها أكثر من أي شيء آخر.

يمكن اعتبار ذلك هدراً كبيراً للوقت والمواهب. فالقادة العظماء يحافظون على تركيزهم، ونعتقد أنهم يحتاجون إلى إتقان مجموعة واسعة من المهمات والسياسات من أجل قيادة أقسام كبيرة من المؤسسة، ولكن الواقع ليس كذلك. إذ إن نجاحهم غالباً ما يكون مرتبطاً بأداء أشياء قليلة جداً بمهارة تكون استثنائية لدى أكثرهم تميزاً. إنهم يعملون على الدفاع عن نقاط القوة الخاصة بهم عن طريق التأكيد على منح القادة الآخرين في المجالات المختلفة أدواراً قيادية خاصة بهم ليتمكن كل منهم من استثمار مواهبه الاستثنائية القليلة.

عندما طلب حسام مشورتي، أخبرته أن يفعل كل ما بوسعه للتخلص من تلك المشاريع التي تبعده عن نقاط قوته.

قلت له: "تذكر أن إيجاد الفرص التي ستحقق ربحاً كبيراً أو تفوقاً استراتيجياً هي بصمتك المميزة. هذا ما يجعلك أحد الأصول القيّمة لدى شركتك. ومن الواضح أن المشروع الذي يبعدك عما يميزك مضيعة لوقتك أنت، حتى لو لم يكن مضيعة للوقت بشكل عام".

*تم تغيير الاسم

اقرأ أيضاً: 10 مقالات عن كيفية بناء نقاط قوتك.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي