العلامة التجارية القوية لتيسلا تمنحها إمكانيات غير عادية للتوسع

4 دقائق

تدور الضجة التي أثيرت حول نتائج الربع الأخير لشركة تيسلا -في معظمها- حول خسارة الشركة لحوالي 700 مليون دولار، كما يدور بعضها حول فكرة سيارة الأجرة ذاتية القيادة التي تبدو جنونية وجامحة إلى حدّ ما. يستشعر المستثمر المقترض ضعف الشركة الذي استجدّ مع هبوط أسهمها بنسبة تزيد على 20% في عام 2019. إلا أن الجميع لم ينتبهوا إلى إعلان إيلون ماسك، مؤسس الشركة ورئيسها التنفيذي، أنّ تيسلا ستقدم "منتجاً جذاباً للتأمين على السيارات" خلال شهر.

قد يبدو التأمين على السيارات أمراً آخر ملهياً ومشتتاً لشركة يتعين عليها التركيز على عملها الأساسي. ولكن، ماذا لو كان هذا التأمين يعزز مسارها نحو الربحية، ويمثل الخطوة الأول لدخول علامة تجارية كبيرة وقوية في هذه المجاوَرة التي تمهد الطريق لرؤى إيلون ماسك العظيمة؟.

لقد وجدت خلال مساعدتي للكثير من العملاء في بناء علامات كبيرة تبلغ قيمتها عدة مليارات من الدولارات، أنّ ثمة العديد من عوامل النجاح الحاسمة.

يجب عليك أولاً اختيار مجال المجاورة الأولى المناسب للدخول إليه. الخطوة الأولى هي الأصعب، فأنت تريد سوق مجاوَرة تمتلك نموذجاً مشابهاً جداً لاستراتيجية الذهاب إلى السوق (go-to-market model)، أو يكون فيها شريك يتولى القيام بالأعمال الصعبة بدلاً منك. تقوم تيسلا بالأمر الثاني من خلال الشراكة مع وحدة تابعة لشركة ماركل (Markel) المتخصصة في تقديم خدمات التأمين.

وينبغي ثانياً أن تمتلك أول سوق مجاورة مزايا اقتصادية جذابة تُقاس بالجوانب المالية الكامنة في السوق نفسها، وتعتمد أيضاً على كيفية تحسين المزايا الاقتصادية للعمل الأساسي. في حالة تيسلا، يرتدي العنصر الأخير أهميّة خاصة، لأنّ جزءاً من السبب الذي يدفع المستهلكين لشراء السيارات الكهربائية يتمثل في توفير المال وادّخاره من خلال عدم شراء الغاز. ومع ذلك ، فإنّ تلك المبالغ التي خفّضت لمصلحة المستهلكين تعوضها تكاليف تأمين سيارة تيسلا، وهي من بين أغلى أسعار التأمين في قطاع السيارات. ولهذا، إذا كان باستطاعة تيسلا خفض سعر تأمينها، فسيكون من شأن ذلك أن يجعل من امتلاك سيارة تيسلا أمراً أكثر جاذبية، ويزيد من مبيعات السيارات التي تمثل مجال عملها الأساسي.

إنّ تحوّل تيسلا إلى وكيل تأمين سيارات لزبائنها سيحقق عائدات استثمار مغرية بحدّ ذاتها. إذ يحصل الوكلاء في العادة على عمولة بنسبة 10% أو 15% على أقساط السنة الأولى، ثم على 2% إلى 5% على الأقساط المتكررة. يُعتَبر تأمين سيارات تيسلا مكلفاً ومرتفعاً، حيث يكلف حوالي 2,000 إلى 3,000 دولار كل عام. وقد كان متوسط سعر المبيعات من الطراز الثالث (Model 3) قد بلغ 57,000 دولار، وقالت تيسلا إنّ الهامش الإجمالي لهذا الطراز هو 20%، أو 11,400 دولار. وبافتراض أنّ المتوسط المرجح لتكلفة رأس المال هو 7%، فإنّ صافي القيمة الحالية لعمولات التأمين على السيارات يساوي 660 دولاراً. يعادل ذلك 120 نقطة أساس لهامش طراز تيسلا الثالث ببساطة من خلال تعزيز علامتها لبيع تأمين السيارات، وأخذ الدخل العائد من العمولة، ثم تمرير بوليصة التأمين إلى إحدى شركات التأمين لاستيفائها.

إذا نجحت تيسلا في تأمين السيارات، فأين يمكن أن تتوجه لاحقاً؟ وفقاً لوكالة إس آند بي جلوبال ماركت إنتيليجنس للتصنيفات الائتمانية (S&P Global Market Intelligence)، بلغت أقساط تأمين السيارات 246 مليار دولار، ولكنّ التأمين على الحياة يصل إلى حوالي ثلاثة أضعاف حجم تأمين السيارات. قد تسخر من فكرة التأمين على الحياة من تيسلا، ولكنهم إن عرفوا كلمة السر في مجال تأمين السيارات، فهل من الصعب حقاً أن تتخيل أن تقدّم تيسلا خدمة التأمين على الحياة؟ في عام 2017، حققت شركة جربر (Gerber) لأغذية الأطفال 900 مليون دولار من أقساط التأمين على الحياة، وهذا يساوي 75% من حجم عملها الأساسي في أغذية الأطفال. التأمين على الحياة في الولايات المتحدة هو تصنيف بحجم 700 مليار دولار، بعمولة ابتدائية بنسبة 40% إلى 100% على أقساط السنة الأولى. يتراوح متوسط أعمار مالكي سيارات تيسلا بين 46 عاماً (طراز 3) و54 عاماً (طراز إس). ويبلغ متوسط قسط التأمين على الحياة سنوياً حوالي 1,100 دولار لشخص غير مدخن في الخمسين من عمره. فإذا افترضنا أنّ العمولة كانت 70%، فذلك سيضيف 770 دولاراً أخرى من الدخل العائد من العمولة إلى تيسلا، أو 135 نقطة أساس أخرى من الهامش على طراز تيسلا الثالث.

يمكن لتيسلا أن تقوم بزيادة افتراضية للهامش الإجمالي للطراز الثالث من 20% إلى 22% على عمولات تأمين السيارات والتأمين على الحياة فقط. قال كارل ستارك، الرئيس التنفيذي لشركة إيلاجي (Elagy) (شركة تأمين رقمي): "تعترف شركات تأمين كثيرة بأنها تحتاج إلى كسب الزبائن وأنها ستكون سعيدة للغاية لو قامت تيسلا بإحضار عملاء محتملين لها مع مبيعات يمكنها تحقيقها. وهذا لن يكون امتداداً على الإطلاق".

إنّ العامل النهائي الحاسم للنجاح يكمن في تجنب الكثير من امتدادات العلامات التجارية الكبيرة والتوسع في ملحقاتها. فعلامتك الكبيرة هي بنفس قوة أضعف فئاتها. ووجود الكثير من التوسعات والامتدادات يضيف الكثير من التعقيدات التنظيمية. سيارات الأجرة الروبوتية مذهلة، ولكن هل يرغب مالكو سيارات تيسلا بأن يتجول غرباء في سياراتهم لكسب بعض النقود؟ ربما يرغب البعض في ذلك، ولكنني أشك في أن يكون الطلب أعلى من نسبة مالكي سيارات تيسلا الذين يملكون تأميناً على الحياة، وهو أقل بلا شك من نسبة المالكين الذين يملكون تأميناً إلزامياً على السيارات.

وبالتأكيد، فإنّ عالم المال ليس جذاباً مثل التكنولوجيا والقيادة الذاتية. وعلى أية حال، فإنّ استراتيجيات العلامات التجارية الكبيرة بحاجة إلى هالة وبعض صخب التكنولوجيات الجديدة، إضافة إلى ذكر فئة التريليون دولار، حتى تستطيع أن تكون مميزاً بين الكبار. تمتلك تيسلا بالفعل أكثر من 800 مليون دولار من الإيداعات للسيارات المستقبلية. وتمتلك ستاربكس 1.2 مليار دولار من النقود المودعة في تطبيقها لبرنامج مكافآت لا بأس به. كم المبلغ الذي تستطيع تيسلا جمعه من الإيداعات لو عرضت فائدة أكثر بقليل على حساب تيسلا الجاري؟ وماذا إذا استطاعت تيسلا إقامة منصات التمويل بالدَّين مثل ييلد ستريت (Yieldstreet) من مستهلكي التجزئة أو من المتحمسين المحبين لتيسلا؟.

قد يعني ذلك أنّ تيسلا ستكون أقل اعتماداً على وول ستريت في زيادة رأس المال لتمويل أعمالها الأساسية كسيارات الأجرة الروبوتية أو أي شيء آخر يطمح إليه إيلون ماسك. يسمح لك امتلاك علامة كبيرة ناجحة بأن تلعب مع الكبار، بينما يتلهى الآخرون بألعاب صغيرة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي