توقف عن القلق إزاء سعي الشركة إلى تحقيق مكاسب سريعة

3 دقائق

على خلاف بعض الادعاءات في الثقافة الشعبية، لا تعتبر مجالس الإدارة، وكبار المسؤولين التنفيذيين بحد ذاتهم عديمي الرحمة ومنغلقين اجتماعياً. وبينما يمكن للطريق الرأسمالي أن يفعل ذلك مع بعض التحديثات، فتقريباً جميع الشركات صانعة القرار التي تعاملت شركتي معها تعتبر شركات مسؤولة، وليست مستهترة.

وهذا صحيح، لا سيما عندما يتعلق الأمر بمدى موازنة الشركات العامة بين مبادئ القيمة على المدى الطويل، ومبادئ الأداء على المدى القصير. ومن ناحية عملية، داخل معظم المؤسسات في معظم الأوقات تُعبر فكرة تعارض هذه المبادئ الأساسية عن ازدواجية زائفة. نعم، ثمة مخاوف مشروعة من فشل بعض الشركات في إيجاد توازن ملائم. ولكن البيانات التجريبية تدعم الفكرة القائلة إنّ المتطلبات التي تترتب على الطرح للتداول العام لم تتسبب فعلياً بعرقلة مخصصات رأس المال الموجهة نحو تحسين الأداء على المدى الطويل.

ويُشير تحليل أجري مؤخراً، إلى أنّ الشركات المطروحة أسهمها للتداول العام أكثر ميلاً بشكل واضح إلى المدى الطويل مقارنة بما ظنه المؤيدون لما تسمى بـ "فرضية قصر النظر" (myopia hypothesis). في العام الماضي، نشر خبراء اقتصاد على علاقة بمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي دراسة حول بيانات مصلحة الضرائب من عام 2004 حتى 2015، أشارت الدراسة إلى أنّ الشركات المطروحة أسهمها للتداول العام استثمرت فعلياً في البحث والتطوير بزيادة بنسبة 48.1% مقارنة بنظيراتها من الشركات المملوكة للقطاع الخاص. وفضلاً عن ذلك، أفاد باحثو البنك الاحتياطي الفيدرالي أنّ نسبة البحث والتطوير مقابل الأصول المادية ارتفعت بنسبة 34.5% عندما طرحت الشركات الخاصة أسهمها للتداول العام. (وعلاوة على ذلك، فبالمتوسط تذهب المخصصات في الاتجاه المعاكس عند خصخصة شركة عامة).

ويخلص الباحثون إلى أنه "ليس من السهل أن تقوم الشركات العامة باستثمارات أكثر ارتباطاً بقاعدة أصولها، وبالتالي تتفوق على استثمارات الشركات الخاصة. وهي توجّه حصة أكبر من محفظتها الاستثمارية نحو أصول طويلة الأجل".

تشجع البيئة التنظيمية بشكل كبير على هذه التصرفات. في الولايات المتحدة، تفرض قوانين الشركات على مجالس الإدارة العمل لصالح المساهمين باهتمام وإخلاص (دون تضارب المصالح). وفي هذه الأثناء تفرض القوانين الاتحادية المتعلقة بالأوراق المالية على قادة الشركات قول الحقيقة، وعدم استغلال معرفتهم الداخلية. وبصورة عامة، تكافئ السوق الشركات التي تكرّس نفسها في الوقت ذاته لخلق القيمة على المدى الطويل والأداء على المدى القصير. ويتجنب قادة الشركات هذه الضرورة المزدوجة على مسؤوليتهم.

وإذا كانت بعض الأطراف الفاعلة تمتلك رؤية محدودة، سيكون لاقتراحات من قبيل إفشال التقارير الفصلية أو التوجيهات بشأن الأرباح، أثر قليل رغم أنها تثير الإعجاب. لماذا؟ لأنّ المحليين سينشرون تنبؤاتهم الخاصة، وسيظل لدى قادة الشركات رغبة في تحقيق ما هو أفضل منها. (والفارق الوحيد الذي سيُحدثه مثل ذلك التغيير هو أنه سيقل احتمال مشاركة قادة الشركات في الأضرار التي تلحقها الشركات بنفسها نتيجة المبالغة في الوعود وانخفاض مستوى الإنجاز).

بعبارة أخرى، رغم أنّ الهدف الأساسي لهذه الإصلاحات يستحق الثناء، إلا أنها ستتسبب في تحول هامشي، في أفضل أحوالها. وفي الحقيقة، فقد يؤدي الغموض المصاحب لها إلى تقلبات أكثر.

لذا دعنا نقبل بأنّ الالتزامات التي فرضتها الشركات وقوانين الأوراق المالية، بصفة رئيسة، تكافئ السلوك الجيد وتردع السلوك السيئ. وهذا خلق بيئة جذابة للاستثمار والابتكار. رأس المال مسؤول إلى حد كبير بالفعل.

ولكن، بينما يضع معظم قادة الشركات الذين نتعامل معهم استراتيجيات للتخطيط على المدى البعيد، ويبذلون أفضل ما بوسعهم للالتزام بها، يمكن القيام بما هو أكثر من ذلك لتشجيع جميع المساهمين على وضع صحة الشركة على المدى الطويل على رأس الأولويات. وإليك بعض الاقتراحات:

قم بتعطيل الناشطين. غالباً ما يكون المساهمون الناشطون مشاركين فاعلين في تحقيق مكاسب سريعة. ولكن يمكن للهيئات الرقابية أن تستعين بجهات قوية على هذا الصعيد. نحن نحث الهيئات الرقابية في الولايات المتحدة باعتماد شيء أشبه بـ "قانون الإشراف" المقترح في المملكة المتحدة، والذي يخص المدراء الصناديق والمؤسسات الاستثمارية. ويتعين أن يكون مثل هذا الاعتماد في إطار إصلاحات الأنشطة التي تُجريها هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، مثل طلب شفافية أكبر من الشركات التي تُكدّس الملكية كمقدِّمة للنشاط.

كافئ المستثمرين على المدى الطويل. يستطيع المشرِّعون ترتيب معدلات الضريبة المفروضة على أرباح رأس المال لمكافأة المساهمين على المدى الطويل. وغالباً ما يُكافئ النظام الحالي "تداول الأوراق المالية" بدلاً من "امتلاك الشركات". وبموازاة ذلك، دعنا نُقنع مدراء الأصول بدعم التجديد في مجالس الإدارة المتعثرة أو الحفاظ عليها لزيادة ثبات القيادة التي قد يكون من السهل جداً التخلص منها. ومن شأن هذه التعديلات أن تعزز هيكلية تحفيزية معتدلة، عندما يتعلق الأمر بمراقبة الساعات التشغيلية والتقويمات الاستراتيجية.
وائم التعويضات على المدى الطويل. يتعين على المستثمرين دعم التعويضات التنفيذية المرتبطة بأنواع الأهداف المشار إليها أعلاه، وضع خطط استراتيجية، وتوضيح هذه الخطط للمساهمين، ووضع الأهداف بناءً على الأداء، وخلق القيمة على المدى الطويل. وبالمثل في هذا الصدد، يتعين أن يكون استحقاق الأسهم بطيئاً بشكل عام. ومن المهم مناقشة فيما إذا كان يلزم مطالبة المسؤولين التنفيذيين بالاحتفاظ بحصصهم لفترة من الوقت بعد عمليات إعادة شراء الأسهم.

وأخيراً، من الضروري الاستمرار بإبلاغ المساهمين بذلك كله من أجل تبديد المفهوم الخاطئ حول الأولويات التنفيذية. وتستطيع الشركات تأسيس لجان دائمة للاتصال، يجتمع فيها موظفون وزبائن وأفراد المجتمع المعنيين. يمكن لهذه المجموعات تحديد العوامل الدخيلة، مثل المخاوف المتعلقة بالسلامة أو رضا الموظفين، والتي قد لا تظهر على بيان الأرباح والخسائر. يجب أن تكون مثل هذه الترتيبات مستمرة ومتكررة، وتشترك فيها دائرة العلاقات مع المستثمرين (والرئيس التنفيذي للشؤون المالية أيضاً) بشكل مباشر، لتكون فعّالة. وبموازاة ذلك، تستفيد الشركات كثيراً من تخصيص وقت، خلال مكالمات الأرباح، لمشاركة هذه الاستراتيجيات طويلة الأمد، إضافة إلى هدف الشركة الشامل وترتيبات الحوكمة.
الحلول في إطار البحث عن المشاكل ليست الإجابة. الشفافية هي الإجابة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي