هل يمكن أن تدير فريقاً يضم عدداً كبيراً من الأذكياء؟ وكيف يمكنك إدارة فريق من المواهب؟
يقول ديفيد بروكس، كاتب عمود في صحيفة "نيويورك تايمز" (The New York Times)، متحدثاً عام 2009 إلى برنامج "تشارلي روز" على شبكة "بي بي إس" (PBS) الأميركية: "أحياناً يُحدث وجود عدد كبير من العباقرة مشكلة". لاحظ بروكس أن بعض الصعوبات التي واجهتها إدارة "باراك أوباما" (Barack Obama) في بداية عهدها على صعيدي الفريقين الاقتصادي والسياسة الخارجية، كان سببها كثرة أعداد الموظفين الأذكياء، وعلى الرغم من استخدام بوركس لفظ "العقول"، فإنه لم يكن يتحدث عن الذكاء فحسب، وإنما عن الموظفين أصحاب الإرادة القوية أيضاً، إذ إنهم الأكثر ميلاً إلى الإيمان بقوة أفكارهم الخاصة، وليس بأفكار زملائهم.
كيفية إدارة فريق من المواهب
يعرف كل مدرب ناجح أن فرق النجوم لا تنجح إلا إذا كان بعض هؤلاء النجوم على استعداد لتوجيه مواهبهم الهائلة نحو التميز الجماعي بدلاً من التميز الفردي. يعد فريق "سان أنتونيو سبرز" (San Antonio Spurs)، بطل الدوري الأميركي لكرة السلة أربع مرات، مثالاً ممتازاً لنجوم يدمجون الاعتداد بالنفس مع الموهبة للفوز ببطولات جماعية بدلاً من النجومية الفردية، وقد نجح مدربهم غريغ بوبوفيتش (Greg Popovich)، في تشجيع النجوم وبقية اللاعبين على الاندماج كفريق واحد للفوز ببطولات دوري كرة السلة.
اقرأ أيضاً: أسئلة القراء: كيف أدير فريقاً تقنياً دون أن أُمنح سلطة رسمية؟
أي قائد يتمتع بهذه المجموعة من الأشخاص الموهوبين هو بلا شك قائد محظوظ، لكن ما لم يجد طريقة لتوحيد فريقه حول أهداف مشتركة، فسيصبح الفريق غير فعال.
تحقيقاً لهذه الغاية، إليك بعض الاقتراحات:
حدد أهدافاً كبيرة
لا شيء يحفز الموهبة أكثر من وجود هدف كبير، يفضل الموهوبون التصدي للمشكلات الكبيرة، وكلما زادت صعوبة العائق الذي يواجهونه، زاد حماسهم ومشاركتهم. لذا ضع الهدف أمام الفريق، واسألهم عن كيفية حله، ثم تحداهم لينفذوه. الأهداف الكبيرة شائعة في قطاعات التصميم والهندسة والأبحاث، فالابتكار يغذي حماسهم.
ادمج الأذكياء معاً
يحب الأذكياء الوجود برفقة أذكياء آخرين مثلهم، فهم يستمتعون بصفة خاصة بإثبات تفوق ذكائهم على الآخرين، لذا استغل هذا الغرور لمصلحة الفريق. إن التنافس على الموارد الشحيحة مثل التمويل والأيدي العاملة سيجعلهم على أهبة الاستعداد طوال الوقت. عامل الجميع بإنصاف، لكن ليس بالضرورة على قدم المساواة، بمعنى أنه كلما حقق أحدهم إنجازات أكثر، زاد التكريم الذي يحصل عليه.
اقرأ أيضاً: إلى المدراء الجدد: لا تحاولوا إنجاز عمل فريقكم نيابةً عنه
ضع أهداف الفريق في المقام الأول. احرص أن يكون التنافس بهدف تحقيق الإنجازات، وليس لأهداف شخصية. وخذ بعين الاعتبار أن جرح الكبرياء لن يضر، بعكس المشاعر المجروحة، لذا تأكد من استمرار شعور الجميع بروح الفريق.
على الرغم من ذلك، قد تحتاج أحياناً أن تطلب من أحد نجوم الفريق المغادرة، ليس لأنه ساخط أو لأنه يسبب المتاعب، وإنما لأنه بحاجة إلى نقلة أكبر تخدم صالح المؤسسة وصالحه هو أيضاً.
قد تحتاج مثل هذه المواهب الانتقال إلى منصب إداري يستطيعون فيه تعلّم بناء فِرقهم الخاصة والحفاظ عليها، أو ربما تكون هناك نية لتعيينهم في الإدارة العليا ويلزمهم قضاء بعض الوقت في بداية حياتهم المهنية كمساعدين للقادة الكبار. يقوم الجيش دائماً بتكليف الضباط الصغار الواعدين بالعمل كمساعدين لقادة القوات الكبار، وقد استفاد دوايت أيزنهاور (Dwight Eisenhower)، وكولن باول (Colin Powell)، وديفيد بتريوس (David Petraeus)، –على سبيل المثال لا الحصر– من العمل في هذه المنظومة، كما عمل باول ملحقاً عسكرياً لوزير الدفاع الأميركي كاسبر واينبرغر (Caspar Weinberger)، خلال عهد الرئيس الأسبق رونالد ريغان (Ronald Reagan).
يعتبر النجاح في إدارة فريق من المواهب وحث أعضاء الفريق على التعاون والعمل معاً، فناً أكثر منه علماً، وامتلاك فريق يضم بصفة خاصة أفراداً موهوبين قد يكون نعمة كبيرة بالنسبة لأي مدير، لكن ما لم يستطع تسخير هؤلاء الأفراد للعمل بروح الجماعة، فستتحول هذه النعمة إلى نقمة، إذ قد يظل أفراد الفريق كالماس الخام غير المصقول –خشناً وغير لامع– بدلاً من أن يتألقوا كالجواهر في تاج فريد.
اقرأ أيضاً: