لماذا لا نطلب تمديد الموعد النهائي في حالة الضرورة؟

5 دقائق

تعتبر المواعيد النهائية أحد أكبر مصادر التوتر في بيئات العمل، مع أن الكثير منها يتسم في الوقت نفسه بالمرونة: فقد يطلب منك مديرك -مثلاً- تقديم مقترح لمشروع طويل الأجل بحلول يوم الجمعة، إلا أنه ينوي الاطلاع عليه خلال يوم الثلاثاء التالي، فهل يمكن أن يشكّل طلب المزيد من الوقت (عندما نكون في حاجة إليه) وسيلة بسيطة وسهلة لتجنب الشعور بالذعر والتوتر؟ وبينما يسود اعتقاد بأنّ طلب تمديد المهلة ستكون له تبعات سلبية علينا ويُنظَر إليه على أنه أمر غير مهني، لم تقدم لنا الأبحاث سوى القليل جداً حول النتائج الفعلية لطلب مهلة إضافية.

ولكي نفهم هذا الأمر بشكل أفضل، أجرينا 10 تجارب ودراسة استقصائية واحدة شملت ما يقرب من 10 آلاف موظف ومدير في الولايات المتحدة، ووجدنا أنه بغض النظر عن المهنة، يرى المدراء أن طلب تمديد مهلة لمشروع يعمل عليه الموظف أمراً إيجابياً، فضلاً عن أنّه يخفّض مستويات الإجهاد والتوتر عند الموظفين ويحسّن أداءهم. ووجدت دراسة استقصائية قمنا بها وشملت 191 موظفاً أن 95% من مجمل الذين طلبوا مهلة من رؤسائهم حصلوا على واحدة منها.

ولكن نادراً ما يطلب الموظفون تمديد المهلة، حتى عندما تكون المواعيد النهائية قابلة للتمديد بوضوح (كما في قول أحد المدراء بصراحة: "إذا كنت بحاجة إلى المزيد من الوقت، فقط اطلب ذلك"). فعلى سبيل المثال، عندما سألنا الموظفين عن احتمال طلبهم لمهلة في سيناريو يشعرون فيه بضغط الوقت عليهم بسبب مهلة نهائية ضيقة -ولكنها قابلة للتمديد- أجاب 10% منهم فقط بأنهم قد يطلبون تمديد المهلة.

وقد وجدت دراساتنا أن الموظفين، وخاصة الإناث منهم، يخشون أن يظن مدراؤهم أنهم غير أكفاء وغير متحمسين للمشروع في حال طلبوا تمديد الموعد النهائي. ولكنْ على النقيض من توقعات الموظفين رأى المدراء الأمر بشكل معاكس، إذ اعتبروا أنّ الموظف أو الموظفة الذي يطلب مهلة إضافية هو أكثر تحفيزاً مقارنة بمن لم يطلب. ولم ينظر المدراء إلى الموظفين على أنهم أقل كفاءة إلّا في حال طلب التمديد في مهمات ملحة وعاجلة جداً.

لكن لماذا تبدو النساء أقل احتمالاً لطلب تمديد الموعد النهائي؟

لفهم الفروق والاختلافات بين الجنسين حول الميل إلى طلب تمديد الموعد النهائي، قمنا بإجراء دراسة استقصائية إضافية ضمت 600 موظف وموظفة في الولايات المتحدة في 22 قطاعاً، وطلبنا منهم الانخراط في تجربة فكرية: تخيل أنّ مديرك طلب منك العمل على مهمة مهلتها النهائية نهاية الأسبوع، ما مدى احتمالية أن تطلب تمديد المهلة؟ وجدنا أن احتمال طلب الموظفين الذكور لتمديد المهلة يزيد عن احتمال طلب الإناث بمقدار الضعف.

ولكن لماذا؟ يعود السبب في ذلك إلى أن النساء كنّ أكثر عرضة للقلق من احتمال أن يحكم عليهن المدراء بقسوة إذا طلبن المزيد من الوقت، على الرغم من أن الرجال يشعرون بالقلق ذاته حيال ما يفكر به رؤساؤهم أيضاً. ولمعرفة ما إذا كان لهذه المخاوف أرضية صلبة، طلبنا من 800 مدير تقييم كفاءة طالب التمديد، موظفاً كان أم موظفة. ووجدنا أن المدراء لم يحكموا على الموظفات بصورة أكثر سلبية من الموظفين، مما يشير إلى أن مخاوف الموظفات قد تكون مبالغاً فيها.

ولكن علينا هنا أن ندرج تحذيراً صغيراً: صحيح أنّ المدراء قد لا يحكمون فوراً بشكل سلبي من خلال حالة واحدة تطلب فيها الموظفة تمديداً للمهلة، إلا إن ازدياد عدد تلك الطلبات من الموظفة ذاتها -مثلاً- قد يؤدي إلى تأكيد معتقدات المدير بأنّ النساء، كمعدل وسطي، أكثر تركيزاً على الأسرة وأقل تركيزاً على وظائفهن. ففي بحث نوعي شمل استشاريين في الولايات المتحدة، كان المدراء أكثر تقبلاً لطلبات النساء لإجراء تعديلات في جداول أعمالهن، على غرار حصولهن على إجازة أمومة، ولكنّ هؤلاء المدراء أنفسهم نظروا إلى النساء اللواتي طلبن تعديلات رسمية على جدول الأعمال على أنهن أقل التزاماً نحو وظائفهن بشكل عام.

وقد تكون مخاوف النساء البالغة من أن يُحكم عليهن بقسوة لطلبات تمديد المهلة عائداً إلى الشعور بأنهنّ أقل أماناً في الوظائف إضافة إلى تركيزهن أكثر على النظرة الاجتماعية إليهنّ. إذ أعربت الموظفات اللواتي استطلعنا آراءهن عن موافقتهن الكبيرة على عبارات مثل "أنا غير متأكدة من مسيرتي المستقبلية ضمن شركتي الحالية" و"عند اتخاذ قرار، آخذ بعين الاعتبار احتياجات الآخرين ومشاعرهم"، وهو ما أوضح بدوره مدى احتمالية طلبهن المزيد من الوقت لأداء مهمة ما.

والمشكلة هي أن العزوف عن طلب التمديد هذا قد يسبب مزيداً من الضغوط على النساء من ناحية الوقت والإرهاق، حيث أشارت الموظفات ضمن دراساتنا إلى اتفاقهن مع عبارات على غرار "لقد شعرت بأن الأمور كانت مرهِقة جداً" و"أشعر بالإنهاك في العمل".

كما قد يؤدي تجنب طلب تمديد المهلة النهائية إلى الإضرار بأداء المرأة في العمل. ففي إحدى التجارب، طلبنا من 103 من طلاب كلية إدارة الأعمال كتابة ورقة بحثية، مع تقديمنا مهلة نهائية مرنة قائلين لهم بأنه في حال احتاج الطالب إلى وقت إضافي، يمكنه إرسال رسالة إلكترونية إلى المحاضر يطلب ذلك من دون عقوبة. ومن جديد، كان احتمال طلب الطلاب الذكور تمديد المهلة أكثر من الطالبات بمقدار الضعف. وعندما قام المدرب بتقييم جودة تلك الأوراق البحثية، دون معرفة من كتب كلّ ورقة، كانت أبحاث الطلاب الذين طلبوا تمديد المهلة أكثر جودةً، الأمر الذي أدى إلى تلقيهم درجات أعلى وتقديمهم أداء أفضل عموماً في الصف.

ما الذي يمكن للمدراء القيام به للمساعدة؟

يمكن أن يكون لطلب المزيد من الوقت للعمل على المهام -في حال كانت المواعيد النهائية مرنة- فوائد كبيرة تتمثل في تقديم الموظف لأداء أفضل فضلاً عن زيادة سعادته. كما أنه أيضاً أمر مفيد بشكل خاص للنساء اللواتي من المرجح أن يكنّ أكثر انشغالاً في العادة مقارنةً بالرجال . (تتولى الموظفات مهام أكثر مع مردودية أقلّ، ويتجنبن تفويض المهام، وعادة ما يتولين مسؤوليات منزلية أكثر مقارنةً بزملائهن الرجال).

وهناك استراتيجيات يمكن للمدراء والموظفين استخدامها لتشجيع أعضاء الفريق على طلب المزيد من الوقت عند الحاجة إليه:

أخبر الموظفين الذين يحتاجون إلى المزيد من الوقت أنهم ليسوا الوحيدين الذين يطلبون ذلك. غالباً ما تحدث طلبات تمديد الموعد النهائي بطريقة خاصة كإرسال الطلب عبر البريد الإلكتروني أو من خلال المحادثات الفردية، الأمر الذي يجعل الموظفين بدورهم غير مقدرين مدى شيوع هذه الطلبات. ويمكن أن يكون التواصل حول مدى انتشار طلبات التمديد وسيلة سهلة وقوية للحد من مخاوف الموظفين والموظفات من أن يُنظر إليهم على أنهم غير أكفاء وغير مندفعين للعمل.

قل لهم أنّك أنت أيضاً تطلب أحياناً تمديد الموعد النهائي. ومن إحدى الوسائل الفعالة الأخرى لجعل طلب تمديد المواعيد النهائية أمراً طبيعياً حديث القادة علناً عن طلبهم المزيد من الوقت للتفكير وإكمال العمل. فعلى سبيل المثال، يمكن للمدير عبر القول: "أود أخذ وقتٍ إضافي، والتفكير أكثر في ردي على اقتراحكم" مساعدة الموظفين والموظفات على الشعور براحة أكبر في طلب وقت إضافي لمهامهم.

توضيح ما إذا كان الموعد النهائي مرناً. قد تكون مرونة الموعد النهائي في كثير من الأحيان غامضة، إذ لا يعرف الموظف ما إذا كان الموعد النهائي مرناً أم لا. وعندما يواجه الموظفون الذين يشعرون بأمان أقلّ في وظائفهم هذا الغموض، قد يتخذون جانب الحذر ويتفادون طلب المزيد من الوقت، ويزيد احتمال حدوث هذا الأمر أكثر بين الموظفات. ولذلك يتعين على المدراء، عند تعيين المهام، إبلاغ توقعاتهم حول الموعد النهائي بوضوح، وشرح ما إذا كان قابلاً للتمديد أم لا. وفي حال أرسلت رسالة إلكترونية إلى الموظف في وقت متأخر من الليل، أو في الصباح الباكر، أو في عطلة نهاية الأسبوع، عليك أن تكون واضحاً بخصوص سبب إرسالك تلك الرسالة في تلك الأوقات، وما إذ كنت تريد رداً عليها، حيث يمكن لهذه الإجراءات البسيطة أن تساعد الموظفين والموظفات على إدارة أوقاتهم بشكل أكثر كفاءة، وطلب مهلة إضافية للعمل على إنجاز مهمة إذا لزم الأمر.

ويُعدّ التوتر حول الوقت مصدر قلق مؤسساتي كبير، إذ إنّ الموظفين الذين يشعرون بالإرهاق في العمل يكونون أقل تمتعاً بالسعادة والصحة، وأكثر قابلية للاستقالة وترك العمل. كما أنّ من المرجح أن يؤثر الضغط على النساء أكثر لقيامهنّ بالكثير من العمل الذي لا ينال التقدير، فضلاً عن الأمور الواجب عليهن القيام بها خارج العمل. ويمكن أن يوفر تشجيع الموظفين، وخاصةً النساء، على طلب المزيد من الوقت عند الحاجة إليه حلاً بسيطاً للحدّ من الإنهاك وخلق بيئات عمل أكثر إنصافاً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي