كيف يمكن إنشاء مجتمع افتراضي برسوم اشتراك؟

5 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أدركت الشركات منذ وقت طويل أهمية الرؤى والأفكار التي يطرحها العملاء عبر المجتمعات الافتراضية على الإنترنت، بل إن بعضها، مثل شركة هارلي ديفيدسون، استطاع تحويلها إلى مصدر للإيرادات عن طريق فرض رسوم عضوية. ولكن الشركات ليست وحدها من استغل هذه الفكرة.

يوماً بعد آخر نرى المزيد والمزيد من الأفراد يدشنون مجتمعات برسوم اشتراك، بهدف جمع الناس حول مصلحة مشتركة. علماً أنهم ليسوا مجرد هواة. فمن خلال فرض رسوم تتراوح قيمتها ما بين 20 إلى 100 دولار شهرياً، أنشأ عدد من رواد الأعمال مجتمعات افتراضية على الإنترنت تقدر قيمتها بملايين الدولارات وتتناول مواضيع متنوعة مثل العناية بالنباتات العصارية وأساليب تقوية الذاكرة وتعليم العزف على الغيتار ومدونات عشاق الطعام.

لكن ضمان نجاح المجتمعات الافتراضية التي تفرض رسوماً معينة للاشتراك بها قد تكون تحدياً صعباً. إذ يجب عليك جذب عدد كاف من المشاركين لإنشاء مجتمع ديناميكي، والأهم من ذلك إنشاء تجربة مستخدم عالية الجودة تستطيع الحفاظ على تفاعل المشاركين – وعلى استعدادهم لمواصلة الدفع – بمرور الوقت.

منذ عام 2016 أنشأت مجتمعاً افتراضياً لأعضاء دورة “الخبراء المعتمدين”، وتوسعت في الكتابة عن إنشاء القنوات المدرة للدخل عبر الإنترنت. إذا كنت تفكر أنت أو شركتك في إنشاء موقع إلكتروني برسوم عضوية، فإليك ستة مبادئ توصلت إليها لتعظيم الفائدة لأعضائك وضمان تعاملهم مع موقعك باعتباره شيئاً يستحق المال المدفوع فيه.

أولاً: يجب الإعلان عن إطلاق الموقع في ظل وجود قاعدة كافية من المستخدمين. لأنه إذا طالع رواد الإنترنت موقعك ورأوه خالياً من أي نشاط، فلن يشتركوا به أو يجددوا عضويتهم فيه. احرص على وجود كتلة حرجة من 50 مشاركاً على الأقل قبل الإعلان عن إطلاق الموقع. إحدى طرق القيام بذلك أن تعد قائمة انتظار، وتعلن عن إطلاق موقعك عندما تصل إلى العدد المناسب. ولتحديد المشاركين الأوائل، يمكنك استخدام قائمة بريدك الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي لتحديد العملاء المحتملين، أو يمكنك تجربة الطريقة التقليدية المتمثلة في مخاطبة جهات الاتصال المعنية كل بشخصه ومراسلتهم بالبريد الإلكتروني لمعرفة ما إن كانت لديهم نية الاشتراك. ثمة أسلوب آخر للوصول إلى الكتلة الحرجة، وهو الأسلوب الذي اتبعته شخصياً، ويتمثل في ربط الحصول على عضوية مجتمعك الافتراضي بشراء دورة تدريبية أو منتج معين.

ثانياً: وجه رسائل تركز على محتوى موقعك الإلكتروني. قد يبدو بديهياً أن قيمة المجتمع الافتراضي هي المجتمع نفسه. ولكن ما لم يختبره المشتركون بشكل مباشر، فسيكون من الصعب عليهم تخيل شكل التفاعلات أو أهميتها. من ناحية أخرى، فإن ما يحفّز المشاركين على الانضمام في المقام الأول هو توقعهم الحصول على محتوى تعليمي مثير للاهتمام، لذا أكد على هذه النقطة في رسائلك، واجعلهم يكتشفوا قيمة تفاعلات المجتمع بأنفسهم، مع مرور الوقت.

كما أشرت في كتابي “اكتشف قدرتك على ريادة الأعمال” (Entrepreneurial You)، فقد أنشأ الزوجان بيورك وليندساي أوستروم موقع (Food Blogger Pro) الإلكتروني، وهو مجتمع افتراضي للمدونين المهتمين بنشر وصفات الطبخ والطعام، حيث يعرضان مئات مقاطع الفيديو على الموقع، بداية من نصائح التصوير الفوتوغرافي والنصائح الفنية حول تشغيل المدونات. يقول بيورك إن المحتوى يجذب المشتركين، ولكن “ما يغريهم بالاستمرارية على المدى الطويل هو وجود هذا المنتدى المؤلف من أشخاص آخرين يساعدون بعضهم البعض”.

ثالثاً: كثف مشاركتك في المراحل المبكرة. من السهل أن تستهين بمقدار الوقت الذي يجب استثماره في البداية لإنشاء مجتمع نشط. لكن المشاركة النشطة من قبل مُنشئ الموقع أمر أساسي في الأيام الأولى لسببين: (1) أن أعضاء المجتمع متصلون بك ولكنهم ليسوا متصلين بعضهم بالبعض، وبالتالي يجب عليك تفعيل الدردشة لتعزيز هذه العلاقات وتشجيع المشاركين على التفاعل. (2) المشرف على الموقع هو من يحدد اتجاه المناقشات والتأكد من أنها مفيدة للمشاركين وتراعي قواعد اللياقة.

يخجل الكثير من المتخصصين من إنشاء مجتمع افتراضي عبر الإنترنت لأنهم يخشون أن يتحول إلى منتدى لتوجيه الشتائم والإهانات. لكن خلال ثلاث سنوات من تشغيل مجتمعي الافتراضي، لم أشهد سوى حالة واحدة للخروج على النص (طلب أحدهم النصيحة، ولما قُدمت له اتخذ موقفاً دفاعياً). أجريت معه محادثة خاصة لحل هذه المشكلة، ومن حينها لم نواجه مشكلة أخرى – لأنني وضعت قواعد واضحة من البداية حول السلوك المقبول في المجموعة وأهمية دعم وتشجيع الأعضاء الآخرين.

رابعاً: لا تدع موقعك الإلكتروني يتحول إلى نوع من الشللية. واحدة من أهم مزايا المجتمعات الافتراضية هي اللُحمة التي تنشأ بين أعضاء المجتمع الواحد. إلا أن تلك الروح يمكن أن تتحول إلى نوع من الشللية ما لم يتم التعامل معها بالشكل الصحيح. على سبيل المثال، قد يرفض الأعضاء القدامى التجاوب مع الوافدين الجدد الذين يطرحون أسئلة “ساذجة”، أو قد تجد أن أولئك الذين يعرفون بعضهم البعض “في الحياة الحقيقية” يتعاملون بحماس مع مشاركات أصدقائهم ولكنهم يتجاهلون مشاركات الآخرين. لذلك لا بد من إرساء ثقافة يشعر فيها كل مشارك بأنه موضع ترحاب – وهي عملية أولاها الكاتب ريان ليفسك عنايته الفائقة بعد تنامي مجتمعه الافتراضي من 100 مشارك إلى أكثر من 2,000 عضو في غضون عامين.

حيث قرر تعيين “محام مجتمع” مدفوع الأجر لكل 400 مشارك، من أجل بدء المناقشات، ومراقبة اتجاه التفاعلات، وتقديم المساعدة والدعم بصورة عامة. طور ليفاسك سلسلة من الرسائل الخاصة للأعضاء الجدد، وشجعهم على اتخاذ خطوة محددة مع المجتمع كل يوم، مثل قراءة منشور معين على المدونة. وذلك بهدف تشجيعهم على التأقلم والتفاعل مع المجموعة، مع ضمان عدم إحساس الوافدين الجدد بالتوهان في محتوى الموقع أو نشوء متلازمة “نحن وهم” بينهم وبين الأعضاء القدامى. عادة ما يتم حل أي مشاكل قد تنشأ من خلال المحادثات الخاصة التي تُجرى خارج الموقع الإلكتروني، لكن أسلوبه المنهجي في تشجيع الأعضاء على التفاعل يهدف إلى الحيلولة دون ظهورها من الأساس.

خامساً: اعمل على تقوية العلاقات خارج الموقع الإلكتروني. المجتمعات الافتراضية رائعة ولكنها محدودة بطبيعتها. وإذا أردت تشجيع التماسك بين أفراد المجموعة الواحدة، فيمكنك تنظيم ملتقيات على أرض الواقع، وهي طريقة ممتازة لتحقيق ذلك الغرض. يمكن تنظيم هذه الملتقيات كفعاليات رسمية. على سبيل المثال، اعقد مؤتمراً يستمر يوماً واحداً لأعضاء مجتمعي خريف هذا العام في نيويورك. أو يمكن أن تتخذ شكلاً غير رسمي، مثلما يحدث عندما ينشر أعضاء مجتمعي صوراً لهم وهم يلتقون بأعضاء آخرين. كلما ازداد تواصل المشاركين ببعضهم البعض، زادت احتمالية تفاعلهم مع مرور الوقت وشراء منتجات وخدمات أخرى. على سبيل المثال، يمكن لأعضاء المجتمع الاشتراك في إحدى ورش العمل الخاصة بي لأنهم يعتقدون أنها ستسرع من نجاح أعمالهم، ولكنهم سيكون أكثر إقبالاً على الحضور عندما يعلمون أن أصدقاءهم سيحضرونها أيضاً.

سادساً: حقق التوازن بين المبيعات. يمنحك وجود مجتمع افتراضي نشط القدرة على استبيان رأي عملائك كل يوم. يمكنك أن تسألهم مباشرة عن المعاناة التي يواجهونها والمنتجات أو الخدمات التي يشعرون أنها ستفيدهم للغاية. فإذا كنت تدير موقعاً إلكترونياً لمحبّي النباتات، على سبيل المثال، فقد تكتشف أنهم يتلهفون للحصول على تدريب شخصي على العناية بالزهور، أو دورة عبر الإنترنت حول تقنيات تخصيب التربة.

ولكن كما أوضح أساتذة إدارة الأعمال ديبي كليمان وأنات كينان، فلا بد من إدراك الفرق بين المجتمعات الافتراضية وغيرها من قنوات البيع. فأعضاء المجتمع الافتراضي لن يستثمروا وقتهم ليتم إغراقهم بطوفان من العروض التي لا تنتهي، لذا احرص على تجنب تكثيف عروض البيع.

لكن، لا تفوت الدروس المستفادة من عمليات التواصل الحميمة مع أفضل عملائك. فالمعلومات الدقيقة المستمدة من تواصلك معهم تمكّنك من معرفة ما إن كانوا يريدون منتجاً جديداً قد تطرحه أو خدمة جديدة قد تبتكرها – ولن تبدو “مندوب مبيعات لحوح” عند إطلاع المشاركين على هذا المنتج أو تلك الخدمة. إنه جزء من العلاقة ثنائية الاتجاه التي عملت بجد لبنائها.

في عالم نتعرض فيه لطوفان من فرص التفاعل عبر الإنترنت، ليس من السهل إقناع الناس ببذل الجهد للانضمام إلى مجتمع افتراضي جديد مقابل دفع رسوم محددة. ولكن باتباع هذه المبادئ الستة، ستتمكن من إنشاء مورد ذي معنى حقيقي للمشاركين ويضيف قيمة حقيقية لحياتهم، مع إنشاء نموذج عمل قوي لنفسك.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .