تقنين استخدام المواد وما يعنيه ذلك بالنسبة للاقتصاد والتغير المناخي

17 دقيقة
تأثير تقنين استخدام المواد على المناخ
shutterstock.com/fuyu liu
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أجرت هارفارد بزنس ريفيو مقابلة في أحد برامجها الصوتية (بودكاست) مع أندور مكافي، وهو عالم الأبحاث الرئيس في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي)، ومؤسس مشارك لمبادرة الاقتصاد الرقمي هناك. كما أنه مؤلف كتاب “إنجازات أكثر بموارد أقل: القصة المدهشة لطريقة تعلمنا الازدهار باستخدام موارد أقل، وما يحدث لاحقاً” (More from Less: The Surprising Story of How We Learned to Prosper Using Fewer Resources-and What Happens Next). شكراً لقدومك إلى برنامجنا يا أندرو واليوم سيكون حديثنا حول تأثير تقنين استخدام المواد على المناخ حول العالم.

وإليكم مقتطفات من هذه المقابلة الصوتية

يشرح أندرو مكافي، وهو مدير مشارك في مبادرة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الاقتصاد الرقمي، تأثير تقنين استخدام المواد على المناخ وكيف ينمو اقتصاد الولايات المتحدة ويستخدم في واقع الأمر أشياء أقل بكثير للقيام بذلك. بفضل التكنولوجيات الجديدة، تقلل الكثير من الاقتصادات المتقدمة استخدامها من الأخشاب والمعادن والأسمدة وغيرها من الموارد. يقول مكافي إنّ التوجه لتقنين استخدام المواد يمتد إلى أجزاء أخرى من العالم. وبينما لا يجري ذلك بسرعة كافية لوقف التغير المناخي، إلا أنّ مكافي يرى أنّ الأمر يبعث على بعض الأمل في الحفاظ على البيئة عندما يقترن ذلك بسياسة عامة فعالة.

النص:

كيرت نيكيش: مرحباً بكم في برنامج آيديا كاست المقدم من هارفارد بزنس ريفيو. أنا كيرت نيكيش.

اقرأ أيضاً: الشباب يتولون زمام قضية التغيّر المناخي وعلى الشركات توخي الحذر

أحدث العصر الصناعي ثورة هائلة في ازدهار البشرية. وفي حين نمت الاقتصادات وارتفعت مستويات المعيشة إلى مستويات غير مسبوقة، أزيلت الغابات وتمت تعرية التربة وأفرغت المحيطات.فما هو تأثير تقنين استخدام المواد على المناخ حول العالم؟

عندما احتفلت الولايات المتحدة بيوم الأرض لأول مرة في عام 1970، كان الناس خائفين من أنّ العالم سرعان ما سينفد منه الطعام والموارد الأخرى، وسيحترق كالورق في لمح البصر، ويذهب بلا رجعة.

ولكن تلك الموجة التي لا يمكن وقفها على ما يبدو من الممكن أن تتطور.

ضيفنا اليوم يدرس توجهاً جديداً مدهشاً لتقنين استخدام المواد. بفضل الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة، تستطيع بعض الاقتصادات الوطنية تحقيق النمو في نفس الوقت الذي يستخدمون فيه نسبة أقل من المواد.

الآن هذا التوجّه المخالف للتوقعات لا يحدث بسرعة كافية لوقف ما يشبه التغير المناخي. ولكنه يبعث على بعض الأمل: قد لا يضر الازدهار الاقتصادي المستقبلي بالبيئة بنفس القدر من السوء الذي حدث في الماضي.

نتحدث اليوم مع أندرو مكافي في إطار مبادرة “تغطية المناخ الآن” (Covering Climate Now)، التي تمثل تعاوناً عالمياً بين أكثر من 220 وسيلة إعلامية لتعزيز تغطية أخبار المناخ.

أندرو مكافي: مرحباً، شكراً لاستضافتكم لي.

كيرت نيكيش: سميته توجهاً مخالفاً للتوقعات. هلّا شرحت لنا ما يحدث رجاء؟ كيف يمكن للاقتصادات المتقدمة النمو مع استخدام مواد أقل بشكل عام؟ ما الذي يحدث؟

أندرو مكافي: نعم، وكما تقول، إنه توجه مخالف للتوقعات إلى حد كبير. لم أصدق الأمر عندما سمعت ذلك لأول مرة. تجولت وأنا أعتقد بفرضية غير مدروسة تقول إنه مع نمو الاقتصادات وزيادة أعداد السكان فإنهم يستخدمون مواد أكثر من الأرض. يستعملون موارد أكثر. أنت تحتاج إلى جزيئات لتبني اقتصاداً ما.

صادفت مقالة رائعة كتبها جيسي أوزوبل بعنوان “عودة الطبيعة: كيف تحرر التكنولوجيا البيئة” (The Return of Nature: How Technology Liberates the Environment)”. وهو قد قدّم هذه الفكرة، واعتقدت أنّ ذلك سيكون رائعاً إن كان الأمر صحيحاً، ولكن ذلك لا يمكن في الحقيقة أن يكون صحيحاً. هذه ليست الطريقة التي يحدث بها النمو. وعندها رجعت إلى مصادره. قمت بالتحقق منها وتوصلت إلى أنه كان محقاً تماماً.

اقرأ أيضاً: إلزام الشركات بكشف المخاطر المتصلة بالمناخ يعود بالفائدة على الجميع

وبالتالي أصبحت متحمساً جداً لهذا الأمر، وأردت فهمه وحاولت شرحه. لأنه يبدو لي أنّ هذا تغيير جوهري حقاً في علاقتنا مع الكوكب الذي نعيش فيه جميعاً.

عشنا 200 أو 250 عاماً تقريباً في العصر الصناعي الذي كان يمثل فترة رائعة من النمو وازدهار السكان والاقتصادات. لكن العصر الصناعي كان صعباً حقاً بالنسبة لكوكبنا. أخذنا من الأرض أكثر عاماً بعد عام. حفرنا المناجم. قطعنا أشجار الغابات. لوثنا البيئة. قتلنا جميع الحمام المهاجر. وكدنا نقتل جميع الجواميس والحيتان.

بشكل ما، كان ذلك فصلاً صعباً للغاية بالنسبة لكوكب الأرض، وبدا أنّ ثمة مقايضة بين ازدهارنا وصحة كوكبنا. لا أعتقد أنّ ثمة مكان لتلك المقايضة الآن لأنني أرى أننا نثبت أننا نستطيع تنمية الاقتصادات وتنمية السكان وتنمية الازدهار وتحسين الظروف الإنسانية في نفس الوقت الذي نعتني فيه بالأرض بشكل أفضل ونعتمد عليها بشكل أقل.

كيرت نيكيش: وهذه فكرة جوهرية لأننا جميعاً نفهم أنّ الأعمال وسعيها نحو الكفاءة وأن تصبح أكثر إنتاجية تسير على الطريق الصحيح من أجل استخدام الأشياء بشكل أفضل وكفاءة أكثر، ولكن ذلك ما زال يبدو كمسعى بواحد إضافي أو بواحد منقوص. أليس كذلك؟ لو كنت تصنع منتجاً جديداً لبيعه، فقد تستخدم أشياء بطريقة أكثر كفاءة، ولكنك ما زلت تصنع منتجاً جديداً ويرمى الناس منتجاتهم القديمة. لكنك تقول إنّ هذا يتحول إلى مرحلة نستخدم فيها المادة بشكل أقل. نحن نعكس التوجّه ونستخدم الحديد بشكل أقل على سبيل المثال. ونستخدم…

أندرو مكافي: نيكل أقل. ذهب أقل. سماد أقل. مياه أقل للري، وأخشاب أقل. ورق أقل. نسبة أقل من جميع الجزيئات. جميع الأشياء التي تبني منها الاقتصاد.

وثمة فرق جوهري هنا. يوجد نوعان من القلة. يوجد أقل لكل فرد. وبعبارة أخرى، أخشاب أقل لكل أميركي. ثم يوجد أخشاب أقل عاماً بعد عام، للأميركيين جميعاً. وهذه ظاهرة أعمق بكثير، وهي تقول بشكل أساسي إنّ البصمة الإجمالية للأميركيين على الكوكب تتضاءل مع مرور الوقت. وهذا ما يحدث الآن، وهذا ما كتبت عنه كتابي “إنجازات أكثر بموارد أقل” (More from Less).

كيرت نيكيش: لقد كانت لك في حقيقة الأمر توقعات حول أين سيكون استهلاك أميركا من مواد معينة في غضون السنوات العشر القادمة على سبيل المثال.

أندرو مكافي: حسناً، قد تعتقد أنّ هذا التقنين من استخدام المواد يحدث الآن. يتجلى هذا إلى حد ما في الدليل. لكن قد يكون هذا مجرد هدوء مؤقت قبل تظهر شهيتنا العارمة مرة أخرى وتدفعنا إلى حفر مناجم أكثر وتقطيع أشجار غابات أكثر والقيام بكل هذه الأشياء وأخذ المزيد من الأرض.

لا أعتقد أنّ ذلك هو ما يحدث، ولا أعتقد أنّ ذلك هو ما سيحدث. أعتقد أنّ الاتجاه نحو الانخفاض سيستمر في الكثير من المواد، وأعتقد أننا رأينا بالفعل بعض الاستقرار النسبي. على سبيل المثال، كان إجمالي استهلاك الأميركيين من الطاقة في عام 2018 ضئيلاً جداً، وأعتقد أنه أكبر بنحو ربع نقطة مئوية مما كان عليه في 2007. الاقتصاد أكبر بكثير مما كان عليه الحال في 2007، ولكن استخدامنا من الطاقة ثابت.

اقرأ أيضاً: أهمية تضمين ممارسات حشد التأييد في إجراءات الشركات بشأن التغير المناخي

وما أعتقد أنه سيحدث هو إجمالي استهلاك الطاقة سيبدأ في الواقع بالانخفاض، تماماً كما رأينا مع الكثير من الموارد الأخرى. والسبب الرئيس في اعتقادي ذلك هو بسيط للغاية. أنت سلطت الضوء على الأعمال ومسعاها الدؤوب للنمو ومسعاها الدؤوب لتحقيق الأرباح. وهذا صحيح بكل تأكيد. ذلك في صلب النظام الرأسمالي.

علينا أن نتذكر أنّ تأثير تقنين استخدام المواد على المناخ ومسعى الأعمال لتحقيق أرباح أكبر هو مسعى يتماشى دائماً مع السعي لخفض التكاليف. ما تدّخره هو ما تكسبه. والمواد تكلف مالاً. وما أعتقد أنه يحدث هو أنّ في هذا العصر من التكنولوجيات الرائعة، لديك كمبيوتر وشبكة وأجهزة وبرمجيات، ولدينا فرصة كبيرة لمبادلة الذرة بوحدات الكمبيوتر “البت”.

ولأنك لا تدفع في العادة مقابل كل بت إضافي، تتقبل جميع الشركات التكنولوجيا مراراً وتكراراً، بطرق كبيرة وصغيرة، وهذا يبدو معقولاً.

كيرت نيكيش: لنتعمق في بعض الأمثلة حول تأثير تقنين استخدام المواد على المناخ حتى نستطيع تصور ما يحدث. لنتحدث عن الأخشاب التي ذكرتها. لماذا تستخدم الولايات المتحدة أخشاباً أقل مما مضى؟

أندرو مكافي: حسناً، فكّر بشأن الأشياء التي نستخدم الأخشاب لأجلها. استخدمنا الأخشاب في القرن التاسع عشر لجميع الأشكال من الأشياء، بما فيها بناء السفن وسواري السفن. الآن، نحن من دون أدنى شك لم نعد نريد القيام بذلك. لا تحظى الأخشاب بتقدير كبير، ونستخدم كميات هائلة منها في بناء السكك الحديدية في أنحاء الولايات المتحدة. لفترة طويلة كانت مرابط السكك الحديدية مصنوعة من الأخشاب، وتُنقع في مادة الكريوزوت. ونحن في الواقع لم نعد نقوم بذلك. نصنع تلك المرابط من الخرسانة.

إذن، بسبب آثار الاستبدال تلك، ونظراً لحقيقة أننا لم نعد نصنع السفن من الأخشاب، فإنّ إجمالي استهلاكنا من الأخشاب… أعتقد أنه أقل من 20%، وربما أقل بنسبة 30% مما كان عليه الحال في سنة 1990، والتي كانت سنة ذروة الإنتاج من الأخشاب في الولايات المتحدة.

وبالتزامن مع ذلك، كانت 1990 هي سنة ذروة الإنتاج من الورق في الولايات المتحدة، وأعتقد أننا أقل بنسبة 40% الآن مقارنة بذلك المستوى من الورق الذي استخدمناه في 1990. والإجابة هناك هي أسهل بالنسبة لي. متى كانت آخر مرة طبعت فيها خرائط لمحاولة الوصول من النقطة (أ) إلى النقطة (ب)؟ أنت لم تعد تطبع المذكرات أو المستندات بنفس القدر تقريباً، لأننا ننظر إلى الشاشات، ولأننا نمتلك نظام تحديد المواقع العالمي مثبتاً على هواتفنا الذكية.

وبهذا، قد تنظر إلى جميع الورق الذي أنتجناه في مرحلة مبكرة في عصر الكمبيوتر، كل ذلك الورق المطوي، وكل الأشياء التي استخدمناها للطباعة، وتعتقد أنّ عصر الكمبيوتر سيكون له أثر سيئ على إجمالي الاستهلاك من الورق وقطع الأشجار. وهذا ليس صحيحاً مطلقاً. هذا جيد حقاً. هذا يسمح لنا في نهاية المطاف بتجاوز ذروة الإنتاج من الورق.

وأحد الأمور الجنونية التي صادفتها خلال بحثي في الكتاب كان أنّ إجمالي استهلاكنا من الكرتون يساوي نفس القدر الذي كان عليه الحال عام 1995. ووجدت أنّ من الصعب تصديق ذلك بسبب جميع طرود أمازون التي تظهر خارج منزلي كل يوم تقريباً. لكن مرة أخرى، تلك هي الظاهرة الواضحة جداً.

أما الظاهرة قليلة الوضوح فهي أنّ جيف بيزوس يدرك أنني لا أحصل على قيمة من الكرتون، لذا يعمل هو وزملاؤه لتقليل إجمالي كمية مادة التغليف التي تحتاج للحصول عليها، لإيصال شيء إلى باب منزلي.

إذن، توجد هذه الكفاءات التي تحدث إذا رجعنا إلى الوراء في سلسلة التوريد والكثير من الابتكار لجعل صناديق الكرتون أخف، ومصنوعة من مواد أقل. ومرة أخرى، هذا يحدث بسبب أنّ هذه الأشياء تكلف مالاً. ومن الصعب أن نصدق، لكن جميع هذه الوفورات منطقية وهي توصلنا إلى مرحلة يكون فيها إجمالي استهلاكنا من الكرتون يساوي تقريباً ما كان عليه قبل 25 عاماً. هذه ظاهرة جنونية.

كيرت نيكيش: هل نصل إلى ذروة الإنتاج من الورق في دول أخرى، وهل نصل إلى ذروة الإنتاج من الأخشاب في الدول النامية التي لا تتمتع بمكانة تعطيها القدرة حقاً على حشد قوة هذه التكنولوجيات؟

أندرو مكافي: صادفت بحثاً يقول إنّ الإنسانية بأكملها، عالمياً من المحتمل أننا وصلنا إلى ذروة الإنتاج من الورق قرابة عام 2013. أخيراً ينخفض إجمالي استهلاك الناس من الورق. وبالنسبة للمواد الأخرى التي تبني اقتصاداً منها، فإنني لا أعتقد أنّ هذا هو ما في الأمر. وعلى أي حال، فإنني لا أستطيع قول ذلك بثقة تامة لأنّ البيانات والدلائل تصبح متفاوتة وأقل جودة عندما تنتقل من الولايات المتحدة إلى العالم بأكمله.

وعالمياً، لا أعتقد أنّ البشرية في ذروة الأمور، حيث توجد دول كثيرة ذات دخل منخفض وتنمو على نحو سريع، وسرعان ما تصبح أكثر ازدهاراً ويمكنك فيها بناء اقتصاد ما. حرفياً، عليك أن تتحضر. عليك أن تبني بنية تحتية. هذه عملية تحتاج موارد كثيرة.

لكن أحد الأشياء التي تعلمتها أثناء كتابة هذا الكتاب كان أنك إذا نظرت إلى صورة بالأقمار الصناعية، عن التحضر، في مقابل الاعتماد على الدول كي تعطيك قائمة من مدنها وعدد السكان الذين يعيشون فيها، فإنّ هذه القوائم غير متّسقة حقاً. إذا نظرت إلى صور الأقمار الصناعية، فنحن نوع متحضر كبشر. والأغلبية الساحقة منا يعيشون في بيئة حضرية.

إذن، فقد بنينا على ما أعتقد الكثير من البنية التحتية المادية التي سنحتاجها. سنحتاج إلى المزيد. من الواضح أن نيجيريا ستحتاج إلى قدر أكبر من الأشياء لأنّ عدد سكانها سيزيد بشكل كبير خلال العقود المقبلة. لكن نيجيريا لن تتوجه إلى تركيب شبكة هاتف نحاسية كالتي ركبها العالم الغني حالياً من أجل امتلاك بنية تحتية للاتصالات.

وأنا واثق إلى حد كبير من أنّ النيجيريين لن يشتروا نفس القدر من السيارات لكل فرد كما هو الحال مع الأميركيين عندما أصبحوا مزدهرين. ولن يبنوا مصانع فحم كثيرة لأنّ التكنولوجيا تطورت. إذن، أنا لا أقول إننا في ذروة الأشياء على الصعيد العالمي. أقول إننا قد نكون متفاجئين من مدى سرعة وصولنا إلى هناك لأنّ الدول تصبح أكثر ازدهاراً اليوم، سنتبع طريقاً تكنولوجياً مختلفاً جداً، وطريق أدوات مختلف جداً عن الطريق الذي اتبعته الولايات المتحدة ودول أخرى غنية حالياً.

كيرت نيكيش: هذا التوجّه إلى تقنين استخدام المواد، والذي يبتعد عن الذروة يحدث أيضاً في قطاع الزراعة على سبيل المثال. هل تعتقد أنّ الولايات المتحدة مثلاً ستزرع أراض أقل مستقبلاً ولكنها ستبقى تنتج المزيد من الطعام؟

أندرو مكافي: والسبب الذي يجعلني واثقاً جداً في ذلك هو أنه تماماً ما كنا نفعله. أحد الرسوم البيانية الأكثر جموحاً والذي رسمته أثناء تأليف الكتاب، وهو في الكتاب، هو رسم بياني لإجمالي حجم المحاصيل في الولايات المتحدة. نحن قوة زراعية ويرتفع إجمالي حجم محاصيلنا عاماً بعد عام. ومن ضمن ذلك الرسم البياني تجد إجمالي استخدام الأسمدة لجميع القطاع الزراعي في الولايات المتحدة، إلى جانب إجمالي استخدام الماء وإجمالي استخدام الأرض. والآن تنخفض هذه المستويات جميعها، وأحياناً تشهد انخفاضاً حاداً جداً.

ما زلت أجدها ظاهرة غريبة إلى حد ما، ولكننا نحصل بوضوح على المزيد من القليل من كل المدخلات في زراعة محصول ما، عدا أشعة الشمس، الأسمدة والماء والأرض بينما نحصل على المزيد من المحاصيل عاماً بعد عام.

إذن، فهذه ظاهرة عامة. يتابع مركز المسح الجيولوجي الأميركي، حسب اعتقادي، 72 مادة مختلفة. وأعتقد أنّ جميعها، عدا ستة منها، هي الآن في اتجاه نحو الانخفاض. وأكبر استثناء لذلك هو في الحقيقة البلاستيك، ولكن ثمة شيء مثير للاهتمام يحدث هناك أيضاً. كان إجمالي الاستهلاك من البلاستيك يشهد ارتفاعاً على نحو أسرع من الاقتصاد. البلاستيك مفيد جداً. ونستخدمه في كل مكان. والآن، لا يزال استخدام البلاستيك في زيادة، ولكنه يزيد ببطء أكثر من الاقتصاد عموماً. لذا فنحن بالفعل نصل نسبياً إلى تقنين استخدام المواد في حالة البلاستيك. لا أعلم متى تحديداً، ولكننا سنصل إلى ذروة استخدام البلاستيك، حتى مع نمو الاقتصاد، وأرى أننا سنبدأ باستخدام كميات أقل منه.

كيرت نيكيش: ومع ذلك إليك هذا السؤال: هل ذلك التوجّه نحو تقنين استخدام المواد سريع بما فيه الكفاية لأننا في وقت نشهد فيه ارتفاعاً في درجات الحرارة ونرى تغيرات بيئية تحدث بوتيرة مقلقة حتى أنّ بإمكانك أن ترى مع هذا النمو ومع الزيادة في عدد السكان الطريقة التي يساعدنا خلالها تقنين استخدام المواد والاتجاهات التكنولوجية الموجودة. لكن هل هي تساعدنا بما يكفي؟ هل ستتحرك بوتيرة كافية لإحداث التغيير حقاً؟

أندرو مكافي: لا تحدث إزالة الكربون بسرعة كافية. إنها تحدث في دول العالم الغنية. لا تحدث في الدول متدنية الدخل. وعموماً، فإنها بالتأكيد لا تحدث بسرعة كافية.

والطريقة المناسبة للتفكير بالأمر، افترض أنه يوجد حوض استحمام ولدينا صنبور يملأ الحوض بالماء، ولدينا بالوعة تخرج الماء من حوض الاستحمام. حوض الاستحمام هو الغلاف الجوي للأرض. البالوعة تمثل مدى سرعة مغادرة الكربون للغلاف الجوي. الصنبور هو مدى سرعة وضعنا للكربون. المشكلة هي أنّ البالوعة لا تعمل بسرعة شديدة. الكربون الذي نضعه يبقى في الغلاف الجوي لعشرات أو مئات السنوات.

علينا أن نغلق الصنبور بسرعة أكبر مما قد نعتقد، وإذا استطعنا فعلينا البحث عن طرق لزيادة سرعة عملية التصريف. ولكننا لا نقوم بذلك بسرعة كافية. وما يربكني جداً هو أننا على دراية بتبعات الأمور. إذا كنا نهتم حقاً بإزالة الكربون من اقتصاداتنا، فإننا نعلم ما علينا فعله. نحن نقوم بعملنا على نحو سيئ في هذا الجانب.

كيرت نيكيش: ما أشرت إليه مثير وواعد جداً ويعطينا الكثير من الأمل، ولكنه يُظهر حدود هذه الاتجاهات. إنهم فقط لا يعملون وفق جدول زمني في بعض المجالات لمساعدتنا حقاً في تغيير المسار، أو إحراز تقدم نوعاً ما نتطلع إليه كمجتمع. ما هي عناصر اللوائح التنظيمية والحكومة والحوافز التي تعتقد أنها ضرورية لإغلاق ذلك الصنبور وفتح البالوعة؟

أندرو مكافي: نعم. بمجرد أن تبدأ التفكير بشأن غازات الدفيئة كتلوث، بالنسبة لي تعود الأمور إلى نصابها وتصبح المسائل أكثر وضوحاً. لأنّ التلوث كما يتعلمه أي تلميذ يدرس مبادئ الاقتصاد لا يعتبر شيئاً يمكن للأسواق حله بنفسها. من غير المكلف أن نلوّث، الشركات ستلوِّث، مهما قالت تقاريرها السنوية أو قال رؤساؤها التنفيذيون في خطاباتهم.

إذا أردت حل مشكلة التلوث فإما أن تحظره، وقد فعلنا ذلك في بعض الحالات، فلا يُسمح لك برمي النفايات في البحر في أميركا على سبيل المثال. أو يمكنك أن تجعله مكلفاً. ويوجد هذا المزيج الرائع من الأفكار الاقتصادية والأفكار المتعلقة بالسياسات التي أفضت مثلاً إلى برنامج الحد الأقصى والاتجار (cap and trade program) للتلوث بثاني أكسيد الكبريت وغيرها من أنواع التلوث في الولايات المتحدة. عندما نلقي نظرة على ما حدث، فهو رائع على صعيد هذا البرنامج.

انخفضت مستويات التلوث. الهواء في أميركا أنظف بكثير مما كان عليه الحال قبل 50 عاماً، كما عاد الأمر بمستويات أقل بكثير من إجمالي التكلفة بالنسبة للصناعات مقارنة بما كان متوقعاً في البداية. لأننا وضعنا برنامج الحد الأقصى والاتجار. لقد أسسنا سوقاً للتلوث. إذا أردت أن ألوّث كثيراً، فإنني أشتري الحق منك لأفعل ذلك. يبدو ذلك غريباً وسيئاً حقاً. إنه فعال في تقليص مستويات التلوث بسرعة وبتكلفة أكثر انخفاضاً مما اعتقد معظمنا في البداية.

إذا كنا جادّين حقاً بشأن التعامل مع انبعاثات غازات الدفيئة، فعلينا معاملتها مثل التلوث. لنضع إما برنامج حد أقصى وإتجار لها، أو لنفرض ضريبة. فاز وليام نوردهاوس بجائزة نوبل في العام الماضي، ويعزى ذلك جزئياً لمناصرته لفرض ضريبة على التلوث الكربوني، بصراحة تامة.. لنجعل ذلك التلوث مكلفاً.

والخدعة في ذلك، وأنا أحب هذه الخدعة، وضع ضريبة على الكربون دون تأثير على الإيرادات. والفكرة في الأمر هي أنك إذا كنت لا تثق في الحكومة لإنفاق المال الذي تجمعه من الضريبة على نحو فعال، حسناً، على الأقل عامل الحكومة كأنها ممر عبور وقم بتصفية جميع الأموال التي تجمعها من ضريبة الكربون، وأعدها بسرعة حقاً للأفراد الفعليين. وبشكل خاص، إلى الأفراد والأسر ذات الدخل المتدني. أعطهم حصة من أرباح الكربون كل عام.

ثم ارفع السعر مع مرور الوقت لتعمل الشركة بعيداً عنه بسرعة أكبر، وسيكون معهم وقت للتكيف. هذه فكرة مذهلة. وهي فكرة مباشرة نسبياً. وستنجح. أنا واثق جداً. لقد افتقدنا لفترة طويلة الإرادة السياسية في معظم أنحاء العالم لوضع برنامج للحد الأقصى والاتجار أو ضريبة فعالة على الكربون. وإذا كنا جادّين حقاً بشأن حل مشكلة التغير المناخي، فذلك هو إلى حد ما أول شيء سيتعين علينا فعله.

كيرت نيكيش: حسناً، فقط لأسلط الضوء على هذه النقطة، توجد اتجاهات واعدة حقاً في التجارة والتكنولوجيا، ولديك أمل كبير بأن تتراكم بعض هذه الأشياء على بعضها وتسرع، ولكن التصدي للتغير المناخي أو معالجة دواعي القلق البيئية الأخرى يتمخض حقاً عن قرارات حكومية وتجارية برأيك.

أندرو مكافي: والقرارات السياسية بشكل رئيس. القرارات الحكومية بشكل رئيس. أتحدث في الكتاب عن أربعة فرسان من المتفائلين. عندما يركب هؤلاء الفرسان الأربعة معاً، فإنني أتوقع أنّ معظم مشاكلنا البيئية الكبرى ستُحلّ. وهؤلاء الفرسان الأربعة يأتون في زوجين.

الأول هو مزيج من الرأسمالية، وبعبارة أخرى المنافسة الشديدة والأسواق التي تعج بالمنافسة، مع التقدم التكنولوجي. وعندما تمتلك هذين الشيئين معاً، أعتقد أنّ ازدهارنا سيتوجه إلى الأعلى في الوقت الذي ينخفض فيه استهلاكنا من الموارد. الآن، لا أعتقد أنّ هذين الفارسين كافيان لحل مشكلة التلوث، وهما لا يشكلان القصة الكاملة للاهتمام بالكائنات التي نتقاسم معها هذا الكوكب، حماية الأنواع الأخرى.

وللقيام بهذا الأمرين المهمين جداً، نحتاج إلى الفارسين الآخرين وهما حكومة متجاوبة ووعي عام. بدأنا بالفعل في خفض التلوث ووضع هذه التشريعات الفعالة في مكانها الصحيح بمجرد أن خُلقت الأرض وبمجرد أنّ الناس أدركوا أنهم يمتلكون هذا الكوكب الرائع، ونحن ندمر به بطريقة ما.

كيرت نيكيش: الآن، بعض هؤلاء الفرسان الأربعة موجودون في أماكن معينة. تلك أماكن تحصل فيها على بعض هذه الأمثلة. الدول الأخرى لا تمتلك نفس التركيبة معاً. ولكنني فضولي إزاء نظرتك إلى طبيعة دور الأعمال في هذا نظراً لأننا لا نمتلك الكثير من الشركات متعددة الجنسيات التي تهيمن في مختلف أنحاء العالم، أليس كذلك؟ وأتساءل فقط فيما إذا كنت تعتقد أنّ الأعمال ستؤدي دوراً في المساعدة في حل هذه المشكلة المتعلقة بالتجاوب ورفع الوعي؟

أندرو مكافي: أعتقد أنّ للأعمال دوراً كبيراً جداً لأنّ معظم الانبعاثات الكربونية لدينا تأتي من القطاع الخاص. وما يجعلني متفائلاً قليلاً، وأكرر أنني لا أحاول تصوير نفسي كمتفائل بشأن التغير المناخي أو كشخص يمتلك نظرة خيالية، لا تقلق، هو أننا سنحل هذا الأمر. نحتاج إلى مزيد من الإجراءات التي نفهمها الآن.

لكن بعض البراعم الخضراء هناك تأتي من حقيقة أنّ الأعمال ترغب فعلاً بأن يُنظر إليها على أنها تبلي بلاء حسناً. وهم يريدون تدريجياً أن يُنظر إليهم على أنهم يقومون بالشيء الصحيح في التعامل مع مسألة التغير المناخي المهمة. ثمة عدد من الشركات التكنولوجية الكبرى تلتزم بالحياد الكربوني عبر المنتجات السحابية التي يطلقونها. وأعلنت الكثير من الشركات الأخرى في قطاع النقل عن خطط للحياد الكربوني في نقطة ما في المستقبل.

بعض هذه كانت مجرد بيانات صحفية. وبعضها أكثر من ذلك فعلاً لأنها سواء أبقت الرئيس التنفيذي مستيقظاً في الليل أم لا، فإنّ الرئيس التنفيذي يعلم أنه سيصبح من الصعب على الشركة أن تبيع منتجاتها للناس وأن يجذب المواهب ويحتفظ بها، إذا كان يُنظر إلى شركته على أنها تقليدية للغاية وتلوث الكوكب. يصبح الناس في شتى أنحاء العالم أكثر وعياً، وأكثر إصراراً في هذا الجانب. إنه فارس الوعي العام يعتلي صهوة جواده مرة أخرى. ومرة أخرى، لا أقول إنّ ذلك يحدث بسرعة كافية. إنه ليس كذلك. ولكنني أحب هذا التوجّه، حيث تُجبر الشركات ليس فقط على إصدار بيانات صحفية، بل على تغيير ممارساتها نتيجة للوعي العام والضغط الجماهيري الذي يُمارس في موضوع التغير المناخي.

كيرت نيكيش: عندما تنظر إلى المستقبل، فإنّ من الصعب توقع التكنولوجيات، أليس كذلك؟ أتساءل فيما إذا كنت تشعر بأنّ التوجهات القائمة هي في طريقها الصحيح أم أننا سنصل إلى مرحلة أخرى من الاستقرار وسينتهي هذا التوجه إلى تقنين استخدام المواد مرة أخرى؟

أندرو مكافي: سينتهي، أو حتى ينعكس، أليس هذا صحيحاً؟

كيرت نيكيش: نعم، نعم.

أندرو مكافي: لا أعتقد أنّ هذا سيحدث. والسبب في أنني أقول ذلك هو أنّ أول فارسين، وهما الرأسمالية والتقدم التكنولوجي، ينتشران في العالم بأكمله، وأعتقد أنهما ينتشران بسرعة أكثر من أي وقت مضى. في عام 2000، كان ثمة حوالي 12 اشتراكاً بالهاتف المحمول لكل 100 شخص في الكوكب. وفي السنوات الأقل من عشرين التالية، يوجد اشتراكات هاتف محمول أكثر من عدد البشر في الكوكب.

والعالم مترابط إلكترونياً للمرة الأولى بأجهزة قوية. الهواتف الذكية التي يمتلكها الناس في الدول متدنية الدخل بنفس قوة أول هواتف ذكية امتلكناها أنا وأنت. التكنولوجيا تنتشر في أنحاء العالم بسرعة كبيرة جداً، وهذا يعني أنّ الناس الذين يمتلكون هذه الأجهزة يفكرون في أشياء لا يريدون شراءها. لن يشتروا كاميرات التصوير. لن يشتروا كاميرات التسجيل. لن يشتروا ساعات منبه. لن يشتروا أجهزة الرد الآلي.

هذه المجموعة من الأشياء هي أشياء ثقيلة اعتدنا امتلاكها واستغلال الأرض لإنتاجها. لن يحدث ذلك في المستقبل. وسيمتلك أولئك الناس خيارات النقل عبر هواتفهم المحمولة. التكنولوجيا تعني أنّ ثمة شبكات لوجستية. توجد شاحنات وطائرات وما إلى ذلك لن تسافر وهي فارغة تقريباً في أغلب الوقت. سيكون لديها إيرادات ضخمة وكفاءة عالية.

أود أن أكون واضحاً. لا أمتلك نظرة خيالية. أمامنا تحديات حقيقية، ولكنني بالنسبة لهذا التحدي المتعلق بتقنين استخدام المواد في نمونا واستهلاكنا، أنا واثق أنه سيستمر.

كيرت نيكيش: عندي لك سؤال آخر. وأسألك هذا لأنّ لدي ابنة عمرها 22 شهراً وأفكر بها كثيراً.

أندرو مكافي: أهنئك على ذلك.

كيرت نيكيش: نعم، أشكرك. أفكر كثيراً في العالم الذي ترعرعتُ فيه وأفكر في العالم الذي ستعيش هي فيه. أعني أنك في هذه المكانة المثيرة للاهتمام لأنك خبير اقتصادي وتدرس أيضاً الاقتصاد الرقمي وتفكر في المستقبل. ما نصيحتك لشخص يبدأ للتو مساره المهني أو تعليمه ويتطلع إلى أماكن مختلفة يمكنه أن يعيش فيها حياة ذات معنى وأن يُحدث فارقاً على صعيد هذا التحدي العالمي. سواء كانت حكومة أم سياسة أو فيما إذا كانت في مجال التكنولوجيا أو العلوم، أين تشعر أننا نحتاج إلى أشخاص أكثر وأين ستنصح شخصاً يحاول تحديد مساره وأن يُحدث فارقاً أن يذهب؟

أندرو مكافي: في البداية، أعتقد أنّ من المبكر جداً لطفلة عمرها 22 شهراً أن تفكر في مسارها المهني.

كيرت نيكيش: ليست كذلك. صدقني.

أندرو مكافي: هذه طفلة غالية. أتلقى هذا السؤال دائماً. وأعتقد أنّ جزءاً كبيراً من السؤال الذي أتلقاه من آباء وأمهات لأطفال من مختلف الأعمار، هو أننا نتوجه حتماً إلى وقت يشهد تغييرات كبيرة وزمن غير واضح العالم حقاً. وهذا بحد ذاته مزعج بالنسبة للكثير من الناس. وأعتقد أنك محق في أنّ الاستقرار الذي شعر به الكثيرون منا عندما كبرنا لن يكون موجوداً. نحن نصنع عالماً مختلفاً جداً. سلوكياتك تخلق أثراً إيجابياً في ذلك العالم.

فكّر فقط في هذا التوجه الواسع إلى تقنين استخدام المواد، وتحقيق إنجازات أكثر بموارد أقل، والتعامل مع الكوكب برفق أكثر، وثمة طرق مختلفة يمكنك من خلالها المشاركة في هذا التوجه. أحد الأشياء المثيرة الأخرى التي أدركتها أثناء كتابة الكتاب هي أنّ العبوات المصنوعة من الألمنيوم كانت أثقل بخمسة أضعاف مما هي عليه الآن. لكن قد تزن عبوة مشروبات الصودا أكثر من ذلك بكثير.

عملت شركات المشروبات وشركات التعبئة بجد من أجل تحديد تأثير تقنين استخدام المواد على المناخ وتخفيف أوزان العبوات لأنّ المستهلك لا يقدّرها. كل ما أريده هو العصير، وذلك الألمنيوم يكلف مالاً. يمكنك أن تنظر في الأمر وكأنه جشع شركات، وهو كذلك. وفي الوقت ذاته، فإنّ إجمالي الوفورات يصل إلى مئات آلاف الأطنان من الألمنيوم.

إذن، من خلال ممارسة تلك العملية، اذهب لتكون مهندس تعبئة. اعمل في برمجيات التصميم أو التصنيع بمساعدة الكمبيوتر. اذهب للعمل في هذا التوجه الرائع لرقمنة عالمنا لأنك عند ذلك ستعمل على تقنين استخدام المواد في عالمنا، أو التعامل برفق مع هذا الكوكب الجميل الذي نعيش جميعنا فيه. وإذا كنت شخصاً واعياً ولديك اطلاع، فيمكنك المساعدة في توجيه الحكومات والشركات في الاتجاه الصحيح هنا.

أعتقد أنّ ثمة الكثير من الطرق التي تمكنك من أن تكون مواطناً ومستهلكاً مشاركاً على نحو إيجابي حقاً. وربما يتعين عليك أيضاً التفكير في امتلاك خبرات بدلاً من أشياء. الأبحاث هائلة إلى حد ما، وتشير إلى أنّ وجود أشياء أكثر لا يجعلنا سعداء جداً. إنها لا تشعر برضا كبير. انطلق للحصول على تجارب جميلة.

كان لجيسي أوزوبل الذي ذكرته سابقاً، وأنا أحترم عمله كثيراً، عبارة رائعة. يقول إنّ علينا أن نجعل الطبيعة عديمة القيمة. وما يعنيه بذلك هو أنّ علينا أن نجعلها عديمة القيمة من ناحية اقتصادية. ماذا لو كانت ثمة أشجار هناك.. ليست لديّ رغبة بقطعها. لا أستطيع جني المال منها. دعوني أذهب وأجلس تحتها وأتحدث إلى شخص ما أو أقرأ كتاباً. إذن، هو لا يقوم إنّ الطبيعة عديمة القيمة. هو يقول لنجعل قيمتها الاقتصادية متدنية بأسرع وقت ممكن. نتمنى أن يحدث ذلك.

كيرت نيكيش: شكراً لقدومك يا أندرو إلى البرنامج وحديثك حول تأثير تقنين استخدام المواد على المناخ حول العالم.

أندرو مكافي: كان هذا رائعاً. شكراً لاستضافتكم لي.

كيرت نيكيش: كان ذلك أندرو مكافي. وهو عالم الأبحاث الرئيس في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وهو مؤسس مشارك مع إريك برينجولفسون لمبادرة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الاقتصاد الرقمي، ومؤلف كتاب “إنجازات أكثر بموارد أقل: القصة المدهشة لكيف نتعلم الازدهار باستخدام موارد أقل، وما يحدث لاحقاً” (More from Less: The Surprising Story of How We Learned to Prosper Using Fewer Resources-and What Happens Next).

هذه الحلقة التي تحدثنا فيها عن تأثير تقنين استخدام المواد على المناخ حول العالم من إنتاج ماري دوي. وحصلنا على المساعدة الفنية من روب إيكهاردت. ومدير الإنتاج الصوتي لدينا هو آدم باكولتز. شكراً لاستماعكم إلى برنامج “آيديا كاست” المقدم من هارفارد بزنس ريفيو. أنا كيرت نيكيش.

اقرأ أيضاً: التغير المناخي سيطال قراراتنا بشأن أماكن البناء وأساليبه

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .