أفضل فرق القيادة العليا تزدهر بالاختلاف

5 دقائق
إدارة الصراعات في الشركة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

يسعى أغلب قادة الفرق إلى إدارة الصراعات في الشركة وضمان الانسجام داخل فرقهم. ويهدف هؤلاء القادة، من خلال تمارين بناء الفريق والتأسيس الواعي للعمليات والمعايير، إلى خلق ثقافة الثقة والسلامة النفسية والشعور بالارتياح.

لكن هل على فرق قيادة الشركة أيضاً أن تحظى بالانسجام؟ لمعرفة الإجابة عن هذا السؤال، قمنا باستطلاع آراء فرق القيادات العليا 99 مرة في عدد من الشركات التي تعمل في مجالات مختلفة ومنها الخدمات المالية وصناعة الأغذية والمشروبات وشركات الطاقة والتكنولوجيا وشركات الرعاية الصحية وشركات التجزئة. أجاب كل عضو فريق عن ما يزيد على 110 سؤالاً ركزت على قدرات الفريق وأدائه.

تم إعداد مجالات القدرة والأداء بناء على بحوث سابقة، وتشمل:

  • بنية الفريق
  • عمليات الفريق
  • نتائج الفريق
  • وديناميات الفريق

أجابت معظم الفرق (55 فريقاً تحوي أكثر من 700 من كبار المدراء التنفيذيين) عن أسئلة متعلقة بأداء المؤسسة – بمقارنة أنفسهم مع نظرائهم في نفس المجال – وتم تضمين جوانب من قبيل المبيعات ونمو الإيرادات وتطوير المنتجات الجديدة والحصة السوقية.

توقعنا أن تعيد النتائج التأكيد على أهمية الانسجام في هذا السياق الفريد. لقد كنا مخطئين. تظهر نتائج بحثنا بأنه على الرغم من أهمية مفاهيم كالإنسجام الداخلي والسلامة النفسية لأداء الفريق، إلا أنها ليست العامل الأبرز على مستوى الشركة، بل تمثل ذلك في القدرة على إدارة الصراعات المتصاعدة، وهو المؤشر الأهم على أداء القيادة العليا.

ما هي الصراعات الرئيسية؟ 

تحتاج الفرق العليا إلى خوض التحديات ومواجهة حالة اللايقين أكثر من الفرق التي تقبع في أسفل الهيكل التنظيمي. وقد يكون هذا هو السبب الذي يجعلنا نقر بأن الفرق الأكثر إنجازاً هي تلك الفرق التي تتقبل وتدير الصراعات الرئيسية الثلاثة بمهارة. وهذه الصراعات، التي تنتظم في ثنائيات، بحاجة إلى إدارة أكثر من كونها مشاكل بحاجة إلى حل.

المخاطر مقابل النتائج

تحقيق النتائج على المدى القصير والتصدي للمخاطر التي تثمر على المدى الطويل هي تحديات يومية تواجهها الفرق العليا. وتتفوق الفرق عالية الإنجاز في كليهما. وقد بحثنا على وجه الخصوص عن الأشياء التي ميزت الفرق عالية الإنجاز ضمن أفضل 25% عما سواهم من الفرق التي درسناها عندما يتعلق الأمر بالقيام بمغامرات محسوبة للحصول على الريادة السوقية في مجالها. تحقق الفرق عالية الإنجاز زيادة بنسبة 10% في القيمة السوقية وتتحدث تقاريرها عن تحسن في الأداء وبنسبة 22% عندما يتعلق الأمر بتطوير منتجات جديدة. إنهم يتبنون توجهاً طويل المدى، ويضعون رهانات إستراتيجية، ويستثمرون المال والبنى التحتية من أجل تحقيق الأهداف بطريقة منهجية.

اقرأ أيضاً: التناغم الزائد في الفريق قد يقتل الإبداع

إنهم، مع ذلك، لا يغامرون فقط. إنهم يتمتعون بالرؤية الواضحة والمعرفة حول الكيفية التي يمكنهم من خلالها استغلال نقاط القوة الأساسية لشركاتهم وخلق الظروف التي تسمح لكلا من المخاطر والإنجاز اليومي من التعايش بسلام. أظهرت تقارير الفرق عالية الإنجاز أرباحاً أكبر وبنسبة 6.5% مقابل منافسيهم وزادات مبيعاتهم وإيرادتهم بنسبة 7.5%. وبنفس القدر الذي يبذلون من خلاله الجهد لتحقيق الريادة السوقية وتحمل المسؤولية عن تحقيق تلك النتائج، لديهم القدرة على النمو والتعلم من الأخطاء بدلاً من الحكم على الأشياء وفرض العقاب؛ ما يعني أنهم يعرفون متى يبتكرون ومتى يحجمون عن هكذا خطوة.

وعلى الرغم من تقبل الفرق التنفيذية لهذا الأمر، إلا أن النشاطين يتعارضان مع بعضهما، وخاصة حين يتعلق الأمر بالإستثمار المالي وتنظيم الموارد وتخصيص المواهب. يتفهم الدكتور فولكر شولت، مدير الإنتاج والتكنولوجيا في شركة حلول الطاقة أجريكو (Aggreko) جيداً إمكانية حصول هذا الصراع ويعتقد بأن الفرق التي تعتنق ثقافة المخاطرة وتحقيق النتائج هي الأكثر فاعلية. وكما قال لنا، “خلق ثقافة الإنجاز وتحقيق النتائج ضروري. ولكن هذه الثقافة بحاجة للتعايش مع الرهانات الإستراتيجية التي تضعها القيادة العليا ومن خلفهم خطة الشركة التشغيلية. وكلاهما ضروري من أجل ضمان النجاح المستمر”.

الجذب الخارجي مقابل الجذب الداخلي

إن قدرة المؤسسة على النظر للخارج وللأعلى وكذا للأسفل والداخل هو عامل نجاح مُثبت، وهو عامل يحظى بأهمية كبرى نتيجة للسرعة التي يتغير بها العالم. وبناء على بحوثنا، لعل واحداً من المؤشرات بالنسبة للفرق عالية الإنجاز هو قدرتها على استكشاف البيئة الخارجية المحيطة بالمستهلك والمنافس ومعرفتها بالصناعة، واستخدام هذه المعرفة لإحداث التكيف المطلوب. على وجه الخصوص، وجدنا أن الفرق عالية الإنجاز حققت مبيعات أعلى ونمو في الإيرادات (10.6%) وكذلك تطوير أفضل لمنتجات جديدة (8.2%). إن الفرق الأفضل لا تفقد تركيزها على العالم الخارجي حين تجر إلى خضم التحولات الداخلية والتغيير والاضطرابات. ويمكنها، في الحقيقة، إستخدام الضغوط والوقائع الخارجية كحافز للإنجاز الداخلي.

يشير ديفيد كريج، رئيس شركة المالية والمخاطر، في طمسون رويترز، ومهندس رئيسي لصفقة الإندماج بين طمسون ورويترز، بأن تركيزهم على العملاء كان حاسماً في تعزيز الإنجاز الداخلي: “في الأوقات التي تستدعي تحولات داخلية مهمة، كنا محظوظين لأن كبار عملائنا والصناعة المالية كانت تعاني من أزمة وتتطلب التغيير. استفاد فريقنا من هذا بغرض ترتيب التحول الداخلي”.

اقرأ أيضاً: التعاون بشكل جيد في الفرق العالمية الكبيرة

بمعنى أخر، بمقدور الفرق العليا عالية الإنجاز خلق الآليات التي تسمح بالتناغم مع الحركة الداخلية للمؤسسة. إنهم أيضاً يسمحون لموظفيهم بعرض عوائق التنفيذ، ما يسمح للقادة الكبار بالتعامل معها، كما أنهم يتعاملون برشاقة في تحويل الموارد الداخلية لمواجهة ظروف العمل المتغيرة. ووجد بحثنا بأن الشركات التي تستخدم نقاط قوتها الأساسية لتنمية أعمالها حققت أرباحاً أعلى وزادت حصتها السوقية. وهذا لا يعني بأن الأمر سهل والأكثر من ذلك بأنه يتطلب الدعم والمشاركة من القيادة العليا. “لقد كان صعباً ومرهقاً وتطلب خيارات مؤلمة. وتأكدنا بأن كبار المسؤولين لعبوا أدوار تنفيذية داعمة للعملاء، وضغطنا عليهم للتفاعل خارجياً”.

الابتكار من أعلى إلى أسفل مقابل الابتكار من أسفل إلى أعلى

في المحصلة، يعتمد نجاح فريق عالي بقوة على قدرته على الابتكار. لا مفاجأة هنا. ومع ذلك، فالإختلافات الطفيفة التي اُستخصلت من بحثنا تشير إلى أن الفرق العليا تدير الصراع بين قيادة وإدارة الإبتكار، مع العمل في ذات الوقت على تمكين العاملين في المنظمة بشكل عام. إنهم يصممون الأطر ويتخذون قرارات أساسية، لكنهم في ذات الوقت يعرفون بأن هؤلاء الموظفين القريبين من العملاء لديهم غالباً رؤى أفضل. استفادت الفرق القيادية في المؤسسة القادرة على خلق الظروف الملائمة للإبتكار من الأسفل إلى أعلى بفاعلية من إشراك الموظفين (9.5%) وجودة المنتجات الجديدة (12%). والفرق التي تتبنى الإبتكار من الأعلى إلى الأسفل حققت مبيعات ونمواً أكبر للإيرادات (5%) وكذا الحصة السوقية (4.5%).

كيف يمكن للفريق تقبل الصراع؟ وكيف يمكن إدارة الصراعات في الشركة؟

نحن لا نقرع الجرس الأخير حول المفهوم الشائع بأن الانسجام ضروري لأداء الفريق. حقاً، إنه من أجل أن تتجاوز الفرق في المؤسسة الصراعات المشار إليها أعلاه بنجاح، فإن الثقة وديناميات الفريق الإيجابية تصبح أساسية. في الحقيقة، لقد كانت نتائجنا متطابقة مع هذا المفهوم، لأن الفرق التي تتمتع بمستويات عالية من الثقة والشفافية وعقلية الفريق أولاً والفخر الجمعي تنجز أفضل وعلى كل المستويات (مثلا، الإنجاز الكلي للمؤسسة، إشراك الموظفين).

ومع ذلك، فنتائج بحثنا تناقض الافتراض الذي يقول بأن الانسجام هو أهم عامل في بيئة عمل تتطلب نمط قيادي مختلف. على العكس من ذلك، تقبل وإدارة والتعايش مع الصراعات يعد أكثر إرتباطاً بأداء الشركة.

ولذا، كيف يمكن للقائد أن يتأكد بأن موظفيه يتقبلون تماماً هذه النزاعات؟ تشير خبرتنا في هذا الجانب إلى ثلاثة أنماط سلوك رئيسية للفرق التي تدعم التقبل الناجح لهذه النزاعات.

إعادة تأطير النزاع والحوار حوله بصراحة بهدف إدارة الصراعات في الشركة

تنظر الفرق عالية الإنجاز إلى النزاعات على أنها جزء أساسي من متطلبات الوظيفة اليومية في بيئة العمل. إن إدارة الصراعات في الشركة والنزاع الذي تتم إدارته جيداً هو مؤشر على الأداء القوي، ولا يشير بأي حال إلى وجود خطأ ما. وعليه، فإنه من الأهمية بمكان خلق حوار صريح حول الصراعات وموازنة الأمور وتسويتها. وفي حين يتطلب الأمر بأن يركز الفريق على ما فيه صالح المؤسسة وليس على الوظيفة الشخصية، فإن الطريقة الملائمة للوصول لذلك تتم غالباً من خلال الموظفين أنفسهم في كل قسم الذي يعرضون مخاوفهم. وبدلاً من النظر لذلك كصراع، أو إفتراض النوايا السيئة، ضع في حسبانك بأن هذا جزء من العملية.

ضع العملاء في صلب اهتمامك

تتخذ الفرق والمؤسسات عالية الإنجاز من حاجات المستهلك نجم هداية (النجم القطبي) يدلها على الطريق. إن التركيز الموحد على العميل يوفر إحساس بالاتساق والوضوح والانسجام الذي يسمح بتجاوز العراقيل والصراعات التي لا مفر منها. إن تضمين عمل الفريق في عالم المستهلك يمكن أن يصنع الفرق. يمكن أن تقوم بذلك من خلال الهيكل (مثلاً، مجالس العملاء الإستشارية والرعاية التنفيذية) وكذلك من خلال الثقافة.

اقرأ أيضاً: التنوع الإدراكي لفرق العمل وأثره على الأداء

حمل الفريق مسؤولية ترسيخ الابتكار

بالنسبة لفرق القيادة في المنظمة، نحن نرى بأن مسؤولية ترسيخ الإبتكار مازلت تحتل مرتبة متأخرة بين التفاصيل اليومية وحل المشاكل. ويعد هذا أمراً مقلقاً بحد ذاته وخاصة وأن الحاجة للإبتكار والتكيف الرشيق هو أمر في غاية الأهمية. يشير بادي ميلر وتوماس ويدل – ويدلسبورج، مؤلفا كتاب الإبتكار كالمعتاد، إلى أن “التركيز يغلب الحرية” بالنسبة للإبتكار بطول وعرض المؤسسة. بمعنى آخر، على القيادات العليا إدارة الصراعات في الشركة وخلق الأطر في البداية والتركيز على حدوث الإبتكار من أسفل إلى أعلى بطريقة مقصودة ومثمرة.

اقرأ أيضاً: التحليلات كأداة لتوافق فرق المبيعات والتسويق

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .